غبن السائحين مفهوم بحسب أنه غبن له علاقة بفئة، ولا علاقة له بالمظالم التي حدثت لغير عضوية الإسلام السياسي. فالسائحون من خلال هذه الأدبيات الشحيحة لا يولون قدرا من الاهتمام بمعالجة الجريمة التي ارتكبت طوال هذه السنين، وإنما يركزون فقط على هيمنة انتهازيين داخل الحركة الإسلامية على قيادة القاطرة. إنهم، بالأحرى، غير معنيين ـ بطبيعة حالهم ـ بالدعوة إلى محاسبة النظام على قتل الضباط، والجنود، في شهر رمضان، أو فتح هذا الملف. لا يهتم السائحون بهذه المنغصات القديمة مثل اهتمامهم، وفرحهم، بإطلاق سراح ود إبراهيم وركبه. وود إبراهيم، كما نعلم، ترقى تصاعديا أثناء محارق الجنوب، ودارفور، والنيل الأزرق، وجنوب كردفان. بل كان شاهدا على إفراغ القوات المسلحة من ضباطها المتميزين، هذا إن لم يكن عضوا في لجان التصفية. كذلك وجدنا أن السائحين غير معنيين بالمطالبة بتغيير النظام بشكل جذري حتى يتسنى للسودانيين جميعهم تشكيل حكومة انتقالية للتعامل مع القضايا المطروحة. إن السائحين لا يوضحوا لنا رأيهم في المقدمات الفكرية التي قادت البلاد إلى التشظي ولا ينوون تعريف المطلوبات الجوهرية لاستدامة الحرية، والديموقراطية، وحقوق المرأة مثالا. فقط هم يريدون تصحيح التجربة وفقا لهياكلها، وآلياتها، الفكرية، والسياسية، التي أوجدتها، وبعدها يكون لهم قصب السبق في إدارة جديدة للعمل الإسلامي حفاظا على مشروع الأسلمة في البلاد.
عمليا، وفي ظل تصاعد الرفض للإسلاميين، وغليان دم المواطنين بسبب ما فعله إسلامهم في العقدين الماضيين، يوجد حل واحد أمام الشباب السائح، إذا أراد التكفير عن إتباع شيوخ الحركة الذين ضللوهم، وقادوهم، إلى حميات الوغى بينما يتبارى الطفيليين منهم في اصطياد زيجاتهم من الكليات الجامعية، ومراكمة الثروة المالية، والأفدنة، والشركات عابرات القارات. على هذه الشباب السائح الذي تحتاج إليه بلادنا أن يحس بأن هناك أمة تم استعمارها بفكرة بائسة وشردتهم في المنافي بواسطة أثرياء الحرب. عليك يا أيها السائح أن تتحرر من مصالح الفئة الضالة لتنظر إلى مصالح الجماعة المكلومة، وهذا هو السبيل السهل الذي يدخل به الناس الجنة، سلميا لا عسكريا. الناس كل الناس.
..صلاح شعيب..