مسرح المصنع العتيق

زهرة السوسن ومسرح المصنع العتيق!
كان لنا زمناً بهياً لم تكن فيه الجروح والندوب غائرة وتملأ جغرافية الجسد حتى البال كان مستريحا بعيدا عن كنيف التغيرات المرهقة.. وفي شتاء موغل في الدفء طلب مني ومع بعض الزملاء استاذي احمد حسن عيسى بمدرسة مصنع سكر حلفا الجديدة المتوسطة تقريبا العام 1985 ان استلم دفتر تذاكر حفل الفنان عبد الله الحاج، رحمه الله رحمة واسعة، صاحب أغنية زهرة السوسن الرائعة، تلك التي أذكت قلوبنا وهيئتها لمشاوير رهق كثيفة في تلك الدروب العامرة بالمودة والحب.. وقتها كان الغناء عبقا بآلة الرق ايقونة موسيقى تلك الأيام ولا يكتمل الغناء الا بحضورها والعزف عليها مع ايقاع طبل متواتر ومشدود بجلد طبيعي من موارد ثروتنا الحيوانية الماهلة التي فشل اقتصادنا في الاستفادة منها حتى ضاعت في قبو النسيان والتفرق وأتون صراع الكراسي ومحرقة القبائل في دهاليز الحواكير إبان نشوقها ودمرها حتى غدت حربا عبوسا فاقت داحس والغبراء..
وفي دار الارشاد النسوي الذي يقبع بفناء الروضة الغربية بالبركس وفي الناحية الجنوبي منها أقيمت الحفل الساهر على مسرح أرضي كما أظن أو مسرحا من الحديد المتحرك.. وأرجو أن يصححني في ذلك أحد الحضور وقتذاك ويصوبني.. قضينا ليلة غنائية زاخرة بالغناء ومفعمة بمعاني الكلمات الدافئة والمشرقة والعفيفة والمصانة بأداء شباب كانوا رقيقي الحال والشعور والانتباه لإيقاعاتهم وحركة أصواتهم الرائعة..
للأسف كانت المسافة بين مكان الحفل ومسرح المصنع العتيق تلك المساحة التي تحتلها الروضة الغربية فقط لا غير.. فالمسارح شيدت للفنون بمختلف أنواعها وليس بوضعها كتراث في متحف خزف حتى يعلو ظهرها وباطنها غبار الحياة.. وأيضا كانت بالمقابل، وليس بعيدا عن ذلك الحدث، فرقة البركس المسرحية بقيادة الأخ حيدر حسن تمارس نشاطها في ذات المكان وسط حضور جماهيري كبير كان من الممكن أن يجد فسحة من المكان في فضاء المسرح الكبير والذي أعد خصيصاً لهذه الفعاليات وكل النشاط الثقافي والدرامي..
وقبل فترة ليست بالبعيدة في مارس الماضي وقفت أمام بوابة مسرح المصنع الكبير وتجولت لوقت طويل من الوقت في كل أركانه حتى أطرافه البعيدة وخارجه ونظرت بأسف عميق إلى تلك الأرض القفر والتي تحتوي على مسرح لم نحسن إليه ذات يوم كما يبدو وكما جهلنا عظيم مقداره ومساحته المترامية الأطراف والتي تغري الأفندية الجدد باستغلالها او بيعها بتراب الفلوس.. وعندها سنبكي الدم واللعنة التي حلت بنا..
وعلى دهشة كبيرة استجليت وأزحت غبار السنين عن المسرح وعن تاريخ الشامخون الذين صعدوا على متن خشبته؛ المسرحي والدرامي الفذ الفاضل سعيد بفرقته ذائعة الصيت، الفنان محمد عثمان وردي، الفنان ابراهيم موسى ابا، الفنان عثمان اليمني، الشاعر الدكتور محمد بادي، وغيرهم من مروا على المسرح الذي يقف الآن على ضفاف غربة روحية خانقة تقضي على ما تبقى من جسده المهول والذي نفاخر به الجميع وفي كل الحضر والريف..
وأيضا كان حاضرا في كل احتفالات رياض الأطفال فنان الطنبور حينها الأخ عبد المنعم حسن محمد علي وغيرهم من أبناء المصنع.. وكما لا أنسى أوان ازدهار فرقة المصنع الغنائية والموسيقية التي تسنمت ظهر المسرح وقضت وقتا طويلا تقدم الروائع حتى غدت من التراث لرحيل الكثير من أعضاءها..
ما يؤسف له أن يكون المسرح في غياهب النسيان بالكاد نتذكره ونقيم عليه بعض مناسباتنا العامة ولعل حفل منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة الأخير والمقام على شرف العيد الثالث لإنشاء المنتديات كانت واحدة من المناسبات التي أعادت روحه في ليلة التكريم لعدد من الرعيل الأول لأهل المصنع والليلة الغنائية التي أحياها الفنان شروني ابن كسلا في روعة فريدة لن تتكرر كحال تلك الأيام الجميلة والتي كان فيها المسرح كل شيء في حياة أهل المصنع..
وددت أن أهمس في أذن القائمين على الأمر بإدارة مصنع سكر حلفا الجديدة وشباب المصنع والكهول والصبايا والصغار بأن يصعدوا درجات مسرح المصنع لأقامة كل فعاليات المدينة التي وهبها جيل الرعيل الأول أكبر مسرح مؤسس بطريقة علمية بالمنطقة برمتها ولن يضاهيه مسرحاً آخر.. وهذا جهد قسم الخدمات الاجتماعية الذي كان مهتما بصيانة ليال المدينة..
وفي الذاكرة الحكم الرياضي المعروف بدوري حلفا الجديدة ومدني ودوري السودان السيد/ عثمان حسن عامر والمشهور بـ(عثمان كديس) الذي كان له القدم المعلى في وضع اللبنات الأولى للنشاط الاجتماعي والثقافي والرياضي مع آخرين، والراحل المقيم محمد حسن عبادي ذلك الرجل الذي قدم الكثير من العطاء المقدر مع رفيق زمالته العميد والعم سيد عبده بدر صاحب الذوق المرهف والابتسامة التي صانت ليالي المصنع بالهدوء والألق، والعم عثمان مدني صاحب البال السمح..
وكما لا ننسى الراحلة المقيمة محاسن الأمين بدر والمشهورة بـ(محاسن المرشدة) صاحبة العطاء الوافر على خشبة كل مسارح المصنع؛ صغيرها وكبيرها، والتي يرجع إليها الفضل في ذلك النشاط الذي امتد إلى القرى الزراعية عبر المسرح المتجول..
وفي بالي دوما الجميل حسين عيسى سليمان المشهور بـ(حسين مكروفات) وغيرهم من قدموا جليل مساهماتهم ودفقهم الكبير على أرجاء المصنع الطيب.. وفي عهد هؤلاء كان للنشاط الاجتماعي والثقافي والرياضي صولات وجولات من الحراك القويم والمتصل ويكفي وقتها كانت للمصنع صحيفة تصدر بانتظام تحت إدارة الشاب المثقف عبد الله ابراهيم المصري رد الله غربته، وسينما متجولة بقيادة العم بيرق طافت كل أنحاء المصنع ناشرة الثقافة والوعي..
وصعود المسرح الذي أطالب به لن يكلفنا شيئا إذا خلصت نوايا طريق الإحياء وقررنا بان نرفع كل مناسباتنا العامة؛ الصغيرة والكبيرة على خشبة المسرح حتى يجد الجميع مبتغاه ومتنفسه ضمن هذا المسرح المؤهل لإستضافة كل نشاطنا.. فالمسرح هو الذي يعلمنا ويربينا ويلحقنا بجادة الطريق، وفيه كيف نعيش حياتنا عبر قيم الحق والخير والجمال وبذلك نقلل من أوقات فراغنا المهدرة في طاولات الورق ودفاتر عمنا قوقل وغيرها من محن وشواغل الزمان التي لن تفيد طالما هى لتزجية الوقت و(قتل) الفراغ فقط..
المسرح هو أبو الفنون وأولها منذ أيام الإغريق والرومان وقدرته على الموالفة بين عناصر فنية متعددة حيث كانت المسارح هي الوسيلة الوحيدة للتعبير الفني بعد حلبات المصارعين والسباقات.
هى دعوة للإهتمام بالمسرح في حياتنا حتى يصنع ويقوي عظم وظهر الأجيال ويساهم مع مؤسسات التربية والتعليم في إضفاء بصمة حيوية خلاقة وإضافة نوعية مختلفة عبر شتى الفنون التي يقدمها المسرح.

مسرح المصنع العتيق 35jlcfs

سلامات يا ايها العاشق الوفى وانت تتحدث عن اجمل بقعه تركت ما تركت من زكريات واشجان مسرح مصنع سكر حلفا

الجديده وان كان الحديث مصدر لبعض الالم

وما ذكرته لا يحتمل التعقيب لانها الحقيقه

اما عن التاسيس العلمى لمسرح مصنع السكر فهذا كان مصدر حوار قصير فى نفس هذا المسرح مع الاستاذ عبد الحكيم

الطاهر وكان حينها يقوم بعرض مسرحيته طراطيش فما قاله لى كان مصدر فخرا بالنسبة لنا

فقال وبالحرف الواحد وهو الاكاديمى والمسرحى بان هذا المسرح لايحتاج الا للقليل والابداع الكثير وقدم لى الكثير من النمازج

وتعهد بتقديم المساعده فى قيام المدرج وحينها ذهبنا انا وهو وبعض الزملاء الى عمنا محمد الفكى الذى بشرنا خيرا ولا جديد

فمسرح المصنع هو من احدث المسارح بالمنطقه

ولكنه يحتاج الى قيام كيانات ابداعيه تنتج وتعرض اعمالها بهذا المسرح وفتح ابوابه لجيل الابداع القادم

اننا نحتاج الى ابتكار انشطه انشطه تستوعب المبدعين والجمهور

وبالتالى الاجابه عن سؤال لماذا لا يوجد مبدعين فى مصنع السكر مع اننا نعرف الكثير من الناشئه التى تكتب الشعر وتعشق

التمثيل ولكن اين هى البدايه الحقيقه وساعود اليك يا عزيزى بهدير

تخريمه

اسف على الزوغه ولكنها اقدار العمل التى لا تقدر بعض لحظات الوصل الجميل

يعقوب دوما عطرك فواح كرائحة الترعة العفنة تمنحنا الشذى وعبق الذكريات وتلهمنا المسيرة القاصدة في حب الكيان المصنع
شكرا لحضورك يا غالي

شكرا عوض الدرامي المهموم بالمصنع..
أصبحت لا أعول على مؤسسات الدولة لفقرها الأبداعي وجلوس الأفندية على كراسيها انتظارا للمرتب وحصة الفطور والشاى ولحظات الاسترخاء ومناقشة هلال مريخ وضجة سفافسف الامور الا من رحم ربي وأن كان بالمصنع اداريين بقامة الشمس الا انهم اندغموا في الهم اليومي وانشغلوا.. لذا لا بد ان ينصب حديثنا على قوى المجتمع الحية وضرورة تفعيلها خاصة في هم المسرح مع ادارتى العلاقات العامة والخدمات الاجتماعية واقصد بذلك انت وغيرك من حمل هم العمل الدرامي بالمصنع إذ لا بد من استصحاب كل التجارب السابقة والاتجاه الى تكوين فرقة مسرحية من الناشئة الذين لهم جينات ابداعية حتى لا يطمرها النسيان وغوائل الأيام والطريق يصنعه المشي ويحتاج الى العزيمة والاصرار.. ونأمل الا يمر علينا وقت آخر ونبكي فيه على هذا الصرح العملاق والذي اراه على هاوية الانهيار بفعل ظروف كثيرة تحيط به.. وهى صرخة ونداء لإحياء وإنقاذ مسرح المصنع العتيق..

شكرا جزيلا عزيزى ناصر واعتقد بان الزمن قد حان لاجل اطلاق مبادره ثقافيه تقوم باحياء الجانب الثقافى بمصنع السكر
خصوصا وان على قمة ادارة العلاقات العامه ابن من ابناء المصنع الصادقين العزيز ود اللمين
فحرام وكما تفضلت انت بان تحرم هذه الاجيال من ابراز الجانب المبدع فى داخلها
فقريبا ستشرق شمس الابداع والثقافه واعتقد بان الارضيه موجوده والنفوس مستعده فقط هى فى انتظار الخطوه الاولى

» سوق المصنع (1)
» افــــــــــــراح المصنع
» سوق المصنع
» بيع المصنع والمصير المجهول!؟
» الخريف في البركس