الجنيد، سنار، حلفا ..(شغل غومتي)
الاثنين, 21 يناير 2013 – صحيفة السوداني
عمود إليكم - الطاهر ساتي
** لم نكمل ملف أسباب ارتفاع أسعار الأدوية، فليبق تحالف مجلس الصيدلة وشركات الأدوية مترقباً لحين العودة - بوثائق وحقائق أخرى- فجر الغد بإذن العلي القدير..وإلى ذلك، نفتح ملفاً آخر يعكس نهج الضبابية - والغومتي- الذي تنتهجه لجنة التصرف في مرافق القطاع العام، حين تتخلص من الشركات والمصانع العامة..نعم، كنت - ولازلت، وسأظل- من دعاة توسيع النشاط الاقتصادي للمجتمع وتقزيم نشاط السلطة الحكومية..يعني بالواضح كده : على الحكومة أن تكتفي بالجيش والشرطة والأمن، ثم بالسلطة الرقابية في دنيا الاقتصاد وتدع أمر التنفيذ للقطاع الخاص..وهذا هو النهج الاقتصادي الحر المعمول به في الدول ذات الاقتصاد الناهض والتي وزاراتها وأجهزتها - ومراكز قواها - لاتتدخل فيما لايعنيها، بما فيه امتلاك المصانع والشركات والفنادق والمشافي و بل حتى (وكالات سفر وسياحة)، أو كما يعكس الحال البائس في بلادنا..نعم للاقتصاد الحر الذي تديره شركات المجتمع، ولكن، كيف يجب التخلص من مرافق القطاع العام، خاسرة كانت أو رابحة ؟..هنا يكمن (نهج الغومتي)..!!
** على سبيل المثال، بتاريخ (10 يناير 2013)، أصدرت رئاسة الجمهورية قراراً بالتخلص من بعض مرافق القطاع العام،ومنها مصنع سكر سنار ومصنع سكر حلفا.. حسناً، فليكن قراراً يصب في بحر الاقتصاد الحر.. ولكن للأسف، عبد الرحمن نور الدين، رئيس اللجنة المناط بها مهام بيع تلك المصانع، يعلق على القرار الرئاسي قائلاً بالنص ( سوف ننشئ بعائد بيع تلك المرافق شركات جديدة، ثم نعرضها هي ذاتها للبيع)، أي الاقتصاد الحر - بمنطق نور الدين - عبارة عن ساقية جحا (تكب من البحر للبحر)..نعم، حديث هذا المسؤول يعني أن الحكومة لن تخرج من أسواق الناس نهائياً ، بل تخرج من أبوبها ثم تدخلها - زي الحرامي - بالنوافذ..وهذا ليس بمدهش، والنماذج كثيرة، فالنهج الاقتصادي الذي باع الناقل الجوي سودانير - بالغومتي - لشركة لم تعرف إلا في مجال زراعة الأعلاف وتسويق العقارات، هو ذات النهج الاقتصادي يشجع الحكومات الولائية حالياً على امتلاك البصات، وربما يشجعها لاحقاً على امتلاك (الركشات )..وبالمناسبة، بيع الشاي والقهوة في شارع النيل مهنة رابحة، فلماذا لاتدخلها الحكومة وتحتكرها بعائد بيع (مصنع سكر سنار مثلاً )..؟؟
** على كل، ما يحدث للمرافق العامة- حسب حديث عبد الرحمن نور الدين - لن يؤدي إلى تحرير السوق وفرض الاقتصاد الحر، بل يؤدي إلى المزيد من الفوضى والاحتكار والفساد.. ثم الأخطر من بيع الحالي ثم تأسيس الجديد ثم بيعه مرة أخرى، هو ما يلي نصاً، إنها وثيقة ويجب عرضها ..( إلى .....، المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الموضوع : مصانع السكر حلفا، سنار، الجنيد..بالإشارة للموضوع أعلاه، نتقدم لكم بالشكر أجزله في إبداء رغبتكم في الاستثمار في السودان، متمثل في مصانع السكر، ونغتنم هذه السانحة لدعوتكم لمزيد من الاستثمارات في السودان، ولقد قمنا بمد ممثلكم (..)، بالمطلوبات ، ونحن على أتم الاستعداد لتقديم كل المساعدات اللازمة ..مع شكري الجزيل، عبد الرحمن نور الدين مصطفى، رئيس اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام.. 6 نوفمبر 2012)، هكذا نص الوثيقة بعد حجب اسم المستثمر العربي ومندوبه بالسودان، فتأمل تاريخ التوقيع عليها.. أي قبل القرار الرئاسي بثلاثة أشهر ونيف، وافقت لجنة نور الدين على بيع مصانع سكر الجنيد وسنار وحلفا لهذا المستثمر، يعني بالبلدي كده : (طبخها تحت، ونجضها فوق)..علماً بأن القرار الرئاسي لم يشمل مصنع سكرالجنيد، ومع ذلك وافق نور الدين - قبل 3 أشهر - على بيعه لهذا المستثمر العربي، ربما كـ (هوادة).. لا، ( كده غلط)، ما هكذا تتخلص أجهزة الأنظمة الراشدة من المرافق العامة، أي ليس بـ(المكاتبات الخاصة والغومتي والتحت تحت ).. بل، بالشفافية المسماة بالعطاء العام المعلن في وسائل الإعلام ، ثم بالنزاهة المسماة بالمنافسة الشريفة في (الهواء الطلق) ..!!