صف العرب ..

موضوع: صف العرب .. الثلاثاء 15 يناير 2013, 2:00 am

صف العرب ..
ساقتني خطاى حتى عدسة كاميرتي مضت بجنون وعانقت أفق المكان بلا حدود إتساقاً مع عربدة أشواقي حين غمرني هسيس وعبق المكان ودعاشه وذكرى أيام غائرات شغفن وشغلن الفؤاد حتى إشعار رحيلنا..
صورة واحدة علقت بذهني .. تسمرت أمامها ولم أجد غير الدموع خير معين للتعبير عن مكنون تلك الأيام .. وقفت على ذكرى تفاصيل أوراقها وظلالها الممتدة وخضرتها ورائحتها الزكية التي كانت تملأ اقطار المكان حتى مكان جلوس عمي الصادق الزين متعه الله بالصحة والعافية وخالتي الراحلة سعاد رحمة الله عليها وهم بين البنيات .. نجاة وندى والحرم متعهن الله بالصحة والعافية ..
إنها العرديبة ولا غير .. أجمل الكائنات الحية التي منحتنا فرصة أن نمضي في الحياة في حى خمسين بيت .. شجرة إمتدت بعمق علاقاتنا كجذورها الممتدة في جيوب الأرض وبقربها نهلنا وعبينا كؤوس الحياة والفة الناس ودماثة خلق الذين نحبهم حد الجنون ..
وصورة أخرى جسدت عمق علاقتي بعمي واخي يوسف عبد الرحمن كتائب .. صورة بانت لي من بين الدمع الهتون وخطواتي المثقلة والمتعبة التي تتمنع عن الدخول في غياب صديقي الجميل .. هميت بالتراجع عند الباب حتى لا أخزل نفسي .. تجاسرت وتماسكت حتى وقفت على الشجرتين .. أشجار الدمس التي كانت تغطي المكان وجدتهما في أناقة أخرى لم تشبه لي تلك الأيام التي محضتنا سطوة جلوسا نبيلا وسط (كبابي عثمان حسين) وبراد الشاى يأخذ مكانه الطبيعي في تلك المساءات العبقة او تكون جلسات القهوة الممتدة بألق وطيبة خالتي محاسن أم طارق .. إنه الشجن الكثيف حين يتلف كشعيرات جذور الشجرة ويمضي في جب القلب الحزين .. وخرجت واقفاً .. حال لم أعهده من قبل طيلة عشرتي بتلك الأسرة واصطفيت دفقات المحاجر واكتفيت..
مشهد آخر .. بيت عمنا الراحل الطيب حسن الشيخ شاويش.. بيت لم يكن عاديا عندي خاصة أوان سنوات الدراسة وما بعد ذلك .. ومضيت بذكرياتي الجميلة فيه واحتفيت بطريقة خاصة حين غضيت بصري في أن أطول محياه النبيل والوسيم في غياب أهله ..انه الشجن النبيل ..
واه من الكدوس وصاحبه وكرسيه .. الدار مقفرة وموحشة كأعشاب النال والعدار في غياب العم الجميل وفاكهة صف العرب القطب الاحمر والصريع بنجم السعد والذي كان يلهب حماسنا واكفنا بالتصفيق للمريخ العظيم .. العم احمد دفع الله .. أحزنني أن ظل عمود الكهرباء لا يجد من يؤانسه ويبدد وحشته في غياب صديقه الوفي ..
وفي تلك الدار .. غاب أجمل الناس فينا .. صاحب النكتة وفلفلها الأخضر الذي لا تموت بذور لطافته وظرفه وأدبه ووقاره حين تمضي في رحابه .. رجل خبرناه طيباً ونبيلاً لا يشبه الناس وقتئذ ونحن كاصدقائه .. انه البهاء وقت ان يبرك بشخصا محبوبا مثل ذو النون وكفى ..
وفي مدخل الشارع ومنعطفه أروع الناس ... صاحب البال الندي والخلق الرفيع والصمت المهيب .. العم عبد الله خالد .. لن أزيد والعم في مقام والدي لم أراه يمد يده ولسانه لأحد رغم عواتي ومحن الزمن اللئم .. منحازا لبساطته ودراجته الهوائية حتى غادر الى المعاش مبسوطا وقنوعا ..
وفي البال عمي الطيب عثمان من أرومة أخرى ورفيقة دربه ثريا ميرغني الذين غابوا عن المكان وتداعوا في أنحاء السكر ولكن تبقى سيرتهم العطرة بين الناس خير ضمادة للظروف التي فرقتهم في بقاع شتى ..
وأيضا طيب الذكر الراحل عمنا عبد الرحمن أحمد سليمان ورفيقة دربه الراحلة سعاد رحمة الله عليهم.. لا زال سمت ومهابة عمي عبد الرحمن باقية فينا لا تغادر .. ولا يمكن لنا في حضرته أن نصنع شيئاً يخالف الأدب والدين والقيم والاعراف ..
وفي طرف الشارع الآخر والمقابل لبيت عمنا عبد الله خالد .. سمقت شجرة كبرى وفاح عبير شذاها وطيبها وغمر الجميع .. بيت الطبابة الشعبية وبيت عرفناها منذ صغرنا ..(عندك فكك تمشي طوالي بيت ناس مسكة) .. رحمة الله عليك عمي محمد على عبد القادر ورفيقة دربك الحنونة خالتي مسكة متعها الله بالصحة والعافية ..
وبيت آخر .. سمقت فيهو حكاوى البطانة وقصص تمتد برائحة البن والكرم الحاتمي بين تبر الشكرية ومطرها الدافق .. بيت عرفنا من خلاله إن حركة كل السيارات التي تعمل في المصنع تدار منه واليه وفيه شهدنا كل حلول لحركتنا أينما كانت خاصة البعيدة عن المصنع .. بورقة صغيرة من الراحل المقيم شيخ العرب إبراهيم عوض الكريم تكفي لتقطع وهاد البلاد ..
وقصص البيوت لا تنتهي في هذا الشارع المتخم بالجمال .. العم سيد عبد الوهاب واحد من قدماء الناس الذين أجزلوا العطاء الوفير للمصنع في شتى المجالات .. رجل قلبه معلق بالمصنع للحد البعيد .. قال لي ذات يوم في لحظة عشق صادق: "نحن عشنا في المصنع اكتر بكتير مما عشنا مع أهلنا . بعد يدونا المعاش نمشي وين نقبل تاني".. بالفعل لم يستطع مغادرة محيط المصنع وظل قريبا مرابطا منه في القرية 18 اسكان ..
للمساءات طعمها الخاص وانت حضوراً بين ألطف الناس عشرة وجيرة وابتسامة .. مع الصغير صغيراً ومع الكبير كبيراً قلما تفرزه وسط الحشد الذي يكون قائده دوماً وهكذا عرفناه منذ أن وطئت قدماه الشارع بشوشاً وأنيقاً في كل شيء حتى في طريقة سلامه ودخوله القلوب والبيوت قدر لحى خمسين بيت هذه الرحمة المزجاة والنعمة المهداة الكبيرة..
نعم الأب والأخ والصديق والزميل .. والنخلة التي منحت الناس كل خيرها وثمارها بكل حب ومودة وعلى ظلها الوافر تجلت معانى الأخاء والعشرة والانتماء والانسانية حين عبر عنها الجميل دوماً فاكهة المجالس الأخ والعم الشفيف كمال على .. متعك الله بالصحة والعافية يا ابو ريم ..
ولأننا لن ننسى .. هنالك أيضاً الحمش وصاحب الذوق الرفيع والاستقامة الوافرة ورجل العمل العام الأخ عبد الحميد عبد القادر رغم قصر المدة التي قضاها الا أنه أضحى محورياً في الحى والشارع ..
دوما يلتقيك ببسمته المريحة وضحكته الغريرة وقلبه الأبيض لا ينفك أن يعيطك من أريج محياه النبيل قبل أن تمنحك أياديه الكثير .. انه الشمعة التي إتقدت بليل عاصف وممطر وانارت الطريق للجميع ..
خضر النور النورس الذي غاب فجاءة وغادر على عجل إلا أنه بقى موفور الذكر بين الناس إلى حين عودته إلى ساحل جناب المصنع الكبير كما أحلم بذلك وبعودة كل النوارس التي صنعت هذا الجمال ..
والذي لم يغب عن بالي أبداً .. شاب أنيق قدم من زرقة وسار بذكره الحى والصف ..كان مختلفاً عنا في كل شيء وخاصة واننا (دقة واحدة كأعواد الثقاب) صنعة الوظيفة والبيوت التي تتشابه كعلب الكبريت ..
جاء خالد محمد خالد المشهور بـ(خالد زرقة) فينا بمحياه البسيط والوريف وصنع منا علاقات مختلفة ومتعددة وشكرا للعم عبد الله خالد الذي وهبنا هذا الجمال والارث الكبير ..
ومثله كان غانم بخيت الشيخ خال معتز الطيب حسن الشيخ (محنة).. القادم من بطون ابو قوتة ..اختلف عن جيله في كل شيء والصبي موفور على الشدة ومغالبة الشدائد وصرعها حتى بات بين الجميع مشهوراً ..
مشاهد كثيرة - عشتها في يونيو الماضي بـ(صف حى العرب) بخمسين بيت - عادت بذاكرتي إلى عشرات السنين التي إنسربت ونحن وقتها لم نشب عن الطوق حيث كنا نرعى ألعابنا مثل هؤلاء الصغار .. الخريف أجمل الفصول التي تمنحنا ألقاً وعبيراً وطعماً للحياة .. لا نغيب عن (موية المطر) مهما كانت الظروف وفيها يكون مقيلنا النهاري الباتع ..
من منا لا يعرف (صف العرب نوارة الفريق) وأقران وأصدقاء لنا قضينا بينهم أجمل وأزهى سنوات العمر .. الحديث عن الشارع يتطلب دفاتر عن تلك الخوالي التي مرت .. ولكن أدع الحديث للصور وأصدقاء حتما سيعبرون ويكتبون عن تاريخ الشارع الجميل وعن أهله ..
بينكم الجميل وأخي ورفيق الروح نبيل الصادق الزين ابن أمي سعاد رحمة الله عليها وهنا المبتدأ وليس المنتهى.. هنالك طارق ومحمد واشرف يوسف كتائب اولاد خالتي محاسن، وعثمان الطيب ود ثريا خالتي، وعبد الرحيم ومحمد عثمان ومنار ذونون، وعمر وعمار احمد دفع الله، واحمد ومعز عبد الرحمن احمد سليمان اولاد خالتي سعاد رحمة الله عليها والشفيع محمد على عبد القادر ود مسكة وعوض الكريم ابراهيم عوض الكريم ومصطفى سيد عبد الوهاب ود خالتي آسيا.. واخرون الآن على أرض الواقع ..
حتما سنقرأ إفادات مهمة وشهادات حية وتاريخ تليد عن فخامة هذا الشارع واهله الحنان والكرماء ...

صف العرب .. 317d0sp

موضوع: رد: صف العرب .. الجمعة 18 يناير 2013, 2:31 pm

ابداع وروعه ووفاء نادر الوجود لمعلم من معالم المصنع التى اصابتها رياح التغيير
فحتى نكون واقعيين ونحنا نتحدث عن مجتمع المصنع يجب زكر ملامح التغيير فمثلا ولدلالة هذا الشارع
وتفرده فنحنا نعرف معظمهم وتربطنا بهم انبل العلاقات الانسانيه
العلاقات المتمسكه بالمصير الواحد فالتحيه لابناء كتائب جميعهم وابناء شيخ العرب عليه الرحمه
وكم كانت دهشتى وفرحتى يوم امس وانا التقى بالجميل مجاهد عبدلله خالد صباحا فى وسط السوق العربى
فهكذا نحنا ابناء المصنع نفرح ببعضنا ونحزن لحزن بعضنا
لاننا كنا كذلك من قبل ظهورجماعة تفرقون تسرقون عصابات الظلام التى ما خلت شئى
تحياتى واشواقى ايها الرائع بهدير

» علياء على محمود .. الف مليار
» شارع العرب
» ياأخوانا شوفو شيخ العرب وين
» الابتسامة عند العرب
» كأس العرب 2012