منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة ترحب بالزوار من ابناء المنطقة وجميع الاحباب والمريدين داعين لمد جسور التعارف بين الجميع ودوام التواصل
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة ترحب بالزوار من ابناء المنطقة وجميع الاحباب والمريدين داعين لمد جسور التعارف بين الجميع ودوام التواصل
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولمركز تحميل المصنع     مجموعة الفيس بوك

اهلا وسهلا بناس المصنع عزيزى العضو فى منتدى مصنع سكر حلفا الجديدة تفضل بالدخول الي المنتدي واذا ما مسجل معانا تكرم بالتسجيل والتمتع معنا ولقاء الاحبة والاخوان ومن فرّقتك عنهم طرق الحياةولو ما عارف كيف تسجل في المنتدي فقط إضغط زر ( تسجيل ) واتبع الخطوات ,واحدة واحدة,(الادارة بتفعل حسابك )

 

 رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
خالد حسن بخيت
مشرف
مشرف
خالد حسن بخيت


عدد المساهمات : 1936
نقطة : 12699
تاريخ التسجيل : 10/02/2010
العمر : 47
الموقع : www.3aza.com/vb
المزاج : مسلم

رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور Empty
مُساهمةموضوع: رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور   رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور Emptyالأربعاء 01 يوليو 2015, 12:38 pm

بدأت شارات الزمن التي تشيرٌ الي السادسة مساءً تبطئ سيرها , حيث أنا علي موعد لأول رحلة هروب في تاريخ حياتي , كان عمري آنذاك حوالي 18 عاما , وكان من دواعي سروري أن أسافر بالقطار ( الاكسبريس ) القطار الذي يمكن أن تتخيل كل شيئ جميل بداخله , لم أكن أعرف أن بإمكاني الهروب من اسرتي ومع أحد ابناء عمومتي , ولكن القدر كان قد رسم الخطة وألهمها لإبن عمي , وهي تقول :
هناك قطاران سيتقاطعان في محطة أبو ديس ريفي ابو حمد بمنطقة الرباطاب , وكانت اسرتي تريد أن تتركني بمحطة ابو ديس وتغادر هي الي ابي حمد , كانت اسرتي تريد قضاء حوالي ثلاثة او اربعة أيام بأبي حمد ثم ستعود بالقطار الي محطة ابو ديس بعد أربعة او خمسة أيام , حيث أتلقاهم أنا وبقية اخواتي بمحطة القطار , ومنها ستبدأ  الرحلة من ( ابو ديس ) الي الخرطوم , ولأن تكاليف الرحلة باهظة الثمن قررت الأسرة أن تتركني بـ ( ابو ديس ) وان تذهب هي الي ابي حمد , وذلك لتخفيف عبء التكاليف المادية والجسدية , صادف أن القطار القادم من عطبرة ومتجه إلي أبي حمد هو القطار الأول ثم يليه قطار ثانٍ قادم من ابي حمد و متجه نحو الخرطوم , كان الفارق بينهما حوالي 20 دقيقة , تيقنت تماما أن اسرتي حينما ترحل بالقطار الاول الي ابي حمد لن يكون بإمكانها معرفة أين أكون , حيث لم تكن ثورة الإتصالات موجودة بذلك الزمن , وبالفعل حضر القطار المتجه الي ابي حمد .. و ودعت اسرتي علي آمل أن يلتقوني مع اول قطار آخر قادم من ابي حمد , ولم يكونوا يعلمون أنني سأرحل بقطار ثان بعد حوالي 20 دقيقة وفي الإتجاه المعاكس , مرت العشرون دقيقة وانا و إبن عمي نعتلي قطارنا متجهين الي مدينة الحديد والنار , عطبرة التي اعشقها .. وأذوب في حبها , يوم كامل وبضع ساعات حتي وصلنا عطبرة , دلفنا نحو ( لكوندة ) عمنا ود الحاج .. المشهورة بعطبرة , و ضعنا حقائبنا الصغيرة فيها و نلنا قسطا يسيرا من الراحة ثم دلفنا بعدها الي مطعم ( هدنديلو ) الشهير بسوق عطبرة , ثم عدنا أدراجنا الي ( لكوندة ود الحاج ) , اكملنا يومنا هناك ثم بصبيحة اليوم الثاني دلفنا الي أم الطيور حيث اصهارنا من ابناء عمومتنا الجعليين , يا لروعة أم الطيور وجمالها وطيبة أهلها , ويا لعظمة رجالها الكرماء , نلنا منهم كل ما هو جميل , ثم سألني إبن عمي العودة الي عطبرة , لم اتمالك نفسي وقلت له :
- لن اعود معك ..
  =  القرار لك ولكني .. سأتركك واغادر
- يمكنك المغادرة ..
فعلا تركني هناك .. وغادر
جاء وقت الأصيل .. و ذهبتُ الي شط النيل , هناك حيث الخضرة والماء والوجه الحسن , أخذتُ أشق البساتين شقا , وانا أتجه صوب النيل , كانت الشمس تعلن رحيلها شيئا فشيئا , و الأرض البكر المعطاء الخضراء تمتد علي شاطئ النيل بمساحة تزيد عن المائة متر علي جرف النيل العظيم , هناك رائدات ام الطيور يرِدن الماء بأنفسهن , منذ أن قُمنَ كانت هذه مهنتهن , رأيت تلك الأسراب , والشاطئ يمتلئ عن آخره , هناك تسمَّرتُ حيث رأيت معني الجمال الحقيقي , وقفت بالقرب من طريق الورود , وقفة صبيانة مليئة بالإفتراء , واخرجت علبة سجائر ( البرنجي ) من جيبي , وكبريتا مرسوم علي ظهره صورة ساعي البريد , ثم اشعلت سيجارتي الاولي والثانية والثالثة كانت الاسراب جميعا لا تعيرني إهتماما , بقدر ما أنني انتبه للجميع , وجدت أن إحداهن كانت تترقبني , بكل جد , و تنظر نحوي نظرة غير إعتيادية , تساؤلات كثيرة بوجهها , ورغم جمالها و روعتها لكن نظرتها لم توحي إلي أنها نظرات عشق طفولي او عشق المراهقات , كانت تنظر إلي و كأنها تحاول ان تستفزني , ربما هي الوحيدة التي أدركت أن وقفتي في هذا المقام هو للإستفزاز فقط , ربما أرادت أن تستفزني هي الاخري , في نهاية الأمر غابت الشمس , وتواعدنا بأعيننا أن نلتقي غدا وفي ذات المكان .
أخذتُ أدراجي ورجعت لبيت عمنا ( الجعلي ) هناك حيث الليل والقمر في هدوء مريب , الحال كما هو حال القري , منذ ابتداء سدول الليل, يرخي الجميع اجسادهم المتعبة ويستسلمون للأسرَّة ذات ( المراتب ) القطنية طويلة التيلة , دلفتُ نحو ( الديوان ) ووجدتٌ أن قد جهزوا لي سريرا يبدو  كمثل اسرَّة الملوك في علوه و ضخامته , القيتُ فيه نفسي ثم ( تمردغتٌ ) يمينا ويساراً , فكلما حاولتُ أن اغمض جفوني وجدتٌ نفسي في حالة بلاهة من التفكير واعيني تنظر الي القمر و حولي الليل وهدوءه , وصورة شاخصة لتلك التي إلتقيتها عند شط النهر , يا لتعاسة هذا القلب الخواء , أو لم يكن من الأفضل أن ينام لكي يصحوا باكرا ؟ فربما هذه ليلة آخيرة بأم الطيور . اتجهتٌ بجانبي الأيمن علي الجانب الغربيّ للسرير , وبدأتٌ ارسم عيني حبيبتي علي الأرض , عينان يتسعان كلما زادت دقات قلبي , حواجب ذات امتداد اسطوري يغطي قلبي من ناحية الاُذينين ويلتف بنهايته نحو صمامي ثم يربض كخنجر شرقي في خاصرة قلبي , خدود بيضاء يعلوها إحمرار تماما مثل ثمرة ( التمرِ هندي ) عندما تنضج جيدا , عنق كعنقاء حبي المزعوم ايضا , اما شعرها فهو اسود يليق بوجه امرد كشق القمر , تجعلني وانا ارسمها بحوجة الي بصر من حديد , ليكشف لي غطاء كنتُ قد واربته ردحا كثيرا من الزمان , زمان ذاك هو ما قبل الوعد باللقاء , علي نسق شوقي حين قال فيما يقول : تعطلت لغة الكلام , وكان حديث للعينين يزين ليلتي الهادئة ويوعدني بغد جديد اري فيه انثي من نوع آخر , انثي ترفها القروي يجعلها اقرب اليَّ من حبل الوريد , وقوامها المجبول علي سجية القرويات يجعلها كما ( بانة ) بمجلس البلدية ( بمدينة مصنع سكر حلفا ) , ما اسوأ ليال الغرباء في ( سهوة ) للعشق تطرق ذلك القلب الفارغ كفؤاد أم موسي , لم يكن سجع الليالي  قد بدأ إذ أنني سمعتٌ الآن اصوات غناء بدأت ترسلها نحوي سماعات ( الساوند ) ومع امواج الهواء الهاربة كشَعر حبيبتي كانت تصلني بعض مقتطعات الأغاني , هذا الغناء بدا كأنه قد طرد طيف حبيبتي , لقد تكاسل طيفها بمرور بعض الأغاني التي يبدو انها لكمال ترباس , اغنية ( امي الله يسلمك ) يا لطيفها اللطيف , حتي هو يدرك أن أمي أعظم من كل شئ , و يا لهذا الليل التعيس , امٌ وحبيبة يتقاسمان الليل عندي , ليطول سهر الاجفان , غالبتُ النوم , إلا عندما تغيرت الاغنية الي اخري , رأيت نفسي أقف علي رجلي طالبا الخروج , بدوتُ كالتيس الأصمع شاهراً أذنيَّ لاتأكد من موقع صدور الصوت , إذ أنه متقطِّع كما صوت ماكينات ( البابور اللِّستر ) القادمة من ناحية النيل , لم اتمالك نفسي حتي وجدتني اسائل الطرقات عن موقع الحفل , حتي اهتديتٌ الي مجموعة من الناس , يبدو انهم من اسرة واحدة , ثلة من الذكور والإناث تتجاذب أطراف الحديث , ثم ومع اقترابي منهم لفحتني روائح العطور الباريسية , ادركتُ حينها انني في ورطة غرامية مع هذه الـ ( ام الطيور ) , تقربتٌ إليهم وسألتهم عن مكان الحفل , فقالوا بكل اريحية نحن ايضا نقصدها فلتأتي معنا , كانوا اقل ما اقوله عنهم حاتميين , لم اشعر أنني غريب بينهم , حتي وصلنا إلي مكان الحفل , وما أدراك ما الحفل , كل الابتسامات التي بغير حصر وبغير رادع , تتوزع للجميع ونحو الجميع , جو جميل , ورائحة العطور الباريسية تمتزج مع دعاش الجروف و ضحكات الحضور و ترانيم الموسيقي , أحسستُ أنني أولد من جديد , ولكنني احس ايضا انني غريب , فقط الجمال يجعلني جزء من هذا الحضور , ادركتُ معني ان الإحساس بالحضور جميعهم او الاحساس بأنك واحدا من هولاء ليس ضروريا , فأغنية واحدة تجمعنا , و يكفي أننا ابناء الشمال , هكذا طمأنتُ نفسي .
بينما انا اوزع بلاهة اعيني للجميع , و فيهي مفتوح عن آخره أذَّن مؤذنُ أن هذا الفاصل هو ( للعريس والعروس ) , ثم رأيت الجميع يعودون الي اماكنهم كالأمواج الهاربة نحو منتصف النيل , بينما عاد الجميع وبدأ الغناء , رأيت لحظتها العروس , يا لهذا الجمال , وهذه الروعة , وهذا الجموح , لماذا لم ألحظ منذ البدء لروعة هذه البنت ؟ يا لتلك الدقائق الساذجة من عيني التي تجوب المكان كله دونما ان تنظر الي الملكة حتشبسوت ؟؟ روعة تخالها كأنها المعرفة , فقط تدرك انك ومن كثرة الدهشة انك تعرف العروس واهلها .. يا للهبالة , ماذا جري لك يا قلب .. !!! أنثي بكامل الوهج ترتدي بلوزة حمراء , وتنورة صغيرة كلون الليل تماماً, وعلي رأسها تاج يبدو أنه قد تواضع مع ضفائر شعرها المسدل علي ارجاء كتفيها ومتدل الي هناك حيث تشابه مع عقد ( دعد ) بنت الاندلس عندما تدلي عقدها بين نهديها ظمآنٌ مثلي , يا إلهي , ما لهذه ( ام الطيور ) تضيف اليّ عبئا آخر ؟؟ ما لهذه الأقدار اليوم تذكرني بمرارة العشق كأنني علي موعد من التبريح علي هذه الأرض الطيبة , كل مؤشرات المكان تقول لي ( انتَ حتي الآن لم ترَ شيئاً ) .. فدون أن اشعر قلت بنفسي ( حظك يا العريس ) , فبينما حاول العريس جرّها من مملكتها الي نصف ( الدارة ) لترقص , تمانعت , علا وجهها الخجل , وبدأت إبتسامتها تندثر , تغطت شفتيها بلون القُبل , وتفتحت خدودها كورد البنفسج , هنا , تعالت اصوات الجمهور هتافا وتصفيرا وتصفيقا , وبدأت آلة الكمنجة تعزف رائعة اسحق الحلنقي :
(ﺷﻔﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﻌﻴﻮﻧﻰ ﺩﻳﻞ
ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻔﻠﺔ ﺑﺘﻐﻨﻰ ﻭﺗﺸﻴﻞ
ﺷﻔﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﻳﺲ ﻗﺎﻡ ﻗﻮًﻣﻬﺎ
ﺣﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺧﺼّﻤﻬﺎ
ﺑﺲ ﺭﻗﺼﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ
ﻭﺍﺗﺪﻟﻠﺖ ﻣﺘﺒﺴﻤﻪ ...
ﻗﺎﻣﺖ ﻋﺰﻳﺰﻩ ﻣﻜﺮّﻣﻪ ..
ﻭﺑﻰ ﺧﻄﻮﻩ ﺣﺎﻟﻤﻪ ﻣﻨﻐﻤﻪ
ﺍﻟﺨﻄﻮﻩ ﺟﺎﺕ ﻣﺘﻘﺴﻤﻪ
ﺧﻠﺖ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻣﻘﺴﻤﻪ ..
ﺩﻯ ﻫﺪﻳﻪ ﺟﺎﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎ
ﻭﺣﻔﻠﺘﻨﺎ ﺑﻴﻬﺎ .. ﺑﻨﺨﺘﻤﻬﺎ ) ,
حينها ضجت الاماكن بنزول العروسة مع ضجيج الموسيقي و تهيّج الجمهور , وابدعت العروسة بالرقص , وانا ما زلتُ ذاك التيس الأصمع فقط فاغرا فيهي في بلاهة انظر الي العروس في دلالها وميسانها ,  فكلما مالت عن اليمين او الشمال رأيتني اميل معها , ولا ادري من الذي يرقص , انا ام هي . ظل بصري يرمقها في كل جزء من جسمها , بصري مثل لسان الحرباء , ما إن يلمس جسمها حتي يرجع خاسئا وهو حسير , ثم اعيده كرة وكرتين , ففي كل رمية بصر اترك سؤالا عن نوعية الجسد ولونه و ماهيته وكيف الحصول عليه , ويرتد اليَّ كما يرتد لسان الحرباء الي فمها , يا لهذا المساء المحكم كما جسم عروستنا في جمال منقطع التفكير , ويا وجع قلبي الذي ضمخته دماء العشق , يا لحسرتي فقد انتهي الفاصل وانا ما زلت واقفا اضع رجلي علي الاخري , حتي حين حاولت التحرك وقعت يسيرا علي نصفي , ثم عاودتٌ الانكباب علي الجمهور بنظراتي البلهاء من جديد , علّ هناك وجوها جديدة قد استباحت المكان وقت كنت منهمرا بنظراتي نحو العروس , بينما انا كذلك فإذا صاحبتي التي تواعدتُ معها بعيناي عند الشاطئ قد رمقتها عيني , رأيتها تنظر نحوي بذات السهام التي قد قالها شاعرنا الرائع ادريس جماع , لحاظ العينين , حينها استدارت بوجهها جميعه عني , لانني قد وجدتها بنظراتها متلبسة بشئ من الاعجاب كان باديا علي عينيها الواسعتين , حينها اعتدلت في وقفتي , وبدوتُ كالمراهق الغريب عن الديار , لابد من اكسو نفسي بشئ من الوقار , فكانت هي تنظر ناحيتي كلما سنحت لها الفرصة , نظرة تشبه نظراتها عند شط النيل , إنها مفترية تماما , عيناها تشبه تلك العيون التي تطلب الثأر , كأن تري رجلا بينك وبينه ثأر ودماء , او عندما تري شخص بينك وبينه عداوة قديمة , وانا ذاك الذي بيني وبينها كأنني ولي حميم, ولكن حتي شفتيها المستدريتان تبدوان واجمان , والكل حولها مبتسم إلا هي , كانت تقتلني كلما نظرت اليَّ , نهدان جامحان مثل ثمرة التبلدي , وقوام ممشوق أشبه بجسد مهرة ريفية , وفوق كل ذلك قلب يبدو أن وراءه الكثير ليقوله , تفاصيل نظراتها و قوة تحديقها تدل علي أن هناك شيئ نحوي , إما قتل او عشق او شكوي , أحسست انها بحوجة اليَّ , دونما ان تراني من قبل , ولكن روحها قد تعلقت بي في ذلك السطر الذي خطته أقلام القدر باللوح المحفوظ , هناك قلم كتب لها عني شيئا , هي قرأت ذاك السطر , غير أنني لم اقرأه إلا بعينيها الواسعتين , او بصدرها الخصيب . في لحظة عشق جامحة استدارت كما الريح و هرولت نحو الخارج , لم اشعر بنفسي حتي خرجتُ أنا أيضا , لم أكن اعرف اين ستذهب , ولكني هرولتُ نحو النيل , هناك حيث بداية اللقاء , دقائق معدودة ولكنها لا تجيئ , بدأت اشعر بالبرد , رأيت شجيرة ( سنمكة ) وتدفأت بها , علها تحجب عني هذه الرياح الباردة , لم يكن الوقت شتاءً ولكن البرد كان يكسرني , تمنيت ان لا تجيئ هذه الفتاة , تمنيت أن تنتهي ساعات البرد ولا تجيئ , نزاع يقوده عقلي وقلبي , قلب يهوي ويتمني اللقاء , وعقل محتار يتمني عدم الحضور , وفي اثناء نزاع القلب والعقل , رأيت كومة من الظلام من بعيد تأتي نحوي , اتمني ان تكون هي , وبنفس الوقت أتمني ان لا تكون هي , بدأت ارتكض اكثر واكثر , كل فقرة في جسمي تشتكي الألم , اصبحت انتفض جدا كلما اقترب ذاك الشيئ نحوي , أسناني لا تريد أن تتوقف , كنت احتضن ساقاي إلي صدري , وهاهي قد جاءت , يا للفرح ويا للمصيبة إنها هي , بذات هدوئها وجسمها الممشوق , وروعة جسدها الذي بدا وكأنه جسم فراشة ضل طريقه اليها , تقدمت , ثم وقفت علي بعد خطوات مني واستدارت واعطتني ظهرها , كانت أنيابي قد تداخلت مع نسيج شفتاي واخذت احبذ الصمت بدل الكلام , استطيع ان اشم رائحة عطرها , تذكرت رواية ( اصابع لوليتا ) عندما قالت : ( عطرك هذا سيسرق مني عذريتي يوما ) وانا اردد سرا . عطرك هذا قد يسرق عذريتي اليوم , فها انذا اخوض غمار حرب بين الخوف والعشق والعطر تكاد تهلكني , اخيرا استجمعت قواي وناديتها كما ينادي الاسير سيده :
= هل كنتِ تدركين أنني سأجيئ إلي هنا ؟
- نعم ,
= ما الذي دلّكِ ...
- قلبكَ ..
استغربتُ من إجابتها , وقلت لها : قلبي انا ام قلبكِ أنتِ ؟
- بل قلبكَ أنتَ , اما أنا فليس لي قلب ,
= أأنتِ مجنونة ؟ كيف يعيش الإنسان بلا قلب ؟؟
- نعم أنت الآن تنطق بالحقيقة , أنا مجنونة , فكل أهل المنطقة يقولون عني مجنونة ,
حينها بدأتُ أنظر إليها بكل خوف , بدأتُ أنظر الي الليل الحالك , والي اصوات أمواج النيل الهادرة , وإلي فحيح الأشجار و أصوات الجندب وبعض اصوات الجن بدأت تأتي , ربما هذه البنتُ فعلاً مجنونة , ربما , فأنا هنا غريب , ولا أعرف عنها اي شيئ , صمتُ كثيراً ,و بدأتُ افكر في هروب ثانٍ من هذا الليل , قاطعت صمتي فجأة وقالت :
لا تخف , فأنا لستُ مجنونة بجنٍ يخيف , أنا مجنونة لأنني أعشق , مجنونة برجلٍ أحبني و أحببته , مجنونة ورافضة للزواج , رغم أن أهلي يجبرونني عليه , ولكنني أرفض .
بدأت اثق فيها أكثر , وقلتُ لها : انتِ تعشقين ثم لماذا ترفضين الزواج ؟؟ فالذي يعشق لا يرفض الزواج يا حـ ......
قالت : قلها , استحلفك بكل العشق علي قلوب الحياري , وبكل الوان القبل الحمراء , وبكل خصوبة قلوب النساء , قلها .
قلت لها : ماذا اقول ؟؟ و ما تقصدين ؟؟
قالت : كلمة أنتَ بدأتها بحرف الحاء .
ضحكتُ وقلت لها : سأقولها بعد أن أؤمن بها , ولكن قبل ذلك قولي أنتِ : ما اسمكِ ؟؟
قالت : زهراء ,
فر القلب من بين أضلعي , ومات الحزن موت بلا انتهاء , وابتلعتُ ريقي وقلتُ لها كما يُقال عند العامة من الناس : تشرفنا , وأنا خالد ,
تقدمت نحوي واتجهت كمثل ثور غيور علي تلك السنمكة التي اقتلعتها في حين قدومها نحوي ,  ودون أن اشعر قلتُ لها : زهراء ... هل أهلك يرفضون زواجكَ ممن تحبين وتعشقين ؟
قالت : لا لا أهلي هم ايضا يحبونه ويعشقونه ..
قلت : ولكن لماذا لم تتزوجينه , بل وترفضين الزواج منه ؟؟
قالت : لأنه غير موجود بيننا ..  واهلي يردونني أن انسي فكرة حبه وأن اتزوج من رجل ثانٍ وانا أرفض ..
سكتُ برهة و  قلتُ لها : هل ....  مات حبيبك ..... ؟
قالت : لا .. لم يمت .. ولكن لا ندري أين مكانه , ذهب في شجاعة الي الموتِ , مع مجموعة من أبناء المنطقة , إلي جنوب السودان , يؤدي واجبه الوطني من الخدمة العسكرية , ولكنه لم يعد , فكل الذين ذهبوا معه عرفنا مصيرهم , بعضهم مات , وبعضهم عاد , إلا حبيبي , لم يعد , لم يرجع الي أرضه التي انجبته , لستُ أدري ما الذي هو كائن ,
سكت لبرهة من الزمن و وددتُ أن أسألها عن علاقة تلك النظرات تجاهي , وما علاقتي انا بهذه الشكوي , وما ذنبي أنا لتحكي لي هذه القصة , ثم هل هي محاولة لتفضح مشاعري , او لتستنطق قلبي , ربما هي إحدي مكائد النساء , ولكنني يجب أن أتصرف بغباء , فكيد النساء لا يساويه شيئ لدي الرجل إلا ممارسة الغباء ضده , سأسألها عن نظراتها تجاهي وسر ذاك التحديق نحوي , ببراءة , نعم , ولكن الوقت ليس وقت أسئلة كهذي , ولكنها سرعان ما انتبهت وقالت :
سر تعلقي بكَ هو لأنني أحسستُ أنك اقرب الي قلبي لتسمع همساته وشكواه , عرفت أنك غريب , ولديك إمكانية أن تسمع , خاصة لو حديث من أنثي مثلي , فأنا جميلة كما يقول أهل منطقتي , ولكني لا أصدق ذاك القول , فالحزن بقلبي لا يدع لي مجالا أن أفكر بنفسي , إلا عندما رأيتكَ , عرفتُ أنك غريب يجيد فن الإصغاء , ومستمع جيد لحالات الشكوي , لأن هندامك يدل علي رهافة حسكً , ومثلكُ يبدوا أنه كثير الغرام.
قالت قولها هذا ,, بينما هي تستدير مغايرة لإتجاهي , تريد أن ترحل ولكن دورانها جعلني اتذكر وقت انبلاج ضوء الأرض عن القمر في حالة الخسوف , و قالت في دورنها عني , نحن من أسرة لا تقبل بأن تتقابل فتاة في عمري مع فتي في عمرك وبمنتصف الليل , ولكنني قلتُ لعلها بداية لنهاية لا ندري كيف تكون , لا أنا ولا أنتَ نملك المستقبل , ولكن حتما سنلتقي, غاص بصري فيها وهي ترحل وتركتُ قلبي بين اضلاع صدرها , واخذت افكر في نفسي , ما هذا الذي انا فيه , الاحلام ليس هكذا , ما الذي انا فيه يا رب , فجأة توقفت ونظرت ناحيتي , فإذا بعينين تحملقان نحوي وتنظران بسكون الي ما انا فيه , وبالمقابل كانت نظراتي تجوب أرجاء جسمها و تبحث عن مرفأ دافئ في تلك المنعطفات بجسدها الراقي , ولكنها كما هي عادتها قاطعتني : حتما سألتقيك . و غادرت , ذهبت مثل قطعة من السحب الداكنة في سماء ام الطيور , تعاركت وهي تشق الطريق مع شجيرات السنمكة و زنابق الحمبك وشتلات النخيل , تخالها كأنها قطع رباب تعانق القمر , تتعارك تتداخل ثم ترحل , وانا اهوي والقي بثقلي علي رمال الشاطئ فقد غادرت و تركتني انثر الحصي علي رأسي , واصرخ من هول ما حدث , والقمر يؤانس وحشة النيل ولا ينتبه لحالي , والنيل يغازل الأنجم وكأنني غير موجود علي شاطئه , ما لديار اهلي الجعليين تعاملني هكذا ؟ وكيف يا تري الخلاص ؟
عدت وانا اجرجر اذيال ليل غابر , وعيناي لا تسعان سوي ظلام الليل , وارجلي تحاول أإن تموت من هول المسافة المتبقية لرجوعي الي البيت , وبقلبي حسرة بين البقاء بأم الطيور ام الرحيل الذي هو رحيل الأمنيات , وموت الهوي رغم إبذار بذرته بهذه الأرض الممتدة مثل ضفائر شعر رائعتي , دقائق معدودة وانا ارتمي علي سرير الملك بمنزل عمي الجعلي , البرد يشبه قوة الحب , فهو يدب بين دمائي وعظم جسدي , والفجر يعلن أول حالات تبيان للخيط الأبيض ’ فالخيط الأسود كحظي قد ذهب مع هم اللقاء من جديد وكيفيته و ترتيب للأقدار التي نسير علي أكفها وتحملنا إلي بلد يحي بالحب والود والتفاني الاسري  . ساعة اخري فإذا نداء الصلاة يغطي سماء ام الطيور وعمي الجعلي جاء يوقظني ولم يعلم أنني لم أنم طوال الليل , اخذني معه الي المسجد وعدنا سويا للبيت وكانت الزلابية في انتظارنا وبعض اكواب الحليب الطازج , دلّتان فيهما شاي أحمر والاخري بها حليب صِرف , وملفحة عمي الجعلي التي تغطيه وتزيده وقاراً علي وقاره تجعلني أزيد له اجلالا علي إجلاله , ثم وفي صمتنا ونحن نحتسي الشاي قال لي :
اليوم سوف ندعو جيراننا ليتناولوا معنا الغداء ... بمناسبة حضورك لاول مرة الي ام الطيور ....
قاطعته ,,,ولكن ....
رد علي بحزم شديد ... لقد انتهي الامر ..
وافقت بالبقاء يوما آخر بأم الطيور وبنفسي شيئ من الفرح علي أمل اللقاء من جديد بـ زهراء ...
سويعات والبيت يمتلئ بالزوار , بعضهم سمع بمجيئ وجاء ليلقي علي السلام , والبعض الآخر يمارس برنامجا روتينيا متمثل في التفقد وإلقاء ( تصبيحة ) يومية يعرف من خلالها كيف اصبح جيرانه , حتي رمقت عيني من بين تلك الافواج ( زهراء ) كانت مثل ظبي ضل طريقه من جموع غفيرة , وهي تحاول ان لا تلقي بالا عليّ حتي تحمي نفسها من تكهنات النساء , ولكن عمي الجعلي كان حصيفا جدا , بعد رحيلها سألني ما سر حضور الزهراء وسط افواج من الناس صباحاً , هل يا تري دار شئ بينكما ليلة أمس ؟؟
قلت له وأنا محمر الاوداج .. لا لا ذاك لم يحدث ..
فقال لي : انها من اسرة عظيمة وعريقة , وكانت مخطوبة لدي ابن عمها , ولكنه الآن مفقود , ذهب الي الجنوب ولم يعد حتي الآن ولا ندري مصيره, ومنذ شهور ولم أر وجه الزهراء متهللا خجولا كما رأيته الآن .
انا عمك وفي مقام والدك , وكل شئ يمكن ان يسير وفقا لما تقرره ان كانت قد راقت لك مثلما رُقتَ لها ,
وخرج حينها , وتركني بين دقات قلب تكاد تخرج قلبي من مكانه , وشهوة مراهِقة كستني حتي كِدتُ أن اغمي علي نفسي , ولكن ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.3aza.com/vb
عائد السيد
الادارة الفنية
الادارة الفنية
عائد السيد


عدد المساهمات : 1020
نقطة : 10966
تاريخ التسجيل : 04/02/2011
العمر : 49
الموقع : سكر حلفا
المزاج : inconsistency

رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور   رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور Emptyالجمعة 03 يوليو 2015, 1:06 pm

هائل ياخالد ,, لقد طفت بنا في سياحة وجدانية خالدة في ربوع
الشمال وتحديدا منطقة أم الطيور حيث الجمال والكرم واسمى
الخصال... لقد هالني واطربني اسلوبك الجرئ الحافل بالاثارة
والتشويق حتى أيقنت بأنك لاتقل قامة عن حمور زيادة أوبركة
ساكن أو حتى الطيب صالح بل وتمتاز عنهم بغزارة الالفاظ
البلاغية والمعلوماتية وبراعتك في الاقتباس كماهو الحال في
اغنية الحلنقي ومناسبتها للحدث وحكاية العطر في قصة اصابع
لوليتا .........
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://halfasugar.mam9.com/u73contact
خالد حسن بخيت
مشرف
مشرف
خالد حسن بخيت


عدد المساهمات : 1936
نقطة : 12699
تاريخ التسجيل : 10/02/2010
العمر : 47
الموقع : www.3aza.com/vb
المزاج : مسلم

رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور   رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور Emptyالأحد 05 يوليو 2015, 4:03 pm

تسلم استاذي الرائع عايد السيد
واشارتك هذه هي قلادة فخر لي ..
لن انسي هذا المرور الجميل ...
غير أنك اقحمتني بذكر عمالقة الفن والرواية ...
اولئك جمعوا ما بين الرواية والدارية
اما انا فما زلت اتسكع سكرانا لا اهتدي الي طريقهم 
فشكرا جزيلا علي الاطراءءءء
ومؤووونة قرن من الاحترامِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.3aza.com/vb
 
رحلة الهروب الأولي - هروبي الي ام الطيور
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الى الطيور المهاجرة ،،،اهدى
» رحلة القاش
» رحلة ود العقلي
» رحلة تعارف للاعضاء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة  :: المنتديات الادبية :: الحكايات والخواطر-
انتقل الى: