منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة ترحب بالزوار من ابناء المنطقة وجميع الاحباب والمريدين داعين لمد جسور التعارف بين الجميع ودوام التواصل
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة ترحب بالزوار من ابناء المنطقة وجميع الاحباب والمريدين داعين لمد جسور التعارف بين الجميع ودوام التواصل
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولمركز تحميل المصنع     مجموعة الفيس بوك

اهلا وسهلا بناس المصنع عزيزى العضو فى منتدى مصنع سكر حلفا الجديدة تفضل بالدخول الي المنتدي واذا ما مسجل معانا تكرم بالتسجيل والتمتع معنا ولقاء الاحبة والاخوان ومن فرّقتك عنهم طرق الحياةولو ما عارف كيف تسجل في المنتدي فقط إضغط زر ( تسجيل ) واتبع الخطوات ,واحدة واحدة,(الادارة بتفعل حسابك )

 

 قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ناصر البهدير
مدير عام سابق
ناصر البهدير


عدد المساهمات : 3674
نقطة : 16598
تاريخ التسجيل : 30/01/2010
العمر : 55
الموقع : البحرين

قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Empty
مُساهمةموضوع: قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت    قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Emptyالجمعة 30 ديسمبر 2011, 7:11 pm

كاتب هذا المقال الاديب والمحامي اسعد الطيب العباسي وهو ابن القاضي المعروف الذي جاب الكثير من اصقاع السودان ولقد عمل بمحكمة حلفا الجديدة بعيد فترة التهجير ومطلع السبعينات تقريبا ليس على نحو دقيق علاوة على انه حفيد الشاعر العباسي. ويهتم الاديب اسعد بادب الدوبيت وخاصة البطانة وله دراسات كثيرة في هذا الضرب.


قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت
.. بقلم: اسعد الطيب العباسي
ديباجة:
هذه سلسلة نفصح من خلالها عن قصص مستوحاة من التراث العربي القديم لشاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت، ذلك الزمن الذي بدأت تسود فيه القواعد الشرعية علي ماعداها من قواعد اجتماعية، في مجتمع عرف في الأصل التقاليد الصارمة في أعراف قبيلة عريقة. وقد عمدنا في هذه القصص إلى بيان سيرة أولئك الشاعرات وسيرة من عشقن، وإبراز قصص عشقهن الذي جهرن به في ثوب المعالجة الدرامية الصادقة، مستشهدين بالشعر وبالوقائع التاريخية.
القصة الأولى
قصة الشاعرة ليلى الأخيلية
تخيرنا على رأس أولئك الشاعرات الشاعرة ليلى الأخيلية، تلك السيدة التي اختبرت محنة هذه العلاقة الصعبة، في ظلال تلك الحالة العقلية، والضوابط الصارمة، منذ أن إمتلأ وجدانها حبا وصبابة بذلك الفتى الفارع الوسيم، والفارس المبارز، توبة بن الحمير بن كعب بن خفاجة، فقد نشأ هذا الفارس في جوارها، في قبيلة أهلها هم أعمامها، يترافقون مع رجال قبيلتها في الحل والترحال، ويحتفلون معا بعد كل غارة ناجحة، حيث تلتقي الجموع، وتفرق الغنائم، وتنشرح الصدور، على دقات الدفوف، فتمسي الخوافق متسارعة النبضات، تدفع إلى أجسادهم المتعبة دماء الحياة، وترفدها بالمتعة ونشوة الإنتصار. وفي غمرة هذه الإحتفالات إلتقى لحظ (ليلى) بلحظ (توبة)، فبرقت العيون ببريق الحب، وشبت الحرائق في قلبيهما، فالتفتت (ليلى) إلى خليلتها وهي تقول: ياإلهي أنظري إلى (توبة) أنظري إلى وجهه الجميل وساعده القوي، ياله من فتى، هل تعلمين إنه فارس مغوار، وشاعر خنذيذ؟. فزعت الخليلة ولم ترد، وتوخت الهرب، فمجاراتها لحديث (ليلى) سيكون وبالا عليهما إن سمعه سامع، غير أن (توبة) قال لـ(ليلى) وهو يمر بجانبها من فوق صهوة جواده: لقد راعني حسنك يا فتاة وما نزل بي منه أوردني موارد الهوى. بالفعل كانت (ليلى) جميلة، في مشيتها تثني، وفي قدها مياسة ونهوض، وفي عينيها دعج، وثغرها باغم نضر. كاد قلب (ليلى) يخرج من صدرها وهي تسمع قول (توبة)، وفي اضطرابها اسقطت له القول بهمس خفيض: بي منك أضعاف ذلك يا فتي. فصهل جواد (توبة) وتدفقت الدماء بعنف في صدره، لتعلن بداية قصة حب عذرية مالبثا أن أشهراها، حتى عمت أخبارها مساحات الصحراء في بوادي نجد، وعلى أطراف الدولة وحواضرها في عصر بني أمية. جاء (توبة) إلى عبدالله بن رحال بن شداد والد (ليلى) يطلبها منه للزواج، غير أن عبد الله ترك في قلب (توبة) جرحا داميا لم يندمل عبر السنين، عندما قال له: إن زوجتك ليلى فهذا يعني إنني أعترف للناس بحقيقة مايدور بينهم بأن عشقا يربط بينكما، وفي هذا انتقاص لي، وهو أمر لا تقره أعرافنا، وقد قررت أن أزوج (ليلى) عوف بن ربيعة من بني الأدلع. لم يكن زواج (ليلى) بابن الأدلع هو نهاية حبها لـ(توبة)، ولم يكن حبها لـ(توبة) مدعاة لخيانة زوجها ابن الأدلع. لم يستطع (توبة) أن يتوقف عن زيارة (ليلى) التي كانت تخرج إليه في برقعها الذي كانت تبلله بالدموع السواجم. سألها ذات يوم زوجها الغيور: ألا زلت تجبين (توبة)؟ فردت دون أن يلجمها السؤال قائلة له: إن توبة مايزال في حنايا القلب ثاويا، ولكنك تعرفني امرأة عفيفة شريفة وحريصة على صيانة شرفك فلا تجزع ياعوف من قلبي الذي سلك نحو قدر لا أستطيع له ردا. فقال لها: ولكنه يزورك وتخرجين إليه. فقالت: إذ ذاك لا يكون بيننا غير السلام والبرقع يمنعه أن يرى من وجهي شيئا. فقال لها: إني آمرك بأن لا تخرجي إليه مرة أخرى. فقالت وهي تسقط دمعة: لا أستطيع ياعوف إن قلبي يتحكم بي ولا أستطيع أن أكذب عليك فأخلاقي تمنعني. خرج ابن الأدلع تاركا زوجته لدموعها، وأرجل الغضب والغيرة تحملانه نحو قومه، فشكى لهم سلوك وقول زوجته، فرفع قومه الشكوى للسلطان الذي أهدر لهم دم (توبة) إن تجرأ وزار ليلى، وهددت ليلى بالقتل إن أنذرت (توبة) بعدم زيارتها. فلما أزف موعد زيارته لـ(ليلى) كمن له القوم ليقتلونه، ولما فطنت (ليلى) لهذا الأمر الجلل خرجت إلى (توبة) في الطريق الذي يأتي به وجلست على الأرض، وقد تخلت عن برقعها، ولما رآها (توبة) سافرة على تلك الحالة استراب وأدرك بفطنته خطورة الأمر فأسرع نحو جواده ونجا من كمين القوم. هذا الموقف ضمنه (توبة) في أبيات رقيقه قال فيها:
حمامة بطن الواديين ترنمي
سقاك من الغر الغوادي مطيرها..
أبيني لنا مازال ريشك ناعما
ولا زلت في خضراء دان بريرها..
وكنت إذا ماجئت ليلى تبرقعت
فقد رابني منها الغداة سفورها..
علي دماء البدن إن كان بعلها
يرى لي ذنبا غير أني أزورها..
وإني إذا زرتها قلت يا اسلمي
وماكان في قولي اسلمي مايضيرها..
فـ(توبة) يرى أن إلقاءه بالسلام علي (ليلى) ليس فيه شائبة، بل إنه ذهب فيما بعد مذهبا عجيبا في شأن التحية والسلام بينهما، إذ قال لو إنه كان في قبره لرد على (ليلى) السلام، ويستبين ذلك في بيتيه القائلين:
لو ان ليلى الأخيلية سلمت
علي ودوني تربة وصفائح..
لسلمت تسليم البشاشة أوزقا
إليها صدى من جانب القبر صائح..!
لم يمر الأمر على خير بعد ذلك، فقد دعت الغيرة عوفا لطلاق (ليلى) التي أضحت بعد ذلك زوجة لشاعر مخضرم وصحابي جليل هو سوار بن أوفى الهشيري، وأنجبت له الكثير من الأبناء، وقد تزوجها سوار وهو على علم بما تكنه لـ(توبة) من حب عذري عميق، غير أنه كان أقل غيرة من سابقه، إذ لا تبدو تلك الغيرة على السطح إلا إذا مارآها تسبح في خيالها ويترقرق الدمع في عينيها.
كان بين (توبة) وبني عامر بن عوف إشتجار ومحاربة، وكان (توبة) شديد عليهم مهابا منهم، ولكنهم تكاثروا عليه وتمكنوا منه وقتلوه بهضبة بموضع يقال له حجر الراشدة. بمقتل (توبة) بدأت رحلة وجدانية جديدة تنتظم في أعماق (ليلى الأخيلية) تكللت بحزن كبير، وأصبح إسم توبة على موعد مع الخلود، و(ليلى) ترثيه بقصائد أمنت من الزلل واحتشدت بمحاسنه والحزن معا، وظلت (ليلى) ترثيه إلى أن لحقت به بعد عشر سنوات لحاقا دراميا يعجز خيال أي كاتب. قالت ترثيه:
أقسمت أرثي بعد توبة هالكا
وأحفل من نالت صروف المقادر..
لعمرك ما الموت عار على الفتى
إذا لم تصبه في الحياة المعابر..
فآليت لا أنفك أبكيك ما دعت
على فنن ورقاء أو طار طائر..
قتيل بني عوف فيا لهفتا له
وما كنت إياهم عليه أحاذر..
وقالت في رثائه أيضا مستظهرة مناقبه وحزنها، ذاكرة الموت مترحمة عليه:
لنعم الفتى ياتوب كنت ولم تكن
لتسبق يوما كنت فيه تحاول..
ونعم الفتى ياتوب كنت إذا إلتقت
صدور العوالي واستشال الأسافل..
ونعم الفتى ياتوب جارا وصاحبا
ونعم الفتى ياتوب حين تناضل..
لعمري لأنت المرء أبكي لفقده
ولو لام فيه ناقص العقل جاهل..
فلا يبعدنك الله ياتوب إنما لقيت
حمام الموت والموت عاجل..
ولا يبعدنك الله ياتوب إنها
كذلك المنايا عاجلات وآجل..
ولا يبعدنك الله ياتوب والتقت
عليك العوادي المدجنات الهواطل..
إن (ليلى) التي توفيت في العام الخامس والثمانين للهجرة، لم يعرف تاريخ ميلادها على وجه الدقة، وإن رجح المؤرخون إنها ولدت في نحو العقد الثاني للهجرة، وتكون بذلك قد عاصرت بعض الخلفاء الراشدين، على أن سيرتها تركزت أكثر في العهد الأموي، حيث كانت لها أخبار مع الحجاج بن يوسف وعبد الملك بن مروان ومعاوية بن أبي سفيان. سألها عبد الملك بن مروان ذات مرة: ماذا رأى فيك (توبة) حتى عشقك؟! فقالت له: وماذا رأى فيك الناس حتى جعلوك خليفة؟! وقد سألها معاوية بن أبي سفيان لما وفدت إليه عن (توبة) إن كان حقا كما يصفه الناس بأنه قاطع طريق هتاك للعروض؟ فقالت: يا أمير المؤمنين ليس كل مايقول الناس حقا، والناس شجرة بغي، يحسدون أهل النعم حيث كانوا وعلى من كانت، ولقد كان (توبة) يا أمير المؤمنين سبط البنان، حديد اللسان، شجا للأقران، كريم المخبر، عفيف المئزر، جميل المنظر، وكان كما قلت فيه:
بعيد الثرى لا يبلغ القوم قعره
ألد ملد يغلب الحق باطله...
إذا حل ركب في داره وظله
ليمنعهم مما تخاف نوازله..
حماهم بنصل السيف من كل فادح
يخافونه حتى تموت خصائله..
فقال لها معاوية:
ويحك يزعم الناس إنه كان عاهرا خاربا فقالت مرتجلة:
معاذ إلهي كان سيدا
جوادا علي العلات جم نوافله..
عفيفا بعيد الهم صلبا قناته
جميلا محياه قليلا غوائله..
وقد علم الجوع الذي بات ساريا
على الضيف والجيران أنك قاتله..
وأنك رحب الباع ياتوب بالقرى
إذا مالئيم القوم ضاقت منازله..
ثم سألها معاوية: من أين الرجال هو؟ فردت مرتجلة:
أتته المنايا حيث تم تمامه
وأقصر عنه كل قرن يطاوله..
وكان كليث الغاب يحمي عرينه
وترضى به أشباله وحلائله..
غضوب حليم حين يطلب حلمه
وسم زعاف لا تصاب مقاتله..
كان الحجاج بن يوسف يقربها إليه، وكانت تمدحه وكان يشيد بها، وقل ما كان يشيد بأحد. سألها ذات مرة عن ريبة بينها وبين توبة فقالت: لا والله أيها الأمير عدا إنه قال لي ليلة وقد خلونا ظننت إنه قد خضع فيها لبعض الأمر فقلت له:
وذي حاجة قلن له لا تبح بها
فليس عليها ماحييت سبيل..
لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه
وأنت لأخرى فارع وحليل..!
في يوم موتها الدرامي خرجت من عند الحجاج وهي جزلى بعطاياه، ولم يكن الحجاج يظهر بشاشته ولا سماحته في الخلق إلا في اليوم الذي تدخل عليه فيه ليلى الأخيلية وحق له فقد زينت جيده بعقود نظم منمنمة من المدح قالت فيه ذات مرة:
أحجاج لا يفلل سلاحك
إنما المنايا بكف الله تراها..
إذا هبط الحجاج أرضا مريضة
تتبع أقصى دائها فشفاها..
شفاها من الداء العضال الذي
بها غلام إذا هز القناة سقاها..
سقاها دماء المارقين وعلها
إذا جمحت يوما وخيف أذاها..
إذا سمع الحجاج صوت كتيبة
أعد لها قبل النزول قراها...
فكانت الناس تقول: والله ما رأينا إمرأة أفصح وأبلغ ولا أحسن إنشادا من (ليلى) صاحبة (توبة).‎ وكان يصحبها زوجها عندما خرجت من عند الحجاج وبعض من قومها وهي تسير فوق هودجها، وعندما مر القوم بقرب قبر (توبة) طلبت أن تسلم عليه فمنعها زوجها، فقالت له: والله لا أبرح حتى أسلم على (توبة).
فلما رأى زوجها إصرارها تركها تفعل ماتشاء، فوقفت أمام القبر وقالت:
السلام عليك يا (توبة). ولكن هل ترد القول صم المقابر؟. فالتفتت ناحية قومها وقالت: ماعرفت له كذبة قط قبل هذه. وتعني أنه قال:
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت علي
ودوني تربة وصفائح..
لسلمت تسليم البشاشة أوزقا
إليها صدي من جانب القبر صائح..
فما باله لم يسلم علي. ولما كان القبر يرتفع في ربوة أرادت (ليلى) أن ترتقي إليه لتترحم عليه، وعندما اقتربت فزعت بومة كانت بجانب القبر، فطارت في وجه الجمل الذي اضطرب وأسقط (ليلى) من هودجها على رأسها، فماتت في الحال. ودفنت إلى جوار (توبة) فقال زوجها: رحم الله (توبة) فقد كان صادقا في حياته ومماته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الرحمن موسي ادريس
المدير العام
المدير العام
عبد الرحمن موسي ادريس


عدد المساهمات : 1830
نقطة : 12423
تاريخ التسجيل : 19/09/2011
العمر : 67
الموقع : مصنع سكر حلفا الجديدة
المزاج : مسلم/سنى

قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Empty
مُساهمةموضوع: قصص شاعرات جهرن بالعشق.........   قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Emptyالجمعة 30 ديسمبر 2011, 10:38 pm

حياك الله ياحبيب
وأنت تختار لنا الخيار من جميل المقال
والله كم هو جميل ذاك العشق العزرى
وكم هو سامى وشفيف وكثير على زماننا
الرمادى الأغبر...لايدركه إلا المسكونون
بالروعة أمثالك أيها الحبيب.. إصطفاء صادف
منى وقعاً لايمكن وصفه..بقدر ماهو وصفة سحرية
لإزالة الإكتئاب ...شكراً..شكراً...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر البهدير
مدير عام سابق
ناصر البهدير


عدد المساهمات : 3674
نقطة : 16598
تاريخ التسجيل : 30/01/2010
العمر : 55
الموقع : البحرين

قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت    قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Emptyالسبت 31 ديسمبر 2011, 12:08 am

هكذا اسعد دائما ما يحيل القاريء الى دفق من الشجن والحنين والواقع والى صدق الحياة ..
اتابعه بشغف منذ ان عرفته يكتب للصحافة السودانية فالرجل غزير في مضامين موضوعاته التي يختاره ...
بالفعل القصة مؤثرة تضعك بين فواصل لا تنتهي من الاشتهاء والانتظار على محطات الحياة التي لا ينضب معينها .. وكأنك في رحلة في اطراف بلادي وعتاميرها ورمالها وبحارها وجبالها واشجارها وانسانها ...
كان مزاجي رائقا جدا على نحو لا يوصف عندما مررت اليوم على هذه المادة .. تفحصتها بعمق ووقفت عليها واثارت في انتباهة كبرى وقلت لماذا لا اشرك اخواني واخواتي في هذا الثريد؟ وقد كان ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر البهدير
مدير عام سابق
ناصر البهدير


عدد المساهمات : 3674
نقطة : 16598
تاريخ التسجيل : 30/01/2010
العمر : 55
الموقع : البحرين

قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت    قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Emptyالسبت 31 ديسمبر 2011, 12:54 pm

عذرا لهذه التداخل .. ظرف اقتضاه مسألة التوضيح للاديب اسعد العباسي لذا كان لابد من الاشارة الى المادة الخاصة بوالده القاضي الطيب محمد سعيد العباسي والمنشورة ادناها ..
فقصة لقيطة التي تدور احداثها في النص اسفله جرت وقائعها بحلفا الجديدة وكانت تدور ما بين المحلج ومصنع سكر حلفا الجديدة كما سردها من قبل الاديب اسعد في حلقات متصلة قبل عامين تقريبا واتمنى ان احصل عليها لكى يتم الاطلاع عليها والوقوف على حيثياتها... وهى قصة واقعية لتلك الفتاة التي جاءت من القضارف الى حلفا الجديدة والتقت ذلك الرجل اللذي قتلته بعد أن كانت بينهم علاقة ...


الطيب محمد سعيد العباسي.. شاعراً
30-ديسمبر-2011- الصحافة - 6620
ابراهيم علي ابراهيم
ما أصعب.. وما أقسى أن يكون الشاعر قاضياً... فهو كمن كتب عليه أن يرمي في البحر وقالوا له إياك أن تبتل بالماء.. القاضي محاصر بتطبيق النصوص القانونية، والشاعر محاصر برقة وعذوبة اختصها به الخالق ليرى الأشياء على غير ما يراها الآخرون ولكن شاعرنا الطيب محمد سعيد العباسي حكم القضاء (الأكبر) عليه بأن يكون شاعراً وقاضياً.
ويحكي في قصيدة له أن قضية عرضت عليه تعبر عن مأساة انسانية، عكس لنا من خلالها البعد الوجداني أما البعد (القانوني) فالله أعلم به من بعده.
وملخص القضية ان فتاة لقيطة حنت لأن يكون لها بيت وأسرة بعد أن حرمتها الاقدار من العيش في كنف أبويها وأسرتها مثل كل البشر، فأحبت شاباً حباً جنونياً.. وأعطته كل ما تملك بعد أن وعدها بالزواج، لكن الحبيب خذلها وتخلى عنها ونعتها بما ليس لها فيه من ذنب فكتب الشاعر.. وهو يستبعد القاضي هنا:
«.. مولاي سامحني ولا تعتب
إذا ما خانني التعبير يا مولايا
واغفر إذا كدرت ساحة عدلنا بمقالة مشئومة كصبايا
ما ضر عالمنا إذا هو لم تكن فيه قرابين وفيه ضحايا
فتحت عيني في الحياة وحيدة ما قادني في دربها أبوايا..
أنا لم أجد أمي تهدهد مرقدي أو والدي حملت يداه هدايا..»
٭٭
عشت السنين طويلة وعريضة في نبع أحزاني وفيض رزايا
وشفيت من هجران أترابي وما أحلاهمو من صبية وصبايا
في ملجأ قذر وأدت طفولتي وسكبت في الطرقات نور صبايا
٭٭
وهكذا تستمر الجانية/ الضحية في سرد مأساتها...، التي استشف منها الشاعر أحد الوجوه الأخرى للحياة والتي قد لا يراها من تيسرت لهم سبل الحياة الطبيعية، ومن ثم تصف لقاءها بالحبيب الذي سيفتح لها أبواب الحياة، ويعوضها عن الطفولة والصبا وقسوة وظلم الحياة:
هذا مني قلبي وكنت عزيزة
ان الأماني بعضهن منايا
بعض الرجال وكان منهم سيدي
تخذ النساء موائداً وسبايا
ثم تصف حالها ومعاناتها بعد أن كشف لها وجهه الآخر كيف كان يضربها ويعذبها لينال منها، بعد أن فقدت عذريتها وكانت ما تزال تؤمل في زواجه منها، ولكن... لم يبق أمامها إلا خيار أوحد بعد أن كسر قلبها واستخف بمأساتها:
حتى إذا حان القضاء ولم يعد للصبر يا مولاي أي بقايا
أغمدت خنجره بصدر طالما سكرت لضمة زنده نهدايا
هذي هي الأقدار هل لي حيلة ان طاوعت اقدارهن يدايا؟
أنا لست مذنبة ولست بريئة فأحكم ونفذ ما ترى مولايا
٭٭
الشاعر الطيب محمد سعيد العباسي حفظ القرآن طفلاً بقرية الجيلي بضواحي الخرطوم، تخرج في كلية الحقوق بالقاهرة عام 1953م، عمل بالتدريس والمحاماة والقضاء.
شغل منصب المستشار القانوني للمجلس الاستشاري الوطني في أبو ظبي لعدة سنوات ومنذ العام 1979م.
يقول عنه الشاعر عبد القادر شيخ ادريس:
انه شاعر مشبوب العاطفة، مرهف الأحاسيس.. مترف المشاعر، جده محمد شريف كان أحد أساتذة الامام محمد أحمد المهدي، «محرر السودان».
ولأن شعره من السهل الممتنع وعرف بالرقة والجزالة تغنى بشعره بعض الفنانين ومنهم الفنان الطيب عبد الله أغنية (يا فتاتي ما للهوى بلد)، ويذكر الناس ان التلفزيون السوداني بث نداءً يدعو فيه هذا الفنان الحضور فوراً إلى التلفزيون... وكان أوانها الزعيم القذافي في زيارة للسودان وطاب له المقام في خيمته في ساحة القصر بقلب الخرطوم وطلب من التلفزيون بث هذه الأغنية وهي من كلمات الطيب سعيد العباسي تقول كلماتها:
يا فتاتي ما للهوى بلد كل قلب في الحب يبترد
وأنا ما خلقت في وطن في حماه الحب مضطهد
فلماذا أراك ثائرة وعلام السباب يضطرد
والفراء الثمين منتفض كفؤاد يشقى به الجسد
ألآن السواد يغمرني ليس لي فيه يا فتاة يد
ثم يسترسل:
سوف تنأى خطاي عن بلد حجر قلب حوائه صلد
وسأطوي الجراح في كبدي غائرات ما لها عدد
والده محمد سعيد العباسي من فحول الشعراء في السودان وان كان يورث الآباء كثيراً ملامحهم وبصماتهم لأبنائهم ولكن كما يقول الشاعر كمال عمار «إلا الشعر يا مولاي» لكن العباسي أورث ابنه وهو صاحب الدرر الغوالي مثل «عهد جيرون» واخوانها. ومن عجب أن له غنائية أخرى تغنى بها ذات الفنان الكبير الطيب عبد الله:
فارقتها والشعر في لون الدجى واليوم عدت به صباحاً مسفرا
سبعون قصرت الخطى فتركنني أمشي الهوينا ظالعاً متعثرا
من بعد ما كنت الذي يطأ الثرى زهواً ويستهوى الحسان تبخترا
٭٭
يا من وجدت بحبهم ما اشتهى هل من شباب لي يباع فيشترى
ولو انهم ملكوا لما بخلوا به ولارجعوني والزمان القهقرى
لأظل أرفل في نعيم فاتني زمن الشباب وفنه متحسرا
دار درجت على ثراها يافعاً ولبست من برد الشباب الانضرا
عروس الرمال
بعد القرشي
هذه احدى قصائده التي يرثي فيها صديقه الشاعر الكبير محمد عوض الكريم القرشي:
«.. طاب في ربعها الحبيب مقامي بين أهل وصحب كرام
ما مللت الثواء فيها وما سئمت روحي منها على مدى الأيام
أهلها الغرّ عثرتي وثراها كثرى قريتي وأرض فطامي
يا عروس الرمال جئتك أسعى من ورائي هوى وأنت أمامي
جئت أسعى وفي الفؤاد حنين دافق النبع باللظى والضرام
فسكبت الأمان في روحي الولهى ورويت لي فؤادي الظامي
من سهول الجنوب أرقب طيفاً منك يسري موشح بالظلام
وعلى وجهك الحبيب أرى الحزن مقيماً أرى فؤادك الدامي
لا أرى بهجة الحياة كما كنت أراها من قبل سبع وعام
أنكرت عيني الأنام فليسوا منذ ولى محمد بالأنام
يا سمير الحياة كنت رفيقي وصديقي وساعدي وحسامي
ولقد كنت في البيان فريداً وفريداً في اللحن والأنغام
كنت كالدوحة التي يفئ إليها مستجير من دهره أو ظاميء
ما أفاد الغداة صبري وما أطفأ دمع الأحزان دمعي الهامي
رب أنزل محمداً جنة الخلد وبارك هناك طيب المقام
الطيب محمد سعيد العباسي - جوبا 1972م

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علاء الدين حسن بخيت
مشرف سابق
مشرف سابق
علاء الدين حسن بخيت


عدد المساهمات : 625
نقطة : 10626
تاريخ التسجيل : 14/05/2011

قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت    قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Emptyالأحد 01 يناير 2012, 12:19 am

شكرا
الجميل ناصر وأنت دائما تبحث عن ما يسعدنا وتتحفنا بإختيارك الجميل الموفق فنقدر لك جهدك وبحثك من أجل ان تقدم لنا جميلا وجديدا ونتمنى من الله ان يجزيك خيرا فيما تبذله وتستقطعه من زمنك من أجل المصنع
فشكرا لك وأنت تكتب عن القامة الأدبية السامقة الشاعرأسعد الطيب ابن مولانا الطيب محمد سعيد العباسي
فالقصة الأولى والثانية تحكيا عن صدق مشاعر واخلاص تام فإختلافهما فى ان الأولى عبرت عن حبها بالبوح به شعراً وكان المحب يبادلها ذاك الشعور وكلاهما صادقين في حبهما أما القصة الثانية (اللقيطة نبيلة ) فكان عشيقها مخادعا لها فكانت نهايتها مأساوية اكثر من الأولى
على الهامش
بحكم الدراسة مازلت احتفظ بالنسخة الكاملة لوقائع قضية اللقيطة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر البهدير
مدير عام سابق
ناصر البهدير


عدد المساهمات : 3674
نقطة : 16598
تاريخ التسجيل : 30/01/2010
العمر : 55
الموقع : البحرين

قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت    قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت  Emptyالأربعاء 15 أغسطس 2012, 11:36 pm

قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت
قصة الشاعرة ولادة بنت المستكفي
بقلم: أسعد الطيب العباسي
ديباجة:‎
‏{هذه سلسلة نفصح من خلالها عن قصص مستوحاة من التراث العربي القديم لشاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت، ذلك الزمن الذي بدأت تسود فيه القواعد الشرعية على ما عداها من قواعد إجتماعية في مجتمع عرف في الأصل التقاليد الصارمة في أعراف قبلية عريقة، وقد عمدنا في هذه القصص إلى بيان سيرة أولئك الشاعرات وسيرة من عشقن، وإبراز قصص عشقهن الذي جهرن به في ثوب المعالجة الدرامية الصادقة مستشهدين بالشعر وبالوقائع التاريخية}.

‏(القصة الثالثة)
‏(قصة الشاعرة ولادة بنت المستكفي)
هي أميرة عربية وشاعرة معلاة من بيت الخلافة الأموية في الأندلس عرفت بفراشة العصر الأموي، لم يخبرنا مؤرخو الأدب عن تاريخ دقيق لمولدها وإن حددوا على وجه أقرب للدقة تاريخ وفاتها، فقد ذكروا أنها عمرت وماتت عن عمر يبلغ نحوا من ثمانين عاما، ما يكشف بعض الشيئ عن تاريخ مولد الشاعرة العاشقة ولادة بنت المستكفي، فهذه الأميرة الفائقة الحسن هي إبنة الخليفة المستكفي بالله الأموي الذي إستولى على الخلافة في الأندلس عن طريق المؤامرة والدسائس والدماء بعد ما كان خامل الذكر معروفا بالتخلف والركاكة ومشهورا بالشرب والبطالة، قال عنه أبو حيان التوحيدي: سقيم السر والعلانية، أسير الشهوة، عاهر الخلوة. وكأننا اليوم ياسادتي أمام نار تمخضت عن رماد فولادة التي عانقت الشعر والثقافة والظرف والجمال والحب والعشق بمآلات عجيبة صيرتها من أشهر النساء في التراث الأدبي العربي وتطاير ذكرها حتى أضحى إسمها مقترنا بكل من حولها أو إقترب منها ومنهم الشاعر إبن زيدون وهو أهم وأشهر عشاقها فقد عرف بصاحب ولادة رغم أن لقبه السائر هو ذي الوزارتين، وصار والدها المستكفي بالله يلقب بوالد ولادة على الرغم من أنه الخليفة، وحتى الشاعرة مهجة القرطبية التي لا تقل عنها حسنا وجمالا سمتها كتب التراث مهجة صاحبة ولادة. بعيد وفاة والدها وسقوط الخلافة الأموية في الأندلس فتحت ولادة أبواب قصرها لتتخذ فيه مجلسا أشتهر في قرطبة يؤمه الأعيان والشعراء ويتحدثون فيه في شؤون الشعر والأدب فكانت تساجلهم وتنافسهم وقد ورد في كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لإبن بسام قوله: كانت في نساء زمانها واحدة أقرانها، حضور شاهد، وحرارة أوابد، وحسن منظر ومخبر، وحلاوة مورد ومصدر. كان مجلسها بقرطبة منتدى لأحرار مصر وفناؤها ملعبا لجياد النظم والنثر يعشو أهل الأدب إلى ضوء غرتها ويتهالك أفراد الشعراء والكتاب على حلاوة عشرتها إلى سهولة حجابها تخلط ذلك بعلو نصاب وكرم أحساب وطهارت أثواب على أنها سمح الله لها وتغمد زللها أطرحت التحصيل وأوجدت إلى القول فيها السبيل بقلة مبالاتها ومجاهرتها بلذاتها كتبت زعموا على أحد عاتقي ثوبها:
أنا والله أصلح للمعالي
وأمشي مشيتي وأتيه تيها
وكتبت على الآخر:
وأمكن عاشقي من صحن خدي وأعطي قبلتي من يشتهيها
هكذا وجدت الخبر وأبرأ إلى الله من عهدة ناقليه وإلى الأدب غلط النقل إن كان وقع فيه.
علق المقري التلمساني في سفره المهم نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب على البيتين السابقين بقوله:
وكانت مع ذلك مشهورة بالصيانة والعفاف وقد شكك بعض الباحثين رغم ذلك حول خلقها وسلوكها وإن أقروا بشاعريتها وبجاذبية شخصيتها وحضورها وحسنها مظهرا وجوهرا. وشك هؤلاء الباحثون أصابنا فقد تراءى لنا التناقض الذي حمله قول بن بسام والمقري إضافة إلى ما وصلنا منها من شعر إباحي نعف عن ذكره هنا ولما وقعنا عليه من قول لإبن زيدن حول علاقته المثيرة بولادة وهو قول سنذكره في موضعه من هذا المقال. في مجلسها هام بها إبن زيدون وملكت عليه قلبه وتعلقت هي به وأحبته بعمق وجهرت بعشقها له إذا غاب عنها
تقول:
ألا هل لنا بعد التفرق سبيل
فيشكو كل صب بما لقي..
وقد كنت أوقات التزاور في الشتا
أبيت علي جمر من الشوق محرق..
فكيف وقد أمسيت في حال قطعه
لقد عجل المقدور ماكنت أتقي..
تمر الليالي لا أرى البين ينقضي
ولا الصبر من رق التشوق معتقي..
سقى الله أرضا قد غدت لك منزلا
بكل سكوب هاطل الوبل مغدق..
وإبن زيدون الذي ولد في قرطبة سنة 394 برع في الشعر كما برع في النثر إسمه أحمد بن عبد الله بن زيدون وقد تعلم في جامعة قرطبة التي كانت أهم جامعات الأندلس ولمع بين أقرانه كشاعر وكان الشعر بداية تعرفه بولادة بنت المستكفي فراشة ذلك العصر وبرز وزيرا عندما إنقطع إلى إبن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس حتى إتهمه إبن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه ولكنه هرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاه وزارة وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجلا مقربا إلى أن توفي في إشبيلية ذاتها في أيام المعتمد على الله بن المعتضد عن عمر بلغ نحو الثمانية والستين عاما بعيد إنجازه مهمة إخماد الفتنة التي ثارت بها وهو يعاني المرض ووهن الشيخوخة. كانت الأميرة ولادة بنت المستكفي بشاعريتها وألقها وجمالها الذي لم يقف حجاب بينه وبين ناظريها حري بأن يجعلها أميرة القلوب فوقع في حبها الكثيرون وكان أهمهم وأشهرهم إبن زيدون وأبو عبيد الله القلاسي وأبو عامر بن عبدوس اللذان كانا من أشد منافسي بن زيدون في حبها وقد هاجمهما إبن زيدون بقصائد لاذعة فانسحب إبن القلاسي ولكن إبن عبدوس غالى في التودد إليها وأرسل لها رسالة ليستميلها إليه فلما علم بها إبن زيدون كتب إليه رسالة على لسان ولادة وهي الرسالة المعروفة بالرسالة الهزلية التي سخر منه فيها وجعله أضحوكة على كل لسان عاش بن زيدون أياما سعيدة مع أميرة حبه ولادة وقد أفصح لنا عن بعض تفاصيل علاقته بولادة فقد جاء على لسانه قوله: كنت في أيام الشباب وغمرة التصابي هائما بغادة تدعى ولادة فلما قدر اللقاء وساعد القضاء كتبت إلي تقول:
ترقب إذا جن الليل زيارتي
فإني رأيت الليل أكتم للسر..
وبي منك ما لو كان بالبدر ما بدا
وبالليل ما أدجى وبالنجم لم يسر..!
فلما طوى النهار كافوره، ونشر الليل عنبره، أقبلت بقد كالقضيب، وردف كالكثيب، وقد أطبقت نرجس المقل على ورد الخجل، فملنا إلى روض مدبج، وظل سجسج، قد قامت رايات أشجاره، وفاضت سلاسل أنهاره، ودر الطل منثور وجيب الراح مزرور، فلما شببنا نارها، وأدركت فينا ثارها، باح كل منا بحبه وشكى أليم مابقلبه، وبتنا ليلة نجني فيها أقحوان الثغور ونقطف رمان الصدور، فلما انفصلت عنها صباحا أنشدتها ارتياحا:
ودع الصبر محب ودعك
ذائع من سره ما استودعك..
يقرع السن على أن لم يكن
زاد في تلك الخطى إذ شيعك..
يا أخا البدر سناء وسنا
حفظ الله زمانا أطلعك..
إن يطل بعدك ليلي فلكم
بت أشكو قصر الليل معك..
ولعل قول ابن زيدون هذا ومابه من تصريح واعتراف مقروء مع ماجاء في بعض شعر ولادة في إبن زيدون الذي كان مشوبا بتلميحات جنسية هو ماجعلنا نميل إلى رأي من شكك في إدعاءات بعض المؤرخين الذين وصفوها بالصيانة والعفاف وقد رأيناها قبل قليل إلى صدر عاشق ترتاح وهي ترشف الراح. لم تدم السعادة بين الأميرة والوزير كثيرا فقد عصفت بها حادثة عجيبة حكاها إبن زيدون نفسه إذ قال: غنتنا عنبة وهي جارية سوداء جميلة تملكها ولادة في مجلس ولادة. وكانت تقول:
أحبتنا إني بلغت مؤملي وساعدني
دهري وواصلني حبي..
وجاء ليهنيني البشير بقربه
فاعطيته نفسي وزدت له قلبي..
فسألتها الإعادة بغير أمر ولادة فخبا منها برق التبسم وظهر منها عارض التهجم وثارت غيرتها وقامت إلى جاريتها وعنفتها وضربتها. فقال ابن زيدون في ذلك:
وماضربت عنبى لذنب أتت به
ولكنها ولادة تشتهي ضربي..
فقامت تجر الذيل عاثرة به
وتمسح طل الدمع بالعندم الرطب..
ثم بعد ذلك يصف لنا إبن زيدون تأثير غضبها وموقفها وذلك حين يقول: فبتنا على العتاب، في غير إصطحاب، ودم المدام مسفوك، ومأخذ اللهو متروك. وهكذا إنهار ذلك الحب وبالحبر على ورق الكافور كتبت ولادة لإبن زيدون أبيات شعر تصف تلك الواقعة التي عصفت بحبها وهي تقرر هجره وتظن كل الظن أن إبن زيدون قد هوى جاريتها تقول فيها:
لو كنت تنصف في الهوى مابيننا
لم تهوى جاريتي ولم تتخير..
وتركت غصنا مثمرا بجماله
وجنحت للغصن الذي لم يثمر..
ولقد علمت بأنني بدر السما
لكن دهيت لشقوتي بالمشتري..
ولكيما تحرق قلبه اتخذت ولادة من عامر بن عبدوس حبيبا فتآمر بن عبدوس على إبن زيدون حتى يبعده عن ولادة التي لم يزل يروم دنوها ولما أهدر دمه فر بجلده من سجنه إلى إشبيلية ومن هناك كتب إليها قصيدته النونية ذائعة الصيت جاء في بعضها:
أضحى التنائي بديلا من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا..
ألا وقد حان صبح البين صبحنا
حين فقام بنا للحين ناعينا..
من مبلغ المبلسينا بإنتزاحهم
حزنا مع الدهر لا يبلى ويبلينا..
إن الزمان الذي ما زال يضحكنا
أنسا بقربكم قد عاد يبكينا..
غيظ العدى من تساقينا الهوى
فدعوا بأن نغص فقال الدهر: آمينا..
فانحل ماكان معقودا بأنفسنا
وأنبت ماكان موصولا بأيدينا..
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم
رأيا ولم نتقلد غيره دينا..
ما حقنا أن تقروا عين ذي حسد
بنا ولا أن تسروا كاشحا فينا..
كنا نرى اليأس تسلينا عوارضه
وقد يئسنا فما لليأس يغرينا
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
شوقا إليكم ولا جفت مآقينا..
يكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضي علينا الآسى لولا تأسينا..
حالت لفقدكم أيامنا فغدت
سودا وكانت بكم بيضا ليالينا..
إذ جانب العيش طلق من تآلفنا
ومورد اللهو صاف من تصافينا..
وإذا هصرنا غصون الوصل دانية
قطوفها فجنينا منه ما شينا..
ليسق عهدكم عهد السرور فما
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا..
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا
أن طالما غير النأي المحبينا..
والله ما طلبت أهواؤنا بدلا
منكم ولا انصرفت عنكم
أمانينا..‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
القصيدة طويلة وتعبر عن حالة شجن وأسى غائر وقد ضربت بسهمها في الإبداع وأصابها الخلود. عاشت ولادة كما عاش محبها الوزير أبي عامر بن عبدوس عمرا نيف عن الثمانين، وقد ظل محروما لا يتواني عن طلب وصالها حتى أزرى بها الزمان، فظل يتحمل مسؤوليتها، ويستر عيوب كبرها وحاجتها ماديا ومعنويا، يحمل كلها، ويرفع ظلها، رغم ماكان عليه واديه من جدب وقحط، تاركا للتاريخ سيرة حسنة وفعلا ظريفا. ظلت الأميرة ولادة طيلة حياتها العامرة بالسنين قمرا يطلع ويأفل في عيون خطاب ودها، وشمسا تشرق وتغيب في خيال عشاقها، إلى أن ماتت سنة ثمانية أو قيل أربع وثمانين وأربعمائة للهجرة ولم تتزوج قط تاركة خلفها قصة يستلهمها الشعراء والعشاق ويسلك في غورها الأدباء والكتاب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصص شاعرات جهرن بالعشق في زمن الصمت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة  :: المنتديات الادبية :: الشعر-
انتقل الى: