عبد الرحيم ذو النون عضو جديد
عدد المساهمات : 16 نقطة : 10624 تاريخ التسجيل : 24/05/2010 العمر : 33 الموقع : الخرطوم المزاج : garfan
| موضوع: الزير اللعين الجمعة 22 يونيو 2012, 2:36 am | |
| الزير اللعين- قصة قصيرة في ذكرى أيامٍ تعبه, ككل من زارهُ الفراغ ليزور, السماء صافيةٌ في بلادٍ كانت الثقةُ فيها آخر ما يُشترى, الجميع ماتوا أو ناموا, لا أعرف, فرَجُل التبرعات يطرق الباب بشدة في ذلك البيت المُتحول من دون تحول, لا احد يستجيب, يزيد الطرق لكن دون جدوى تصبَّب عرقاً شَتَمَ كلَّ من يعرفهم فكَّر في الرجوع إلاَّ أنه لا يستطيع أن يترك ما جاء من أجله. من دون سابق إنذار وبعد انتظارٍ طويل تخلله بعض اليأس جاءه شاب كان قضى عهداً طويلاً خارج القرية وقد عاد لتوِّه, سلّم عليه لم يكن صاحب المنزل ولكنه كان يعرف أصحاب المنزل عن ظهر قلب, وفي ذهنه ذلك الجشع والبخل الذي تمارسهُ صاحبة المنزل وتمتاز به عن سائر أهلِ القرية. شكر الرجل ذلك الشاب على شعوره النبيل تجاهه وطلب منه أن يشعِر أهل المنزل بأن رجل التبرعات بالخارج يريد نقوده, دخل الشاب الوقور إلى المنزل استقبلته صاحبة المنزل وفي يدها إناءً مليئاً بالبصل حيَّته بسذاجة وبغض كريهين وكأنها لا تعرفه, غضب منها الشاب غضباً شديداً, لكنة تمالك نفسه وظهر أمامها وكأنة ذلك الملاك الطاهر الذي لا يغضب. بعد صمت طويل أخبرها بأن رجل التبرعات بالخارج يريد نقوده, فالمرأة لا تعرف عن رجل التبرعات شيئاً, صمتت المرأة لبضع دقائق وواصلت في تقطيع البصل, وبطريقة مباغتة أخرجت من محفظتها نقوداً من كل الفئات اختارت منها ورقة نقدية قيمتها عشرة جنيهات أعطتها للشاب وأخبرته بأن يعطي رجل التبرعات ما يريد ويرجِع باقي النقود إن تبقى منها شيء, لفت إنتباهها إلى أن المبلغ كثير وأن الرجل الذي بالخارج لن يحتاج أكثر من جنيهين, ألحت المرأة على الشاب أن يعطي الرجل المبلغ ويخيره في القيمة التي يريدها, تعجب الشاب جداً من الكرم الفائض الذي جادت به تلك المرأة, فهو يدرك بأن تلك المرأة من أبخل نساء القرية وأن المبلغ المطلوب مهما كثر فلن تصل قيمته لهذا الحد, هذا وان كان أصلا هناك وجه حق لجبايته! أخذ الشاب النقود ليعطيها للرجل بالخارج وهو مندهشاً من هذا الدرس التاريخي الذي مثلته هذه المرأة البخيلة في الكرم, وبينما كان يهّم بالخروج من الباب وقع نظره على (زير) يقبع وحيداً ناصية المنزل. حمل الشاب الزير دون مبرر! فعلى الرغم من أن الزير كان فارغاً إلا أنه كان ثقيلاً جداً, حمل الشاب الزير وعندما وصل إلى الباب سأل المرأة: هل تستعملين هذا الزير؟ هزت المرأة رأسها بالنفي, إبتسم الشاب ابتسامه فيها الكثير من اليأس وخرج. خرج الشاب من المنزل حاملاً الزير, ولكنة تفاجأ بعدم وجود رجل التبرعات, فاخذ يلهث في الشوارع المجاورة عله يجده وهو يحمل الزير لكن دون جدوى. وأخيراً نظر في نهاية القرية فإذا برجل التبرعات ومعه أحد الأشخاص يسيران في الطريق المؤدية إلى خارج القرية فأخذ يصيح: يا رجل التبرعات,,,,يا رجل التبرعات,,,, فرجل التبرعات يمضي دون أن يوليه أي اهتمام وبعد الكثير من الصياح المؤلم أنزل الشاب (الزير) على الأرض وبدأ يصيح بصوت أعلي وذلك بعد أن غير طريقة مناداته بـ:يا رجل التبرعات ألا تريد نقودك؟ حينها توقف الرجل ولكن من كان معه لم يتوقف ومضى في طريقة دون أن يلتفت خلفه. بعد أن تأكد الشاب من أن الرجل قد سمع مناداته وأنه الآن في انتظاره, أخذ (الزير) من على الأرض ووضعه على كتفه ثم على رأسه ولكنه سرعان ما أنزله على الأرض مرة أخرى؛ فهذا الشاب يتوهم بأنه إن وضع الزير على كتفه أو على رأسه أو حتى إن احتضنه احتضاناً سينكسر, لذلك ليست أمامه سوى طريقة واحدة لحمل الزير حتى يصل معافى وسليم وهي أن يحمله أمامه كأنة يداعب طفلاً صغيراً؛ بحيث تكون ذراعاه ممدودتان بصورة موازية للأرض, وملامسته للزير تكون فقط بكفيه وفي اعلي نقطة للزير فهذه هي الطريقة المثلى والأنسب حسب أوهامه الغريبة, بدأ يسير سيراً مضنياً نحو الرجل؛ فحْمل الزير بهذه الطريقة مؤلم, ولكن إقناعه لنفسه بحمل الزير كان الوقع الأكثر إيلاماً خصوصاً وأنه حمله من دون مبدأ ولا علاقة له بذاك الرجل ! بعد شقاء ومكابدة وعناء وصل الشاب حاملاً (الزير) إلى نهاية القرية حيث يقف رجل التبرعات, وبمجرد وصوله وضع الزير على الأرض وبدأ يعاتب رجل التبرعات على ذهابه من دون أخذ النقود, ولكن رجل التبرعات كان يرد عليه بأنه مرتبط بالتزامات اُخرى, أعطى الشاب النقود للرجل, وبالمقابل أخرج الرجل دفتراً كبيراً سجّل فيه قيمة ما أخذ وكان جنيهاً واحداً, ثم أعطى القلم للشاب ليقوم بالتوقيع على هذه الوثيقة المهمة. ففعل!! في هذه الأثناء كان رجل التبرعات يبحث عن المبلغ الذي أعطاه إياه الشاب قبل قليل ولكنة لم يجده, سأل الشاب عله يكون قد نسي إعطاؤه المبلغ, لكن الشاب أكد له بأنه أعطاه المبلغ, فأخذ يهمهم همهمة متتالية وهو ينظر للأرض( تُرى أين ذهبت النقود...؟), تحدث إليه الشاب بثقة زائدة قائلاً: ابحث عنها في جيبك فأنا متأكد من أنني أعطيتك إياها. بحث رجل التبرعات عن النقود في جيبه وتفاجأ بوجودها هناك, أخرج النقود وإعتذر للشاب إعتذارا طويلاً وبدأ يشتم مهنته التي دائماً ما تدخله في مثل هذه المواقف, ثم أرجع للشاب ما تبقى من نقود وانصرف ليلحق بزميله الذي واصل في طريقه دون توقف... حمل الشاب زيره اللعين وفي وجهه علامات التعب والفتور وهو يصدر صوتاً بائساً ولكنه سرعان ما انزله على الأرض وبدأ ينادي على رجل التبرعات الذي لم يبتعد كثيراً.. التفت الرجل للشاب بتذمر وعنت ولسان حاله يقول: (ياخ دا كان ما جنيه؟). تقدم الشاب نحو الرجل وطالبه بإرجاع باقي النقود. تبًسم الرجل وإعتقد أن الشاب يريد أن يداعبه قليلاً في ذلك الجو الساخن جداً وأنصرف, أثار هذا التصرف حفيظة الشاب مما جعله يصيح بصوتٍ عالٍ في الرجل وأنه يعي تماماً ما يقول, وبدأ الشاب يتوعد ذاك الرجل ويلقي علية سؤالاً واحداً كرره عدة مرات: ألا تريد أن تعيد إليّ نقودي؟ لم يستطع رجل التبرعات أن يقول شيئاً غير أنه أعاد النقود, فجلس على الأرض وأجلس معه الشاب وبدأ بإقناعه بأنه أعاد إليه النقود, فرجل التبرعات يتحدث بطريقة فيها الكثيرمن الخوف والقلق من ذاك الشاب الذي إحْمَرَّت عيناه, ولم يتحدث أبداً بعد جلوسه على الأرض. تحدث الرجل كثيراً وختم حديثه للشاب قائلاً: ابحث عنها في جيبك فستجدها بأذن الله, بدأ الشاب بالبحث في جيبه فوجد باقي المبلغ أخرجه وشكر رجل التبرعات شكراً جميلاً وتعانقا عناقاً طويلاً وبكيا لا أدري لماذا بكيا, بكيا من دون سبب يذكر والزير قابع على الأرض يتابع هذه اللحظة الحزينة بشغف. إنصرف رجل التبرعات ليلحق بزميله الذي آثر الرحيل وهو ينتظره تحت ظل شجرة وريفة بعيدة جداً من القرية, وبدوره حمل الشاب الزير بتلك الطريقة العجيبة الغريبة والمملة نوعاً ما, متجهاً نحو القرية فأمامه طريق طويلة جداً من التعب والعناء...
عبد الرحيم ذوالنون مصنع سكر حلفا 2009 | |
|
عبد الرحمن موسي ادريس المدير العام
عدد المساهمات : 1830 نقطة : 12423 تاريخ التسجيل : 19/09/2011 العمر : 67 الموقع : مصنع سكر حلفا الجديدة المزاج : مسلم/سنى
| موضوع: رد: الزير اللعين الجمعة 22 يونيو 2012, 8:35 am | |
| أهلاً بعودة المبدع... وبالنص الرمزى الفخيم... لاتقطع سيل الإبداع ياشفيف... أنشر حروفك وبرد جروحك... | |
|
منى احمد عضو نشيط
عدد المساهمات : 144 نقطة : 10318 تاريخ التسجيل : 03/01/2011
| موضوع: رد: الزير اللعين السبت 23 يونيو 2012, 9:57 am | |
| قصه طريفه عبد الرحيم ذو النون امتعتنا | |
|
عوض احمد ادريس مشرف سابق
عدد المساهمات : 1205 نقطة : 11145 تاريخ التسجيل : 07/11/2011 الموقع : امدرمان المزاج : سودانى
| موضوع: رد: الزير اللعين الثلاثاء 03 يوليو 2012, 8:52 pm | |
| ان الابداع هو الابداع يصل اليك دون عناء هل قراءت لعبدالرحيم ذو النون هكذا داعبنى صديقى الذى اجادله ويجادلنى فى الادب والثقافه بكل انواعها عبد السلام الجابرى له التحيه وكم كانت الامنيات باللقاء بشخصك المتفرد وهذ هو الذى جعلنى الهث من امدرمان الى اللفه ولكنها الاقدار اما بخصوص هذه التحفه فهذا بيننا ايها المبدع وسنلتقى فى حضرة المبدع الاخر عثمان على ايها الرائع
| |
|
سامر صلاح مشرف سابق
عدد المساهمات : 299 نقطة : 9714 تاريخ التسجيل : 12/03/2012 العمر : 35 الموقع : بنغلور ــ الهند
| موضوع: رد: الزير اللعين الأربعاء 04 يوليو 2012, 12:27 pm | |
| ذوالنون الوقت يداهمني الان....... لكني علي امل ان التقيك في وقت اوسع | |
|