الاخطاء الطبية

التحيات النواضر
اليوم هو الخميس .. السابع عشر من يناير والبلاد تودع مبدعا اخر...
محمود عبدالعزيز.
موضوع البوست
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي علي الاسفير فيس بوك وتويتر امس الاول خبرا مفاده ان خطأ طبي اعاد الفنان محمود الي العناية المركزة بعد استقرا نسبي لحالته بمستشفي رويال كير ومن ثم تحويله الي المملكة الاردنية الهاشمية.
الاخطاء الطبية ربما الان اصبحت ظاهرة جديرة بالتوقف عندها كثيرا وليس قليلا ... ولا نستثني في ذلك مصنعنا الحبيب.
المقصود مستشفي رويال كير بالخرطوم انشأه اوليجاركية المؤتمر الوطني لا يدخله الغلابة بالطبع.
فتعريف الأخطاء الطبية بالانجليزية Medical error هي عبارة عن أخطاء يتم ارتكابها في المجال الطبي نتيجة انعدام الخبرة أو الكفائة من قبل الطبيب الممارس أو الفئات المساعدة.
في السودان الان اصبحت هذة الاخطاء كثيرة حتي اطلق عليها ظاهرة. جملة من الاسباب والمسببات متداخلة مع بعضها البعض لايمكن البتة الفصل بينها وبالمقابل جملة الاسئلة التي صعب علي المسؤلون الاجابة عليها لان مايؤلهم للبقاء في مقاعدهم يجبرهم علي كتمان الحقائق ولا تهم الضحية في منطقهم بقدر الحفاظ علي مقاعدهم رغم اقرار بعض شجعانهم الاعتراف بها لكن الاسئلة ظلت وتظل قائمة الي حين اشعار اخر.
لماذا وما هي الخطة للتقليل من وقوعها مستقبلا؟ وهل للتعليم والكفاءة اثرا في ذلك؟ ام الاجهزة؟
الاشياء تأتي بمناسباتها حين قررت كتابة هذة المساهمة وانا اعلم جيدا ضعفي لتناول هذه القضية بكافة ابعادها. الدافع للكتابة كان خبرا تناقلته مواقع الانترنت كما ذكرت انفا وفاة فنان ومبدع خرج من عامة الناس ضحية خطا طبي في اعرق مستشفيات الدولة ذلك بحق فاجعة انسانية كبرى ولا يقل بالطبع بقية الضحايا اهمية عن الراحل. اذن لا بد ان نناقش المسالة في سياقها العام وارتباط الدولة بهذه المسالة.
اعترف مجددا انا لست بتلك القدرة انما محاولة فقط . سيكون مدخلي لتناول القضية من خلال:
ــ الواقع العلمي والتعليمي وواقع المعامل في الجامعات السودانية.
ــ المستشفيات ونوع الكادر الطبي.
ــ سياسات الانقاذ في تدمير القطاع الصحي الخصخصة واحالة الصالح العام.
وللحديث بقية.

الحديث عن الأخطاء الطبية ليس منفصلا ومنبتا عن سيئة الذكر (الانقاذ) وبدون ذلك الربط لن نصل الى حقيقة طالما انهار القطاع الصحي في عهدها المتقيح منذ ان تسنمت ظهر البلاد وامتطت كرسي السلطة بقوة البندقية وكأنها سيدة العالمين وناصرة الضعفاء .. بالطبع لن ننسى خصخصة القطاع الصحي الذي تم بليل وبدون وعى من الانقاذيين الذين كانوا وقتها يبحثون عن ثمار التمكين العاجلة فكانت معالجتهم الخاطئة والتي لا تزال تستمر بذات الوتيرة والهمجية لم ينقطع حبل انتاجها الوافر .. وفي ظل تلك الأيام بدأ دفق التدهور الذي انتظم البلاد برمتها وليس القطاع الصحي لوحده ولكن من المفيد ان ندرج القطاع التعليمي في سياق حديثنا لانه المعنى الوحيد بهذا الانهيار الذي مس الصحة وعافية الجسد والناس والحيوان ..
وأيضا في ذات الاتجاه نصبت الانقاذ خيمة الخصخصة وانشبت اظافرها في قطاع التعليم العام والجامعي فحولته الى كومة من الرماد والتراب وبذلك كانت مخرجات التعليم العالي صفرا كبيرا في الناتج القومي لاستدامة التنمية بالبلاد وانعكس الأمر سلبا على القطاع الصحي المهم والذي لم يقبل تجريب الانقاذ وهوسها حتى أضحى مرتعا لأطباء لم يتلقوا تعليما جيدا وللصوص واولجاركية المنفعة والسقوط والانتهاذ فشبت طبقة جديدة عن الطوق واستفادت من تلك الاوضاع المزرية حتى تحولت البلاد الى حوانيت كثيرة تغيب فيها فكرة الطب وتعج بسلالة جديدة منتخبة افرزتها الاوضاع غير السوية التي صنعتها الانقاذ من اجل رفد برنامج التمكين والمشروع الحضاري العقيم والسقيم .. وولج المجال الطبي سفهاء الانقاذ والقوم وسريحة كان همها جنى الاموال من اخصب موارده مما أدخل الفقراء في نفق ضيق وحال بينهم والعلاج في المستشفيات الحكومية الفقيرة والممتلئة بالهياكل الاسمنتية وصغار اللصوص والقطط والاواني والاسرة التي أكل عليها الدهر وشرب فنبت قوم جدد من خبايا الاجور الضعيفة والفقد التربوي والوطني والاوضاع المختلة فشبوا عن الطوق في ظل غياب الكادر الطبي الوطني الذي هاجر الى الخارج حين سدت أمامه الدروب والرزق الحلال فكان لابد للبراغيث ان ترتع على محيا القطاع الصحى حتى غدت الناهي والامر ..
اذن كان لابد أن يموت القطاع الصحي ويحتضر بالسرعة التي توقعها البعض حين امسى الطب مهنة من لا مهنة له ومهنة كل انتهاذي يعرف من أين تؤكل الكتف في عهد الانقاذ .. فليس غريبا ان يتداعي القطاع الصحي وتختل كل اداراته الصلبة ذات يوم ويصل الى القاع والحضيض..
ولازالة كل هذا الطفح والسوس المزمن لابد ان تزول الطغمة ومنتجي الفوضى وتجار العثانين واي حديث غير ذلك ليس له معنى ولنبدأ بانفسنا وبدون الاستقامة والخلق الرفيع والاخلاق السمحة لن تمضي الانقاذ الى المزبلة مهما فعلنا فالانقاذ لن يسقطها السلاح .. فالافعى التي تتغذى على دم بعضنا تزول يوم ان نقرر جميعنا ان نوقف دفق دمنا الى شراينها الوهيطة والمكتنزة بغذاء البسطاء .. وبدون ذلك سنظل نحرث في البحر ونلون الهواء العنصر الديمقراطي بالالوان الجميلة الباهية ..
ووقفة على مشهد واحد يؤكد لك بأن الانقاذ استطاعت ان تتمتد على حلوق الكثير من ابناء الشعب فيكفي أمس القريب يوم ان تدافع الكثير من شباب الوطن من أجل فنان تغني للانقاذ وساهم في مشاريعها الخاسرة .. إذن كيف تستوى الأمور؟ .. وهل بالفعل هذا الشعب يعاني ويريد تغيير اوضاعه ام ان هنالك شيئا لا نراه نحن وتراه فقط زرقاء اليمامة!!