في البداية يجب ان اترحم على روح الراحل الاستاذ الفاضل سعيد الذى يشكل علامة مميزة من علامات السرح السوداني وما اود الكتابة عنه وهو اهم ما ميز الفاضل سعيد وجعله يتربع على عرش السرح السوداني الا وهو الشخصية النمطية .
فالشخصية النمطية تعني اتخاذ الممثل لشخصية معينة وعبرها يكون التعامل مع المجتمع المحيط وهذه الشخصية تكون متجددة مع تجدد الزمان والمكان اى اننا يمكن ان نطلق عليها صفة الشخصية المرنة القابلة للتعامل مع مستجدات المجتمع ولا تعرف الجمود .
وعند النظر لتجربة الفاضل سعيد نجد بانه قد مهد وساعد في انتشار مدرسة الشخصية النمطية ورغم ان بعض رواد المسرح السوداني امثال خالد ابو الروس كانت لهم بعض المحاولات بترسيخ مفهوم الشخصية النمطية ولكن الفاضل سعيد تفوق عليهم جميعا في ترسيخ الشخصية النمطية في المسرح السوداني وكانت بمثابة نقطة التحول التى ارست دعائم السرح السوداني الحديث فالمتابع لمسيرة الفاضل سعيد يلاحظ بان للفاضل سعيد العديد من الشخصيات النمطية وهذه ميزة تحسب له واكثر هذه الشخصيات شيوعا هى .. العجب .. وبت قضيم وهى الشخصيات التى عرفها جمهور المسرح السوداني للفاضل سعيد .
فهذه الشخصيات نجدها تعيش في واقعنا السوداني فتطور مع تطوره اليومي فبت قضيم مثلا امرأة كبيرة في السن ولكنها مواكبة لكل مستجدات العصر فعند تحليل هذه الشخصية نجد بان الفاضل سعيد كان يتعامل معها بكثير من الحرصية التى يفتقدها مسرحنا في الوقت الراهن .
فالفاضل سعيد في شخصية بت قضيم النمطية كان يسعى الى ترسيخ الارث السوداني والثقافة السودانية وهذا ما نلاحظه في الازياء والاكسسوارات التى كانت ترتديها بت قضيم والتى فيها الكثير من الدلالات والمعاني التى ترمز الى الملامح السودانية الاصيلة .
وهذه الشخصيات كانت هى النافذة التى يطل عبرها الفاضل سعيد وقد عكست هذه الشخصيات الكثير من المتغيرات والمشاكل التى يعاني منها المجتمع .
والفاضل سعيد لكي يثبت من مفهوم الشخصية النمطية قابلته الكثير من الصعاب اذ ان النقاد كانو ينظرون الى هذا المفهوم بانه خروج متعمد عن النص وفيه تحطيم للكثير من قواعد المسرح لذلك اعلنوا الحرب .
ومن الاشياء التى تثبت مثل هذا الحديث تلك الجلسة التى جمعتنا به في اخر ايامه المسرحية هو وابنه المهندس جمال وفي تلك الجلسة كان السؤال عن التطور التاريخي لمفهوم الشخصية النمطية
حينها قال الراحل ما يضحكني هو هذه الحياة ونكران الجميع لما هو جديد وضرب مثل بالدكتور سعد الدين يوسف عميد كلية الدراماوقال لنا اننيوعندما اتيت حاربني الجميع بمن فيهم دكتور سعد وشاءت الظروف بان يدور الزمن وياتي ذلك الوقت الذى يتقدم فيه الدكتور سعد برسالة الماجستير تحت عنوان الشخصية النمطية عند الفاضل سعيد وكما هو معروف فانه لاحقيقة مطلقة في العلم ولذلك نجد بان الدكتور سعد هو من العارفين والباحثين عن الشخصية النمطية في وقتنا الراهن .والشخصية النمطية عند الفاضل سعيد لابد من اخضاعها للبحث والتحليل من قبل الباحثين والمهتمين بشؤن السرح السوداني لان ما قدمه استاذنا الرائع في هذا الجانب يعتبر ثروة قومية يجب عدم التفريط فيها وهى اهم ما كان يميز عملاق المسرح السوداني فكانت اعماله عبارة عن دراسات فيها الكثير من الحلول وستظل مدرسة الشخصية النمطية في انتظار من ياخذ بيدها خصوصا من جيل شباب المسرح الصاعد والذى يعاني من واقع مسرحي متردي
وفي الختام اعود واترحم على روح هذا الفقيد المتفرد وعلى جميع المسرحيين واهل الدراما الراحلين والتحية للصابرين وسيظل الفاضل سعيد في روح كل مسرحي سوداني بما خلده من اعمال ...........
مع خالص الاحترام .........