زرائب البركس

زرائب البركس ..
المساء في المصنع له طعم خاص وجلبة وضجيج يتناسل بإمتداد ضياء الشمس الغاربة إلى الزوال وما بعدها حيث ينتهي بإنتهاء اخر سماع ثغاء البهم وانقطاع خوار الماشية إلى حين أجل جديد ليوم جميل تومض وتشرق فيه حيوية الناس في حراكهم ونشاطهم الذي لا ينقطع.. لحظات مشبعة بالفأل والأمل وسط روث الزرائب وغبارها المعطون بلهاث الأطفال خلف البهائم والحليب يملأ الضروع عافية وخير وفير للناس وصغار الحيوانات ..
حين ترسل أشعة الشمس أخر حزمها الراحلة ببطء يكون وقتها قد إمتلأت كل أوعية خلق الله باللبن الطازج وراحة تغطي على البال وتحيله إلى مسرح من النعيم المدهون بصلابة الناس ومقارعتهم صروف الحياة للذي يمتلك بقرة واحدة أو قطيع او الذي لا يمتلك البتة شيئاً، وهكذا الناس في تكافلهم وتراحمهم كالطير في سبل كسب العيش بنواح السهول والوديان والوهاد..
كان البركس جميلاً في ذلك اليوم الخريفي الماطر من نهايات يونيو الماضي وكل وعاء يختنق باللبن والماء ولا فكاك إلا أن تركن نفسك وتعتصم بالحمد لله على هذه النعمة الكبيرة .. والأرض ما بين إخضرارها ووهجها تبدو فاتنة تسر الناظرين، وتلك القطعان التي تغدو وتروح بين إنباتها ومائها المنهمر كالسيل ..
وشكراً صديقي على سيد أحمد الحسن الذي منحني هذه الفرصة الكبيرة التي جعلتني أرى هذا الجمال الباذخ ..

زرائب البركس 2mx0bip

img]

[/img]
أنها حياة الإنسان.. فى تطلعاته وآماله...
ذاك الإنسان الشفيف.. طه حمد دين.. البجاوى القح...
إرتبطت حياته بهذه الأمكنة راضياً قانعاً يرعى أبقار العاملين بالبركس..
وينام الليل معها فى الغرفة الظاهرة على الصور.. يحلبها فى المساء ..
والكل ينادى ..طه...طه... العجلة البرقا الليلة ماجات.. البقرة الحمرا عِشرت ولا لسع..؟.
العجول شربت موية..؟.يختار أماكن الرعى بعين الخبير.. {أعملو لينا تصريح فى نايم 38..
يعرف مايربو عن 200 بقرة وعجل وأصحابها يعتمدون عليه فى كل شيئ..لديه إحساس أنها عالمه الخاص..
تجده مساهراً ليلة بكاملها مع بقرة فى حالة ولادة.. يساعدها فى عملية خروج الجنين من بطنها.. ويقوم بالتخلص من
{التبيعة}وهى المشيمة أو الكيس الذى كان يحفظ الجنين داخل رحم البقرة... إذا لم يبعد عنها ربما تأكله .. وهناك إعتقاد
بأن البقرة التى تأكل هذه التبيعة لاتعطى لبناً كثيراً ..
يعرف البقرة المريضة وينبه صاحبها وكثيراً مايقوم بإستدعاء البيطرى إذا تكاسل صاحب البقرة... يتأثر جداً عند موت
أى من أبقار الزريبة.. لحد البكاء وهذه الحالة كنت شاهداً عليها.. ماتت لى بقرة كان يطلق عليها إسم {جاموسية}.. دق لى
الباب الساعة 6 ص.. ليخبرنى بموتها وعيناه ممتلئة بالدموع.. صرت أهون عليه الأمر وحقيقة حمل عنى كل الحزن عليها
لأنه هو الأقرب منها ..
بكل صدق لاتوفى الحروف والكلمات هذا الإنسان الشفيف حقه وتفانيه وصدقه فى عمله وحيويته ... إنه طه حمدين البجاوى الأصيل الذى إرتبطت حياته وحياة أسرته بدائرة زرائب البركس... له كل الإمتنان ولك الحبيب ناصر...
[

هدندوية .. هدندوية ..
من جبال كسلا البنية
في سلامها وفي كلامها .
وفي ابتساماتها الندية ..
شايلة في يديها جبنة ..
والرطانة معاها لجنة ..
واللجنة بتزيد الاذية ..

» انور ابراهيم ... هلا بيك
» البركس بالعصــــــــــر
» الخريف في البركس
» زينة شباب البركس
» البركس .. حكاوى ومعالم