تاريخ الحركة الإسلامية في السودان بقلم امين حسن عمر، يشخص بل يشرح شخصية جعفر شيخ ادريس مقابل شخصية الترابي. وفيها يستعرض الكثير من الحقائق التي تعتبر حقا مرجعا لمن يود أن يعرف الخطوط الرئيسية للحركة الإسلامية في السودان بشكل مختصر.
لكن الغريب أن معظم تلاميذ الشيخ الترابي لم يلحظوا بل لم يفهموا قضية جوهرية في فكر شيخهم، حتى امين حسن عمر الذي لا يرى في صورة ذاته سوى الذات المفكرة فشل في فهمه، وكان لصيقا بالترابي كمدير مكتبه، لذا أتهم الشيخ الترابي خطأ بأنه يلتهم أبنائه وكأنه شره للسلطة. فما هي هذه المسألة الجوهرية؟ ودليلنا لعدم فهمهم للشيخ، أن معظم تلاميذ الترابي يصفون أنفسهم بالأخوان، وهذا فهم قاصر وفاضح. رغم أن شيخهم لا ينتمي لخط حسن البنا، فمثلا أمين حسن عمر يحرص عند ذكر إسم حسن البنا أن يردف قوله برحمة الله عليه! نعم الرحمة للجميع، ولكن لا نجدهم عند ذكرهم للأفغاني يقولون...رحمة الله عليه، رغم أن ما فعله الأفغاني يفوق ما فعله البنا عند مقارعة الرجال..لكن البنا تفوق عليه بحصوله على التمويل! فكيف نشأ هذا الإحترام لحسن البنا؟ وكيف نشأ الخلط أو عدم الفهم، وكيف يتسنى لأمين حسن عمر في مناقشته لجعفر شيخ ادريس أن يدعي فهمه للشيخ بشكل افضل!!
ففي 1979 فصل الدكتور الترابي عصام البشير وصادق عبد الله عبد الماجد من الحزب لذا تجدهما يحقدان على شخص الترابي بشدة، ومن يفهم أبجديات دينه لا يعجز عن فهم هذا الفصل، ولعل ظاهر الأمر أن الفصل هو بلحاظ المسائل التنظيمية، فهذا غير صحيح، وبما أنني رأيت عصام وسمعته سنأخذه كمثال، فهو يحفظ ويردد كتب التراث الإسلامي بغباء ودون أن يدري يلعب دور ال publicity machine للسلفيين، ورغم إدعائه أن الفقه هو الفهم، فهو أبعد من فهم حقيقة دينه، وبذلك أسقطه الترابي بل ربما رأى فيه شخصا مؤذيا على حركته التجديدية. ولقد لخص المحامي محمد علي المتوكل الترابي في كلمات لم يلحظها كافة تلاميذه، وهي مفتاح فهم فكر الترابي ومنهجه، قد يكون البروفيسور حسن مكي لقط الإشارات من شيخه، ولكنه نفسه تهرب منها ودليلنا هي قصتة مع حادثة حديثه عن عثمان بن عفان. فماذا قال المحامي المتوكل: وفيما بعد رأى بقية الأخوة الاستجابة لمناشدات الداعين للقاء مع الدكتور الترابي، وتم اللقاء وفيه بدا الدكتور معترضا على ما اتخذ ضدنا من إجراءات حركية من قبل المسؤولين بالجامعة، كما أبدى تفهماً لمواقفنا الفكرية والعقائدية مؤكداً أن الحركة الإسلامية إطار جامع ويتسع لجميع الانتماءات الفكرية والمذهبية طالما كانت صادرة عن الإسلام، كما أكد على رؤيته الخاصة (اللامذهبية في الإسلام) هذه الرؤية التي ما فتئ يرددها حتى الآن، معلناً أنه غير شيعي وغير سني، كما اتفق مع الاخوة على أكثر آرائهم في التاريخ، وقال أنه لا يرى وجود ما عرف بالخلافة الراشدة على هذه الإطلاق، وعن الصحابة قال أنه لا يؤمن بعدالتهم المطلقة مؤكداً تفاوتهم في درجات الإيمان بين مؤمن خلص إيمانه ومنافق مرد على النفاق، وقال إن من الصحابة من ولى الدبر في ميادين القتال بصورة لا يمكن أن تصدر اليوم عن شباب الحركة الإسلامية. هذه الكلمات هي مفتاح شخصية الترابي، وهي منهجيته، وهي التي وضعته في فوهة مدفع السلفيين الخليجيين، وأذنابهم الأخوان المسلمين - خط حسن البنا..وكل من أتسم بعدم الموهبة فتمسك بكراهيته للشيخ. نترككم لقراءة تاريخ الحركة الإسلامية السودانية. نواصل