العودة للجذور

فى مايو من هذا العام عدت إلى جزورى فى أول إجازة لى مع أسرتى الصغيرة زوجتى
وأطفالى وتحركنا من بورتسودان بعربة خاصة وفرها لنا الخال همد عبد الله لحضور زواج
إبن أخى خالد محمد موسى.. وبالمناسبة هذه هى المرة الأولى التى يحضر فيها معى
أبنائى لطوكر, تحركنا من بورتسودان صباحاً وبدأنا مشوار العودة والقلب ....لاأستطيع وصف
الإحساس المسيطر عليه تلك اللحظة التى شارفنا فيها الدخول لخباء العامرية..... كانت
مزيجاُ رائعاً من التلهف ....وتسارعت دقات قلبى عنيفةً مهتاجة...وارتفع مستوى الأدرينالين
فى دمى ... وغدوت كالمحلِق فى السماء والعربة تعبر بوابة المدينة الحبيبة ... وكدت أسابق
العربة رغم أنى كنت أقودها... ولم أشعر بها فى تلك اللحظات... إذ كنت مهوماً... تلبستنى
حالة أشبه بمراهق ينتظر محبوبته فى موعدهم الأول.... نفس الرعشة والتكهرب وجفاف
الحلق... ياالله هذى التى نشدتها طول العمر... ظللت أسعى للقياها بدت سافرة تحت ضوء
النهار... الحلم أصبح حقيقة تتجلى لناظرى... هذا صف واحد... وقبله الأكواخ المتسترة بأشجار المسكيت.... أحببت المسكيت فى تلك اللحظات... هذه مدرستى التى تعلمت فيها
سنينى الأولى... مدرسة {أ}... تخيلت ناظرها فى ذلك الزمان الأستاذ {أوكير} قصير القامة
المهاب الجانب... وهذه بقايا محطة للوقود ... فعل فيها الزمن أفعاله... هذه هى الصفوف
المتراصة البديعة... والزقاقات الحبيبة... وهذا مدخل سوقها... نفس الأشجار الظليلة...
كأنى لم أفارقها إلا البارحة...وكأن طعم {لبن الإبل} فى فمى مازال كأنى شربته الساعة...
وكأن فول {بابطين} والسمن البلدى لم يفارق طعمه لسانى...{ وفتة القادرية}... وشاهى
اللبن الساخن...والعجوة بالسمن...وحامع السيد على... ومنزل آل الخليفة بدكته وأشجاره المتراصة وأزياره التى كم روت ظمأنا أيام الشقاوة... ياالله... لم أصحو إلا على
صوت زوجتى تسألنى... إنت ماشى ساكت ولاعارف البيت... أجبتها هل ترين هدا المنزل
المهدم... هتا وفى هذه الغرفة المهدمة المطلة على هذا الزقاق كان يسكن خالى
محمد إدريس مع صديق عمره إدريس محمد إبراهيم على ما أذكر.... هوى ما سألتك من
البيت المكسر... بيت حسن أخوك وين؟ لحظتها بدأت أعود إلى مقود السيارة ومن معى
فى العربة وسالنا أول صاحب دكان فى طرف السوق عن المنزل الذي نقصد وكان على مرمى حجر منا... ودخلنا وخرجت من حالة التجلى والغوص فى الدواخل .. وتخطى
السنين... والعودة إلى زمان مفعمٍ بالحب والشفافية والصفاء... وقضينا أياماً جميلة وسط
الأهل الأحباب وزاد الرحلة جمال مناسبة زواج إبننا خالد, وأحس الصغار حقيقة بالإنتماء
والعز أهل.. وعادوا يحملون قصص وحكايات لأقرانهم بحلفا عن طوكر وبورتسودان...
وأكثر ما أثار دهشتى إنطباعهم الجميل الذى بقى فى نفوسهم عن طوكر... رغم قصر
الأيام التى قضوها مقارنة ببورتسودان رغم كل البهرجة والسياحة والكورنيشات التى
إرتادوها فى المدينة الصاخبة... بقى إنطباع طوكر فى روحهم أقوى وأكبر.

ايها الحبيب حفظك الله والله كان لى الشرف بان التقى بك مرة واحده حينما كلفنى احد بلدياتك بكسلا
بايصال بعض الاوراق الخاصه به اصدقك القول انا اعرف الاسم ولكن كنت ابحث عن الملامح
فى تلك اللحظه دلتنى حساسات التوضيح بان من هو امامى مبدع والله العظيم واليوم صدق ما كان من احساس
وانت تتحدث عن الجذور حديث العاشق الولهان واجمل انواع الابداع هو من تكون فكرته الجذور
ولننظر الى اليكس هايلى وتحفته التى غيرت الكثير
التحيه عبرك الى اصبر الصابرين اهلنا الذين عانوا وما زالو ولكنهم صابرين اهلنا فى الشرق الجميل
التحيه الى طوكر وسواكن وسنكات وجبيت اروما وكل ديار الشرق العامره والتحيه لك ايها الحبيب القامه

شكراً الأحباب حالد وعوض والبهدير
على الإطلالة الشفيفة... رحم الله عمنا على محمد على
وجعل البركة فى إبنه محمد على المقيم بالحارة الرابعة
ويعمل فنى كهربائى بالمصنع.. يعطيك العافية البهدير
الموسوعة {حُبك للناس خلانى أحبك تانى}..
أما طوكر فهى الماضى التليد وبوتقة إنصهار كل
الوطن فى أيام مجدها..بل كل العالم العربى والإفريقى
وأعطت هذا البلد ولم تمنن لأن شيمتها العطاء..
أتمنى أن تتخطى رتها محنتها الحالية وتعود سيرتها الأولى
بفضل سواعد أبناءها البررة...
ولى عودة قريباً لأكتب عن تاريخ هذه المنطقة التى ظلمت كثيراً
ولكم كل الود

عذرا عزيزي القارئ ... فالمرحوم عبداللطيف الكرف من منطقة وقر
وليست طوكر كماجاء في تعليقي اعلاه... بالاضافة الى ان والدهم
الكرف ينتمي الى الخلفاء المراغنة تحت رعاية السيد الحسن الميرغني
ومن الخلفاء ايضا هنالك آل كرم (ناس حسن كرم) وآل ترك الهدندوة
وآل عواض الارتيغا وجدنا محمد طاهر شريف