| حين اتخلص من قميصي! | |
|
+3خالد حسن بخيت يعقوب اوشى عيدالكريم ناصر البهدير 7 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 03 مايو 2013, 1:35 am | |
| حين اتخلص من قميصي! دائما ما أفكر ويتصل تفكيري ويمتد للذهاب إلى السوق .. حتى اتخلص من قميصي وأعود محملا برائحة يوم الخميس وتوابله ذات النهكة الطازجة .. إنه الخميس؛ فرح المطاميس .. واستريح مع صوت صديقي عمر وهو يقول لي بصوته الواضح النبرات والناعس: الخميس حفلة ورقيص .. ما سويعات حتى نكون لقد انتصبنا المسافة وغادرنا حرم الحى في رحلة تمتد الى الفجر .. نلتقي ما نشتهي في طريقنا وفي مجوننا حتى في أحلامنا كنا نسافر بلا حدود حتى نعود مع أصوات طائر السقدة والتي تتخذ من اعمدة الإنارة مسكنا ليلياً وكانه ملهى لنزقها ولكنه الطعام؛ الذي حبس صديقي خالد عنا هذا اليوم .. والصدفة تقودني كأعشى حلتنا وهو يتنكب دهاليز الفرح .. غاب خالد في مطامير الحنين وبيداء الحزن والخيل ..ولاذ بصمته وجنونه وهكذا يفعل كل خميس.. هكذا عرفت .. وما زلت إنتظر قدومه! | |
|
| |
يعقوب اوشى عيدالكريم مشرف
عدد المساهمات : 1079 نقطة : 11754 تاريخ التسجيل : 26/08/2011 العمر : 44 الموقع : قلب البركس المزاج : يتغيرون فقط.عندما نخبرهم اننا نحبهم جدا؟؟؟
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 03 مايو 2013, 7:59 pm | |
| خميسك ,,,,,,,,,,,, ولو تبيع قميصك؟؟؟؟ وكفى | |
|
| |
خالد حسن بخيت مشرف
عدد المساهمات : 1936 نقطة : 13117 تاريخ التسجيل : 10/02/2010 العمر : 48 الموقع : www.3aza.com/vb المزاج : مسلم
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! السبت 04 مايو 2013, 10:29 am | |
| دائما احس ان كتاباتك تعبر عن هم وغم الجميع وفرح وسعادة الجميع .. انت تقف في نفس النقطة من الجميع ... يتعبني جدا ذكر ايام جميلات .. وايضا يريحني .. وآآآهـ .. ثم آآآهـ من اجل ذياك الخميس .. تفتر همتي وتراني تكسوني عاهة ( الزهج ) عندما احس ان ثمانية اعوام تمر وانا في جميع ايامها اصحو صباحا وانام مقدار ساعة ظهرا ثم اصحو ثم اجيئ ليلا .. تخيل حبيبي ناصر ان تستمر بروتين مثل هذا لاكثر من ثمانية اعوام عجاف ؟؟ وكل اسبوع تفكر في الخميس لعلك تعلق عليه بعض اتعابك وهمومك .. وتفرح بمجيئه كأنه لن يغيب ثانية\
| |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الأحد 05 مايو 2013, 1:50 am | |
| يا خالد ما زلت انتظرك بجلبابي المتسخ حتى نعبر خطوط التماس .. كون معي رغم السنوات العجاف التي فاقت سنين ابونا يوسف .. هناك ضع انفاسك على حنايا بنبر الأيام وأنهل من كوثر ذكرياتك البضة ستجد بعض العون من أصدقاء النبض .. | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الأحد 05 مايو 2013, 4:59 pm | |
| حين كنا في انتظاره كانت النهارات تحفل بضجيج نقيق الضفادع المخبوء فيما وراء الزرائب حيث قضاء حاجة أهل السوق؛ نساء ورجال وبوصلة التوقيت تحدد مسار نشوتنا ذلك اليوم وترسم ملامحها على الأفق المتدلى فويق خطوط قوس قزح والمطر يأتي صبياً يدلق جنونه على أزقة الروح الممزقة.. كما الصباحات حين ترنو بهمس بنات حاجة حواء ودندناتهن وهن يمارسن مهنتهن جوار طاحونة أحمد الحاج في عرض الفول والتسالي والسمسمية والفولية وحلاوة قصب لبصات الصفية والسبعات وأم رهو وغيرهن من حلال البطانة.. بتواطؤ ناعم دلفنا إلى راكوبة أطولهن قامة كحصان دامر والطفهن مناكفة كصديقي محنة وأمهرن براعة كنفسها في صناعة القهوة.. غطينا في سفرعميق من الشجن وبعض الذكريات العذبة كطعم عجين أمها الذي يطعم بيوت البلدة ومطاعمها.. عجين يمتطي صهوة حزننا الأبدي وفقرنا البائس وجوعنا الى نوى رحيقها الماطر.. قلبي يتلفت كما أجنحة طيور الجنة ويزكم جوانحه بالفتور والعبث وأصوات الباعة التي تملأ جنبات السوق ورواكيب ستات الشاى وسيدي انقنق يوزع حضوره التناسلي في كل مكان ولا يتراجع حتى في صيحته المعهودة: انقنق أنا!.. لا شيء يسيطر علينا سوى أن نعبىء صدورنا بكرنق الحنين ونفرد قلوبنا لجحافل خيول المدينة حتى تتسع حدقات العيون لموجات الصدر العالي.. كنت أحاول الإمساك باللحظات قبل أن تتلاشى وتتعبثر مع غيم ظنوني واشتعال النحيب ونحن في أنتظاره الممعن في غيابات جبه.. وقتها قلت لنفسي: لقد وجدتها.. ومضيت في أخدود الدهشة والرغبة الفاضحة في ان أنسج مساءاتي الخميسية بطريقتي الخاصة بالقرب من نوافذ الجسد المستريح على شفير الانتظار وعهر غياب صديقي اللزج.. ونفحتني الحمامة بلظى الحمى وحرارة تصعد بأنفاسي وجسدي واحالتني إلى كومة من مواقد النار حتى يومنا هذا.. وغبت أنا في الحنايا وغاب صديقي في دهاليز مضغة الروح المُتعبة.. وفي غيابنا حضر ورو واسبل علينا بعض تفل الشاى وقهوتها.. ونواااااصل......
| |
|
| |
علاء الدين حسن بخيت مشرف سابق
عدد المساهمات : 625 نقطة : 10626 تاريخ التسجيل : 14/05/2011
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الأحد 05 مايو 2013, 10:57 pm | |
| لا اريد ان افسد عليك خميسك ولكني متابع الحكاية بشغف واصل وحتما ستجدني حينما أتخلص من ( .... كفيلي ) بإذن الله
| |
|
| |
خالد حسن بخيت مشرف
عدد المساهمات : 1936 نقطة : 13117 تاريخ التسجيل : 10/02/2010 العمر : 48 الموقع : www.3aza.com/vb المزاج : مسلم
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الإثنين 06 مايو 2013, 9:14 am | |
| لله درك ودر ابيك يا خال .. هنا فقط تجدني انسج الضحكة واسدل استار الحزن لاعيش معك امتع اللحظات .. واصل وعندما تقف سنعود نحن لنكمل نسيج الذكريات .. ونمعن في الخوض مع الخائضين ... | |
|
| |
عبد الرحمن موسي ادريس المدير العام
عدد المساهمات : 1830 نقطة : 12423 تاريخ التسجيل : 19/09/2011 العمر : 67 الموقع : مصنع سكر حلفا الجديدة المزاج : مسلم/سنى
| موضوع: رد حين أتخلص من قميصى.. الإثنين 06 مايو 2013, 11:25 am | |
| للخميس طعم مختلف عند كل الناس.. مالك علينا ياناصر تنكأ الدواخل وتشرع للبوح أشرعة طوتها المسافات وبعض خوف من الإندياح بدعاوى الورع الزائف .. تتزاحم الزكريات عبر منعرج السنين لتصب فى قالب التجارب وصقل الإنسان... كنا لانحمل من الهموم التى هطلت علينا إلا مقدار مانحتاج لتمضية الخميس.. كانت الحياة سهلة ومفعمة بالآمال العِراض..وكان الخميس خاتمة الأسبوع .. نحتفى به كما العيد...وخاصة إذا ساعدتك الظروف وكنت {الكويتى} لتخدمك الشُلة حسب قوانين القعدة..والكويتى هو صاحب أكبر SHARE ..يليه النجيرى..ثم الفوانيس وهم درجات والقاعدة تقول{الفانوس عدلو مشاويرو}ثم تأتى الفراشات التى تتساقط على المكان وهى غير مرحب بها ..وأحياناً تتعرض للزحلقة وإظهار {الوش التانى}.. ونواصل... | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الأربعاء 15 مايو 2013, 1:43 pm | |
| وتأبطت قميصي.. كنت كلما أعبر الترعة العفنة في أحدى نهارات البلد الطيبة مرورا بالكبري الكبير والذي يفصل المنطقة الشرقية عن الغربية مثلما ينفصل قميصي عني للمشتري في مزاد جهدية البلد، أحس بزهو عميق يتخلل روحي ويسكن جسدي ويغمرها بطمي الحياة الهاطل حتى أكاد أن أمر مرور النسيم المنعش العليل على ما تبقى من طريقي إلى السوق.. أتخيل إن العالم كله مولع بهذه الأنحاء وتلك الأمكنة الوضيئة وبهذا لا أحتاج أن أعبيء قلبي بالأمل والشروع في التفكير للمغادرة.. لا إنزعج البتة حين أنزع سروالي للريح والفضاء الواقع بين الترعتين كلما هرولت خيول شوقي وسبقتني إلى المكان الذي أحب أن أكون فيه هذا المساء.. جل ما يشغل بالي كان هو كيف ستستطيل إيماءة القلب صوب مرج العاصفة وهرج الليل وكيف إمضي في حقول رهو الأمنيات والظفر بأنثى الكفاح ولا نضال كان يظلل روحي سوى حشرجات ريح بضة الأوصال تمر بقربي وتمنحني حق إستنشاق لحظات طارئة تتوهط ثنايا الصوت القادم من حلق الصراصير وجوغة بنات طائر الخضاري ومن ثم تغادر دوارة الوقت على عجل الحظه في قميصي الذي يستعد بعنف للرحيل.. واللحظات تمر يوشك أن يطويها الصمت والقلوب معلقة في سفر يشعل زناد الرغبة لأنفاس تقترب وتبتعد بين حميمية طوافها المألوف في طقوس قهوتها المنيفة ولواعج الغي الذي يضرب أستار كواعبها المنتصبة كقصبة تشق طريقها من البيدر إلى المصنع بلا وجل منقولة على أكتاف الجنقو والحديد وبعض سماسرة الملجة وأفنديتها الجدد المهتمون بفلاحة الأرض البور والكجيك والورق والنقود. وبت لا أقوى على حمل قلبي المعطوب بنثيث أناقتها وحقنت نفسي في النهار الباتع بصوتها الطفولي وبلطافتها ودلفت إلى دكان الطيب الرضي وعبيت فراغات جيوب بنطالي بنشارة بيضاء وصفراء وزيتية اللون وبعثرتها بين شعيرات رأسي عسى ولعل أن تنبت من جديد لصناعة الحلو مر الذي حان ميعاد موسمه.. النساء كنا يسرعن ويتزاحمن حول الطاحونة وفي جوفها المصون برائحة الطحين وأنين الحديد والحجر وصاحبنا شريكنا في الهم يصول ويجول في فره وكره بين سير الحياة وحجر الطحين مسنداً مزن أشواقه على مرحاكة أمانيه.. وهنيهة باحتقان بادياً على خريطة صوته المشوه بطرقعات جخانين البلد عاجل بيساره قنينة من عصير الليل والرجال لا يشبه المشروبات النسائية في شيء سواء في نصاعة حجته، وبيمنه المترعشة مد للروح طاقات من عبق قهوة الذات ومضى في سيرة مناجاته يئن من فرط غرامه وصاح بأعلى صوته: أنا الكاتلني ريده وين أقبل يا خلاى! لا ضقت طعم الرجعة ولا فقت من الوجعة غير أمشي واموت الزول السمح مخلوق للخلوق منو وتضوق نويسات السوق واحلالي انا الشفتو مريودي واعذابي انا الطلوح بى معشوقي لسنا وحدنا في تلك الأعالي ننشد خلاصنا الليلي وقمرنا الفالت والضالع في الصعود وصديقي كعادته في هروبه الأزلي يمارس سطوة الغياب.. لا عاد هو ولا السوق نفحنا بعطر ربح مهول.. سبابة صنعوا من بهو ألسنتهم سجيل الإنتظار المتين ونحن مرغمون في طي سجل الخسارة ولا حديث يعلو على قبانة العصارات والفول أغلى ما يكون في صعيد السوق والماكينات تَئِزٌ والنمتي يملأ براحات البيع والشراء يحاول أن يصنع لنفسه هالة وحالة من الحضور الذكي والوسامة الوظيفية واستعلاء السيطرة على الاوضاع حتى سلام الله غاب في غابة جهلهم.. فجأة حدثني صديقي.. قال: قالوا لى.. الزول دا مالو ما بسلم علينا ليه؟.. قلت: ديل منو هم كمان؟ قال: ديل ناس الرزاز والرطوبة والصحابة ابان مواتر. قلت: أها كمان بيني وبينن في اتفاقية سلام وانا ما عارف؟ ومن يمد لسانه لهذا الكنيف في ذلك الزمان الموتور بقبحهم او يده لعصبة معطوبة في جنس صنعيها؟.. وضحك صديقي المنتشي بقولي وطوى متن الرسالة وعبر محملاً بها في ذات الاتجاه الذي شرعت فيه في فك أسمال مراكبي وربما نلتقي في ليل المدينة كما ظني دوماً قرب بيتهم او شارعهم او الزواية التي تقع في مركز اللاوعى أو عمود النور وأنا على يقين مشوش بأن مواعين الحياة تتسع وتضيق كلما تنفست الترعة كيمياء الصودا ومنحتنا رغوة وزخومة لكى تكون حماما بعافية السماء لذلك القادم من السراب والعدم كما كانت تظن السرة والتاية ومسكة.. الكربة امتدت بي وغاب محدثي حتى اضطررت وعدت متأبط عصاة فشلي وقميصي ذلك اليوم راجلا بذات الطريق والبهاء وأصوات الحديد وسحب الغبار والدراجات الهوائية ورئتاى تصهل وتشهق في نعيم الرائحة المعطونة بطعم حسنها وريقها العذب ودفق أسئلة كثيرة خبأتها في فنجان حظي التعيس مع كُمونها الذي لا حيلة لي معه.. إنكسار وليل مسكون بوخزات شوك سدر الحنين وطعنات الشوق المضطرب.
| |
|
| |
عبد الرحمن موسي ادريس المدير العام
عدد المساهمات : 1830 نقطة : 12423 تاريخ التسجيل : 19/09/2011 العمر : 67 الموقع : مصنع سكر حلفا الجديدة المزاج : مسلم/سنى
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الأربعاء 15 مايو 2013, 8:04 pm | |
| يابهدير عندما أقرأ سفرك الأنيق وأكحل عيونى بحروفك المحتشدة ألقاً وسحراً أدرك كنه حبك لهذا المكان الذى يحتل فى قلبك حيزاً من التوله الصادق والإنجذاب الغريب..لعلها صوفية خاصة تجسد لحظات حميمية تولد فيك جلال حضور المكان وعبق أريجه ..هذا ياحبيب ليس إطراءاً ولارياءاً فعهدى بك لاتحب هذا..ولكنه بعض إبحار عبر ثنايا حروفك البهية على أدرك سر الروعة الكامنة فى ماوراء الكلمات..وأستشف بعض ملامح المخبوء الذى ينداح خلال الحكى..لك كل ودى.. | |
|
| |
سامر صلاح مشرف سابق
عدد المساهمات : 299 نقطة : 9714 تاريخ التسجيل : 12/03/2012 العمر : 35 الموقع : بنغلور ــ الهند
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الأربعاء 15 مايو 2013, 9:56 pm | |
| ابداااااااااااااااااااااااااع | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الأحد 19 مايو 2013, 1:03 pm | |
| سطوة الخميس.. بالكاد أن تمتطي شهوة خيلك ذلك الصباح المشبع برائحة الحريق والدخان.. والبقاس يتساقط في كل ناحية محيل البلد كلها إلى لوحة سريالية من السواد تزعج الدقندقات وربات الموت الفجائي وشغيلة رفقاء عمي النجيض.. لا شيء يبعث على الأمل.. ضجر رتيب يمر بمحاذاة شجرة الليمون وأبي يصر أن يمنحها ويحقن ساقها بما يكفي من صدأ المساميرالقديمة التي تركها النجار محمد فضل بتركتها الثقيلة في كل أرجاء البيت.. والمسمور - كما تقول أختي - ممتلئ بالأكاسيد وطعم الحياة والموت والصديد والتشنج. في كل زاوية هنالك جوغة من تلك الثقوب التي توزعت بعناية فائقة تحفز على النهوض والوقوف على باب الدولاب المصلوب منذ مطلع تسعينات القرن الماضي والمنتشي بشخبطاتي الأولى للحروف.. وقفت ونزعت صورة قديمة لفريقي الأحمر الوهاج أوان عشقي لتلك الزمرة التي علمتني أن أرد للناس عندما يقولون لي كفارة.. أو تحية الاسلام او أن حمدوني بسلامة على غيمة عطسة سافرة على الملأ والجيران تحييهم بحضور الشتاء وضرورة استعمال مضادات الغباش وماء الليمون الحارق الذي يطهر أوشاب الجسد كثمار الفلفل التي تؤدي ذات المهمة في مكان ما حين ينتصف الليل.. تسمرت لبرهة من الوقت حتى إستعدت وعي بضرورة إلغاء فكرة عرض نهاية هذا الأسبوع.. تراجعت عن الفكرة برمتها بحنق مكثف واختزلتها في نوم مبكر إستجابة لرغبة توتر قابع بالقلب يستوطنني كلما أدلهم الليل وأرخي سدوله. ومضى نهار مكتحل بغيمة وردية من بقايا مشتل المطار وفراشات الضوء المتخثر.. عبرت الأفق والناس ورشحت ما تبقى من حمضها وغادرت على عجل كسول.. نسمات تمر ونسمات تتراجع والعرق يتساقط على حوائط الانتظار والحبيبة محملة بصهد السموم تأتي في ميعادها تماماً كحمار عمي قمر الذي لا يغيب البتة عن بيوت حى الموظفين حتى لو كلفته المهمة بأن يحمل أوراق الرجلة فقط على قفتيه الكبيرتين المصنوعتين من السعف ويمر على بعض البيوت المتشابهة كعلب الكبريت وكروسة وقتها ممداً طول نهاره على شوارعها مثل سيدنا يوسف وسليمان والنجيب والهدهد كما تخيلنا بعقولنا الهشة هذه هى المعرفة.. والشوراع كما تشتهي أمي أن يكون فضاء حوشها نظيفا ليستقبل المطر ونساء الجيران وحديثهن الهامس حول طقس الدخان النهاري الذي يتسع لألف سؤال وضحكة وعبث وفراغ عريض كالذي يحتل قلبي كلما أوغلت الركض في مضمار الأيام.. جلست على منضدتي الحبيبة ودلقت بعض قهوتي على خطاب محتشد بتفاصيل ما يحدث منذ أن ولجت ام قيردون الحاجة سم خياط الكائن السياسي.. قلت ما قلت وما لم يتفوه به ابو النوم في رقدته الأبدية وختمت رسالتي بعبارة: وشي الوطن دركان يا صديقي الكزو.. ورسمت على الحواش والمتون بماء القهوة النهارية صورة لحبيبة بعيدة المنال وقريبة الحضور تشبه ماء النهر المغسول بالشيمة والفوران وحيض الغمام وسفاهة العشق.. أسلمت جسدي لقيلولة ترنحت في حقول الظهيرة المبتلة بدمع هتون وهكذا الموت المسائي الفظيع يسوم الروح بعض التعب والرهق والجنون.. والحبيبة تغني غيابها القسري وتنسج نول موالها!! ومسادير الغناء تمتد وتعلو بعلو ثمار تمر أبونا ودِكة تحللت من قسم شوقي المكتوم والليل يزحف على نواص القلب ويجرده من هجعته. وعفرت القلب ريح من صوب هاتيك المضارب والقطاطي التي أعرفها وشهدت ميلادي في زمن كان فيه للفريني سلطة تعادل بطش الوياني حين حدثني أبرهه عنه خلال قصته في كهف النمتي. وأبرهه لا يكذب ولا يحتاج إلى ذلك فقط تسنده انسانيته وعدس وطحين في خلاء الله حيث تستره رفقة صديقي محنة المأمونة والأشياء البسيطة من غول الحياة العنيد وغربته الأبدية. تتصاعد الريح وتسلم روحي أمرها لمقبرة الموت الليلي وهى تتهادى بين ركام أحجار الشواهد ووحشة غياب الشمس وينطلق صوت خافت يعلو ويهبط كما أنفاسي في ذلك الحيز من الوقت المتأخر بُعيد ميلاد سلالة زفير الليل.. صوت أعرفه ويعرفني وفجأة بدأ يتوغل في العظام والحنايا.. صنو روحي ورفيق مفازاتي يسرع الخطى.. سحبني من تحت الغطاء وساعدني على النهوض ومنها أسرعنا في صمت مسربلين بنكهة يوم الخميس الذي يفرض سطوته وأسراب فراشاته العذبة في رحلة انتهت بنا على تخوم نخوة الجسد المتداعي في صهوة ترانيم الفرح الطازج.. وغبنا وامتزجنا بدامس طقس مهول ومترع بالفضيحة ونزق صبي بلغ سن الرشد كما الضوء دليلنا حين أوبتنا.
| |
|
| |
عائدة محمد الحسن المراقب العام
عدد المساهمات : 514 نقطة : 10795 تاريخ التسجيل : 10/03/2011 المزاج : موووو صافى
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الإثنين 20 مايو 2013, 3:51 pm | |
| القَمِيصُ - قَمِيصُ: القَمِيصُ : الشِّعار تحت الدثار . و القَمِيصُ الجلبابُ . و القَمِيصُ غِلافُ القلب . و القَمِيصُ المشِيمة . و القَمِيصُ لباسٌ رقيق يُرتَدَى تحت السّترة غالبًا . والجمع : أَقْمِصَة ، وقُمْصان . جيْب القميص ونحوه: ما يُدخل منه الرَّأسُ عند لُبسه ، طوق القميص " نهى الإسلام عن لطم الخدود وشق الجيوب - { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } شكا لى قميصك فاردت ان اردده فحار امرى فاولجنى فى معانيه الظاهره ... والتوريه الله أعلم مع إنه افصح.. كون معى | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 24 مايو 2013, 12:13 am | |
| ..وصعدت ذبابة بدأت ذبابة صغيرة تطفلها لسد الرمق وشهوة الجسد في عمرها تماما بمنتهى الرقة والخفة تطوف بأركان المكان كما يحلو لها وتشتهي وفق بوصلة سكرية بت حفتي. أف وأف تتصاعد كغلي مرجل برادها المعدني الأصيل ولا تكف عن زفراتها المنثالة وبكل جبروتها قذفت الماشة في وجه الصغيرة. وتستمر الحرب الضروس بين الصغيرتين. مرة أخرى تستعيد جماع نفسها وبمؤخرتها تجلس على السكرية حتى تحسم المعركة لصالحها وتطفيء نار مزاجها العكر. وتغادر الذبابة بسرعة البرق وتجلس القرفصاء على خدها في تحدي جديد وتلامس الجسد اللين في تماس يشبه كولاج صورة أم زين وهى تتكيء على مِدْفَأَة مرآتها في خِدْرَها اللذيذ تنتظر الصباح حتى تغادر أعالي قوز رجب في رحلة نشوقها ودمرها اليومية إلى مدينة المصنع بحمارها الأغبش. تبكي انقستي بحرقة وألم متوهطة نوبة نَشِيجُ مُر غمرت كل منعطفات عزيمتها. تحاول أن تسيطر على تفلت صدرها الكبير بشتى السبل وتستعيد كل حيلها ودهائها الماكر الذي تسخدمه في هزيمة وصد مُراهقةً صِبية السوق ونزق كهوله.. وررو المتخم بحالة التشرد هذه المرة يناولها يد الفندك ويختفي خلف صياحه ويغيب هو الآخر في لعبه المتقطع مع أقرانه المُنشغلون بلعبة البلي في زقاق ود اب راحات ومع ذلك يخسر سبعة عشر بلية ذلك اليوم ولا يتوب من مغبة شراء دستين من دكان عم قمر الدين بعد أن قبض استحقاق يومه في المراسيل. وسرعان ما تستجيب لرغبتها العارمة في قتل الذبابة وفي لحظة فارقة من الوقت بعد أن راقبت عن قرب وبعد جهد جهيد كل مسارات الحركة الحيوانية، تتبعتها حتى في جلاليب زبائنها ومضت معها على عيدان راكوبتها بين الحبال المسنودة بها بين الحين والآخر. طاردتها حتى على مستوى صدرها النافر وبين أخدودها العميق للحد الذي إستشاطت غضبا حين وجدتها تلعق على أطراف قدمها اليسرى بتمهل بقايا قهوة مصبوبة على عجل لود فكي فاكهة المدينة ولو جدت طريقة لاكتسحت سهل النور الجالس على كرسي في طرف قصي على المكان، ولإضطرت معه لحل دِكة سرواله الممدة كلسان بقر الخدمات على الأرض. والنور هو كذلك لا غرض له في القهوة. فقط وقت يمضيه هنا يرعى فيه بعض قطيع شططه الجنسي الفالت والغامض وعجول صغيرة يربت على رأسها برفق متسع. صديقي بعيونه البيضاء والواسعة يكاد أن يبتلعها بتلذذ في مشاهدته لتفاصيل ما يجري أمام عيونه وفي كل لحظة يحشد ذاكرته بما يرى من مشاهد وفصول ومن ثم يتمدد في سخريته اللاذعة.. ثمة ضحك هستيري يمس شغاف روحه المرحة ويعايرها بأنها غبية تصطاد في المياه العكرة. والضحك يمور في مياه البالوعات وينتشر صابغا طعمه على بياض قميصي المجلوب هذا اليوم.. وصديقي لا يكف عن ترديد: الليلة السوق ميت مافي حركة يا بركة.. خلينا نشوف حل تاني غير القميص ولا اقول ليك ما نقنص لى ود التبخ ونملص منو ففتية ونتفكفك بدري بدري قبال السوق ما يقفل والناس تطش ونطلع ملوص. بينما صديقي يمارس بهائه في تهويمات وطلاسم يسترجع فيها عناء عنت الأيام وضمور حظه، طفقت انقستي تراقب عن كثب بتوتر بالغ يسكن مقاطع وجهها العابس كل أرجاء الراكوبة، وشغلت نفسها إلى حين أن وجدت الذبابة مرقدا طيبا في خاتم صديقي الفضي الذي يتباهى به دوما كلما رأى شخصا عابرا يمد يده يحييه بالسلام مع تركيز شديد لاظهار البنصر. وفجاءة وصديقي يحدق في فضاء المكان هائما في اللاشيء وغير المعقول سوى إمراة الحقل التي تبخرت مع الذكريات ووسوسات تسكن باطنه، أختصرت انقستي الطريق على نفسها والذبابة في وقت واحد، قذفت بقضيب الحديد بكل قواها وبرعب وغضب وجنون على مرقدها وعندها غاب صديقي في اللاوعى ومسيل الدم يسربل يده وامتلأ المكان بسابلة السوق حتى ضاق على الذبابة ففرت إلى الشارع المحاذي. لحظات وعادت مرة أخرى وعاثت في سفورها بشكل هستيري أكثر غرابة مما جعل انقستي تدخل في موجة جديدة من التحدي والعصبية خاصة أن الذبابة هذه المرة تسلقت ساقها المنتوف ودخلت احراج ممنوع الاقتراب منها لأوشاب الناس. دعك من ذبابة تقصد المكان الرطب والمنقوع بماء السكر والحياة والحيامن. وعندما لم تجد انقستي حيلة ضمت أردافها بمهارة فائقة ذكرتني بتواصل الأجيال في جنس الحيوان؛ الكلب. وأطبقت الحصار بأحكام على الذبابة من كل الجهات فلا طريق إلا محرقة النفايات أو الموت هنا كما يمر بعض أصحاب الحظوة من زبائنها. إزداد وطيس المعركة وطفح كيلها حتى عبرت إلى هناك دون أن تشعر قضت وطرها وماتت بين حضن المجهول. وقفت بت حفتي على تلة نصرها بتثاؤب رضيع في حضن أمه ومضت تهز الكانون بايقاع تناغم متبادل مع حركة جسدها المتبول بزخومة السوق وخسارة مشروعنا حين تناهى إلى سمعنا بأن ود التبخ أغلق دكانه هذا الصباح وغادر إلى قوز رجب مسرعا للحاق بوالدته التي تعاني ضنك حمى كارلوس.
| |
|
| |
عبد الرحمن موسي ادريس المدير العام
عدد المساهمات : 1830 نقطة : 12423 تاريخ التسجيل : 19/09/2011 العمر : 67 الموقع : مصنع سكر حلفا الجديدة المزاج : مسلم/سنى
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الثلاثاء 28 مايو 2013, 10:39 pm | |
| | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 31 مايو 2013, 3:55 am | |
| أخوات مجرمات! ثمة ضوء يتخلل شرقانية الراكوبة وجلبة متواصلة يصدرها وررو الجالس خلف تلك العيدان اليابسة ونشيج بكأ نازف لا يتوقف بالقرب منه في هرولة متصاعدة تكاد أن تفتك بالمكان. كما خيل مهل يتداعى على سفوح الذاكرة الرخوة، وعلى دفتر صغير وبقلم الحواجب جلست بت حفتي تراجع مسودة مدونتها النهارية على كثرتها وطلبات الزبائن الليلية على قلتها. اطلقت ضحكة وتأوهات متقطعة من ذلك النوع الذي يسد الدروب لعمي النور حين يحاول الافلات من قيوده التي تمنعه من التصريح المريب بطلبه الكبير والذي يخاف تسربه من بين أرجل السوق وأنوف شلة ود اب راحات؛ فالمكان له عيون رصدته ذات مرة في محاولة فاشلة ليسرق برتقال ام التيمان.. حيث مده يده في حياء وخفاء يمت بالف صلة إلى خوفه الفاجع من تلافيف تسربله بالفضيحة حتى لا تحرجه الأيام مع أرباب صومعته. وربما رشفة فنجان من قهوة مطهوة بالجنزبيل وعرق الصبيات طعم يختلف حتى عن صدر الأمنيات وليل الخميس الملتبس وتلك القوافل التي تحتشد بقرب ذلك البنبر الممتليء بعصب الترهل وبعض خصر يشق بيداء الروح ويغمرها بالراحة الأبدية.. نتذكر جيدا مولد تلك الفاكهة وكيف نبتت بذرة من كمون المسافات التي مشاها حصان دامر وصاحبه في نشوقه ودمره كالمترار بين السوق والحلة يخيط في رداء الشارع ويمنحه سترة الأمان وبعض حساء خبأته باسو بين أعالي بحارها الهائجة هناك لشغيلة السكر؛ جنقو الطواحين الذين لا يفترون في رحيحهم وضجيجهم وصياحاتهم المتصلة والتي تملأ جنبات شارع الترلات الكبير؛ الأب الشرعي لشوارع المصنع بشهادة فاطنة خدمات.. بموازاتهم هنَّ كنَّ على سندات لوري ود أبكر ينشدن أغاني الصباح المطهمة بصرير مراقب الغيط والنهارات المزكومة بالذين يصنعون من لحاء قصب السكر؛ نادياً للدفء وبضع إنين نهاري حافل.. كانت هى بينهن في الرمق الأخير تنشد خلاصها من همزات القرويات وقضاء حاجتهن على الترعة وقارعة الطريق الكبير المؤدي إلى المدينة بين برزخ الكبري الكبير المصون بعطاء على سلك؛ ذلك الدرويش المعني بقصة ترتيب بيت السكر من جديد كما حدثنا حفيد حلوم في تنبواءته وقراءاته الليلية في سفر الأفراح ذلك النعش الذي سيخرج منه هذا الرجل بطبابة النصر وعودة الأمل حتى تخضر الترعة من جديد بالبوص والموليتة طعام الناس وتختفي ثمار البندورة ولزوجتها من بين فم الافندية وجيوبهم الرهيفة والمترفة بلون الصلصة ودكوة الحوافز.. وحوافر الأمسيات تدك دكة الحلاقين والنقلتية والعجلاتية بميزانية العنكوج الجديدة لموسم إنتاج 2020.. الغناء يتصاعد كغبار الشارع الذي لا يفتر عن النمو في كل لحظة.. والصبيات المترفات بالفازلين والجلسرين والمعفرات بالتراب في اهازيجهن ورقيصهن المتناغم مع تلك الأصوات التي يصدرها ود ابكر من ماكينة عربته أبيض ضميرك وهى تئن من فرط عبور كبري الترعة العفنة وقضبان السكة الحديد الأولى المتجهة إلى داخل المصنع والأخرى المتجهة لمحطة دغيم وكبري الترعة الثانية.. في منتصف المسافة بين طريقى السكة الحديد تقريبا على مقربة من غرفة المراقبة الخشبية التي يلازمها صنفور صغير يدير قفل الكباري لمرور سيدي رحمة الله عليه؛ القطر.. كنَّ مجموعة متراصة في مرورهن الاعتيادي لدرس العصر على مسافة عن زحام الشارع وتفلته، في زيهن المحتشم وخمارات تغطي كل شيء حتى الحيوان الجميل لم ينجو من كيدهن العظيم، وهو يكابد للخروج عند كل مناسبة تتهيّأ له بأنها سانحة لا تعوض من بين زخات الرزق الوفير الذي يأتي العشيات بعد التخلص من القميص.. كنَّ يسترقن النظر كلما عبرت آلة زراعية او صاحب عجلة مزركشة تفيض بالزينة وكثير الالوان ورنين جرس صاخب.. كل ذلك نهض بكسل وتوافق مع مرور عربة ود ابكر عند ذلك التقاطع حيث تختلط كل أشياء المصنع وتتكثف عند هذه النقطة..جهرن بنظرهن الفالت من وسامة المساء ورائحة أزهار الأعشاب النابتة على صعيد الترعة العفنة، وتلاقت عيونهن بعيون عاملات اليومية وهن يهدرن بصوت واحد كالموج ودوي سقوط راكوبة بت حفتي على ورور وأقرانه: أخوات مجرمات.. أخوات مجرمات.. أخوات مجرمات.. وأضحى صدى رجعهن عالياً تجاوز كل طول أحزمة البان وما تبقى منها بعد أن طهرتها العثانين من القمل والضفادع والذباب والناموس والجنادب والمولاص والبقاس والصودا الكاوية.. وقتها كانت أنقستي تحاسب نفسها عند مداخل فضاء زرائب الوطني وضلالات سبابة السوق ومساوماتهم على بعض قطرات من أبريقها الأخضر كريقها تماما يلصف بألوان قوس قزح وسلالة تويجات المساء التي بدأت تتفتح وتجترح ألف سؤال ومآل في بالي وبال ود النور المسنود على قفا الانتظار والعشم.. وخرج ورور بعروته الواحدة كما ولدته أمه كأيام المصنع يوزع عبثه وضحكاته وجديته.. وبصوته المعتاد صاح في رفيقه؛ ارح نمشو لى نمات نجاسف سفة يا فردة..
| |
|
| |
علاء الدين حسن بخيت مشرف سابق
عدد المساهمات : 625 نقطة : 10626 تاريخ التسجيل : 14/05/2011
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! السبت 08 يونيو 2013, 2:21 pm | |
| بهدير يا تحفة شكرا لك وانت تقتلعني من هنا حيث حيث الهموم والألام وتغرسني هنالك حيث الحب والوئام كنت بغاية المتعة والإنسجام وأنا اتجول في رياض إبداعك الصافي الدافئ حيث همبريب الرواكيب الصغيرة الأكبر من مدن وعبق الأيام الخوالي تسلم يا جميل وأسعدك الله في الدارين
| |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الخميس 13 يونيو 2013, 1:06 am | |
| حتى حواء دفار سقطت! كأعواد الثقاب الجافة بدأ النهار شاحباً ينسج مماحكته على نول الانتظار المر.. والصبية يمرون على عجل وفي أياديهم بعض قطع من القماش الرطب بزعامة وررو. كعادته أمطرنا في عجالته بضحكة وقورة لا تشبه ساعات هذا اليوم بالذات ولا هندامه المنقسم إلى وطنين من الإثم والعوز، ومضى في زقاق ضيق يقع بين ظله وظنه الوريف.. ولا إدري لماذا تذكرت حكاية صديقي خالد عنه رغم جدية مروره وصمته.. اما وررو.. فهو والله يخلق روعة الانتشاء.. عندما تناديه احداهن ليحمل القهوة الي شيخ وقور (يتمطق) شوقا اليها... او بعد ان ينادي هو (يا نيمات.. نيمات.. نقستي دا قال ليك تعال.. فيرد عليه الآخر اول حاجة انا اسمي نيمات ان اسمي إمااااات.. (عماد) ثم يرد وررو.. المهم نيمات ولا امات امشي نقستي دا قال ليك تعال) فيضحك الجميع.. بينما تتقد ذاكرتي بنشيد وررو ويتصاعد دخانها، قررت أن أناديه وأنتزعه من رفقته وأكلفه بمهمة هذا الخميس عسى أن تصيب سهامي تلة الليل واظفر بذات الرنين ونقارات الحنين.. وليل ترتخي وتشد فيه حبال القلب حتى تملأ فجاج الأرض بقبضة من تراب وصلصال، هو ليل يفتقده وررو مثلي.. قبض يده اليسرى وضمها بعنف وبسرعة فائقة حتى سقطت قطعة قماشه الفخيمة.. والتفت إلى بحركة خفيفة مع إغماضة عينه اليسرى المعتاد على أداء ولاء فروضها كل لحظة حين تختاره المحنة وتقصده.. ومن ثم أفرد يديه وأنامله وأشرعها للهوء الطلق.. لحظات وانسرب بين أزقة السوق ومضى وتركني بين صدع ظنوني وفضاءاتي المعلقة في إنتظار حضوره البهي.. وفي بهو الانتظار تصنع النفس أراجيح وأهازيج؛ بعضها يفتل من أوراق الصبر حبلاً متيناً، وبعضها يزرع الأرض بحروف يجيد مقاربتها وتحليلها وفك طلاسمها فكي تركي فقط.. صنعت قارباً من ورق أبيض أبحرت به قناة الترعة العفنة وعبرت كما الهواء متضامناً مع طقس النهارات المسخن باللهيب وصوت حواء دفار والجلبة التي تصدرها في عبورها اليومي لسوق القش.. تماهيت مع تلك الأصوات وتلك التي تقفز إلى طبلتي من بين سطور خربشاتي الترابية.. وأقبض ملَّ يدي وأحسوها على رأس شيطاني المبلل بنزعات الشك.. وأقول في سري لعنة الله على بلد ابتلاها الله في جغرافيتها الترابية وتاريخها الترابي بفيض من مس وهمس ولمز.. أستبين البعض وأركن إليه بكامل وعي.. كل شيء يأتي في وقته، فلا داع للاستفسارات في لهفة واضطراب فأفضل الحب ما اتسع له وعاء القلب والعقل؛ الواجهة والمواجهة.. وخالص المحبة ما تأتي عن إدراك.. كن روح واحدة في جسدين! وأمضي في نوبة غيابي النهارية واحتقب رزمة ورزمانة من قصص الليل.. وهذا ما جعل حواء دفاااار تترجل عن صهوة شقاوتها ورجولتها وتشتهي رجلا كطلعتها البهية للياليها العضيرة.. ولا تتردد في تلك النهارات المعبأة برائحة المطر، فتمضي وتطرق باب فكي تركي وتطلب منه مساعدته في أمر الزواج من انقنق حتى تحظى بطفل منه يشبهه في كل شيء حتى فحولته الباينة بينونة كبرى.. جلست القرفصاء تماماً في محاذاة تركي وقالت بصوت خفيض لا يشبهها البتة: والله الراجل دا انا عاجبني شديد وحلو حلا وعاوزه منو جنا.. يا شيخ تركي الراجل دا لازم اعرسو كان الليلة ولا بكرة.. جسمي دا تعبان بالحيل من شفتو بساسق كل يوم بزقاق ناس حاج النور انا قلبي دا ما وقف من الدق ودق دق دق كل مرة.. وكان الأمل بالنسبة لها يراودها ويتمثل في البقاء على قيد الحياة ليوم آخر وإذا فكرت بهذا المنطق ستجد أنه (انقنق) كذلك.. ونفحت المكان وعطرته حتى بانت نواجذه بورقة حمراء تختال الهوينا بين جلباب تركي المفترش الأرض في ثبات عظيم؛ خمسون جنيها من ذلك النوع؛ اب عمة والتي تتزين بصورة اب عاج اخوى دراج المحن.. وتركي تسوقه شهوته الجامحة إلى شارع الردمية ليعبيء صدره بلفافات الدخان من خانة ابوكوكة وغير ذلك لا يحفل بمعشرهن، فعنده أرداف النساء معرة وذبول ونقص رجولة.. فعالمه تحت غيم مبسمه وأوراق التبغ والحشيش.. وليالي المدينة تمخر عباب الأيام غير عابئة بحرائق شجيرات البن حين تحولت القهوة من راعي الغنم إلى الكاباتشينو. وتلك حكاية قديمة تُروى عن أن راعيا فُوجئ بغنمه، وقد اعترتها حالة غير عادية من الحيوية والنشاط، عندما أكلت من شجيرة معينة. لم يستغرق الأمر من الراعي وقتا طويلا حتى قرر أن يتناول هو الآخر بعضا من هذه البذور؛ ليجربها بنفسه، ويكتشف الأثر الواضح لزيادة نشاطه وحيويته، وكان هذا سببا في اكتشاف شجرة البن التي يُصنع منها مشروب القهوة، الذي يعد من أكثر المشروبات انتشارا واستهلاكا في العالم. وقد قيل أن أول من اهتدى إليها هو أبو بكر بن عبد الله العيدروس وكان أصل اتخاذه لهذه البذرة أنه مر في أحد سياحاته (وقد كان صوفيا) بشجرة فأكل من ثمرها حين رآه متروكا لا ينتفع به أحد مع كثرته فوجد به تجفيفا للدماغ واجتلابا للسهر وتنشيطا للعبادة فاتخذه قوتا وشرابا وطعاما وأرشد اتباعه إليه ثم نشر ذلك في الحجاز واليمن ومصر. واظن حواء دفار كانت بهذه الحيوية والانتشاء عند تناول فنجان قهوتها وفق جغرافية صغيرة لا تتعدى دائرة حركة صوت انقنق الهادر الجائل بين شوارع البلد في ايابه وذهابه للعمل.. وكبري الترعة العنفة شاهدا على سلطته الكبيرة.. وتركي يمهد الطريق وحواء دفار تصنع المشي.. وفي مفترق الطرق إلتقوا جميعا في بيت انقستي في جلسة نهارية فخيمة.. انقنق حملته خطاه الي طعام شهي يعرف سبله تركي لوحده كما سمع من البعض بأن انقستي ماهرة في طهى الدجاج مثل مهارتها في صناعة القهوة؛ علامتان وجهتا مسير انقنق حتى وجد نفسه يطرق باب انقستي بحياء مصطنع.. وفي الدردر الخلفي اتلف الجميع حول مائدة وبخور صعد عنان السماء مثلما شق قلب انقنق وخرجت منه الحبة التي كانت تبحث عنها حواء دفار.. حبة مسكتها بيدها ومضغتها حتى تكورت بطنها وانتفخت بجنين من حيامن اللحظة الوليدة.. واسلم انقنق روحه وقلبه الى سيدة جديدة من نساء المدينة صاحبة مال وجمال حتى طهمته وصلبته على أعواد مشانق الدخان وأنين الليل بعقد قرآن ممهور بتوقيع مولانا ود الكريل كجواز مرور لحياة جديدة لسيدة أعمال المدينة.. وفي ليل المدينة الصاخب انتشى الجميع بطبول فرح حواء دفار وانقنق في جو سادته الإلفة وغشاه كل النحل والعصافير حتى أشجار الشوارع كانت حضوراً في يوم لم تسمع به المدينة من قبل.. وغبت كما أظن وغاب قلبي ذلك اليوم في متاهات أخرى توسدتها بعبير نخب الود ورائحة الباشندي التي فاحت بين بيوتنا وزقاق ود الكعوك.. بينما قلبي في صهد انتظارتي المقيتة تسربت إلى حكاوى ليلة أمس المنيفة وطرقت أبوابي.. فبت بين هم وهم آخر وكيف حدث ذلك!.. فجأة يبين وررو.. يا زول أنا ما منتظرك من قبيل مشيت وين؟... يا عمك انت ما جايب خبر.. حوا دفااااار ما ودو مستشفى! عمك انقنق كبسو لمن رقدوا واطة..
| |
|
| |
عبد الرحمن موسي ادريس المدير العام
عدد المساهمات : 1830 نقطة : 12423 تاريخ التسجيل : 19/09/2011 العمر : 67 الموقع : مصنع سكر حلفا الجديدة المزاج : مسلم/سنى
| موضوع: رد حين أتخلص من قميصى.. الجمعة 14 يونيو 2013, 11:08 am | |
|
هذا فن روى يفوق حد الدهشة ويعتلى مدارج التألق..
الحبيب ناصر .. بتواضعك المعروف أرجوك لاتضيع
هذا المشروع الذى تكامل بنيانه ..وبانت ومضاته..
وحقيقة هذا الفن جدير بالتوثيق والجمع ليراه كل الناس.
الحبيب حقيقة جعلتنى أهوم فى عوالم من الخيال والواقع
وأتجول بين شخوصك وأشتم رائحة المكان واللبان والجبنة الحبشية
فى نهارات الخريف الماطرة ..وعادت الزكريات فى هذا الصباح المبشر
بقدوم الخريف المحتشد بالماضى الجميل والصباحات الندية ..ورجع صوت ترباس
يدندن {الريد يجمع ويفرق بحر.. يروى ويغرق..يالخليتنا قمت مشرق..مابستحمل قلبى بلاك}
وحنان بلوبلو تصدح: {شمبات طرف فوق للقنا قلبى حباك عينىّ انا .. ياالهجروك علىّ..الليل ليلين علىّ}
| |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! السبت 15 يونيو 2013, 1:44 am | |
| شكرا للحضور حاولت ان ارد للجميع عبر الاقتباس وفشلت لاسباب فنية ولتغيرات طرات على المنتدى او المتصفح لا إدري حتى يفتينا الزعيم خالد.. وصراحة اصبحت الكتابة والايقونات والخطوط وحجم الخط والالوان أكثر اشراقا هل انتم نلتم هذا الحظ الجميل مثلي... على كل حال ننتظر خالد! ما نكتبه هنا حنين يشدنا الى المصنع حبنا وسدرة مبتدانا ومنتهانا وهو شوق لا ينتهي الا بموتنا جميعا كما اظن وبعض الظن أثم.. شاكرا لكم دفعكم الجميل واثراء المكان وتجميله بحروفكم الانيقة.. ارجو ان تقدموا مساهماتكم النقدية حتى ننال شرف ان نكون قدر حضوركم الرائع .. شرفتونا بحروفكم يا اهلي الكبااااار .. وقلمي في انتظار عبوركم النقدي...
| |
|
| |
عبد الرحمن موسي ادريس المدير العام
عدد المساهمات : 1830 نقطة : 12423 تاريخ التسجيل : 19/09/2011 العمر : 67 الموقع : مصنع سكر حلفا الجديدة المزاج : مسلم/سنى
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الأحد 16 يونيو 2013, 5:07 pm | |
| يابهدير نحن لم نتجاوز منطقة الدهشة والتمتع بالنص..
النقد يأتى بعد التماهى التام مع المفردات وشخوص القصة المهم المواصلة .. لاأريد أن أقصم ظهرك بكلمات الإعجاب لكن مشروعك ياحبيب حسب حدسى تكامل ونضج وآن له أن يحتل حيزه .. شكراً الحبيب خالد على الإبداع الفنى والثوب القشيب الذى ألبسته للصفحات .. يبدو أنك فى لحظات تجليك يامبدع..
| |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 21 يونيو 2013, 3:26 am | |
| أب شلخة ونعناع أبيض.. المدينة في نومها وصحوها وغفوتها وتثاؤبها وقيلولتها القسرية تتوسد الأخبار الطازجة وبعض توابل الأنس؛ فالونسة بتفك الزهج.. فالمدينة لا تخلُ أيامها من دميرة الضحك وجنون الصبا وتفلتات الألسن الملتهبة بطمي بعض ساقط القول.. الاتبرواي كان قريبا منها يغذيها بالقوة والصبر والفحولة.. ثلاثتنا تحركنا بعد ان فقدنا الأمل كل منا في بيع قميصه هذا اليوم من نقطة تجمعنا عند قهوة حامد بسوق المدينة.. خالد يؤكد لي بأن الموضوع لا يحتاج إلى ترتيب، سندخل من الطريق الآخر المحاذي لمدرسة البنات من الناحية الغربية كعابري سبيل متى ما استقامت الظروف ولجنا غفلة في غياب غائلة التربص.. مِحنة في جلبابه المنتفخ كأوداجه يشير إلى ضرورة انحيازنا الى درب الاربعين وسلك مفازته حتى نتفادى شلة وررو ولسانه الأقرع... كعادتي في مثل هذه المواقف تتنازعني أنفاسي وخلجاتي وقلت لهم: سنطرق الباب الخلفي للحلة في الاتجاه الغربي لفريق مجان ولعل كبرى فاطنة حسين مناسباً لمرورنا ومن هناك نخوض عتاميرنا ونمضي إلى بيتهم وكأننا على أعتاب طريق رأس الخيبة الفالح. إن الطريق الجيد هو الذي يصعب على الآخرين تخمينه، لأنه من السهل بالنسبة لهم تعقبنا وضبط مسيرنا. إن استخدام مسارات عديدة مثل شارع الردمية أو الاربعين أو شارع المركز الصحي أو اختيار شارع فرعي مثل الفاصل بين الثانية والرابعة أو شارع الامية أو شارع حى التجار الداخلي لا تجعل من هذه الشوارع اختياراً جيداً كونها سهلة التخمين ومرتع خصب لأصحاب الخيال الواسع والحلاقين والحدادين والسمكرجية والعجلاتية والعتالة والترزية والعياشة والسماسرة والتجار والسبابة وستات الشاى والنقلتية والجرسونات والمرمطونات والخضرجية والجزارين والقشاشة والسقايين وأصحاب العصارات ومن لف لفهم من القبانة ورعاة المحلية الجدد. لكن من خلال استخدام مزيج من الشوارع الكبيرة والصغيرة والتقاطعات والمنعطفات والزقاقات يجعل من مرورك صعب التخمين. فعلنا الشيء ذاته ولكن بطرق مختلفة حينما افترقنا كالقاش في دلتاه عند سوق القش القديم أى تحديداً بالقرب من دكان عم قمر الدين.. توغلنا في وحل رمل الخوف وطين الفضيحة اللاذب واتوكلنا عليك يا الله بصوت واحد.. مِحنة لا يفتر عن ترديد جلالته اليتيمة؛ خير يا زول، وخالد في وروده حياض الكلام؛ الليل ستر، وقلبي تبسمل وتحوقل ونطق؛ السايقة واصلة. سرعان ما دلفنا إلى أشجار أشجاننا وافراحنا المسائية المتخمة بالندى وبخور حواء دفار وصيحات انقنق النهارية.. وأضحى الليل قطعة من سديم السماء وخرقة نغطي بها أوضار الجسد ومتعة لا تضاهي دسم حليب خدمات المدينة.. تفرق شملنا وانتشرت سحب جنوننا وملأت حنايا أفق المكان. والتقينا بعد برهة من الوقت تكاد أن تستغرق ضربات أيقاع الدرويش عبد الرحمن بين نوبته اليومية التي يمنحها لنهار السوق وسابلته بفرح جزيل وعميق حتى يقضي وطره من عشق المدينة في رابعة النهار وينسرب إلى شلة وررو ويعطيهم من ذات النصيب وهكذا تمر سحابة يومه المعطون في المسرة النبيلة. عند خلوة الشريف، وقفنا كحال حمار شيخنا ود كشكوش عند عبوره كبري الرى، نتناجى في سر العبور إلى البيت المنشود. وقفة ملؤها الحيرة وذهول ابو الهدهد الطارق غياهب الغياب. احتكمنا إلى فاكهتنا من القهقهة المسموحة واقتسمناها ونلنا منها قسطاً وافراً وطازجاً من دِلكة الواجب، وطنين خصخصة حقول قصب السكر. وفجاءة ينقطع حبلنا السري لحظة سقوط المياه من الأعالي وتنفجر السماء وتضج بالرعد والبرق والمطر. ونلوذ بكيس حلوتنا الورقي؛ مستودع سرنا نحو جدار الخلوة مع جوقة من الحمير الهوامل ونبقى رهن طقس رفس متواصل ومتقلب في ظلمة لم نستبن فيها شيء سوى خوفنا من شر مستطير ينتظرنا في تلك الانحاء. ران علينا صمت مطبق وكثيف. خالد تبرع بقذف حلوى النعناع فوق جدار صمتنا قبل أن تذيبها قطرات المطر الهاطل.. ومِحنة التقط السانحة وسجل حضوره بكلمة واكتفى؛ خارجونا من هنا قبال تجينا مصيبة. طفقت انشد حبال خيلي ولو أكلف نفسي عناء الذهاب إلى مربط حصان دامر القريب من هنا. والمطر يواصل نثيثه بخفوت مقترباً من إشعال هالة القمر.. وتصعد أنفاسنا صوب الهروب إلى بيوتنا عبر أي الدروب وأياً كان نوعها وضيقها ووسعها.. لامناص أن نعبر بشارع الردمية بعد أن تعذر وصولنا إلى بيت انقستي في ليل فقدنا فيه بوصلة الحظ وتلاقت فيه أركان السماء الاربعة وتحالفت ضدنا في مشهد لم يتكرر مرة أخرى بعد أن توسدنا خيبة خسارتنا الفاقعة اللون والمسيجة بالحسرة.. بينما نحن في حيلة التخلص من تلك الورطة انشق كبد الأرض عن وررو المدسوس تحت عجلات كارو دامر معلنا حضوره في كامل أناقته الليلية وهندام النهار المتسخ بلا بلل ولا حتى رائحة المطر سوى بعض من روث الحصان.. اوو عمو.. شنو الشقة الغريبة دي في المطر دا ماشين لانقستي تكفرو ليهو.. خالد: انت شيطان يا زول ولا دبوى؟ من وين طلعت.. عامل زى الفار الكبو ليهو موية في الجحر فت جا ناطي .. بسم الله! انسي ولا جان انت؟ مِحنة: دي مصيبة والله انا ما قلت ليكم قبيل وررو دا زى ود الحرام تلقاهو في اي حتة.. اها مالك يا زول حايم بى هنا في زول مرسلك لينا؟ وانا أردت ان اشغله حتى نتفادى لسان السوق: اها يا وررو مافي محل عشاء قريب هنا لاننا مهويين شديد؟ وررو: وين يا عمك وقت سى دا تلقى فيهو عشاء الا كان تمشو تجاسفو تمشو لى باسو وقت سى دا بكون مولع فانوسو في الضرا شغال.. يمكن تلقو كوارع مفضل.. خالد لم يستطع كبت شعوره وسأل وررو.. إنت انقستي مالها؟ وررو: انت ما عارفو يعني قبيل العصر اب ساطور ما فكاهو بالقزازة شلختو فوق لعينو شوية كدا.. مِحنة بدراميته المعهودة وحسه الامني: الفيلم شنو اصلا؟ وررو: اب ساطور انقستي ناداهو قال ليهو تعال دفق لى الموية دي بعيد من راكبوتي شوية.. قام اب ساطور قال ليهو انت المرة الفاتت ما اديتني حقي يا بت الحرام.. انقستي قام شال الماشة فك بيهو اب ساطور جل منو شوية.. هو قام اتحمق شال قزازة انقنق بتاع قطع الجمار فكاهو في انقستي شلخ ليهو الحتة الفوق عينو.. وانا: الكلام دا متين يا زول؟ وررو: الكلام دا عصر وقت داك عاوزين نمشو نرجعو الحلة؟ مِحنة: واب ساطور وين اسه؟ وررو: اب ساطور البوليس ساقو.. مشى ابوهو حصلو في النقطة فكاهو بضمنية.. خالد: انقستي وين؟ وررو: انقستي ودو مستشفى وربطو ليهو راسو بقى اسه زى العمة.. بكون مخدر نايم في بيتو وقت سى دا؟ وانسربنا إلى شارع الردمية وغاب وررو في اتجاه حلة مجان وامتشقنا ميعة الوحل والفشل وقبل أن نفترق ويغادرنا خالد على أمل لقاء الغد حتى كرت مرة أخرى سحب ماطرة أودعتنا جامع السوق.. فبتنا في فنائه تحت بروش قديمة واسمال بالية وصوت نحنحات تشق السكون وجنادب كنيف المكان..
| |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الخميس 27 يونيو 2013, 11:27 pm | |
| جسر جبرونا على قارعة الخوف وساسريب الصبابة التقينا نحمل مفردات عصية على النطق كثمر التين الشوكي في حلق ولسان الهادي الاطرش نجار المدينة ومعالج أبوابها وسقاطاتها من سقطات الصغار وهسيس الكبار عند حلول الظلام وبعض ناموس هنالك يقتات من غفلة حاكم المدينة وقصره المصون بالرجال وحراس غلاظ.. امتطيت حلمي الأغلف كما يسميه ود كندو ونحن نعبر سرف الأمنيات للقاء نبقة سدرة العشق حتى نقطفها خلسة لكى لا ترانا العاجبة المكتنزة عند رأسها ومنتصفها بالشحم السياسي.. والنبق كان ملء أطرافها وأفخاذها ولذا مصطفى جنية لا يتحرج حين يصفها بذات شكل تور الخدمات اب سنكيتة يوم أن وقفت بفستانها الأخضر القصير والمبرقع بزيت الفول ورائحة سلطة الأسود وقالت بصوت أجش وغليظ ومتعفن كرائحة دم القرموط وفضلات الصارقيل: "انتو فرقكن شنو من الغنم وقت بتاكلوا التمر هندي المدود دا!".. مصطفى كان أول الهاربين حينما سمع صوت عم هارون قادماَ من كرنك بياته اليومي.. ومراد ود فضل الله التصق بخصيته على ساق يابس من شجر السدر الملتف كسور يحيط بخصر البيت العتيق أو شجرة الجوافة التي تتوسط شارع حى الموظفين.. والمهندسون في ذلك الزمان كانوا يغزلون نول وظيفتهم وامتيازاتهم التي لم تتجاوز حدود كروشهم المتماهية مع جزالة المرتب الشهري وتسديد ديون دكان سعد سليمان ودفتر الجرورة المركوز عند ناصية الجمعية التعاونية.. ولكن رجل العاجبة كان يصنع ختمة مريسته على ايقاع دلوكة ليالي الحديث السياسي بعيداً عن صيحة سائر أهل البلد في زفة طبولهم العادية في جلسات العصاري والمساءات المعطرة بالندى ورحيق زهرة الباشندي.. وصديقي بطة كعادته منشغلاً باللاشيء أظنه؛ هيامه الغريب بدنيوات لآ أعرفها حتى اللحظة.. ينهمر كقوس قزح ولا يبرح تبروقة سهواً حبيبي المعلقة على جدار راكوبة أم المساكين.. سلالة رفيعة من خيوط الضوء تتناهى إلى المكان وتنتصب كالطاهر الأحدب المفتون بطعم نبيذ المعرفة.. وتتبرعم زهرة وتنشق وتعطر أجواء المكان.. الطاهر يوغل في حنينه اللاهث صوب صهباء حيرته المجدولة بأوراق شجر الفواكه المغمورة في ماء النهار وخمارة أم المساكين.. نهاره وليله مسرجاً خيل تنهُداته المعلقة في بكارة حبل وريده المنتعش بفحوى أهمية عصير البلح.. وتشهد له الشوارع الترابية وأصوات الجرارات العابرة وحيض غمام التراب المركون بين طيات ترلات القصب.. في كل نهار باذخ ومسنود على أكتاف بنات مدرسة (أ) يعلف يديه بأشياء الدنيا ليعيش خميسه الماكر؛ قميص رائع اشتراه أول الشهر المنصرم من دكان نقادة سوق البصاولة أو مذياعه الوحيد أو كتاب يتناول سيرة ابن الرومي أو مجلة صباح الخير أو غيرها من متعلقات غرفته بالميز.. تتعلم منه المدينة كثير من الدروس والعبر وليس آخرها كيف تعرف مكان الصارقيل الجيد والفاخر الحجم!.. خبرته بالكيمياء والمطر والمياه كبيرة بحجم أرخبيل معرفته.. كنا نضع حفاراتنا الحديدية أينما ولج الأحدب في أي مكان على جانب الترعة.. وننهمك في تعقبه عبر مسيره المتمهل ونكتفي بفتات ما تبقى من صيده الوافر وفي ذلك أيضا نعرف أين يتوفر صيد السمك!.. بمرور الوقت خبرنا دروبه المتقطعة وهذيانه وذهوله وصمته المهيب بمنزلة الجرعة السحرية لحراكه بالمدينة والتي تنوص ليلها ونهارها لتعرف ما هى حقيقة ود الأحدب!.. ولا يوجد بديل سهل لذلك التمني.. للمكان هنا قيود، لم تمزقه وتهتك باطنه ثرثرة أهل المدينة ولا عطشنا المسكون بالطيش فالأحدب كالورقة الخضراء لا يسقط مهما هبت عواصف الفضول. لا شيء يقارن برائحة نسيم مروره في طقس النهارات المحمل بتوابل سمكه الطازج حين يعبر مسار ترع المدينة الممتدة كأرجوحة بين تعب نوبات عمله اليومي في المصنع وسنارة صيده المعكوفة على قامته المربوعة.. ومن يتحدثون عنه في تلك الساعة المتأخرة من النهار في قهوة السر بسوق المدينة، كانوا ولا زالوا يكذبون.. الطاهر من تتخيله وسيماً في كبريائه ومروءته لا من ترميه بسوء الظن البائس كلما وجدته مترنحاً وعارياً إلا من شهامته وهو على أعتاب جسر جبرونا المنصوب على الترعة العفنة.. هكذا كان يبدو جميلا في ذلك اليوم الذي أمتطى فيه خياله الخصيب وعبأ الذات بمشروبه الروحي المفضل حتى فاض وانتفض غيابه على بنابر أم المساكين.. سدر به الحنين وغادر حانة المدينة، ﻭﺣﻴنما ألتفت ناحية أشجار البان المبذولة على أمتداد الحى لم ير أحد مما أغراه بنزع كل ما يملك من ستر الدنيا الواهية ما عدا قطعة صغيرة مكسية بجلال البياض تجاوزت صرته بقليل حتى ناصية رقبته المتتدلية بعمق نبله وانسانيته في الشارع المفتوح على قلبه.. تخلص من كل شيء؛ قميصه البني وبنطاله المايل للسواد حتى سرواله في ذات الوقت الذي انحدر فيه إلى فضاء الشارع الداخلي والمحاذي للترعة العفنة.. ومشى غير مبالياً في رهاب سيره المسكون بالصمت وبعض الصياح العابر والمخنوق ببحته المعروفة.. ينطق بكلمات مبهمة وغريبة موغلة في حيز الطلاسم وتمائم عمي تركي المنقوعة بماء سبيل أم المساكين.. في تلك المسافة ما بين جسور المدينة الكبيرة وسندة سكة الحديد وحتى معبر حى جبرونا الصغير تحلل الطاهر الأحدب من كل شيء يقيده ويكتم أنفاسه في كل مشاويره اليومية ورمى بها في سلة المجهول المترامي الأطراف.. وتشتد به الحيرة حين يحاول أن يستر عورتيه بعد أن فقد كل شيء.. يحاول بشتى السبل في إنحاءاته المتكررة كحال عمال الترولي.. والكرب يمتد به حينما رأى الجنين ود السرة قادماً من الاتجاه المعاكس.. أكفر وجهه وأحمر خجلاً وتوارى في إصراره ممسكاً بقطعة الفنيلة الداخلية من أسفلها مؤكداً إستمراريته في ستر ما فاح من أوعيته التناسلية وخريطة مؤخرته ويفشل.. ود السرة وقف مذهولاً لهول المنظر لا يدري ما يفعل!.. أيمضي لبرمبيطة الترعة العفنة ويأتي بها لستر لحاء الفضيحة أم ماذا يا ترى؟ تتناوشه ضريسة التصرف وتحيط بأرجله وأنامله وتختلط عليه زخومة المكان ويزدرد كرير بكائه وحنينه وينطوي على جمام من الحسرة والألم وأبتل جسده بالعرق وعروقه بالدم الفائر وسال جفنه بالدمع، ولم يذهب الظمأ.. والطاهر في أنينه يصعد أعالي ورطته وينتبذ ربذة قَصية تحت أسفل جسر جبرونا الحديدي والخشبي.. والليل مقام من مقامات الستر .. ورؤوس قطاطي جبرونا تتراى من القريب كزورق للخلاص.. يا الطاهر عليك الله أمرق من تحت النصيبي دي قبال تقع فيك! الله يرضيك ابق مارق قبال الناس ما تجي وتشوفك يأااخي وتفضحنا! عليك دينك أمرق من هنا! ود السرة يتعالى نياحه ويختلط بأهات الطاهر حتى يفلح في إنتشاله من يده الممتلئة بزِفِر الماء السائب ويخرجه لحافة الترعة، ويكاد الموت ينزل به بعد أن إستنشق رائحة الصودا والمولاص.. أنا أسوي ليك شنو قبال ما يجي زول يشوفك بالحالي دي؟ وديت هدومك وين رميته يا الطاهر!! انضم يأااخي! الله يهديك.. خلينا نتفكه من الورطة الوقعتنا فيها دي!! دي حالة والله أخير منها الموت.. نقول شنو لو جو ناس النادي ديل مارقين واتلموا فينا ولا جات عربية البوليس مارة بهنا!! وامغستي الليلي انا يا الطاهر!! وين الليلي أقبل أمش!! ويهرول الجنين ود السرة بين كل الجسور هنا وهنالك.. وتتشابه عليه الترع الممدودة في كل النواحي ولا يظفر بأي قطعة من ملابس الطاهر.. حتى في أزيار على سلك عند مدخل المدينة أدخل رأسه من اللبس الذي اعتراه.. ويعود ومن ثم يهرول من جديد وهكذا دواليك في أشواط الهرولة المتزايدة.. والمكان في هدوء يشبه المدينة في تلك الأيام الخريفية.. ويتحالف بنزق مع كل شيء.. الضفادع في سفر الهجيج تشعل الليل مستغلة غياب الصغار مع ذويهم في موسم الاجازات السنوية بعد انتهاء موسم الإنتاج وصيام آلات المصنع عن الأزِيز.. يأااخي قوم من الواطي دي.. هاك البس جلابيتي دي بدل المردغة دي.. الباكي ليها شنو؟ قوم يأااخي!! امتطى الطاهر قطار المحاولات لإرتداء الجلباب.. ويحاول ويفشل المرة تلو الأخرى.. وتضيق به الدنيا كما الجلباب.. عندها أطلق ود السرة آخر صيحاته: وقت ما ها قدرك لفها في صلبك دا وارح نمش من هنا بعد دا.. خلها توصلك الميز يا عبيط!! ويرد الطاهر: ..ونان أنت تمش بسروالك القصير دا في الشارع ما بتخجل من الناس؟ يأااخي قوم.. دحين انت وينو سروالك؟ خليك من سروالي القصير دا!.. ويستمر الجدل متصاعداً ويملأ فضاء الليل البهيم.. ويمسك ود السرة جلبابه من اطرافه ويحيط به ما تعرى من الطاهر بصلف وقوة.. يلا قدامي على الميز سريع!! نان نعالي وين مشت؟ نعالك! ينعل قفاك وابو اليوم الجابك هنا ذاتو.. ارح امش قدامي يا بهيمة يا فطقة!! طيب وقت النعال ما اتلقت ما مهم .. مهم عندي كيس صعوطي شوفو لى وين وقع في الدفسيبة دي يا جنا!! ويعبران الجسر بأحلام كبيرة بعد أن ساد المكان توتر وقلق مهول في مشهد لم تعرفه المدينة من قبل ولن تعرفه مهما طال أمد حياة شريانها.. الطاهر يشعل الصمت من جديد: دحين يا جنا! ماجدة بت ام المساكين ما شفتها في سكتك الجيت منها دي! يمكن هى تكون سرقت كيسي بتاع الصعوط ادتو لى امها المعفنة دي.. الجنين يسافر في شجنه المصلوب على بوابة الميز وبرفق يضع الطاهر على سريره ويغلق الباب من خلفه بالمفتاح ويغيب في نوبة بكاء لم تنته حتى يومنا هذا!!
| |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 23 أغسطس 2013, 1:56 am | |
| حمام أم المساكين الطائر كما هو يومذاك معلوم في عرفنا الجاري بـ"عيد المطاميس"، لما يستباح فيه ليلاً من ألوان اللهو البرئ وغير البرئ. وفيه ما تحيكه النفس وتحيط بها في دهاليز العتمة والدروب الطينية المسقية بالخبوب والنَّزّ المتحلب، راسماً خرائط المتعة والدهشة والخبل والجنون وبعض من الاندراوة ومسبحة طويلة من فصوص الذاكرة وتميمة الرزق المقسم بنصوص اللصوص.. وفى تلك الأيام سقط صديقنا فضل ود فكي في مصيدة أم المساكين حيث أوغل التسفار ذات مساء مترف بالدعاش وحبيبات الرزاز وانغام عشوشة في مشروعه الليلي وبدأت سيمفونية الحكة تموع في جسده وتنهل منه شهية النفس نحو حقول الفتريتة والقصابي والمريق المنتصبة على رواق المريسة وغيرها ممن تخرش الجلد وتحيله إلى سنابل من الهرش والرشح المتواصل.. كونه من جيل تمرغ في حضن الغياب الروحي.. لا يعفيه البتة من التأثر في حياته الباكرة بطول الباءة وتلافيفها فالهجيج السائد لا يتخطى صافرة المحطة وصنفورها الملون بمزيج من كيمياء الخلاص في زمنٍ كان فيه الرقص السائد هو – العجكو والسامبا والجاميكا والكاروشة - الذي تتخلق عنه ثلاثة أشياء غير مستقيمة في رسمها؛ العرقي والنساء وتعبئة المال وتخزينه في قارورة القمار التي في حكم المؤكد تقود إلى دائرة محاكم الطوارئ.. وكان ود فكي زبوناً راتباً للمحكمة الأهلية الواقعة في اتجاه الشمال الشرقي من سوق المدينة وفي اتجاه جنوب ميدان السكر مباشرة بحكم إستعداده للتأهل للفوز بمنصب رافع بيرق الخانة.. دائماً ما تتغضن مؤخرته بدقة سريعة وفاعلة توازي حكم الشريعة وفقه الولادة من الخاصرة في ذلك الوقت الجعفري المسموم بجفير التحكيم.. وهذه هى خطيئته الكبرى في المدينة وأطرافها التي تعرفه عن قرب كلما مر بها متعمداً أو غافلاً أثناء غيابه المؤقت.. إنه صورة مصغرة من خليط متراكم من أنسجة وعى المكان حين يهرف دوماً بما يدري ولا يدري بحقيقة كونه فضل ودي فكي من جهة أبيه أو فضل ود جمعية من جهة أمه الراحلة أو كم تنضح ذاكرة المدينة بطرفته (انا فضل اخو الظريف راجل مكة) منذ ما يقارب عقد من الزمان إى منذ حضوره المتواتر في شوارع المدينة الكبرى كاحرف لاعب كرة قدم وصاحب تسديدات بارعة تفوق الوصف حين تعلو الكرة من قدمه إلى أعالى السماء في أشهر رحلة طويلة المدي لقذيفة مرتجلة من فنون قدمه الجامحة للانتحار في سبيل النصر الكروي وصيحات ود جبران والشيخ البوليس حينما تعانق شِباك ميدان السكر وقتذاك هدف من قدمه ويعلو الصراخ والجمهور كله يهتف باسمه ويقف إجلالا لحضوره المميز وهو في كامل أناقته منسجماً مع سريان مفعول المريسة في جسده الباذخ بالعديد من الندوب التي خلفها عقد كامل من معارك خاضها من جراء احتسائها.. ندوب تبدو كواجهة طاولة الجزار مالك أمهر صانع كوارع قبل أن تظهر باسو على إحدى ألسنة شارع الأربعين المتفرع على زقاق ضيق يتسع لثلاثة من حمام الشقوق.. وبين مالك والفضل علاقة مودة وجوار في ليل المدينة المصون بربطة عنق خيل بوليس السواري ولمبات الطاهر كهرباء التي تفتك بسر العابرون العتمة وسوء المظنة وشارع الترلات الفاضح لكل مدلول من زجاج حتى لا يسقط مثلي في عبوره اليومي للترعة العفنة مشنقة الناس الحيارى.. في تلك الليلة المعتقة بغلالة الصهباء وبعض من طحين الفرن هام الفضل في فلوات شتى؛ شاسعة كحقول قصب السكر الممتدة على بساط البطانة مع هسيسه وهمسه الأنيق، وضيقة كخصر مها ابنة أم المساكين التي احتوت ضجره وتفلته وجنونه كأروع حبيبة تفننت في احتضانه لأطول فترة في دنياه الممتلئة بالأسئلة القلقة والمفتوحة على ألف باب من نهاراته الشاقة في العمل وانتظار (ختة الصندوق) ليظفر بمبتغاه ويكون من ضمن سكان البيت، وبذلك يكون قد ضرب عصفورين بحجر.. على الأقل يتهاوى نزق حلم مها ويتطاول ليله في أتون حربه المقدسة حتى يجترح المريسة مستعيداً عافيته لنوبات الشغل المتقلبة بين الفينة والأخرى.. انتصف النهار والفضل يتعوذ ويتحوقل ويئن في مخضعه من وجع الحرمان، وأم المساكين في هجعتها وقيلولة انتظارها بشبق لمساء جديد سيدخل حيز التنفيذ بعد ساعات قليلة.. كانت تئن هى الأخرى من جسد الفضل العابق برائحة كريهة والممد كجنازة ود عطرون يوم رحيله الذي فاض على الأرض مطراً ملأ كل أركان البلد إلى حدود كمبو النيل.. تنتظر بفارغ الصبر دخول الوقت لتعلن للفضل انتهاء دوام شغبه ليخلو لها المكان لاستقبال زبائنها الكبار.. وفي المساء يحضر ود السلطان، ود ملجة، ود مدني، ود علي، ود العطا، ود النور، ود الصادق.. ويغرق المكان في نشوة جديدة ويغمر كل الأفق بصفوة أنفاس وجهاء المدينة.. ولما لم تجد حيلة للتخلص منه، اغرته أم المساكين بشراء زوجين من الحمام الرخيص الثمن ليحمله معه لصديقه مالك حتى يصنع له مرق طازج يمضي به ليلته هنالك مع نوبته الليلية في فرن حاج التلب.. وهى تؤمن بقين كامل انتصارها في صفقة مربحة كاسبة المزيد من المال عصب البلد.. وانطلق الفضل بفرح طفولي جماً حاملاً معه زوجين من الحمام بيده اليمنى، وفي يده اليسرى دست مها لفافة ورقية صفراء تحتوي على كيس من التنباك وفتيل محشو بعسلية فاقع لونها وخطاب رقيق ومسطر بأعذب العبارات الغرامية، وهكذا تعلن الفاتنة في كل حضور عن حنينها وشوقها واهتمامها وخوفها عليه.. وسرعان ما عبر ود فكي كل المسافات على صهوة غيابه مرورا بسوق القش ودكان عثمان ود الكنينة وشارع الردمية ومدرسة (ب) بنات الابتدائية وصهريج الحلة وجامع السوق الكبير ومن ثم ميدان السكر الكبير حتى حاذى المحكمة.. وقتها نَصَلَ بنطاله الرمادي المطرز على يد إدريس أبكر من تيل متين بسرعة البرق مفسحاً مؤخرته لسابلة السوق والمتحلقين حول فرن الرزم في صفوف طويلة ينتظرون دورهم لتناول حصة الخبز اليومي.. وفي تلك البرهة الفالتة من عقال الزمن والارتباك وضع في الأرض زوجى الحمام واللفافة الورقية وانحني مرغماً لرفع بنطاله، بينما هو في عفار ستر عورته غادر زوجى الحمام المكان بكل قوة وانطلق في فضاء المكان محولاً وجهته من حيث أتى بسرعة هزيم الرعد تاركاً الفضل غارقاً في دوامة النحيب يصيح بأعلى صوته.. ام المساكين غشتني وادتني الحمام الطاير وكضبت على.. انا كان عارف كدا ما كان اشتريتو منها بطرادتين؛ واحدة كحلية وفيها نميري وجيه ولابس عمة والتانية كاكوية وفيها كبري كوستي الجديد.. حرامية ومجرمة شالت كل قروشي واكلتني بعد شربته مريسته العفنة وسخانة دي العاملة زى موية الترعة.. وفي غمرة بكائه المرير حمل لفافة مها واخذ يغذ السير في طريقه المعتاد ممسكاً ببنطاله ليدرك مواعيد عمله.. لمح باب المحكمة الداخلي مفتوحاً.. لم يتمالك نفسه من الغيظ حتى وصل قريباً من نوافذ المحكمة وقذف بأقصى طاقته لفافة الورق ومضى بقلق وتوتر بائن في كل قسمات وجهه المترع بملامح طفولية ومخاط لزج يبلل أنفه الشامخة كناطور يحرس مستشفى المدينة.. متراجعا للوراء بتثاقل واضح.. قائلا: يا قاضي انت.. سامعني كويس.. اللفة دي ادتني ليها برضو أم المساكين فيها بنقو ومريسة وعرقي.. اسه امشي ليها في البيت حاكمه لانها غشتني وادتني جوز حمام طار مني اسه قدام محكمتك دي.. وكمان عشان ما أنسى برضو فيها جواب غرامي من بتها اللفيفة لشخصي الضعيف دا.. وغاب الفضل في طريقه متخلصاً من عبء عشق مها وحصارها المستمر، دافناً حجر إصرارها الثقيل وكفاحها المستميت في ذرات الغبار المتلون ببهائه وجمال روحه ليلحق بنوبته ذلك اليوم بفرن التلب دون أن ينتظر التفاتة من سادة المحكمة المنشغلون وقتها بالتقاضي في قضية دهباية وتلك المرأة الغليظة والحادة الملامح كرجل ضل طريقه إلى النساء.. ولسان حاله يقول: "إن الحل لا يجب أن يأتي مبتسراً"..
| |
|
| |
يعقوب اوشى عيدالكريم مشرف
عدد المساهمات : 1079 نقطة : 11754 تاريخ التسجيل : 26/08/2011 العمر : 44 الموقع : قلب البركس المزاج : يتغيرون فقط.عندما نخبرهم اننا نحبهم جدا؟؟؟
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 23 أغسطس 2013, 6:15 pm | |
| روعه السلاله والتسلسل الموسيقي الطروب اندهاشه مفصله ومتسلسله وقميصك ده عاوزنو 50جوز وأكتر اها يا ناصر عندي ليك سعوااال واحد بس ود الفضل كان مجيه من ام المساكين مصلح تب وكده دحن دايرين نعرفك انت شغلك ده باقي ليك شغل نصاح ؟
لك كل الود | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 23 أغسطس 2013, 7:07 pm | |
| سلامات أوشي.. شكرا لحضورك الذي تزامن مع حضور الفضل ود فكي في خانة المنتديات انا وانت والفضل كلانا من صنع المصنع الجميل وهذا هو الحنين الذي يشدنا الى تلك البقعة الطيبة كل لحظة يا صديقي..
| |
|
| |
يعقوب اوشى عيدالكريم مشرف
عدد المساهمات : 1079 نقطة : 11754 تاريخ التسجيل : 26/08/2011 العمر : 44 الموقع : قلب البركس المزاج : يتغيرون فقط.عندما نخبرهم اننا نحبهم جدا؟؟؟
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الأحد 25 أغسطس 2013, 10:22 am | |
| شكرا منتديات التى جمعتنا باناس يحملون هم الغير ويسهرون ويسعدون الاخرين شكرا كتير البهدير | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 30 أغسطس 2013, 1:29 am | |
| زقاق صفية بت النور نهار قائظ يتوهج بلون الحمرة من لفح السموم على سواحل سراب ضحل وبعيد يتراءى للناظر كأشواق تشد بعضها البعض وتنشغل بمدى الطريق كألوان براقة وصارخة وأصوات صاخبة تضج في فضاء المكان.. والتربة مزيج من خمرة بت الاحيمر الفائحة ورائحة (تمر أبونا) المعطون بصنان أسفل زنكي دكاكين السوق تراكمت من دفق ساخن لماء مَلح عشوائي مُلِح من سابلة الملجة وأخوة وررو حين لم يجدوا مكاناً معداً من قبل سلطة المجلس البلدي لإفراغ مثانة حظهم الضيقة.. عمي بامسيكا يستقر على عنقريب منسوج من حبل صفق دوم يابس ومتين مائل للخضرة الباهتة والتي لا تقوى على الوقوف أمام إخضرار كل خضروات عمنا الدفع.. والسوق ينضح بعرق متسامي تلحظه على جبين حلوم بت الاحيمر.. ود العوض واضعاً رجله اليسرى أعلى طاولة الدكان المزدحم بروائح توابل الشهوة وبعض بهار نافد يصارع رطوبة الوقت وزيت خروع متداعي على الأرض وبعض نبق وقرض وقنقوليز.. ود العوض بوقفته تلك كأنه طائر البقر في انتظار فريسة جمة وطازجة بين أفخاذ بقر أحمد حلبية على حواف ترعة الخدمات.. يا أخينا ما بلقى لى عندكم قلم ترمسة! والله ما عندنا الا العادي البى لونين اخضر وزيتي او احمر بمبي لكن كدى شوف عمك قمر.. بينما كنت أهم بالمغادرة إنسربت فجاءة حلوم واتخذت لها مكاناً بيني وبين كفلها كعادتها كلما توهطت وهمت بحاجة لها لتقتنيها أو لتستهلكها بين السوق وأزقته المعفرة برائحة البول... تراجعت إلى الوراء قليلاً متفادياً زحام أردافها وقلبي بين لذة التمعن ونداء الانصراف.. تراجعت ووقفت اتنعم بالمشهد من فرط سخونته التي غزت كل المسافة التي بيني وبينها كقرن شطة ملتهب بفمي وأنفي الراعفة التي سالت على أيقاع اهتزازها الموزون.. وهزاز المصنع كان يسير بي في تلك اللحظة ويقودني إلى أرض محايدة غاب فيها عمي بامسيكا لبرهة من الوقت متأبطا فيها ركوته شاقاً زرائب السوق.. بصوتها الأنثوي المتوحش والعالق بأصوات طير القطا في تلك الأنحاء خاصة خلاء بيوت الموظفين..ويدها أسفل فكها.. وجهت حديثها وكل جسدها الفاخر إلى ود العوض.. يا زول انت جيت تبيع خردوات ولا كوم عفشة.. ما تنستر وتنزل عدتك دي المديها وش الزبائن.. الدنيا نهار وحر يقلي الحبة.. اطمئن! بت الخليفة بشارة ما بدوك ليها يا فالح! خبرك جاني أمس قالو قدمت قرعتك وقالو مشيت تخطب مشاعر يا منقة انت! عاد قدره ولا لحم صدره! خليك في قرضك وودكك دا.. الفلهمة ليك شنو؟ تتطاول وتتقاصر عاوز ليك بت تلد مية زيها يا راجل يا فطقة؟ مرت لحظات عصية على المرور وعلى ود العوض وغاب فيها كل شيء حتى ضوضاء السوق خفت وتضامن مع ما جرى.. تعثر القول في لسانه وتلاشى.. وأخيراً صاح.. يا حاجة انتي عاوزة شنو.. خلينا في المهم وسيبك من النضمي الكتير اللا بودي ولا بجيب؟ أنا عاوزة شنو ولا أنت؟ ثرثرتها الوالغة في سفر السماء طفقت تقترب من أذن عمي بامسيكا.. استحي يا جلف واديني كوم بصل بى طرادة الحق زبايني.. مالي ومال الغلبة والجري وراء الطلبة!! يطاردوك الشفتة والهمباتة ومحمود اب اصبع والزبيدية وكلاب الصول ويرموك عضم.. ويلحقوك أم كلعلع والحسكنيت!! اسند ود العوض ظهره إلى رفوف الدكان محاولاً أن يستعيد ما حدث في ليلة أمس وكيف تسرب الخبر إلى السوق؟.. وقادته الوساوس إلى صفية بت النور مباشرة دون تبصر وتروي كحاله حينما يداهمه الوسواس.. وحيل ود الأقرع كانت دائماً تحيله إلى قارعة الوسواس والظنون وزقاق بيت بت النور وشلته.. انت يا ود العوض قميصك دا دحين ما مكرفس من وراء.. ياااخي امش غيرو قبال نطلع على الحفلة!! سرعان ما يعود بقميص اخضر وممعن في القتامة.. ود الاقرع هذه المرة يمرر الشفرة إلى مامون ود العباس.. يا ود العوض انت مالا تسريحتك دي ما سمحة شكلها الا تسريحة ابراهيم عوض دي دقة قديمة.. ياااخي امش ادخل بيت ناس التيمان وشيل ليك مراية وعيد تسريحتك دي تاني عشان نحصل الحفلة قبال الجكس ما يمشي اهلو!! هب عمي بامسكيا مذعوراً من قيلولته.. بعد سياحة مع نجم سهيل الذي من المتوقع أن يخرج في سماء البطانة ناحية جهة أم رهو وقوز رجب والساسريب الوسطاني في تمام الساعة التاسعة من مساء اليوم نفسه.. عمي إرتكز في تفسيره على حقائق تعلمها صغيراً في صباه أوان تلك الرحلة التي يعلو ويهبط فيها أودية البطانة.. يعرف جيداً إنه سيرى سهيل من إتجاه الشرق، حيث يتزامن طلوع سهيل مع دخول طالع الطرف، وكان العرب قديماً يقولون في طالع الطرفة: "إذا طلعت الطرفة بكرت الخرفة وكثرت الطرفة وهانت للضيف الكلفة". ونجم سهيل هو نجم عملاق مقارنة بالشمس وهو أكثر حيوية منها. وهكذا كانت حلوم حين تقارنها بأي امرأة من نساء المدينة.. تبسط سطوتها وأنوثتها على كل شيء وعلى الناس جميعا؛ رجالاً ونساءً حتى جوغة الجنقو في حضرتها: أطفال في روضة فاطمة حامد.. في الوقت الذي بدأ فيه موسم سهيل في التشريف، وهى مدة تعادل من الوقت ثلاثة ورديات لصديقنا ود الأقرع في قسم القيزانات، بدأت بالظهور طوالع حلوم على تخوم زقاق بيت صفية وتلاقت عيونها الناعسة بعيون ود الأقرع الداعجة وينفرد الجمال بالوسامة وسهيل وسيم ونبيل ومجيد في طلعته حينما يرسم محياه على أديم السماء وعلى دروب المدينة وطاولات الموظفات والمعلمات والطالبات المرعوبات بجماله.. وفي الوقت الذي يترقب فيه عمي بامسكيا وينتظر سفور نجم سهيل كان ود العوض يمسك بتلابيب قطية أم التيمان في مشهد يوحي للناظر بأن رأس القطية هذا العام إختارها السمبر دون قطية عمي النور ود الامين ماذون الحى..ود العوض تعمد أن يكون هنا لشيئان في نفس يعقوب، وهو الخبير في حدود استطاعته على بيوت الحى يعرف أن حلوم تمر كل مساء وتعبر من هنا.. إنتظر مرورها على صبر ماهل هذه المرة لشر يضمره من صهد النهار الذي وضع علامته عليه.. وكما يتوق لمعرفة مسار ومنتهى رحلة المساء اليومية المجهولة التي يقطع مفازاتها ود الأقرع صوب بيت الخليفة بشارة لينضم إلى جلسة شاى حميم ومعتق بأنفاس أنثى صغيرة وطازجة كالفاكهة تحرك مشاعر البلد كلها وذوقها المفتون بآية حسنها.. تبسمل وتحوقل وتعوذ عمي بامسيكا بصوت سمعه كل من كان في البيت تلك اللحظة: بسم الله.. تعال يا بشير شوف دا انس ولا جن.. الشيء مالو التقول لستك عربية فوق راس قطية أم التيمان.. ود العوض يمسك بتفاصيل المشهد على السماء والأرض والمناظر تتبدل.. أضحى بين نارين؛ بين عيون بشير التي ستفضحه بعد برهة وتحيله إلى محكمة عمي بامسيكا وبين أهمية تسجيل جنونية المشاهد التي تلون الشارع وترميه في أتون رغبة الاشتعال وتحقق له كل ما يطمح إليه في انتظار جنازتي عدُويهِ اللدودين؛ ود الأقرع وحلوم.. والمعركة تشتد ضراوتها وأنينها بين صدور تحمحم وتصهل في السماء والأرض.. اها الليلة ح تمشي بى وين يا ود الأقرع؟ ولحظات ويشتعل شغبها وترمي شباكها في مضاربه.. يا ولية شيلي يدك مني قبال أكورك والم فيك ناس الحلة دي كلها.. يا ولية قولي بسم الله المكان شارع انتي جنيتي ولا شنو؟ وانا كمان بكورك والم الحلة جت واقول الولد عمل لى وعمل لى.. احى منك يا ود الأقرع ووجناتك الحلوات ديل والعجب سوالفك دي واااى انا منها بتكتلني عديل.. وقضت وطرها المأفون في قارعة الزقاق وابتل شوقها في غفلة وارتعاد منه.. ود العوض من هول المنظر إرتبك وسقط من علياء القطية وصادف لبلاب انتصاراته العاجلة.. وجد نفسه محاطاً بالجيران في المركز الصحي.. بشير ما بين صيحات عمي بامسيكا والمشاهد الساخنة وشبح السمبر فوق رأس القطية فقد كل قدرته على النطق وأضحى كومة متهالكة من بقاس الدهشة.. وصعد حائط الوجوم ليرنو لآخر نظرة من سهيل الطقس وعفار الغبار الذي سد حلق زقاق صفية حتى أغشى عليه.. وحلوم نفثت ريح السموم حسب المقولة "سهيل نجم بهيّ طلوعه على بلاد العرب في أواخر القيظ". وبدأ فصل في التغيير، أزرق وفاحم، وموسم دخان هدار في أواخر شهر أكتوبر إيذاناً ببداية الإنتاج وأرق أهل حى الألمان..
| |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! السبت 21 سبتمبر 2013, 8:59 am | |
| عوض مفراكة! ظهيرة مسنودة على أجفان ناعسة تختلي بشمس النهار المرهقة وحركة عصافير مسكونة بالشرود عبر متاهة الرزق الشحيح توسطت المسافة بين طاحونة ود الحاج وطابونة مواطن تشتهي غلة مصونة بالعرق وبعض دعوات طيبات مرصوصة على أجنحتها المسبولة على دكان عوض الازيرق تنتظر أن يغفل التجار عن أحواض الغلال أو أن يتوارى الباعة المتحلقون حول بصات العرب المارة بمحطة الطاحونة كل صباح ونهار يوم من أيام مدينة المصنع الحبلى بالحياة.. طق طرق.. طق طرق وتنهض طاولة خضراء تمضي نحو الاكتمال بلون الجرجير تخص حواء دفار وطاولة أخرى بلون البقسماط وحواجب سليمان سعد الناعمة وبذات الحجم تتشكل على زوائد خشبية في أوان نضوجها تنشد حظها من الرزق على أبواب الله وسوق المدينة. حاصرت المكان برموشها وعينيها الواسعتين حتى سقطت فأرة ود الازيرق وتلوّت بين النشارة وانتحت جانباً وكأنه حصار بابكر القديل لعضلي ذات يوم بمبنى المستشفى القديم. لم يكن القديل مختلفاً عن ميتو وشاويش وبازوكة إلا في قسوة يساره حتى محاولات محمدين هداب في غرز الإبرة ونزع سير الدرب كانت حضوراً بذات الخطوات والضحكات المجلجلة التي يرسلها كعادته من نقطة إرتكازه المعروفة أمام البوابة التي تفتح على حزام أشجار التمر الهندي.. اجي يا ود الازيرق.. معقول ده يااااخي كم شهر وانا دافعة ليك حق التربيزة.. وكل يوم اجيك تقول لى لسه لسه اديني فرصة شوية اخلص القدامي.. انت اصلا عاوز تعمل لى تربيزة ولا اوضة نوم!! يا حواء قولي بسم الله تاني ما تجي رسلي لى بتك سمسمة وتاني شي! وين ليك تاني بعد ما شردتي انقنق! بتي ما بتجيك في جحرك دا يا راجل.. وانقنق الله يرحمو كان قريب يكون في ود اب زهانة ولا خور اللبن.. مالا خائفه عليها قدر دا؟ انا مرتك يا انقنق.. انا ما بخاف على بت ربيته بضراعي دي بس جنس محركتك دي البتخوف.. مالك شايفاني لابس الجبون دا قصري يا حاجة ولا جكسا في خط ستة؟ كان على ديل كان اخير تلبسن.. الشيء ما فيك شي يا ناشف انت زى القصبة العافصاها الترلة.. يا ولية هي انتي مهبوشة ولا سلوكك دي بقت عريانة؟ انا هينة كانت اتهبشت! الكعب العدم ولا الكدم يا سقاطة انت! تحسس ود الازيرق رجولته متثاقل الخُطى بأسف عميق وخر صريعاً كلما حدثته نفسه بحالته التي لا تشبه الرجال ولا النساء بحثاً عن باب يدلف من خلاله حتى لا يتعدى لسان بت دفار بعيدا عن بطون المدينة وتكشف سر مرضه العضال كما يعرف ذلك منذ أن ولدته أمه بنواحي جبل راجل كسلا. انحني وتنهد وغاب في غيبوبة احتمالاته والتي ما فاق منها حتى أكمل دورة مضغه للعلكة التي تدور بين فكيه كحبات عيش المريق بين حجر الرحى.. فجأة قفز إلي المكان محمدين هداب محملاً بأعواد من شجر الطندب مختالاً في بشاشته وهيبة وسامته.. لم يكترث للصمت الذي يلف المكان.. يا ود الازيرق انت مولانا ما تسمع يقول شنو في الجامع! طق طرق دا شنو؟ انت مشيت مدني ولا شنو؟ رفع رأسه بتثاقل كالباحث عن هواء يتنفسه كلما حاصرته السنة المدينة الموغلة في حقول النميمة.. حرك شفتيه بعد تعبٍ ورهقٍ بادياً على محياه الوسيم.. مالك يا هداب خلاص كملت فتائل المستشفى.. وخلصت دي من تقابل الدكتور ودي تمشي محل الحقن.. وديك تمشي ترقد في القاينى.. ريحتك الكلها ديتول ويدك المليانة صبغة يود دي.. عاوز شنو انت كمان هنا ياااخي!! عاوزك تديني حقنة شرجية يا راااجل! ومسح شنبه الكثيف وغاب في موجة من الضحك ومال إلى زنك الدكان حتى وجد نفسه على الفأرة!! مولانا قال: إن مضغ العلك من خوارم المروءة! دا كلو العرفتو من مولانا.. طيب خلي مولانا بتاعك دا يجي يمرق الخازوق دا منك يا معفن! اها انت عاوز شنو بى حطبك دا! اعمل لى منو شبشب دكتور شول وكان فشلت اعمل ايطالي.. انا اجيب ليك الجلد من مُركز ما تخاف تقول دا جلد تور الخدمات.. انا اعرف انك تخاف من راجل البقرة يا حلاوة انت.. الدوار يصيب كل شيء حتى رائحة الغراء الأبيض تغيرت إلى رائحة الكمونية ودلوكة السر مرا المعطونة في دلكة عروس واختلط حابل الخشب بنابل النشارة.. وهداب يشهر هتافه المحبب كلما مرت جميلة من نساء البلد: "جقة وتريد الجقاجق.. أموت انا ركن.. الليلة كمونية في السوق ما نلقى يا جماعة!".. ومضى في سبيل حاله ولسانه يردد أخر عبارة: خائنة الدنيا زى السوق الما ادتك ولية يا ود الازيرق تعمل ليك الجبنة! انا خائف تديك شطر بقرة حلبية الفاضي وترفسك وترميك في الترعة العفنة.. وانتمى ود الازيرق بحياء إلى أرخبيل حزنه وسره المخبوء وأصابه الدوار.. يصاب المرء بالدوار اذا هو أكثر من الدوران حول نفسه، لأن السائل الموجود في داخل الأذن العميقة أو الداخلية.. يتحرك عندما يتحرك جسم الانسان، فإذا فقد السائل توازنه فقد الجسم توازنه وشعر صاحبه بالدوار.. ودوار عوض ود الازيرق فعلاً هو حول نفسه فقط ليس كما يظن هداب وتمرجية المستشفى كلما جيء به محمولاً على الكتوف بأنه مصاب بالصرعى أو مس من شيطان.. وررو مرسييل المدينة وفاكهتها البضة كلما هبت ريح من جهة قوز رجب والساسريب.. ريح تحمل الغبار الكثيف الذي يغيب في جوفه الجميع لساعات طويلة.. تجده يمارس هرولته في غيابات العشق بين راوئح البخور ونكهة القهوة المتصاعدة بين عيدان القش؛ مرة في شجرة إنتمائه للناس التحت والشماسة ومرة أخرى في عمله المعروف بين سيدات أعمال السوق.. فجأة خلا المكان لوررو وضاقت المسافة بينه وبين سامية بت حواء دفار وأضحا يتنفسا دعاش علاقتهما.. الليلة فطرنا بعصيدة وسكسكانية.. حلو شديد ليه ما عزمتيني؟ بعد تجينا انشاء الله في البيت يوم زيارة كدا؟ باذن الله بس من يدك.. بس للاسف ما بعرف شي غير السكسكانية.. دي كفاية لاني بحبها شديد.. انت عارف انا تخصص فيها لونه زي الدهب.. انا بريده ريدة عجيبة.. وانا بريدك انت! مال وررو من القاصفة التي اطلقتها سمسمة على صريف الراكوبة حتى وجد نفسه خارجها في زقاق الصرماتية الضيق المقابل للزرائب مصطدماً بمرور ود الازيرق المتمائل في مشيته وسقط بين رجليه كعش الغراب وطائر السقدة حتى لحقت به سمسمة من الدهشة والرعشة.. وفي هذا السهل الممتد إرتبك ود الازيرق ووررو وفاحت رائحة الظنون تجاههما واشتعل المكان بالريبة واحتشد بالسنة السابلة وأولئك الحاملون لاباريقهم.. وأصبح المشهد مزيجاً من الخيبة والانتصار والمرارة.. والسابلة تشغلهم مثل هذه الأمور كلما مار السوق بحدث عابر هكذا.. وسط هذا الحادث غير المتوقع.. عبرت حواء دفار بكل نوبات ضجيجها وثقل ظنونها بين أرداف الزقاق بعد قيلولة قليلة في زرائب السوق تجاه ود الازيرق ولم تستوثق من الحشد.. وصاحت بأعلى صوتها.. انا ما قلت ليكم ود الازيرق دا مفراكة.. ما صدقتوني بس للأسف..
| |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 17 يناير 2014, 1:08 am | |
| مُتَّكأُ صريف أم التيمان..
الوقت يختبرنا بعدة طرق.. وفي أعالي الدرب برهة من وقفة على ناصية متلهبة بشوق وبعض نظر مثقوب بوابل الحنين وإنتِ في عينيك حكاية... أو أكثر لا تروى للعظماء بل لسابلة الطريقة مثل ود العطايا وقريبي ومحنة صديقي. وفي القلب شغيلة من خيوط الصمت وأنت في مفازة صبرك تنتظر والغائب سادر في دله وعظمة جنونه! والوقت منقسم بين القوت ونفسه، والقلب يترقب خَنف الصهيل وهى بين ملتقى صبا العشق كما النهر المراهق في رشاقة العصفور تعبر الجسر يومياً إلى الشرق لترؤي ظمأ الحرمان العاطفي.. والقاش أكثر الكائنات فينا حياة وشعلة من النشاط يجرفها برفق حيناً وحيناً آخر بعنف ومع ذلك في إصرارها العنيد تربح المغامرة وتمضي إلى ضفاف العشق بقلب مثقوب كغربال الغلة.. وأظنها ماتت في ضراوة الغي وعبور القاش أوان هديره عند ناحية السوريبة وجهة السواقي الجنوبية.. نهاراً يتدلي من تلافيف أوراق أشجار السواقي كجذور هوائية تستشنق الحياة مثل تلك التي تقع جنوب مدرسة (أ) بنات الابتدائية بمصنع سكر حلفا الجديدة.. القمت الشجرة بحجر كريم وسقطت ثمرة غير ناضجة.. شدت وثاق جسدها على الغصن اليانع وقطفت ثمرة حتى طال الجسد وانفرط من شدة سقوط فاكهة الرمان.. وقصبتي في يدي أهش بها رهق صبابتي وبعض نحل عبيط من الأشواق يتطاير مع أنفاسها الشاهقة.. موجة تحتويني وأخرى تلفظني إلى خدر نعاسها.. فجأة أجد نفسي أحط قدماى على بص سفري تختلط فيه الأنفاس وتتداخل.. وبت بين شهقتي وزفيري أرقص وأحدق في مجدار السراب المصلوب على عصب النهار القائظ وأفياء الثياب المهفهفة ذات اللون البرتقالي.. وذاك الوجه العذب والحسن المجلوب من بادية الطراوة وحقول النسيم العابر إلى حلق البلد.. حسبتها غيمتي الماطرة وعاج حظي وبعض رحيق فاض وعبر الاتبراوي الصبي.. دخلت آهاتنا منطقة مدينة بدر الجديدة وتحشرج الحلق من طعم فاكهة الصيف.. والخطى تتقاصر والنفس معلقة برد التحية والسلام على صديقي قريبي.. ذاك الفتى المرح والنقي السرير تحسبه من فرط انسانيته هو القمر الذي لا يعرف الأفول.. خرجنا سويا وفي سلسلة عنكبوتنا ود العطايا ومحنة.. حلفا تتراى من البعيد، وود العطايا يرفل في خمائل الوله بين صوت نشاز وبعض حلم يتعثر وأمل لا يتحقق وتبقى أحلام عصافيره قيد الانتظار بمقربة من كبري السكة الحديد.. ونحن نركض بين أفلاك الشمس وأوتاد الأرض لننسج لوحة رقمية من خيوط الضياء لكى نستثمر فيها الوقت ونفوز بشأن غواية القمر وقهوة نهارية على مُتَّكأُ صريف أم التيمان.. والأزهار تشتط في عطرها الفواح وتتقاسم الرائحة مع زفرات النهار ونوافذ صدرها المحتقن بالماء وسكارى يحلبون ضرع الغمام والأمنيات في انتظار كأس مدهونة بأنغام المساء وثرثرات بنات أم التيمان المنقوحة على قدح البراءة.. ود العطايا أسدل شاربه المنتف بموسى الحاجة والضعف وتوهط ما شاء له من الحظ على فرث ودم ينتظر دوره ليكمل نشوته ونحن نودع عاما مثخنا بالجراحات العميقة، ورحى الغي يطحن ضلوعنا وحتى سواعدنا تتهشم من فرط غيابنا وسفرنا في مواعين الوقت المتدفق بشواظ اللهفة العنيفة التي لا تفتر عن السير في أودية الجسد الناحل.. تنهدت بكسل يشبه تسكعها على الشارع والمارة يبحلقون بمهل كثيف وبعضهم تسور حوائط ظنه ومحنة كزخات المطر الفالتة على ضفائرها الكسلاوية الناعمة يتمتم ببعض العبارات الجديدة التي اكتسبها لسوء الطالع من فحيح شح وشره وحرص على الا يفوته طقس رائحة القهوة وعبقها الذي يسد كل المنافذ والمداخل.. وتلك الرائحة المبذولة للريح وجنده الضارب أسفل ساق الأشواق.. انتمى بسرعة إلى نفسه وطفرت منه دمعة على مآقيه عدلت من مزاجه رأسا على عقب.. لحيظات وأسند رأسه على بوح شفيف وأماط اللثام عن غموض الخطوط التي يكتسي بها وجهه المقطب على أيقونة أبهرت حنان بت أم التيمان وساعدتها على التقرب أكثر من هذا الفك المفترس.. كلما تغير لون الخطوط إلى أكثر من لونين تصاعدت حمى الطلق وانطلق اللون سر الكمون والشفرة التي توفر لـ(حنان) الحماية الكاملة للالتصاق بجسد الكهل محنة.. انطلق محياها البشوش قيد أُنملة وملأ المسافة ليست في محاريب الدهشة فقط، بل صرعها العجوز القاتل بنصل حبة الخال التي ترتسم على أنفه الممتدة والمائلة بزاوية ضيقة مما تزيده وسامة ورقة تجعل قريبي يصنع لحاء غيرته الدمس الذي يسقط في أول هبة عاصفة في منعطف خجول مثل هذا اليوم.. ومحنة خبير بالمساومة ومقارعة الخيول جعلها تقترح عليه الحفاظ على هدوء المكان حتى تغط أمها في نوم عميق ويصنعا فيما بعد قهوتهما الدافئة بعرق الزنجبيل اليابس في فناجينٍ مصفوفة على طاولة صغيرة هادئة لا تتجاوز ضفائر حنان المسدلة.. وخلق فرصة مثل هذه نادرة في عرف الأم التي لا تعرف إلى النوم سبيلا الا بغياب عشيرتها عن الحر الخانق الذي يمسك بتلابيب المكان ويسكب عليه زخومة ورطوبة من أصوات الاطفال المتعالية كل لحظة مع أسراب الذباب المتفشية بين تلك الزقاقات المتربة والمتعبة بالمسغبة والمترنحة على حوافها وذاك العرق الهاطل بين صدرها المكتنز بالاثداء المتورمة.. إنزويا على حافة بعيدة عبر تسوية لعبت فيها أم التيمان دورا مقدرا لا يخلو من فطنة كبير وماهر في توفير المداخل وعقارب الساعة تمضي إلى درب غواية النمل حينذاك وشلة منه في فض بكارة الوقت حتى يلوذ بأكبر فرائس بذرة القوت.. ود العطايا ما زال غائباً مع فتاة النهر الشبق وموجاتها الليلية المتدافعة التي تهزمه كل لحظة.. تمر عليه لحظات جزلة وحزينة من السكون والاضطراب وتتشابك فيها صهد المواقف وصقيعها القاتل.. تتقطر وتتساقط من محاجره دموعا مالحة يهم بشربها ولكنه يصرف النظر عنها بعد أن يتحسسها بلسانه ويتذوقها بحسرة وألم.. وفي اليم تطفح الأجساد المترنحة بفعل السقوط من علٍ.. والحب لا يرحم البطل وقائد المعركة.. انت يا قريبي الواحد لو قال كدا وقبل دقش ليهو صبغة مكسورة بموية عكرانة وسوا ليها عطرون مالو؟ نان تسألني انا ما تسأل ود الشريف البلقط في جركانات أم التيمان دي! يااخي غلبتنا الحياة دي عديل... كلما ما نقول ننسى تجينا مصيبة جديدة.. يا قريبي انسى زي كدا واضرب الهم بالفرح وما تدق للفارغة صفيحة.. لكن يا قريبي انت لو عرفت الحاجة العندي دي ماسكاني في عصبي.. حامياني أعمل اي حاجة.. يكون منقاية دي كتبتني عند فكي لولوة وانا ما عارف... والله دي محنة كبيرة... من عرفتها ما جاتني عافية وأنا كل يوم بقا شوفي رقيق زى عيون بركة ود الشريف... يااخي دي خلتني أشوف القاش زى موية البحر الأحمر.. يااااخي انت موهوم ساى... تب ما عندك عوجة وبعدين الريتنزة بتاعته محاية مضروبة ما بتعمل ليك الحبة واسالني أنا مجرب! لا لا انت ما شفت العندي دا ياااخي دا ماسكني في ود الخرطوم... ياااخي لو غنينا ليه قلنا ليه قوم قوم علوية جاية من الخرطوم ما يقدر يقوم يعمل الحبة... دا مبسوط ونائم وما جايب خبر.. انا قايل لزة من قرموني ما تحركو تاني!! هههههههه قرموني قلت لى..!! اكان كدا اقوم اشوفو ليك يمكن يطلع زيتك دا ويحرقو ليك والبابور يدور صاح.. وتدور اللحظات السافرة بالوحيح والضحك المنفلت خلف كرنك مسرح مشروب الروح... وقهقهات تشق عنان السماء وتربك صمت المكان وتملأ فجاجه بشبق فطير وطفولي يتقاصر دونه أنين حنان المتعاظم والمتصاعد مع ولوج الليل في انتظار أن ينتهي إيقاع كرنفال المعربدون من آخر سمفونية.. كلما أرخى الزمان ظلاله وسدوله طارت أهة واستقرت على ركن قصي من الحوش المترامي الأطراف كشفاه أم التيمان.. وهكذا يغور العشق وينداح برائحة صندل مترف وجاذب يمزق مزعة طبقات الليل البهيم المتخمة ويحيلها إلى سكون أملس وشفيف.. غبية هى الغيبوبة العميقة التي تضعك على عدم وعلى خارطة متهلهلة من هوج الرياح كأنك منتعل خفين من أشواك الصبار الناعمة وبينك وبين طين الصنابير اللزج مسافة أن تركل الغفوة التي أصابتك في ثقب الأرض الذي ينتج رتيلا الحنين وصرصار الشوق وبنات دبوية بت المطر المغسولات بالنعومة وأم قريفة صاحبة الصمت الكالح.. أحابيش مشاغبة خدشت جلد الأمسيات المترفة ذات يوم من الوهلة الأولى لبدء نسيج الحنقوق الضكر على مهل حناء العروس المتصاعدة في السواد.. تراجعنا كالجنادب إلى كنيف ليلنا ومضينا بصمت له رائحة كريهة.. قريبي صعد إلى تلة دندنات روحه الطروبة واختفى في جوف الدجى كدرويش يرتل مقاماته بصدق في صفاء الساعات الأولى من فجر انتصاره على الأرق ودفق ندى الاشراق الذي يسكن بقلبه وبينه وبين الجنون فتيل من الشهقة.. ود العطايا يخرش جلده ويصيح بأعلى صوته... آه منك انت، مالك معاى؟ مافي زول غيري تمشي عليهو تجننيهو؟.. ويغيب في عتمة هياجه وهذيانه ويسدل عينيه على كوة عنبر الاندراوة ويفتح مسارب من الوجع والجنون بدون ملل من الدوار كل يوم مع عبد الرحمن جني وشيكيت وعوض شى بين أطراف ومتون دفاتر دكاكين السوق.. والجنون يبدأ نقيراً في شغاف القلب.. والعجوز محنة يمسك يديه بعنف ويطويها على حسرة فرصة ضاعت من بين براثن قمطير حنان حين خذلته حبة الطمث وطعنته في براح سجدته التي لم تأت حتى يوم الناس هذا.. ويبقى العشق صراط الغياب في لجة المدى المرسوم على قارعة الأيام وصريف أم حنان حين يحيض طائره بين رمل القاش الناصع البياض وطمي الاتبراوي العفيف..
| |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 30 مايو 2014, 12:19 am | |
| بوزا في متاهته!
لا شارب يستند عليه في ترنحه من فرط ذلك القول الميّاسٌ الذي تتصنعه بت التبخ في ذلك المساء المشحون بالغبار العالق ولا حتى مال يسرق به لحظات فرح عابرة مخلوطة بذاك الطقس المخضل برائحة الحمام المشوي الذي يجد متعة فائقة في التقاط أطرافه الواحدة تلو الأخرى بصبر تعجز معه صاحبة المكان أن تسمح له بالإستمرار طويلاً في مشوار تلك الصفقة الخاسرة. انت متين تكمل حمامك وتطير من هنا ياااخي كرهتنا الشغل! شغل شنو انت كمان.. ما حمامي ومشتريهو بى قروشي.. أطيرو ولا احيرو ولا اقزقزو.. انت شن خصاك فيهو يا حاجة! شوف دي اخر مرة تجيب ليك حمام هنا.. وجسد الصبية يحرض على الغناء ومصارعة شبق رحيق زهرتها الفائح.. اّن حمامى آن حِمامي ناح حمامي عشان ياحبيبي ما حفظت زمامي لو حفظت زمامي وجيت جلست أمامي كنت طبت وزال إحتمامي بتقبيل قدميك يا زهرة كمامي انت قدرك سامي للثريا وسامي هواك أضحى وسامي العفاف والرقة لي سيادتك أسامي يا حبيبي رحامي ما استطعت أجيب معاي محامي يحمي الفؤاد حامي الحمى المن نار هواك الحامي يا حبيبي غرامي لي دايماً رامي متين تجود بمرامي يا عزيزي يا صفوة كرامي مهما تزيد آلامي برضي عاشقك يا نور نور ظلامي وآخر ما اقول في كلامي شكراً .. بعدو بهدي سلامي ليك يا حبيبي نفض أياديه على عجل واطلق صرخته الداوية المثيرة من نمير نوحه العذب حتى مزقت ستار المساء الشفيف بشارع الأربعين وصنعت دوائر من الأندياح المتلاصف. آه يا نورة انا ما معذب فيك وفهمي كملان..!! أجي جابت ليها غزل كمان في بتي بعد زعطت الحمام وراسك كبس يا ود جمعية! فيها ايه لو قلتها براحة كدا في أضان نورة عشان انت ما تسمعي خالص عامله اضنينك الكبار ديل زى رفرف البابور..! يقلقلوك في جهنم ويربطوك في كبري فاطنة حسين نصة نهار عشان الناس تتفرج فيك وتشوف بهدلتك دي وبنطلونك الاتغير من لون البول دا وكلو صنان ريحتو.. ياااخي ما تختاني وتزح مني كدا تمرق تشوف شغلتك وتخلينا نشوف شغلنا.. الوقت بين بيوت مشروب اللذة ينسرب بسرعة قصوى تعادل لحظة انصهار فاصمة محطة الكهرباء الرئيسية.. وتنبت بين خلجاته ووجناته الضحكات كأعشاب البطانة الموسمية الصغيرة ومنها تلتقط الأنفاس أخضرها وبنفسجها وأبيضها وتصَهَرَ جِسْمَهُا بِعطرها الأخاذ الذي إتخذته نورة بت التبخ كمثير للأرواح ومهيج للقلوب كلما حلوا ضيوفا جدد براكوبة أمها بت حاج الطاهر. لا بد من حبس كل ثانية تمر لضيف قادم يبحث عن عناق لظمأ روحه القلقه، فالأمان هنا بارود محبوس على عود كبريت ينتظر الحريق.. لحظة فارقة من الوقت أو غفلة ساهمة عن الشارع تشعل كل شيء حتى أنصاف البراميل وتحيل ما فيها إلى بخار تمتصه ياقات الكجر ولا تنسى في غمرة إنفعالها بضبط ميزان المدينة أن تعرج إلى سويبة النطع وتكشف عن جسد حفرة الدخان وتعريه للمارة.. المارة المشاغبون الذين ينتظرون عربية الدورية من أجل الفرجة والإنبساطة والشماتة والغيرة وهزيمة الفقر الماحق الذي يمسك بتلابيب أعناقهم المنكسة بذل العوز ونثارات البليلة والبطاطا الحلوة؛ القلقاس الذي وجد فيه الريفيون ضالتهم بإرتياح.. لحظاتُ أحياناً تشويها بلذة فريق الكجر وتلك الظروف القاتلة التي يصنع فيها هؤلاء مرق عيشهم على نار الظنون وسوء ظن الذين مروا على الكرسي على مدى أكثر من نصف قرن تتراوح بين الأعباء وخناق السواعد لترسم طريق لا يشبه نخوة كأسهم الذي يوزعونه في الخفاء مغبة المتسللون إلى الهواء لكى يغمرونه بالعطن بحثاً عن نسمة شاردة ومسقية بالماء. هدأت الزقاقات مع أصوات المارة بنواح سوق القش وبدأت تخمد أنفاس العابرون إلى كوارع باسو المبذولة في شارع يتسع أيضا للخوف والريبة والمرس وتميمة الشيطان. وغاب كل شيء له هامة وطويل كإحمرار الغروب واختفى ببهاره في ضوء القمر الباهر.. والليل هنا أدغال من ذكر الحنايا المعطوبة والأيادي التي تدعو في تهجدها بالسكون.. وكما هو حانة من هجيج القلب الوريف في مناهل الرغبات المكبوتة؛ العابرة منها والمزمنة.. ونورة بذرة تكمن في قشرة الإهمال بين الجفون المتهدلة ترعى حظها بسعة الحرمان المصقولة على دفاتر الفاقة والأسف في بيت أمها فضيلة بت حاج الطاهر. إغتنم فضل ود فكي طلوعَ القمر وسرْ في ضوئه السادر بين أعالي فروع شجرة دقن الباشا كبوزا مختالاً بين سعفة الوقت وريشة الإرتواء. انت خلاص ماشي.. يا حليلك... بكرة عليك الله جيب لى معاك حلاوة قصب لاني بالجد بحبها شديد ومشتهياها وما تنسى معاك حلاوة شعيرية.. ممكن توعدني! حاضر من عيوني اجيب ليك الكون دا كلو واختو ليك في عيونك الحلوات ديل بس امك دي ما تخليها تشوف أي حاجة من الحاجات الملفوفة ال ح اجيبه ليك في كيس الورق.. امي هينة ما عليك بيها بس انت ما تنسى يا فردة وبكرة تعال بدري شوية لانو الجو بكون رائق لا شطة ولا كمونية ما بكونوا جو زى الوقت داك.. شطة وكمونية ديل شنو قصتن كلما اجي القى امك فارزة ليهم عيشتن جوه القطية براهم... ليه مرتبن اكبر من مرتبي ولا حقهم اكبر من حقي اولاد ام زقدة.. يااخي امشي قبال الناس ديل يجو اسى ويعكشوك نص الليل وبكره تبقى في محكمة وجلد وولويل واحي احي يا امي جمعية كمان.. افو انا بخاف من الكجر قالو ليك .. انا الكيك البحبس الدرب.. مافي ارجل مني في البلد دي كلها جت.. من الموظفين لى كمبو مجاني ومن كمبو الثورة لحدي كمبو جونقلي ولحدي كمبو القاش.. انا ارجل راجل ومالي قاشو ويسد عين الشمس ويقد عين اي واحد ما بعرف ويحترم بوزا... بوزا هين ولا لين قالو ليك! ياااخي امرق ما تجيب لينا كفوة وبكرة كان حيين بنتقابل.. انا افوت عيونك ديل وين اقبل! تعالي جاى ادي حبيبك بوسة حلوة كدا تخلي قلبو ينعنش ويقدر يصل الميز وينوم بارتياح.. بوسة شنو كمان مع الباب الفاتح دا..اسه لو شافتنا امي تقول شنو علينا.. لسه صاحية بتعافر وتلملم في باقي الحاجات وتجهز لى بكرة.. طيب خلاص! وهَّم بالمغادره.. فجأة غمر صدرها بقرصة فالتة في حين غفلة منها حتى صرخت وعلا ضجيج شق عنان السماء. والشارع في مثل هذا الوقت المقرون بهيبة الصمت يأخذ تمامه المعهود من سيد أحبته المدينة بوسامة سيرته الناضحة بالمودة ورسمت عبره صورة زاهية لأصدقاء النقطة.. والضوء يسطع من نقطة البدء.. والبدء هنا يكون هذه الأيام في حقول الزراعة الجديدة ضمن عُقل أفندية تخضر كلما تصاعد وندَّى على جبينهم قطرات عرق خفيف؛ به يسقون أرواحهم العطشى وحيناً آخر يقتلون به فوارق الوقت وجنادب ما أنفكت مغسولة على أطراف الجداول تائهة تحبث عن عشيق في صباحات الغيط.. شهية وعذبة يختلون بها كلما ضاقت بهم حيامن الحياة حتى يفرغونها عن عمد بين أصلابهن ويمضوا بدون هواجس إلى شتل عُقل أخرى على تربة الواقع. والناس في مطاردة ظنونهم تمتطى بوزا في سوح المكان منتشياً بفعل اللذة الصغيرة التي صنعت منه بطلا في تلك اللحظات المفعمة بالتوتر. وتداعت الحلة عن بكرة رئيسها؛ سيد اللجان القاعدية.. جاؤوا بعضهم في إثر بعض ولم يبق منهم أحد ملازما عهن بيته.. يطاردون القاتل والمقتول دون جدوى وتوزعوا في كل أركان الشارع خاصة أعاليه بينما انسرب بوزا ود جمعية صوب أسافله يريد أن يشترى طاسة جراد لسد ما تبقى من الرمق ويظن أن الوقت قيد طوعه كما يفعل كلما سدد ضربة قوية في مرمى المحكمة التي تركله بقسوة بين قوائمها المنصوبة. يا بتي مالك قولي بسم الله! في شنو الضربك؟ حاجة فجأة كدا وقعت فوق صدري دا؟ قدر شنو الحاجة دي.. ووين يا بتي؟ مشيت اقفل باب الشارع؟ دي مصيبة ولا عين كمان انصاص الليالي جاتك من وين؟ اسه انت كويسة كدا وريني محل الضربة وين؟ هنا يا امي وتشير بتعب بالغ أَمَضَّهُ الخدش والخمش صوب حبات العنب البارزة التي ترقد على نفور.. سجمي ما يكون اذاك وكسر ليك حلماتك ديل؟ ومضى صمت طويل وبرهة من الوقت حتى تدفق الحوش برجال ما أنفكوا يحشرون ألسنتهم في كل شيء من باب الفضول وصكوك اللجان التي يحملونها ولا تزال أغصان شرهم الشوكية تنمو حتى طالت كل مخبوء يستره الليل. غادروا على عجل باتجاه مركز الشرطة بغية الوصول إلى المستشفى ومعرفة ما جرى للفتاة اليافعة التي تتنفس بصعوبة في هذه الأثناء.. وسرعان ما التقوا عند جامع السوق بكبير البلد وسيدها وتبرعوا بقصة من خيالهم لا تمت للحقيقة بصلة سوى في توقيتها الليلي مع سفور القمر. والساعة تقترب من الـ11 مساء بتوقيت منازل الشمس عند شغيلة الإنتاج بالضرورة عند صيحة صافرة مصنع السكر وذات التوقيت عند العشاق المحسوب بأفلاك منازل القمر.. والقمر شاهد على بوزا في طوافه الليلي الأخير وبعض أصوات خافتة كحال فتائل فوانيسهم الناعسة.. وبوزا في كرير غنائه الشجي يسترجع ذكرياته غداة حضوره الباذخ في فضاء المدينة التي إحتفت به وأضحى أحد معالمها.. وما أن يرخي جسده للنشوة السائلة يرتفع صوته بالغناء ويجد نفسه مرة أخرى بجوار بيت بت حاج الطاهر منكباً على قتار قدر الشارع التي ملأت أنف المكان. وشارع الاربعين يزحف في جلبابه المرقوع من دِكة ترزية الخانة، والخيط أرهف ما يكون وقت أن يصبغه تقيُّؤ بلا كلفة شاهقة، وأحقر من كل ساعاتي يهرب من كل مهنة.. والإبرة ترقص في يده بلا ثقب، والرقص يشتد بالساقين، والشارع يضطرب ويفيض بماء الصهيل.. ويحاول نشطا بين أكتاف الأرض وخيل الضوء رقيقا ينبت ويصده لبعض الوقت حشرجات مكتومة.. ويشتد صفيرا وبوزا يغلق كل منافذ الضوء العابر وينتفخ معانقا بشدة كل الفراغ بدقيق الساقين وتحدي سطوة سر الليل.. وسيد البلد على متن عربته يحاول أن يعبر في عبوره اليومي على طول الشارع. يعني ما عارف تمشي بى وين انت يا سايق العربية يا اهبل؟ والضوء يتكثف في المكان وفي ذاكرة وعيه بقدسية تهرب بسر قارورة الليل البنفسجية.. والطريق يضيق بالعابر مع شفرة سره المقدس. ويرفع بوزا يديه ملوحا بصفاقة... ما قلنا ليك ياااخي ماشي وين انت؟... وانت منو ذاتك حايم بعربية الحكومة دي نص الليل؟... يعني تخلو المدير يسافر إجازة وتكملو بنزين الدولة المجاني دي.. كفاية بتسافرو لى اهلكم بالعربات دي ومافي زول سالكم؟.. والضوء يزدحم ويعفر سروال المكان ببقع ساطعة من حروف سر الليل التي تصارع سرعة جيادها.. ويصطدم بجسم بوزا الفارع والمترنم بماء الروح العبقة، وتحتشد طاقة الرقص فوق زند اللحظة.. بوزا يقاوم نصره في اقتناص عربة فلتت من قبضة مغول الرقابة.. والضوء يغمس فخار فتوته اليابس في قصعة حديدية مرمية على الأرض ولا يموت. وبوزا في مشروع صلفه يسقط في أحابيل المصيدة، ويرى بعينيه الجاحظتين سيد البلاد هلالا عظيما في كبد الأرض والسماء بكامل هيبته. ويطوى بوزا ود جمعية كل وسائد اتكاءته الوثيرة وجنون عظمة نصره الزائف على مغاوير نقابة الترحيلات ويهرب صوب زقاق أضيق من فم حمامته التي طارت ذات يوم منه في لحظة صفاء. | |
|
| |
يعقوب اوشى عيدالكريم مشرف
عدد المساهمات : 1079 نقطة : 11754 تاريخ التسجيل : 26/08/2011 العمر : 44 الموقع : قلب البركس المزاج : يتغيرون فقط.عندما نخبرهم اننا نحبهم جدا؟؟؟
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! السبت 31 مايو 2014, 5:27 pm | |
| الشىء البعرفو يامدير ان باسو لسة فى محلها وداك ولسة الكوارع مدورة وبزكر معانا واحد من الناس الزمان العاشرو باسو وكان بيحكو عن الزمن دااااك... لك مودتى وعاجز عن التعبير | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الأحد 01 يونيو 2014, 7:23 pm | |
| - يعقوب وشك كتب:
- الشىء البعرفو يامدير ان باسو لسة فى محلها وداك ولسة الكوارع مدورة وبزكر معانا واحد
من الناس الزمان العاشرو باسو وكان بيحكو عن الزمن دااااك... لك مودتى وعاجز عن التعبير يا الله على تلك الأماكن والأنفاس الرائعة والمعطونة بدعاش المصنع وروائحه ونكهته التي لا تغيب عن البال والقلب أكثر حضورا لا يغيب البتة بين مروج البلد..أشكرك جدا يعقوب على المرور وابقوا عشرة على المصنع الجميل الذي لم أجد مثيلا يضارعه في البهاء والأناقة وجمال نفوس أهله.. | |
|
| |
يعقوب اوشى عيدالكريم مشرف
عدد المساهمات : 1079 نقطة : 11754 تاريخ التسجيل : 26/08/2011 العمر : 44 الموقع : قلب البركس المزاج : يتغيرون فقط.عندما نخبرهم اننا نحبهم جدا؟؟؟
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الإثنين 02 يونيو 2014, 3:54 pm | |
| | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الخميس 05 يونيو 2014, 8:03 pm | |
| دلوكة السر مرا تميمة الوقت معلقة على أبواب الروح ولا شيء يفصل طقس النهارات عن المساءات إلا صوت مخملي يشبه ملمس الحرير في نداوته وطلاوته.. والمكان معبأ برائحة كمونية طاعمة كما يشتهي الدَّقلة ود أم الحسن الانتماء إلى لوازم تشريحها وفحصها وتقبيلها حتى لا تنزلق في الأرض وتفوز بها سواسيو دقُش.. ودلوكة السر تضطرم في تَنُّور الهجيج وتزاحم أنفاس الجموع التي إمتلأت بها ردهات البيت وبُطونه حتى فاضت بزخومة الجقاجق التي لا يعلو عليها شيء سوى صوت صافرة المصنع حسب توقيتها الثلاثي المتمهل.. انتي يا فاطنة الزول الجبتي دا شنو.. هي اجي يا حاج دا ما السر مرا! مالو طيب صوتو مرخرخ ومنحشر وسط البنات طوالي.. ما اصلو كدا هو بجيبو الناس في بيوت الافراح ويستلم اي شغله يقوم بيها وينجضا حتى رقيص العروس وتعلميتها دي شغلتو! هي لكن دي شغلة رجال.. يعني البلد كلها عدمت من مرا تسد فرقة الخائب دا.. اسه يعني ماسك العروس يعلم فيها! يطرشني زي دا والله ما سمعتو..!! وتهب نسمة تغسل غبار اللحظات الدسمة والخانقه وتحيلها إلى نشوة برائحة طَّيِّبُ العطور، وتختلط بأصوات الدلوكة وعرق الصبايا المبعثرات في الحوش ما بين جوغة منهن تلتف حول دلوكة السر وآخريات يمدنَّ من صبرهنَّ طاقة لنظام البيت وهندامه.. ويتصاعد الغناء وسيما في رابعة النهار وسط أدغال الصبايا ونساء موغلات في الدهن وبعض صبية اندسوا بين أوراق شجرة الليمون.. مريم وصفية شددن سرج الهمس وضجت صدورهن وغَوَّى لَّبَنَ غرامهن رَائِباً مَخْبُوءٌ تحت ألسنتهن.. كنَّ في جنانهن ينثرن عبير وردهن كيفما كان في إنتظار قطف ثمارهن اليانعة.. وفائزة أكثرهن رزانة في غياب النساء وأكثرهن شغبا في ملماتهن.. فاتنة سمراء وغارقة في طيّ أنوثتها الطازجة وتلافيف لسانها الخادش.. انت يا صفية عليك الله السر دا يتفدع كدا ما فيهو عضم ولا شنو؟ غايتو السر مرا دا حيرني والله.. خليك من عضمو المافي.. النصيبة دي التقول ما فيه حاجة؟ كيفن الكلام دا يا صفية؟ المصييبة دا وقتو كلو قاعد بين الحريم والغسيل والمكوة باقي ليك الشغل دا شغل ناس حارة! الزول دا منتهي مرة واحدة..! الزول عدروج ومفلج وعلي العلي شوفي الكحل الما خمج.. ويرتفع صوت البنات وهنَّ في إصطفافهنَّ ما وراء دائرة السر الوردية: حماده بابو جمب بابنا حماده ياناس بريدو حمادة بوظ اعصابنا حماده دا طويل اخضر قيافة حمادة دا حمادة ساكن الصحافة وتعلو النبرة وتتحول إلى ثيمة أخرى يخرجها السر مرا بليونة مائعة تخربش جلد المكان وسمت وقاره ولا أحد يقول كفي! والسر ماهر في وصف كل شيء يسند ظهر العروس على إيقاع دلوكته الباذخة حتى غاض خجلها وبانت حيويتها الغراء.. صافحتو بالقاضي ابوى ماراضي بس هو الراضي حريقه في الباقي بعد أن غمر الغناء مطامير الليل، تثاءب الحاج واستل كرسيه المعتاد إلى خارج الحوش، واستلقى على بناتُ الهام هَمَيانًا، وتأمل في عباب بحره المائج طيفاً من غيض الذكريات، وفارت به الأرض من الحنين حتى هَمَت عَيْنُه وصاح صيحته المعروفة.. أزاي ودواي خدود وعيون يا ناس.. أنا ما معيون حليف آلأم وعيونى عيون دائى عظيم ودواي مصيون سامي بعيد عن العيون وانا عقلي بقاله رقيب وعيون أغنى عليها وأبدى فنون أفوق الساجعة حنان وجنون أأمل ليمها الما مظنون وسيف هجرانها على مسنون هدوء يتسرب ويشق عتمة الليل رويدا رويدا إلى روح الحاج وتأخذه موجات حنين متدافعة وتهبط به إلى أودية أخرى لا يصحو منها إلا على صوت السر وعبث أشواق ضاجة.. يا عمي.. حبيبتي فاطنة قالت ليك تعال داخل لا جوة عشان ترقد تنوم بعد دا وتجم عضامك.. يا يابا عضامي البجمهن يا حليلو ويا حليلو زمنو وحليل ايامي الدافية الفاتت ومات غنايا.. انت كان كدا عاوز ليك زيت غلغل دافيء يريحك ويدفي قلبك البردان دا..! والليل يسكب نثيث قطرته على أذن الوقت إيذانا بانبلاج فجر جديد وصباح أغر من الضجيج، وروائح السكسكانية والشعيرية تفوح وتشعل جلد الدلاليك وتطريها وتمنحها عافية الصمود.. البنيات من جهة شجرة الليمون في الجهة الشمالية من البيت راكزات في شدوهن الشجي، يندبن حظوظهن ويفتلن رموشهن مصيدة لفارس الأحلام بصوت مجهور، والسر مرا بمحاذاة شجرة الدمس في الجزء الجنوبي من البيت يوقظ كسل كل حلم ويصب عليه ملح شديد الكلوحة.. حتى هيَّج سماء الحلمات واستطالت من الجَوَى.. تعال وتعال وطمنى تعال بقميصك الاخضر يااخي تعال بالاحمر مسطر والصبية في جدل عقارب الساعة التي تمضي بهم بعيدا عن دوار الغناء.. يشكلون حلقات تدور كما الماء حين تهبط وتصعد في نافورة أشواقهم ويتحينون الفرص ليقتربوا أكثر من دائرة السر لكي يكحلوا عيونهم برؤية الجميلات الفاتنات.. منتصر ود الرضية أكثر وهجا والتصاقا بدَّرَدابُ الطبل الذي يفرض هيبته وثقله على متون كل شيء وليس انتهاءا بجلده المضمخ برائحة الدقيق الناعم والخمير والدهن والطيب.. عشاق موتى وآخرون يقارعون الموت برهافة طقس السر الحار والرطب.. ما بدورو مابدورو الشايب دا مافي ليكي مافي ليكي الولد دا بدور البركب العربية بدور البصرف الماهية ما بدورو مابدورو الشايب دا ومافي ليكي ومافي ليكي العسل دا بدور البيتو كلو قزاز بدور النورو بي الغماز مابدورو مابدورو الشايب دا مافي ليكي مافي ليكي العسل دا وسيدة أظنها تخال أن السر فص لادن من من قصبة سكر ناضحة على صدور الفتيات في مواسم رشحه يغمر حدقاتهن ويذوب بين محاجرهن ويسيل كلما سالت عصارة نزوته النهارية.. من فريع البان اليسوح نديان منه يا سلام ما مشت في خيش كلاما ما هو دريش البنات ضباط عروسنا قايد الجيش واستاذ سعد يظن أنه المقصود حينما تتصيده الدلوكة وغريزة السر التي لا تخيب ويحاصره نزقه الفالت.. لا يجد مناصا عن النزول لرغبة الكلمات الصادحات بين شفاه العابرات والجالسات حول أثدائهن ربما هرباً من ذلك الذي ينتظره.. ويمضي بسكونه الحالم إلى حين زوال دوارة شمس الضحى.. يالماشي لي باريس جيب لي معاك عريس شرطا يكون لبيس من هيئة التدريس للسر صوت يحفر في العميق بأزميل حنجرته الذهبيَّة الذي يداعب ويدغدغ عذب الأمنيات الرافلات، وبإمكانه أن يفعل كل شيء به، إلا الجلوس عليه. الصوت سر قوته وعظمته تكمن حينما يمر بأردافه المثقلات برداء قصير لا يتعدي ركبته وصدر ناهد يغطيه قميص ناصع البياض على الدوام كحمامة توهب مودتها للجميع.. الدبلوماسي طلبو قاسي الدبلوماسي شلّ فكري واحساسي بدأ هدوء غير معهود ينسج غلالته على المشهد وصوت الدلوكة يصيبه وَسَنُ ويختفي في قيلولة طبعت مِيسَمُها وتراخت على أجساد الصبايا البضة. صوت أم الحسن بت المسيك يتعالى في وجه خضاب بنان اللحظات الفاتر ويترنح على صهوة الزحام الماثل.. يااا السر عليك الله نادي لي عمك إدريس دا من برا؟ وبفرح طفولي يرخي أذنيه المفتولتان بغيم ورعد الأغنيات الماطر كأنهن سُرادق فرح كبير.. قلتي لى شنو يا حبيبة قساى؟ السر اطلع على الرجال البرا ديل تلقى إدريس ناديهو لى لاني بخجل من الرجال الكتار ديل؟ ... وانا ذاتي يا حبيبتي بخجل من الرجال..! شكيتك على الله يا راجل.. دا كلام شنو يعني اطلع انا بى فستاني دا واشوفو وين؟ يعني عاوزاني اطلع انا بى رداى القصير دا واحوم وسط الرجال كمان؟ يا راجل ما تخجل ما ترا حايم بيهو وسط الحريم؟ هي... لكن الحريم ديل ما منهن خوف! وتهدر الدلوكة والعروس في صخب يتجدد بتجدد أنفاس الرياح والصبايا والكل يمضي في سقاية قمحه.. ياعديلة يا بيضا ش يا ملايكة سيري معا الليلة شويا بقدرة الله ود العزة والمهلة عروسو الضوت السهلة سيرتو الفي البلد بهلا وقايما الليلة شايله اهلا يوم اتلمن البنوت وحس الصفقة والزغرود قال الحفلة ما بتفوت وداك عريسنا سوي الفوت
حين اتخلص من قميصي (15) | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الخميس 12 يونيو 2014, 10:04 pm | |
| بطة.. خَضْرَاءَ الدِّمَنِ
مقرونان أو مقترنان ليس مهما فقط ضرورة الحالة تتطلب ان تشبه حالة المحاق حين يتولد الهلال ويبدأ في صياح الضياء الفاتك ويكسي لحاظها ومعه كثافة شعر الحاجبان التي تغرق كل شيء حتى الاستسرار ينفتق ويعبر متاهات البعض بكل ابهار في حضورها الباذخ.. خصل تتراءى من على البعد كسراب بقيعة يلمع من الوهج وتطفئ ظمأ كل غَلِيل. كان هو الوحيد المُلتاح ويلهث في جمام لماها وهى الأقرب إلى حبل وريده رغم أقاصي منابت السَّوءِ.. كطائر طنان كلما رك على غصن سرعان ما غادره دون استقرار مخلفا زخومة من الذرق الرمادي المزيج على ثوب أقداره يأتيه كسوة سترة لعري منامه الفاضح وهيامه المكتمل بالنَّهْلانة. الساعة تمضي إلى انتصاف النهار من نهايات خريف هاطل وسحب حبلى بوحم زيارة بيت الحبيبة في تلك البقعة المجاورة لميدان كرة القدم وتقع على مسافة من جيدها تماما ونحن في رحلتنا اليومية نتلصص في الشوارع بحثاً عن مرور بنات المدارس في زيهن البني الخالص حيث مقيلنا في زمهرير الظهيرة الحارق تحت ظلال شجرة صغيرة على طريق المدرسة اليومي.. صقر يراوح في المكان في شكل دائري تارة ولولبي تارة أخرى، ولا يجد فريسة لوطر شهي بالدسم.. ويمضي في الآفاق أكثر محلقاً في البعيد، يهبط حيناً، وحيناً آخر يرتفع.. وهكذا دواليك في مشاوير ترهق رئتيه وأنفاسنا نحن المتابعون مع كل حركة له بقطعة لحم مملحة بتمباك من حُقّة عمي الكاروري الالمنيومية اللامعة كصدغي بطة تماما المأهولة بهرمون الأنوثة. ياااخي معقول الصقر دا ما لقى زول غيري انا! وفجاة حالة من الضحك الهستيري تملأ فراغات الخلاء الواسع الأطراف وكلنا بصوت واحد: الصقر دا بحبك وبريدك انت بس. الناس دي كلها غيري مافي زول يحبو! انت لانك بتسف ود عماري ونشن عليك.. ومال الجكنون دا بسف حلبة! وذرق الطائر في المنام كسوة لانتشاره في الثوب كما يقول العراف، وربما دل ذرق النسر والعقاب على خلع الملوك. اليته كان ذلك..!! ولكنه ليس حلما افترس منامه ذلك السائل الذي إنسال على قميصه من أعلى رأسه حتى يخلعه من إمارة جده القديمة إبان مشروع صاحب الزمان.. ذلك زمن ولي واندثر في عقابيل أثر الهزيمة.. ليس كأبيه محتفظا بذلك الإرث ولا يحتاط حتى بالثوب الفضفاض والواسع الاكمام الذي تخاله يناجي الريح ويغتسل منه على طريقة (على الله). وكانت رياحُ هذه الرغبة الفالتة من بين ضلوعه تملأ أشرعة شارعنا تماما في أوان ذلك الوقت بمرورها الأنيق وخَفَر دَلاَلها الذي يشتد ضوع مسكه في المكان بلا تكلف. يتراكم الدهن حول الفخذين والذراعين، مما يجعلهما كافيان لحصولها على لقب بطة، لكن هذين الساخنين يشكلان جبهات الحرب الصامتة التي يخوضها الضلالي في مشقة كلما راها سافرة في هذا الشارع تحديدا. ونحن في مهلة إقترابنا نحو شجرة دقن الباشا.. اسه ح تعمل شنو للبتاع دا؟ ح اعمل شنو يعني .. ما ح اغسلو من جدول الموية التحت الشجرة دا وخلاص الموضوع ينتهي! قول غسلت وشك.. هدومك تعمل ليها شنو؟ ما مشكلة بدخل بيت ناس ابراهيم واغسلها في الماسورة سريع وانشفها؟ يعني الليلة راحت عليك! الشوفته بتريح! تقصدوا شنو انتو بالضبط؟ ولا اي حاجة يا ضلالي! عارفكم بتحبو الدردقة.. وين ليكم معاى! يا زول هيي عامل اضنينك الكبار ديل زي رفرف البابور الروسي كدا.. احسن تتوكل تشوف حل لى قميصك دا قبال بنات الثانوي العام ما يجو! العيون تعتاد على الجمال والقلوب تزيد رقتها كلما نضحت عذوبة زهرتها العابقة.. والبال ينشد خلاصه من باش بزق يسند كتف الحيرة التي تغطي على الأحلام الفطيرة.. أماني أقصى احتمالاتها الا تفارق ثمار السدر حينما نقتنصها بأنامل خوف يعترينا كلما دهمتنا سيدة البيت المكتنزة بفعل الراحة.. والحب المراهق سدرة مبتدانا ومنتهانا في مسرى طريق الحمام الجبلي.. حمام أليف يحمل الرسالة المسطرة بسرسار ريق الغمام والمضمخة بتيار عطري يصنعه معراج النحل في ذبذباته الفواحة في كل رحلة شوق تنتهي بألم عظيم وتعب يسكب عصارته على دفاترنا الممزقة بالحبر الأحمر. وفي اثناء خلاصه من ذرق الصقر، اختلط الرمادي بالأحمر، وسال من جديد جرح غامق وفاضح على قميص الضلالي مشكلاً خرائط عدة من ألوان بهيجة من الكولاج، قطعا لم يكن الزيتوني من بينها ولا ذلك الأخضر الغامض ولا النيلي الصافي ولا الليموني المشع! تنهد الضلالي وأخرج بكل ثقة ما بداخل جيب قميصه.. حاول أن يقرأ ما بهت ليطمئن قلبه بأن الرسالة لا تزال في الحفظ والصون وفي رعايته الأمينة حتى تسلم لصاحبتها في الوقت المناسب.. يحاول أن يستبين السطور.. حاول أكثر من مرة والعرق يتصبب من جبينه.. وفي محاولاته المتعددة وانشغاله بالمحتوى أكثر من إهتمامه بضجة المكان وحصار العيون التي لم تفارقه البتة منذ لحظة أن غطته توابل سحب السماء الرمادية... خطف الجكنون الورقة وغاب في زحمة الشارع والتهم حروفها المتبقية تحت عمود على مقربة من بيتهم تماما كحيلة منه لانتظار بطة في مواعيد تبادلهم الخطابات الغرامية من كل يوم خميس في مثل هذا الوقت.. وبدأ يقرأ بصوت خفيض ومتعثر... (محبوبتي B... أحبك ومرسول غرامي يصلك ويجدك في أتم العافية).. وبعد أن أكمل ما جادت به الرسالة الممزقة والتي اختفت فيها الكثير من الكلمات أيقن بحسه العالي بأن الأمر يخص حبيبته ليس إلا.. وضع الرسالة في جيبه ومضي عائداً في طريقه إلى الضلالي... معقول يا الجكنون تشيل الجواب حقي وتجري بيهو! ما اشيلو واشيل حنانو ذاتو.. وفي لحظة فارقة من الزمن وبكف يده العريضة لوح الضلالي بضربة قاضية على جسد الجكنون الضَّئيل الحجم حتى قذف به إلى جوف الجدول منكفئاً على وجهه مع بيض الضفادع الكثيف على سطح الماء الآسِن، ومتدحرجاً برأسه الضخم وملتصقاً بالطحالب الخضراء حتى لحق به البعض وأخرجه بصعوبة. وبدأ صوت الضلالي في الارتفاع.. ستين مرة كلمتك! حاجة في يدي ما تشيله ولاتدخل يدك في جيبي ولا تمشي معاى.. انا لا صاحبك ولا قدرك.. ولا بشبه خلقتك دا ياااخي.. كرهتني عديل.. ايوا الجواب دا مرسلو لى بطة.. عندك كلام تاني عاوز تقولو! يلا طير من قدامي اسه وتاني ما اشوفك وما اشوف وشك دا! مرّ صمت طويل تخلله عصار من جهة ميدان الكرة شاقاً البيوت بعنف مبالغا فيه اقتلع كل شيء حتى دفاتر الجميع.. وغاب جواب الضلالي وانسرب حتى يوم الناس هذا لم يعثر له على مكان. ربما دخل أحراش القَفْلُ الواقعة في الشارع الرئيس بالبلد أو وقع مبتلاً مرة أخرى في الترعة العفنة أو في تلك الأرض الغُفْلُ التي لم نعرف لها عشباً يزين محياها في موسم الخريف بجوار البقاس وحفرة المولاص التي تقع جنوب المصنع. الحب؛ مرفعين الرجل... يلتهم بشراهة كل وقار ويطيح بوسامة تسكعه في طرقات الحبيبة غير مبالي لشاسع المسافة التي تفصله عن الحقيقة وما وراء أكمة أشجاره العالية التي لا تسير ولاتراها زرقاء مهما عظم شَّأنها وتعفرت خطاها مع خيول الصبا العارمة في مضمار ركضها المتصل.. والحب وقتها أعمى كالشَّجرُ اليابس يمتح من غبار الشوارع ودخانها وأصوات ضجيجها مقتاتاً على حبات الصبر والتقشف. على نَّاصِية خيالاته واوهامه وتحديدا لدى ملتقى شارعهم بآخر، وقف ممددا كالفراغ ينتظر مرورها النادر بتلك الانحناء.. ازيك يا شاب! اهلا عمي محجوب.. جيتو الليلة من المدرسة بدري ولا شنو؟ لا لا في نفس المواعيد.. اها كويس.. المدرسة كيف معاك؟ ما بطاله والله.. أكيد صاح لاني انا سمعت بيك كتير وقالو لى انت زول شاطر شديد؟ الحمد لله نتيجتي ما بطالة.. ربنا يوفقك.. وقت شاطر كدا ما تجي تقري لى بتي دي وبالمرة تونسنا وتشرفنا في البيت؟ مافي مشكلة يا عمي محجوب.. خلاص بجيكم.. ايوا عليك الله تعال لينا.. بس ان شاء الله بتعرف تقد الجلد؟ جلد شنو!!! بسذاجته التي عرف بها لم يستبن معنى قول عم محجوب ولكن وقف كثيرا عند تلك العبارة مما اضطرته للإستفسار عنها من صديقه ود الحاجة.. انت يا فريني.. انت شنو معنى قد الجلد؟ مال فريني على حيطتهم المايلة اصلا ومات بالضحك.. منو القال ليك الكلام دا؟ دا ما عمك محجوب لاقاني قبيل.. وقال لى كلام كتير وفي النهاية قال لى تعرف تقد الجلد؟ وانت رديت عليهو بى شنو؟ مشيت منو بس وخليتو واقف في الشارع؟ الراجل دا ما شادي حيلو بالواضح كدا يا فردة.. يا زول انت جادي.. ايوا جادي ودي حقيقة اي زول عارفه الا انت يا الضلالي معقول؟ دي مشكلة والله؟ وين المشكلة طيب؟ انا بحب بتو دي ياااخ شديد للطيش.. ياااخي طيب ما تعرسا البت السمحة دي وتجم عضامك ديل؟ يا زول هي ختيني خضراء الدمن دي.. انت مالك ومال اهله.. دي اكتر بت مؤدبه في الحلة.. راسا ما بترفعو وانت اصلا بترجف لما بتشوفه؟ أقول ليك ما بتنفع معاى يا بركة! انت طلعت زول رجيجيف ساى! يا زول خليني في رجفتي دي بس هى التمسك عيونا ديل عليها وكمان بالمرة تمسك جلد ابوها دا.. ما قلت ليك انت مولع فانوسك وما عاوز تعترف وكمان خائف من جلد ابوها.. رفع رأسه صوب تلة شموخه وانفته ومشى بذات مشيته المعروفة التي لا يغيرها مهما أصابه شيء.. وقفل منتبهاً إلى دنيوات ظنونه وهواجسه ورجفته التي ما إنفكت تسكنه كلما مر بصبية مزدانة بالحسن على وزن بطة.
حين اتخلص من قميصي (16) | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الخميس 19 يونيو 2014, 10:29 pm | |
| البنسلين.. ضمادة العشق الميت لا شيء يعكر المزاج سوى ذلك الحر الخانق والمتفشي كحمى الملاريا، وحبيبات البقاس التي يفيض بها المكان، ودخان نراه يسد الحلق ومنافذ السماء حتى يبدو حى الألمان كغمامة حبلى بنذر أسماك عالقة في الهواء.. والذباب وقتها أقصى أمانيه أن يركض خلف القميص ويحيل الصباح الغض إلى توتر مفضوح راسماً ملامحه الصفراء على رقعة الجغرافيا التي تتحرك فيها تهاويم الصبية العذرية.. وأشهى ما تطيقه النفس رائحة الترعة العفنة التي تسيل في أطراف الشوارع والتي تجمعها رفقة عمر بطوابير الصبايا القادلات على مهل أخضر يشبه فساتينهن القصيرات والمائلات على بهو الماء وأناقة ذراته حينما تطفو وتغرق الشارع الرئيس المؤدي إلى المدرسة المتوسطة في طلاسم لغة مبهمة يجيدها البعض في تراتيل وجه الصباح الغارق في الضحكات وجيوش الذباب والوجه الحسن. والشتاء كذلك موصول بالكثير من التفاصيل الحميمة والمؤرقة.. أرجل غُبْشَة تسيل على هم العبور ونثيث الدم الذي يغطيها.. بعضهم تدرب على صب الدهن ومضاد الغَبَشُ وخلطه بالليمون كلما أوجعه الجرح المفتوح على ألف مسغبة من ظلمة آخر الليل وبرد مخيف تسكنه ضباع الرهبة. في أوان التَّجَلِّي تتحلب ضروع الغيم رَوائح وغادِيات.. وتهش رشاش يصيب الأرض بأَرِيج فائح يقترب من نَكْهَة الحلو مر وعَبِير العابرات على صراطهن؛ سارحات ورَّائِحات.. والقلب أكثر شقاوة في نسيمهن المارّ. بيننا كان كل شيء مرتباً في عرض الشارع بدءاً من اللوائح التي تنظم مرورنا وانتهاءاً بحالة الهستيريا التي نصنعها على ضجيج يوازي ثُلَّة النساء عند حضور ترلة الخضار.. أاخي انا عمل شنو مع البت الملظلظة دي ومليانة؟ وين دي ياااخي؟ عاين هناك براحه ما ترفع راسك طوالي بعد مسافة كدا.. خلاص طيب.. دي شلهتة وانتظار ومساسقة بس عشان تسلم بعيونك.. اصبعك ما بتقدر تمدو للسلام الا تسلم على الشجر والقصب المحروق وانقنق وطوب المسرح.. حب احساسو وطعمو غريب.. كانك ماشي ليك على حقنة بنسلين وح يديك ليها بازوكة.. يااخي طيب انت يا منقة ما تبطل الجرسة دي وتشوف ليك حاجة تانية تعمله؟ بقدر لكن انا؟ هاك القصبة دي كمل فيها هاشميتك قبال تشيلك وترميك الترعة.. انا هين الكلام انت البتساسق بعيونك من بعيد لى بعيد.. صراخ كاتم في الداوخل لا يعرف مقداره أحد إلا الذي يشعر به حين يأتيه وحم العشق وطلق القلب المعلق بسهو صلاة الريح ونافلة ألوان تعكس المزاج المتعكر والمتقلب بين جنتين من تمر يهز أكتافه من الحمل.. مخاضاً خرافياً ينهش أعضاء الحواس الخمسة ويحيلها إلى كومة من ورم حميد يستأصله القديل بكل ذكاء تموضع على كفه اليسارالحاذقة.. وفي القلب بكائية كبيرة اصطلي بنار وجدها ديجانقو في تجواله النهاري حاملاً الكون بين رأسه ويديه المثقلتين بأشياء الدنيا البَخْسٌة، وفي باطن نعليه يتضور جوعاً من واقع انسرب خلسة منه في عُفْرُ الدنيا الكاسدة.. وزنك المدينة بطلاوته الموزونة على أيقاع صيحات عوض شى يشهر نوباته ويطلق لسانه في طفلة صغيرة تلازمه كظله تماماً بين أزقة السوق المهترئة كثوبه وضفائر شعره المَبْرومة الفاحمة. وفي براح العشق تمضي أطياف عذبة من لهو الحديث وشجار حميم يفضي إلى شجار عنيف داخل حوش المدرس.. طفلة عشق نهدْهدها بين قلوبنا قبل أيادينا.. تتمنع علينا برضاب حبرها الأزرق ودفتر قلبها الأبيض.. وفي غفلة منا تطلق ساقيها مع ريح الهَيْفُ الحارّةٌ صوب جنائن وجعها الطازج.. وتدقَّ خصْرُها وتضمُر بطنها ومع ذلك ما هربت إلا لنداء الشجر الحلال وثماره الزغب بين فصول الدراسة. ذات مرة وبنفس سره الغامض ومنوال شغبه الذي عُرف به في الحى.. طلب مني الحضور باكراً لحمل كراسات الفصل.. التزمت مساري والتقينا في الصباح على غير العادة عند خياشيمه اللاهثة.. بيننا المسافة شاسعة وقصيرة على السواء تبدو كنهر من المكاشفة لا يصب على أبواب بيتهم فقط بل ينداح إلى الكثير من أمهات القضايا حتى حقوله الأخرى يرويها على مهل الظروف العضير. وبدأنا السير ضمن مسيرة الذباب المتصلة في غناويه الصباحية الفاترة.. وغبار الترلات يعبئ أنفاسنا في رهق ناعس وغَثَيان فالت كعادته يسكن أطراف الجسد كله والروح تسافر أسفل دنيواتها. بعد أن عبرنا الكبري الوحيد والسكة الحديد وكلانا في صمته.. قلبي منحاز إلى حيرتي وضجري ومعلق بحالة أشجار الحناء الخضراء والطرية التي تنتظرنا على عجل في طابور الصباح أو الحصة الأولى، وأيضاً من ذلك القميص القصير والذي تتراص عليه مجموعة من الذباب في تشكيلات مختلفة في مسرح غنائهن الصباحي تحديداً في المربع الذي تصنعه أيادينا بفعل المكواة كشارة فتوة وقيافة.. بينما هو يحلق في أحلام مغامراته وجنونه للسفر خارج البلاد.. وقد كان حتى يوم الناس هذا منذ ذلك الوقت في منتصف عقد ثمانينات القرن العشرين متنقلاً من بلد لآخر، ومن مدينة لأخرى، لا يعرف إلى الإستقرار سبيلاً كنورس مدفوعاً إلى الهجرة كلما ألم به طاريء في شواطئه. وبعد أن تخلص سندباد زمانه من أحلام مشاويره الخيالية، والتي ما أنفكت سمة ملازمة له حتى أنتهى عائداً إلي في أوبته غير الأخيرة.. والشارع حينها مترهل بالصبايا الجميلات وقشر قصب السكر ورجل طاعن في السن بعين واحدة تصلح للرؤية في مهمته لقبض هوامل الطريق ومطاردة تيمان ابن يعقوب وإخوة الشغيلة التي لا تخون مبادئها. قال لي فجأة وصقعني في مقتل: بتحب واحدة من البنات ديل؟ ما مشيت بعيد ولا اترددت بالرغم انو هو استاذي في نفس الوقت.. واللحظة ديك عِرق النعناعة الحبيبة مالي الشارع وداخل على الغريق وما بقدر اهبشو محل نتحيهو واعرفو وين؟..اقول ليهو هدييك البت.. اللابسة فستان قصير نازل تحت الركبة شوية وصحتها شوية كويسة.. يقول لى: ما شايف. الوصف يكفي لرجم شيطان الصباح وجنون كل عشق غير مباح.. وفيه صبر الذين غادروا وباتوا على شفير الهاوية ينعشون عصب الحال بماء يصون اللحظة ويكتفي منها بخدر لذيذ لا يعالج الداء ومنبت أصله. وأصرخ فيه لطالما تساوت الكتوف وأنسى مرتبته والشارع وعيونه اللصيقة: (ياااخي.. شفت الأربعة بنات الجاااايات علينا ديل.. الفي اليمين وتاني واحدة وبطة شوية...طيب خلي الشايلة بستلة وطرحته واقعه دي وقت ما فهمت وصفي.. خلي بالك كويس معاى في الوصف تاني.. هن مش كوم بنات واحد اسه، وفيه اربعة بنات عاصرات على النافورة).. ح نبدأ من اليسار لانك يدك شمال ومن هنا بفهمك يا استاذ.. (دي كان معاها كف صاموتي) اكلتو في حناني ومشيت اوصف ليه لسه وممغوص عشان الخضراء ام سماح.. (العلى شمالك ضعيفونة وشايلة شنطة دمورية دي خليها.. البعدا طوالي طويلة (الزراف ركوب الجن) دي برضو خليها.. اها البعده طوالي.. ام جضوم الممسحة بزيت التعاون دي.. شفتها عشان ما تدقشه بمشيتك الشترا دي).. يصيح باعلى صوته: (اها شفتها الزى البومة دي .. يا ها دي البت البحتبها وجننتني بيها).. وبحركته المعهودة والتي بانت بين شفتيه في حركة مصمصة تنم عن إستهتار بالغ بكل أسوار مملكتي التي أسعى لبنائها.. قال لي: اقفل خشمك الكبير زى المطبقة دا.. انت مظلوم ياااخي! والوقت داك البت عبت اضانه بالكلام دا ودستو.. ويمر اليوم والايام تتوالي وفجاءة القى روحي في كبسيبة حفلة في الشارع التاني لى بيتن.. والرقيص مسخن واكتاف الشباب تتلاقى في الدقيقة ستين مرة.. والعرق كابس الوشوش.. المحظوظ فينا يكون عندو منديل بشكير ودا طبعا بكون زول متقندف شديد ما زينا نحن نقطع من ملايات التعاون.. نحن غايتو نشيل ونمسح بى كم القميص القصير.. وشي نخرطو بالايدين.. وفجاءة القى وشي في وشها والدنيا تضيق وتبقى زى خرم ابرة الطعانة.. الساعة التقول لى: (مظلوم في حبي مالو ايه ذنبي الجنيتو).. والواطة تقرب تبلعني.. وبقيت لا في العير ولا في النفير.. رجفت واتمليت هم لذيذ بشهقة الطعم الحلو والصوت الحنين. ومرة قلنا نتلاقى ونتصارح والنسام نهار وحر في شجرة ياعم... الساعة الاشوف ليك التمرجي عابي حقنتو وواقف منتظر وماسك فتيل البنسلين في يدو.. لا عرفتو عاوز يدي الحقنة للشجرة ولا عرفت النعناعة الصايده شنو..؟ والبنسلين عافية الجسد والروح في زمن كان فيها العلاج بالمضادات نادراً كندرة لبن الطير والنوق العصافير.. والعصافير لا تزال لا تعرف دواء العقار في نشدان عافيتها. تقوم النعنانة تشرق تموت بالهجمة وتهويب حقنة بنسلين في جدول الشجرة.. وآه منك يا البنسلين يا تمرجي .. خطف الخضار.. يا تمرجي وكب فينا موية النار.. يا تمرجي شال النعنانعة نصة نهار.. يا تمرجي ما خلاها دخلت الثانوي العام.. يا تمرجي لا لبست طرحة لا خمار.. يا تمرجي قبل فات الحلة وزاغ.. يا تمرجي ولع فينا وطلق النار.. يا تمرجي وسدتها قلبي وكفنتها بقميص المدرسة البني الفاتح... ورشرشت عليها قطرات من حبر أيام عجولة كفلت لها قطعة أرض صغيرة تتوسط منتصف دائرة نافورة البلد الوحيدة كشاهد على قصص تموت على قارعة الطريق من نداوة الماء الذي يبلل ريقها وذلك النَّزَقُ الذي يرحل صغيراً في أول ساعة من إحتضار الروح في خلاصها الأخير لصبايا وصبيان تبادلوا عشقهم بين أحداق العيون واكتفوا من حفنة حصاد قصبهم الأخضر بحب خديج... ودفنت قلبي بجوارها في براح المثلث العظيم الذي احتمل كل شقاوة صبايا وصبيان السكر.
حين اتخلص من قميصي (17) | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 27 يونيو 2014, 4:55 pm | |
| حمار البنات المكادي
الروائح المزعجة ليست في الهواء الطلق فقط بل في كل الدروب التي لم تتعثر فيها خطاك تحت أجنحة أسراب طيور الرهو الصاعدة إلى الأعالي بنفس واحد.. الأسماء مثلها والريح وأخرى حبال الذكرى؛ تتثنى وتتراقص مذبوحة أو جوعى لإشتهاء يرهبك.. تغويك وتمتلك جسدك العاري وتغرقه في ميوعة الوقت المنسال.. ومن ثم تقتلك وترميك في مدافن الخوف وتجعل منه أُنشوطة للموت البطيء على حد الشعاع المسافر في الأمسيات الرطبة بدهن الحاجة لتدحرجك إلى هاوية سحيقة ومنها تفيق على حد السكينة الواهية.. ومنها ما يطرق بابك الليلي ويحبل من ذاكرتك.. حتى يتنفس حبله السري من شهيق رمال أم رهو الفضية وزفير حجرها الأرقط.. ورائحة الترعة العفنة العطرة. نهاراً بارداً مُثقل بالأسى ودخان الرتابة والغبار الذي يغطي سبيب الأنف ويسد مساماته.. طَّاسَّةُ من الألم تتكور على صدره المكتنز بفوبيا تحسه في ملامح تعابير وجهه وفي كل حركة وسكون يملأ بها راكوبة التومة بت الازيرق. صنبور ينفتح ويتربص بأفراحه ويدفعها بعيداً ليئدها من الوهلة الأولى حين يحاول كل مرة أن يطفيء تلك النار التي تشتعل بين جوانحه كلما عبر حاملا قفة الخضارإلى بيته.. عينيه الواسعتين بالنشاط إعتادت على رؤيتها عند كل صباح يسرف فيه ود المبارك في ريّ الهواء بدخان حريق البن في تمام الساعة الثامنة الهارب من دكته الطينية الواقعة في ركن قصي من قهوته كحال موقعها تماما بالسوق.. وقتها تكون الشوارع قد خلت من المارة وغياب أجمل الزهرات بين جدران الفصول حتى ست بتول تجد فرصتها في الضباب المار وتوسد طفلتها الوحيدة على كرتونة بجوار باب كشك عم نور الدين لتأخذ حصتها من غفوة الضحى وتكون بذلك سقت أشجار التلاميذ ببعض ماء الورد النادر.. ووردة مثل هذه تنبت مع جذور قصب السكر في أوان الزراعة الأولى لتصبح خضراء تسر الناظرين ذات يوم. أحدى عينيه لا تزال مغمضة من جراء سهر الوردية القاتل في محاربة جبل البقاس طوال الليل.. يحاول أن يرى كل شيء بوضوح ويتفرس في معالم السوق وضجة الملجة وصراخ العتالة وصراع السماسرة حول وارد بصل شندي الذي دخل حلبة المفاصلة لتوه. تزدحم في محاجره ألوان من الدموع وعلى وجهه تعلو شارات الفقد واليتم الفجائي الذي لحق به بعد أن تخطى أربعة عقود من العطاء.. فقد الحبيبة لا يعدله إلا الموت وتلك الحشرجة الليلية الشرسة... ظل يتشبث بأمل بعيد المنال كخنفساء الروث في جدلية علاقتها مع الحبيبة القمر.. يا ود بنبون مالك الليلة عيونك زى الشرارة؟ أكل العيش ما قاسي يا تومة؟ صحي والله الحياة صعبة تخليك تأكل الضريسة والحسكنيت.. تعبان والله بدور انجمه؟ طيب ما تمشي البيت وتفطر وتاخدلك نومة طويلة تريح جسمك دا من سهر الورادي البكتل الحيل.. النوم ما بحل وما بودر وجع الجسم والقلب المحروق دا! تشوف ليك زيت سمسم وتردقدق فيهو.. عاد منو البدردقني فيهو؟ براك تمسك القزازة دي وتبهله على ضهرك دا وتقول يا نوم جاك رجل القوم! القزازة بتدور الرفقة واليد اللينة؟ انت يدك مالك مقطوعة! هي.. لكن يا تومتي الزول كيفن يحك ضهرو؟ حك الضهر هين يا راجل انت! القال ليك منو؟ حك الضهر البى العصاية دا خلو زمان؟ خلاص حك ضهرك مع الحيطة والموضوع انتهى.. هي لكن انا بدور المسوح... بس ما عاوز اي حاجة تانية لاني تعبان ومعسم جد.. زيت السمسم الما خمج والدلكة والخمرة الريحتة البتجيب الطاش! اها لكن ما خربتها والناس تقول شنو؟ الراجل العزابي دا مولع الليل بالريحة دي مالو الليلة! وبعدين الريحة دي ما بتجيب كلام والكلام بياكل البطيخ! اليقولو الناس! المهم كيف ترضى أم سماح تكتح الزيت والدلكة! اها قول انا مشيت معاك وقطعت الفيافي دي نص الليل ودلكتك ودلكت ضهر الأرض دي كلها.. اها البمرقني انا شنو من الورطة دي؟ ورطة شنو كمان يا بت الازيرق! انا مافيني نخرة اشم ريحة الكبرتة دي؟ عادي تشمي ساى وتتطلبي الله وترجعي اهلك بالطريق الجابك! دي اخرته الحسنة الفي المنعول زى الشرا في القندول! هوي يا بنبون ما تشتحف روحي من اسه؟ شحتفت الروح شن جابه؟ جابه كلامك المكبرت دا.. كلامي هين وما بتجيك عوجة وحاولي بعدين تعالي لى في البيت.. يا راجل يفتح الله ويستر الله مالي ومال قومة النفس دا نص الليل.. انت مالكِ خايفة كدا.. الخواف ربى عيالو.. واخير لى حيطتي دي من ضهرك العامل زى ابو القنفد المارق من حريق القصب.. والله انت مافيك نكهة الليلة مرة واحدة.. أحسن نفترق نشوف لينا شغلة تانية.. احسن ليك ولى انا كمان بدل اتبهدل انا نص الليل وارجع بحسرتي.. لالوبنا ولا تمر الناس.. يلبك فيل ان شاء الله يا مقطوعة الطاريء ويقع بيك حزام البان.. اخير يشيلني الفيل من روحي تحرقني نص الليل وما القى اليطفي لي ناري! انتِ لكن! يا بت الازيرق مشكلتك كبيرة! نارك دي خرطوش المطافيء ما بقدر عليها خليك من أنا الما عندي ليها نفقة.. عشان كدا قبيل قلت ليك خليني لى حيطتي أحسن اكون متيقنة من تقوم تولع فيني نار واتجهجه.. تاني اقبل وين؟ اقعد اكابس في ناس الشارع! الرياح لا تحمل حِمارُ البنات... إذا لمسَه أحدٌ اجتمع كالشيءِ المطويّ وكأنه يتصلب برجيله تحت قُرْمة الحطب اليابس ويتقلب بين جذوع أشجارها وحجرها خوفا من أن يجده البشر ويفسر رؤيته على هواه. هكذا فسر رؤيته المنامية ذلك الصباح بأن الأيام ستضعه على حقارة ودناءة في همته وكما تجعله يخالط السفلة ويحاكيهم لبعض الوقت ريثما ينجلي غبارالبقاس على الفور بعد أن أشاع حالة من السواد الأحمر على المسرح.. حمار البنات يغط في موت عميق ولا يصحو على عجل ويستميت في ذلك الدفاع الأنثوي الذي لا يشبه الصبايا! عزلة كادت أن تمتد بأقاصي الكون وتعربد بأقطاره. تسكع كثيرا بين أشرطة الفيديو القديمة التي تمور بها حجرته وتقلب بين مباريات كأس العالم 1982، وشاهد سقراط وزيكو وكرويف ولخضر بلومي وتيجانا وبلاتيني والفتى الأسطوري مارادونا وفرانز بيكنباور وباولو روسي.. تابع بحماس منقطع النظير حتى بدد الكثير من أزمنة العزلة التي تطوق ديار قلبه. يحاول بين الحين والآخر أن يختلس النظرة تلو الأخرى.. يفتعل شيئا ما في حجرة البنات حتى يصادفها هنالك ليلقي عليها التحية والنظرات الثاقبة التي ترمي لإذابة كتل جمودها البارد. في المساء الباكر على ملعب فريق العاصفة يحاول أن يطبق العديد من خطط المنتخب البرازيلي أو الفرنسي وأحيانا يخلط منهما خطة بارعة يزود بها فريق السكر في تصفيات الصعود إلى الدرجة الأولى. يذهب إلى النادي ويطوف بأربعة أركان طاولاته.. ويطلب بصوت عالي (واحد كندا) والعزلة لا تفارقه البتة كحمار البنات اللاصق بخنصره. عبأ كوب الكندا بالماء من حنفية النادي ليتخلص من الحمار كمحاولة منه لطيء ساعات الليل والضجر الذي يسكن داخله.. يفشل أو ينجح الحمار لم يتوقف كثيراً أمام تلك المسرحية التي كان بطلها حيدر دقاش وإخوته. المسرح يضج بالصغار وعيونهم المنصوبات صوب (التِلة) وتلك الحركات التي يصدرها بسرعة لا تتماشى مع وزنه وطوله وعمره الطفولي. كل شيء يستدير في جوانب المكان ويسيل مع التصفيق الحار، وهو في شروده يمارس سطوة العزلة المكثفة! والارتباك والحيرة والأمل الذي يعكر مزاجه! غادر على عجالة قبل أن يكمل فعل الليل المجنون وتسرب خلسة قبل أن تحس به زاهية ابنته الكبرى.. وتمرغ في ليل الأسف والشجن الطويل.. شعر برعشة وقشعريرة غريبة تداهمه قبل أن يرتدي ملابس الوردية.. تنفس بعمق وارتمى على دراجته. دينمو العجلة لا يعمل.. وكذلك الفرامل... والجنزير ملَّ من الدوار منذ العام 1979م لم يتوقف برهة الا لحيظات عند عماد خضر توتو.. توقف هو الآخر للأبد هذا اليوم عن مسيرته. عاد إلى البيت وروائح بائسة تنبعث من بين ركام ضلوعه وتعبث حوله.. ركن العجلة بقلق وغادر لأول مرة بدونها.. ترجل في الشارع بمحاذاة النافورة حتى تناهى إلى سمعه أصوات ناعمة موشومة بصوتها المطرز بالأخضر الريان.. تلاحقت أنفاسه وتحمل عبء الطريق وعتامته.. ليلاً طويلاً من النيران التي لا تنتهي.. هنا وهنالك.. تمتد وترعي بقلبه وبالمكان وفي كل شيء.. والليل أطول ما يكون منذ أن عرف هذا اللهيب. فتاة واحدة تتسرب إليه مع الأضواء والحرارة، وتغسل بعض من غشاوة عزلته وتزيل كل خيوط العنكبوت المنسوجة بإحكام من حوله.. يعرفها عن قرب كما يعرف نيران البقاس التي لم تخبء منذ تعيينه في وظيفة إطفائي.. جسده بأكلمه موصول بتلك النار.. النار التي تأكل كل لحظة جزء من خلاياه وتحيله إلى قيامة أهل الأعراف. وفي ثنايا النار ابو الدرداق يجمع روث الدواب ويكوره في جبال ترتفع وتنخفض بصيحة الاتبراوي كل عام.. وفي ذكرى الغياب تتجدد آلامه وتنتصب كضياء الطَّوْسُ العالق في سماء حزنه العتيق. لو سمحتي استاذة أمل! اجازتي السنوية عندك كدا راجعيها وشوفي الحصل فيها شنو؟ حاضر يا عمي الطيب..! كم سنة ما اخدت اجازة مع الشغل الابى يكمل دا.. ليه طولت كدا من الاهل على الاقل تمشي تسلم على الوالد والوالدة وبالمرة البنات يشوفو اهلن وناس البلد.. السفر بقى صعب زمان تساريح القطر ساهلة الا اسه تذاكر البصات غالية وكمان عاوز تشيل معاك حاجة للأهل وما بتقدر تمشي مطلق يدينك فاضية.. صحي والله الزمن بقى صعب لكن برضو الواحد ما ينقطع منهن.. يا عمي اجازتك تبدأ من يوم 30 يونيو الى 15 أكتوبر.. معاها بدل الطريق.. ليه لكن يدوني اجازة بسيطة وانا اجازاتي كتيرة مركونة.. والله دي توصية جنابو الصول وبقول عشان بداية الموسم والقوة بسيطة لازم تكون حضور في التاريخ المحدد.. خير يا أمل...!! ونهار يسرف في حَمارَّةُ القَيْظ وسموم تفتك بستره وذلك السحاب المار على عجل.. بعد قيلولة طويلة تفقد الطيب ود بنبوب بيت الحمام وفتح نافذته واطلق سراحه ليقتات من طواحين السوق وما تفيض به الشوارع من حبوب. والمساء يرخي سدوله والوان إحمراره الفاقعة.... دقات خفيفة على باب البيت تصل إلى صيوانه بسرعة. اهلا أمل اتفضلي.. البنات جوة ادخلي عليهن.. شكرا عمي الطيب.. انا مرسلاني امي ليك.. خير ان شاء الله يا امل بدر البلد.. قالتلك أمي حمامك دا عذبه واكل ليها زريعته وشتته وكل يوم يجي داخل البيت عامل لينا ازعاج ومعذب حمامنا كمان.. وفي سره.. (ما حمامنا براه متوهدب انا ذاتي نفس الشيء.. تعبان من حمامتكم دي برضو البلمني منو منها قبال اقع اموت بحسرتي!).. قصير دخل يعني.. ايوا خلاص بعد ده رمضان قرب ونحن كمان قربنا نرحل بعد العيد طوالي نمشي البلد.. خير أمل خير ان شاء الله.. تاني ما تشوفو خالص..
حين اتخلص من قميصي (18) | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الخميس 28 أغسطس 2014, 6:57 pm | |
| ود الحسين في خيبته! عند كل منعطف من تلك الأزقة المتربة يعلو الغبار ورائحة نثار البول ورشقه الممتد حتى نحو عرض الشارع الرئيس المؤدي إلى مبنى الجمعية التعاونية.. ولا يمكن في ظل أجواء البلل والرطوبة ونقيق الضفادع أن تسبر غور مسيل الدروب وعطنها حتى ذلك الذي يدخل في دائرة منطقة ترلة الخضار والتي تقف على غنج وتبرج ودلال ظاهر تعرض بضاعتها الخضراء في كل صباح جميل من صباحات الشجر المسكون بشقشقة العصافير في حى السكنية التي تتشابه بيوتها وتتراص كعلب الكبريت. وكلما مر ود الحسين يصادف خروجها الفاتن كشمس كل يوم ترسل أشعتها ولا تنتظر شكر أحد.. يلقي التحية كالعادة وتتلقفها وهى متمنعة ورغبتها وقتها تصعد إلى صدرها وتحتشد كنشيج يغلي كمرجل الغلايات في فرزه الموسمي لسكر أبيض.. تخلط أرجلها بلازب الطين الذي تخوض في غماره بقايا الطعام اللزج؛ ورشل البصل وحبات السكسكانية التي إختفت لمعتها وخصلات الجرجير الباهت اللون.. لم تكن قبضة العفنون بحجم حزمة الفرح في ذلك اليوم ولا فحل البصل الذي يعشقه مصطفى ود الحسين كلاهما يغرق في ثنايا موته ويستفرغ رعاف رائحة الجقاجق التي تسفر عن خروجها الصباحي من مطبخ بيتهم. حاول هذه المرة وتعمد أن يطيل الحديث معها وهو في ذات عبوره الشبق.. وين انتي ما ظاهرة ياااخي؟ والله قاعدين في الحبس دا نمشي وين؟ ما تديها طلعة كدا بالمساء وخلينا نتلاقى؟ اجي امشي وين كمان معاك في الليل.. انت جنيت ولا شنو؟ ما عادي نمرق نتمشى شوية وناخد لينا حبة ونسة؟ يا ولد هيي انت مبهدل؟ قولي بسم الله... ما بتجيكي الحبة انا عارفك خايفة من ابوك؟ لو انت عاوزني بالجد تعال دق الباب وبطل صياعة الليل دي.. ادق الباب وادق صدري ذاتو! ابو الزفت ذاتو! اموت انا في كرعينك السمحات ديل!! اها جابت ليها غزل من النوع الابو كديس النقوم ندخل البيت قبال أبوي ما يجي من الوردية.. يااخي خلينا نتغزل في العيون والجسم الطلق فيني نارية ما بترحم دا.. امتشق طريقه ومضي بذات الوتيرة حتى صعد إلى لوري الزراعة وغادر إلى الغيط وكله غبطة وإنشراح وتفاؤل غير حذر كطبيعته التي تشبه جبل السكر الذي يحيط بخاصرة مرابيع حواشاته.. تجمعت في جمجمة جماماته الأفراح وترهات الصبا وأيقن بأن خطته أثمرت وحان ميعاد قطافها.. وأضحى يدندن في جدلياته وفلسفته ومنطقه الدائري الذي لا يخرج من أثداء الواقع ورقعة جغرافية الصبايا، وقال على عجل: "الكذاب ينتهي به الحال في النار" أو "أنفه تطول مع كل كذبة".. ومع كل عبارة يستنشق أعاصير الوقت التي تمر محملة بروائح شتى ومختلطة بروث الفئران والطحالب.. وتتسارع دقات قلبه حتى ركضت أشياءه الملحة في تضاد مع شغله الذي توقف.. ونبت الحسكنيت على خياشيم الحقول وبطونها، وكما أن البودة إنزلقت في مسيرها وركلت كل أخضر من قصب السكر وأنتحرت معه.. وأضحت الأرض يباب كحال أقرع ينسج من خيوط الظلام قبعة يداري بها المساحات التي باضت وأفرخت أعشاب سامة، فاقت في سعرها معدن الذهب الذي ذهب بلب دغيم الهش. ود الحسين ماهر في نسج شباك حيله وهكذا ظن بكل سهولة أن سارة بت المأمور قد وقعت في فخه حتى تمدد في اشتهائه المعسول ونصب خيمته في براري روحه السمجة دون أن يضع أدنى إعتبار لطريقة حرق المراحل التي دائما ما تقذف به في أتون المحرقة وعقابيل الفشل، فالسر في كونه سمسارا لطيفاً يعرف كيف يوزع بضاعته، وفي ذات اللحظة مثيراً للملل والشفقة والرثاء والسخرية هو أنه يقحم نفسه في كل نهد يعلو فويق الأرض ولا يبالي في سرقة بنبوبه وتقطيع أوصاله. وسارة نشطة في فك شفرات الليل من خبرة تفتقت من أكمام الوقت التي تجمعها بشاي اللبن كرفقة عمر تضاهي طول عيدان القصب الأخضر من ميسرة وطول أشجار حزام البان من ميمنة في علاقة ربطتها بـ(حمزة غابات).. قررت هى الأخرى أن تنتظره في ذات مسيره الصباحي الذي لا ينقطع كجيش نمل الحيارى الذين يسرفون إزجاء الوقت في طهى درنات قصاصات عالم المدينة السفلي من كل يوم على مِقلاة قارعة الشوارع.. السلام عليكم ورحمة الله.. عليكم السلام! ما شاء الله الليلة نضافة تقيلة جاييكم نميري؟ قلنا ننضف الشارع دا من وسخ البقر.. يااخي ما تخلي ابو الدرداق يقوم بالمهمة وبالمرة يقدر يعرس القمره؟ يا هو الفضل كمان؟ ما تقطعي رزق الناس! الرزق بنزل مقسم واي زول بجيهو كومو في محل ختة صفحتو.. اكان كدا نرجع ننوم ونندمدم ونفوت لوري الشغل ونرجا رزقنا.. قالوا كدا بعملوها يا فالح! انا لو كنت فالح كان زمان غزلت قطنك وجبت إجلك.. انا ما بتقدر علي.. ليه ماني راجل! عارفاك راجل لكن داب نفسك مقصر وما بتقدر تطلع حيطي وتكسر زمبارته وتلقاها عند غافل العنكوج.. انتي اديني فرصة.. هو قطر الشيء انت قايلو لما اديك فرصة كمان يا مستهبل! يااخي خلينا نطلع جبل مرة دا مرة واحدة!! الجبل اليعفصك ويكسر ضلعك.. احي انا وانا لاقي زول يكسر ضلعي يا فردة انت.. يا زول هوي شوف شغلك قبال ابوي يجي راجع من الوردية ويلقاك واقف هنا قدام البيت كمان.. اها مشينا الا بعدين بجيك صادي تاني! رغبته في الإنجاز لا تتوقف عن محاولة الوصول إلى بر أمان ينيخ عنده راحلته من إزدهار حيامن العشار التي ملأت كل فراغات شرايينه وفاضت في مسيل عروقه الحية والنابضة بطعم لهاة سارة التي شغلته البتة عن أداء عمله. كل ثانية تنسرب من خياله القلق تضع لبنة في بناء طوفه الذي سيصله إلى أرخبيل المياسم بكامل وعيه.. وطارقه يأتيه عند كل لحظة ولا يعرف فروقات الوقت وفسحة الإنتظارات وجوقة الأشواق التي تهز بعنفوان أركان قلوب العشاق.. جسده الصغير والنحيل فقط يهتز مع كل حركة كَفَلُ مر بجوار حيوانه الصغير المولع بتفاصيل الولوج عبر ثقب لم يحر يوماً في كيفية قضمه وهتك بكارة شبقه الرقيقة المباحة في عرفه وقوانينه. نصف قرن كامل من جَزَّ أعناق الصبايا وهدر الوقت في الظفر بأنثى المرحلة ريثما يمضي إلى زهرة أخرى ويقطف طيبها، وهكذا دواليك في سوح ممالك النحل لا يعبأ برهق وتعب دوما نشيطاً كلما التحق بحقل معطر لا يتوانى في تفتيته بعجالة حتى يجد ضالته بين البتلات اللاهثة والسبلات الناهدة صوب رئات الغيم الماطر.. يَصُرّ ويحلب من ضرع المزن ما يكفي للحظات وسرعان ما يعاود الكَرَّة ولا يبالي. انت يا فاطنة.. ود الحسين دا مالو طوالي ريقو جاري فوق البنات والحريم.. انتي عارفة يا سارة الزول دا ما بشبع اصلو انا قائلة لو رموه في حفرة دخان ما بتكفى! دا ياااخي حقو متبري منو ذاتو؟ غايتو في ناس قسمتا في الرزق في الشيء دا بس تاني ما عندها نصيب في الحياة.. هي الحياة دي لو كدا اخير منها العدم.. الزول من الصباح من يدعك عيونو تلقي ريالتو سايلة من ما يشوف ليهو توب حايم.. لا يعرف دي جارة ولا دي خالة ولا دي عمة ولا ذمة محرمة عليهو..!! غايتو انا حالفة اطبق فيهو منظر عمرو ما شافو وافضحو وسط خلق الله دي عشان تاني ما يحوم في بيوت الناس زي غنماية المحطة.. عاد كيف تعملي كدا يا سارة وتفضحي نفسك كمان معاهو.. اوعك تعملي كدا.. انت براك شوفي انا ح اعمل فيهو شنو وادبو ليك أدب المدائح واتوبو تاني ما يتجرأ يشحد ليهو مرة ولا بت... يااخي دا حتى الشحدة بتلفون الحكومة اتعلمه ومزازي بنات الناس ومقنبر يومو كلو نق نق.. انا غايتو برا ما تدخليني معاك في ورطة مع الزول القبيح دا العامل زي شيطان الكوشة.. يأتي المساء كل يوم في المدينة الصغيرة مشحوناً بطقس الأحلام النرجسية وبعض رياحين الغفلة والواقع التي تحث بعض الخطى على النهوض والبعض الآخر على السقوط التلقائي والاستلاب.. كل شيء مرتب له ومتفق عليه، وكلاهما له خطته المختلفة.. ود الحسين انتوى وغسل كل ظنونه وقرر أن يفاجيء سارة في وقفاتها المسائية المتكررة أمام البيت مع صديقاتها حتي يتحين الفرصة وفي غفلة ينتشلها وينفرد بها ويقضي وطر التباسه. وسارة هى الأخرى في مشاوير إصرارها حزمت خرائط خطتها الكنتورية التي رسمتها بدقة، وهذه حرفة تعلمتها على يد استاذ مجدي كسلا الذي إنشغل بترطيب حلق الصبايا لوقت كثير وأظنه لا زال يساوم في قوته.. وقد اختارت سارة بت المأمور خشبة مسرحها وديكوره من تفاصيل الجسد المهول والذي يتراى للبعيد كحركة بطة بضة تتنقل بتثاقل كثيف بين تيارات مياه كبري ترعة الرى. وكلا الطرفين يسعى بخفة ورشاقة ما بين ووراء الابتسامات المؤقتة والضحكات المريبة والأنس المختلس إلى مصيدة، وكلاهما تمرد على حدود مملكته في إطار الإمكان الذي يتيح حيزاً للتلاقي الضرورة. السلام عليكم .. اهلا وسهلا بالزول القيافة.. كيف اخباركم وناس شارعكم.. ديل ناس شارعنا الليلة منتظرنك فرحانين بجيتك.. يا سلام عليكم يا ناس يا حلوين.. احبكم كلكم.. اجي دا قلب ولا لوكندة يا مصطفى حبيبي! آه من منك انت يا سارة دائما تعذبي قلبي المعذب بى هواك.. اجي قدام صاحباتي تتغزل فيني قدر دا.. ما فيها حاجة وديل بنات جيرانكم الحلوات وحافظات سرك.. طبعا صاحباتي وزي كدا بندس سر بعض وما بنكلم بيهو الناس.. يااخي انتو حلوين شديد.. انت الاحلى في عيوني دائما.. اخ منك جيبي بوسة.. اجي بوسة في الشارع كمان.. عادي ياااخي خليها على الطاير كدا.. صعب لكن؟ ما تخجلي وخلي صاحباتك ديل يقيفن وراي ويضارني من الناس المارين لو في زول جا حايم.. والوقت وقت صلاة العشاء مافي زول بجي لافي بى هنا.. خلاص طيب ما تقول ابوي في وردية الضهر كمان! تمام دا.. بس عندي شرط؟ انا موافق على اي شرط تقوليهو!! عشان انا بخجل انت لازم تغمض عيونك وانا كمان.. مافي مشكلة عيوني هينات.. اسه اكتلن ليك كتلة نار الفانوس يا عسل انت.. طيب بعد تغمض عيونك.. افتح يدينك بعيد من بعض عشان ادخل في حضنك سريع وانت بالمرة تحضني عليك شديد.. موافق واسه غمضت خلاص وفتحت يديني ليك شارع.. ادخلي ساى سريع عليك الله.. يلا انا دخلت اقبضني عليك شديد.. تراجعت للوراء قليلاً وصفقت يديها بحركة سريعة خاطفة وكأنها إرتمت في حضنه مما جعله يسرع نزوة الخطوة كأجنحة يمام حلق بعيداً بسرعة حين انقض عليه عمي محجوب لكى يحمي حبات مريقه الممدود في أحواض الاسمنت بطاحونة ود الحاج.. وبسرعة مبالغة فيها قبض ود الحسين على الفراغ العريض بكلتا يديه الخشنتين وفتح عيونه على خيبته ويديه المشبوكتين وضحكات صديقاتها وبسمة سارة الفاترة والساخرة.
حين اتخلص من قميصي (19) | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 05 سبتمبر 2014, 12:44 am | |
| إِنْفِلاَل أبو رزقة رمق بالتفاتة كسولة جملة المشهد بما فيه القلب المسجي على أكتاف عشاق كُثر يتبادلون بخفة حمل نعشه من قلب إلى قلب.. وفي مثواه الأخير، لم تكن لحظات غروب الشمس عادية؛ فضياء يكسي الحقول ويلثمها، ايذانا بقدوم طبقة سواد الليل، وحزم ذهبية أخرى تتوارى لتعلن له أوان رحلته المعتادة بعد تاريخ موغل في دنيوات الغرام الإحادي الجانب. يأتي المساء عجولاً كلمحة البصر وهو لا يدري أن هنالك وجه آخر يرافقه حتى في مفترق الهزيمة المرة.. والوقت ينضح برائحة دياجي الغسق والترعة العفنة في عبوره اليومي محملا بأشواق شتى تتلاطم أمواجها وترشح عربات الترولي التي تحتشد بين الترعتين في انتظار قطر البضاعة القادم من محطة دغيم. وما أن يرخى الليل سدوله يفتح ابو رزقة قميصه الباطني المزركش ذو الأكمام الوردية الذي يصطنع الغبار والعجاج والنقع في محاولة منه لتغطية أسمال خيبته التي تعريه في كل شارع يتشدق فيه بصبابته. وفي الأفق تلوح غمامتين كأنهما حزقان من طير صواف، أجنحتهما لا تنتمي للخيط الأول للفجر ولا إلى خيوط الليل.. وتغيب حدود التماهي والتضاد بينهما. وكل شيء يهبط بإتجاه الشارع المرصوف بالحَصَى بدءً من دروبه الداخلية التي تتشعب بمجرد أن ينتصب على خاطره المنتهك بالحصار وانتهاءً بقلقه المرتاب والمتوجس من خطوات مريومة المتثاقلة. ومعطيات المشهد تشتعل في أسفل ذاكرته واعلاها بين موظفة تعلوه في الوظيفة يقبل بها المجتمع ويحتضنها بفرح سمج، وفي ذات الوقت شابة فاتنة الحسن وطرية الخصر يترك لها الحبل على الغارب ويبتسم لها على قناعة لا ترى كل خيط حاف أخضر ينتعله. بينه وبين نفسه يتمطى ويمتطي الحديث بصوت عال نشاز تجد صداه على حواف الترعة العفنة وفي كل مكان يرتحل إليه بعنفوان حديثه المتبرج. سلام شباب .. كيف اخباركم؟ كلو تمام وخير وبسط.. الخبر شنو؟ الخبر ما عندك انت الطالع.. ترانا نحن قاعدين وحارسين المكان؟ انا ما عندي خبر مارق اشوف الاخبار؟ اها العرس متين يا ابو رزقة..؟ والله لو ربنا سهل قريب.. قريب دي نسمع فيهو من الموسم الحرق فيه القيزان.. والله ان شاء الله ح اكلمه الليلة واقول ليها انا عاوزك يا مريومة واحسم الموضوع دا بدل كل يوم أضيع زمني في الونسة معاها وما اطلع بى نتيجة... لكن هى عارفه وحاسه بى بس وقلت احسن اكمل كل حاجاتي وبعد داك اكلم ناس البيت ونجي نتقدم ليها ونخطبه وطوالي العرس والسيرة تمشي تزور سيدي ابراهيم ونرجع بعد داك ويجي ود الشبيك يغني لينا.. ياااخي والله احسن الابيض ضميرك لانو اصلا ضميرو أبيض من اللبن.. أأأخ البت الحلوة ومكسرة ضلعي ومفكاتي ذاته.. وتمضي الشهور والسنوات في مسيرها.. وأصوات حَفِيفُ أَوراق الشَّجر واجنحة السقد وجلد الأفاعي حتى الخنافس غطى كل شيء في حضوره اللافت عند كل مساء بين أنفاس حقول قصب السكر. جُل تركيز الضوء إنصب على ثقب بحجم أبرة في ذلك الشارع المغسول بطراوة الهواء.. وفي ذلك النفق يشدو أبو رزقة بأغاني تزيح عن كاهله الرغوة والزبد والعلق وكل شيء لا يتمناه في حياض عم عمر الأسيد عند طرقه المعتاد للباب الخشبي المدهون بالصندل وعصير قصب السكر الفواح وبعض من روائح النرجس الذي يغطي خاصرة باحة البيت. ما له حصاةٌ ولا أصاة حتى يقرر فعل شيء يريح قلبه المعطوب بدخان النخوة. تعرفي يا استاذة مريم الليلة في الشغل جابو لينا مفتش جديد منقول من الجنيد متعب تعب! كيف يعني متعب يا عبد الرازق؟ قال: اول حاجة عاوزة اي زول ينضف مكان شغلو ومافي حاجة اسمها عمال نضافة تاني في القسم حقي دا.. دي هينة ما تنضفو براكم؟ ليه ننضف نحن عمال! دا ما شغلنا.. دا شغال عمال النضافة.. طيب ما تقولو ليهو كدا؟ دا زول صعب ما بفهم الكلام الزي دا وهو اصلا ما بعرف الخدمة المدنية بتمشي كيف شكلو خريج جديد وليه فترة بسيطة من اتعين في السكر.. خلاص انتو اشتكو للمدير الاعلى منو؟ حتى لو اشتكينا مافي حل احسن نسكت بس.. طيب ما تسكتو! الهرجي ليكم شنو؟ القال ليك منو والله سكتنا! تم! قطعنا موية ونور.. يعني بقيتو شغالين بجاز المصافي؟ مصافي بس يمين كلنا قلنا الروب.. احسن مالكم ومال خصم يومية وقطع الارزاق.. ايوا والله ما بنقدر عل شيل الحال دا كفاية دفتر التعاون مكمل قروشنا في الصابون والطحنية.. كل حركة تصدر في البلدة لها صرير يتقلب بين أسماع البيوت الرحبة، والفرح كائن يتدفأ بين أحضان شاى المساء المصقول بتوابل الرحمة.. لوحة ترى فيها صورة نفسك تتحلب من أضلاعها حتى تنهمر كقطرات الندى الصباحية لتفسح للنهار بدء سريانه الباكر بين البيوت والحقول والمكاتب والورش والمدارس والسوق. وتتداعى جسور الوقت مسفرة عن تواصل حميم ومسير يوم عمل مفعم بالراحة والسترة.. ومريم بت الأسيد هناك تكدح يومها بين أرداف مكتب المشتريات ترتب ذاك وتزيل تلك العهدة وتضع هنالك خطة الدلالة الموسمية بكل إرتياح بين فكي مديرها المتحزلق في صنع الطرفة البذيئة ولا يبالي حين يزدحم حلقومه بنِثار الرشاوي. انت يا مريم وين ملفات مامورية الصودا الكاوية دي؟ الملفات دي اخر مرة شفتها لما طلبه المدير العام للمراجعة.. يعني وين مشت جا تمساح بلعه! يمكن الغول جا هنا وسرقه؟ يسوي بيها شنو الغول؟ شن عرفني يا سيادة المدير؟ بلا كلام فارغ! اطلعي اسه راجعي مكتب المراجعة الداخلية واسالي علي السر منها.. البوديها لى ود السر شنو؟ يمكن بالغلط جات من المدير ليهو.. ما عندنا حق نسأل منها طالما طلعت بالدفتر تجي كمان بالدفتر واي محاولة منك عشان تلحقه بتدخلك في حتة ضيقة!! خلاص نعمل شنو فوضنا امرنا لله! خليها علي الله والمستور ببين.. وانت كان بريء من الجريمة دي ما بتجيك عوجة.. ايوا ايوا بريء بريء جدا.. انا لا مشيت المامورية ولا سافرت حتة.. قاعد في مكتبي دا جنب حفاظة الموية الباردة دي. المشكلة مافي انك ما سافرت.. المشكلة في ورقة بتوقيعك وتوقيع مدير مكتب المتابعة بالخرطوم.. انا غايتو ما وقعت في اي ورقة.. يشوفو الوقع مين ومستعد احلف في التاريخ دا انا ما مشيت الخرطوم خالص.. شن عرفني يا زول المهم حاول شوف مخرج لى روحك قبال ما تتورط اكتر من كدا.. أوضاع تثير الرثاء أكثر مما تبعث على السخرية والشجن واخرى تجلب الفرح على أوراق القصب الأخضر.. دفاتر يوميات الأنس المتدفق تسجل في الشهر وعلى أزمنة متفرقة أكثر من غسيل هنا وهنالك، قطعا ليس مع صرف الأجور.. علوية ضُبطت في وضع مختل مع سر التجار وكبيرهم عبد الصمد في بيت أمونة بت علوية.. دورية الليل تضبط محمد جنية مع شلته يحتسون الخمر على قارعة طريق الرى المؤدي إلى محطة السكة الحديد.. جوغة وررو تضبط أبورزقة يتناول شاى المغرب مع مريم عمر في مكتبة الخوارزمي بشارع الردمية.. وهكذا دواليك تطحن المدينة حطنة الكلام على حجر رحى الوقت المتهدل بين أركان المكان والزمان.. والكل متعلق بنياط قلبه في هم خاصته يسرج الليل بالحكاوى على كف الراحة الناعس.. بينما مريم عمر الأسيد الموظفة في وحدة المشتريات إعتادت أن تملأ وقت فراغها في المهم والأهم حتى تشتري الوقت بأسرع ما يكون من حانوت صبرها لكى تظفر بود السقا نوارة مجالس البلد. انت يا مريوم موضوع المامورية حصل فيهو شنو؟ ولا شيء لحدي الآن وكمان المدير صاني صنة عدوك اللافح.. دا كلام عجيب واكتر من كدا معناها الموضوع فيهو إنة.. فعلا في حاجة تحير والمشكلة زولنا دا متورط.. كيف يعني متورط؟؟ موقع في ورق المناقصة؟ لكن هو ما سافر قاعد هنا.. دا ما بحلو طالما توقيعو الرسمي.. اكيد واقع واقع جوة الجك.. انسي بس.. انت خبرك شنو وجديدك ايه؟ ياهو الروتين القاتل دا وكل يوم زى امس مافي جديد.. يا بت ما تدسي مني .. خبر الزول الجميل شنو؟ تقصدي منو يا نورة بت عثمان؟ يعني بقصد ابو رزقة!! ما بقصد ود السقا اب شقه! اها.. والله خلاص اخر مرة لاقيتو فيها قال خلاص رتب امورو وان شاء الله مع نهاية الموسم بجي يتقدم لناس بيتنا.. غايتو ما عارفه اليحصل شنو... خايفه شديد من ناس البيت يرفضو ويقولو لى الزول دا ما من اهلنا.. يا زولة ما تشيلي هم وابوك زول حربي وامك اصلا موافقه من كلمتيها صاح! ايوا صاح.. واها الفطقة صاحبي دا موقفو شنو؟ لسه متنف تحت تربيزة الشاى كل يوم جاييكم.. ههههه.. دا صاحب ناس البيت كلهم واصلا ما عندي معاهو اي حاجة ولا حصل عشمتو في شيء.. بالجد الزول دا نصيح كدا.. كل يوم داقي السهلة دي مشوار في مشوار لما حفى من الجري والمساسقة.. انا قلت ليهو ساسق ما براها متبرع.. والوقت في جلباب حضوره أجمل ما يكون وأصوات خفيضة في سعة من الهدوء تتداخل في بيت عم عمر الأسيد ولا شيء يتناثر على الملأ ويسري في أوردة الصبايا والشباب. سرعان ما أطلقت السبلات والبتلات عقال الزهرة حتى فاحت من ميسمها عبيرا وروائحاَ زكية وملأ صدر الليل بالغبطة والمسرة.. وعلت الزغاريد على صهوة البيوت الطوبية الصفراء الفاقعة اللون معلنة عن خطوبة دامر ود السقا على مريم بت عمر الأسيد. اها العرس متين يا مريومة؟ والله بعد شهر بكون باذن الله وبكرة ح يجيبو شيلة الحاجات.. الزول ما جاهز تب عديل يا فردة.. هايش وكباب درايش.. اريتو حالو حال صاحبي الخائفة روحو تمرق لما الخبر يصلو؟ وصلو قبيل وقالوا كضم بالمرة وبقى ما بتكلم خالص.. انت جاده يا مريوم! اي والله من شدة ما تعب بقى يهلوس.. ويقول لى ناس البيت المسو هنا في حمى.. المسو الرجل دي فيها حمى.. جيبو قميصي البرتقالي داك اعملو كمادة لي عشان الحمى الشديدة.. جيبي القميص الوردي احسن.. حالة صعبة.. مسكين والله ما درناهو ليهو؟ انت شوفي العجب يا نورة! لما يفيق يقول للناس باعتني بالرخيص لى واحد عولاق ما يسوى شيء.. خلي يرقد سلطة بس ما يقدر يقوم تاني؟ هو من ناحية بقوم اصلا قايم ونصيح الا دي تمثيلية ساى علي اهلو عشان يعمل دراما واهمية للموضوع ساى؟ يعني الحبة ما عندو؟ الحبة التقوم ليهو في خوختو وتنشف ريقو وتقطع لسانو المليان كلو كضب دا..!! انت اللماك فيهو شنو اصلا وشكلك اديتيهو فرصة!.. الشغل دا بلمك بالمتردية والنطيحة ما يقوم تور الخدمات دا كمان ينطحنا ويبشتنا بعد بقينا قبايل عرس.. اي والله ما خلاص من بكرة نارك تولع وتحرق العزال والحبايب.. ولطعم النَّشِيجُ والكَرِيرُ في الصّدر صوت كهزيمُ الرعد لا يصده حزام الأشجار بين بيوت المصنع ولا يستطيع غبار الترلات العالق في السماء امتصاصه ولا حتى رئة ابورزقة الي تتسع للهواء الطلق والثرثرة طالما كان فاجعة الخسران كبيرة بحجم فتاة الحلم التي انسربت الى فارس معتق بطين الحقول يعرف حق قدرها جيداً.
حين اتخلص من قميصي (20) | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 11 سبتمبر 2015, 12:53 am | |
| عزائر عشق يابسة وقت مثل هذا لا يأتي إلا لماماً على حواف الإنتظار وبين رحابة الأرض وقلوب الناس التي تتسع لكل شيء.. وفي ذلك الفصل الموسمي كل شيء متمهلاً ومتسكعاً يمضى إلى خلاصه وحتف موته عدا الضفدع المنتشي بنقيقه الضعيف في طقس عامر بالجفاف وغياب الندى في جغرافية ترسم حدودها أرجل الأبقار، بحثاً عن الكلأ والماء ومتسع لرقاد ثور الحلم الأبيض. وفي تلك الرقعة المسورة بالهواجس وروث يكحل عيون السماء على شطط فالت، تأبطت سرها... محض خيال ومضت مثخنة الجراح إثر علة تفاقم غورها وساء صيتها، ودمع غزير بلل لحاف احلامها حتى غدت على فجيعة لم تستفق منها البتة مرة أخرى، وباتت أسيرة الشحوب والذهول والموت. ياااخي انا ماعندي بيهو علاقة وكلمتك ألف مرة.. تاني ما تسأااالني منو الزول دا؟ كيف ما أسالك وشافوك ناس كتااار وانت معاهو بتتونسي في الدكان؟ ما اقعد واتونس معاهو! ما راجل زيو وزي كل الرجال المالين البلد دي؟ كيف تتونسي معاهو وانت عارفه نفسك مرتبطة معاى وعاوزين نعرس؟ اي مرتبطة معاك لكن ما اكلم الرجال يعني.. واقعد مصنصنة قاعدة منتظراك وخشمي يعفن.. نبي انت اصلك؟ شوفي الكلام دا ما بنفع معاى وتاني لو لقيتك معاهو اعتبري البينا انتهى؟ من اسه اعتبرو انتهى وخلاص.. بلا علاقة بلا كلام فاضي! اللوثة تعبر بغتة وزفيف الريح يملأ حلق شجر البان الذي يتمايل يمنة ويسرة حتى هدر صوته في الأعالى بين ذلك الشارع الضيق الفاصل بين المدرستين المتوسطتين بنين وبنات.. وآمال ومخاوف عاطف كندسة في أياديه القصيرة كعزائر وجدت نفسها مجبرة عند أسفل وجبة شهية لنار قهوة الوقت والمزاج بين أرجل عم علي في ذات المكان الذي يشتهي فيه أن يمتص من رحيق علاقته نشوة وعافية ليوم طويل من عنت العمل في الحقول.. والبال متخم بحضور الأهل والصحاب وقت الجَلْوَةِ والطبول تئن من ضرب الصبيان وما بين عروس دافئة المطايِبُ وعراك غادرأرضه قبيل يوم تعبرغيوم من الحُرقة.. شعر كندسة بحُرقةٍ تضطرمُ في جوارحه وأحسَّ بلذعة الحزن وفؤاده يتقرح. كل حبل تشظي وتناثر وأضحى أنشودة قصيرة بين صبايا المدرسة والحى.. وبدأت تتلاشى وتذوب ندوب الوشم المنحوت بعناية على أغوار القلب من تباريح الشوق ولواعج الشجن وما جرى مؤخراً. وعقيرة ترتفع بالحزن وأخرى في أزقة التِّيهُ تتبتل وتصارع أنينها وشجنها تاركة لدموعها العنان.. تعرف يا عمي علي الليلة انا جد تعبان شديد.. مالك اليوم ان شاء الله خير.. انا من قبيل أقول الليلة وشك دا سودان من شنو؟ العلي كتير! كيفن الكلام دا.. قلية البن دي تودر منك أي حاجة.. وخليك من الجبنة وقت تطلع.. فنجان يظبط المزاج ويعدلو زي محرات ابو طويلة لما يواسي شارع الترلات... تاني عالي واطي مافي.. قلت لي فنجان! غايتو الا كان فنجان عرقي الليلة حتن اتحله من الفيهو وانساهو.. لا لا.. الكلام دا كبير الليلة الا نجيب الحكومة عديلة.. شنو الحاصل عليك الليلة يا ولد عبد اللطيف..؟.. خلي ساااي فشفاشي ورمان شديد ومنفوخ.. طيب ما تنفسو زي عجل العربية وقت يلقي الرملة ما يقدر يمشي.. السواقين الا ينفسو.. انت خفف شوية من الهوا العليك دا.. رويدا رويدا تنشق العوالم الصامتة عن نشيد صوفي بلسان فصيح وتلحقه لكنة دافئة وصوت ندي تخالطه رائحة قهوة تزيح كل تعب ورهق. يارب بهم وبالهم عجل بالنصر وبالفرج اشتد هواى على المهج يارب فعجل بالفرج تولت نفسى يا سندى بدر بخلاصى من زهج وخصيم السوء يعالجنى لهلاكى زح عنى وهجى عن كل مبعد يا مولاى ابعدنى وفى التقريب لج ومن لحظة ذى لمماتى يا معطى المقصود لمنزعج كلمنى فى قدم المرقى واجب لدعائى زل عوجى وبكل كيانك يا مددى يسر بالنصر وبالدرج وقنى شر معادينى وكذاك الظلم مع الهرج واشغل اعدائى بانفسهم وابليهم ربى بالمرج واعنى فى التقوى وازح ظلم الابعاد عن المهج ضوء خافت يتسلل من بين أكوام القش اليابسة ويدخل بين رعشة أصابع الأشواق التي بدأت تعربد بين صدر العاشق الممكون، ولا يزال في ظلال نشوته واضطرابه بين أمل قريب وبعيد يتراءى له بين سراب الوقت المنسرب. ونظر إليه نظرة وشت بما عزم عليه.. وعم علي في البعيد يسرح خلف هاتيك المروج والمراتع المزدانة بطفولته وصباه.. وصوت حبيب يترامى له بين نسائم المديح المار على مهل وحركة أغصان شجر المسكيت على عجل. ما تتعب قلبك كتير.. وبعدين الحب ده ما عنده ثاغية ولا راغية! خليك مع نفسك وربك! لكن بقدر باقي ليك يا عمي علي؟ مين القال ليك ما تقدر؟ كلنا اخدنا حصتنا منو وانصرفنا لاكل العيش وشغل الأخرة. ده جمرة حارقة قلبي شديد ومافي زول واطيه قدري انا! ويمتد غناء عم علي في باحات رمل القلب صوب هاتيك السهوب التي تمتد على فسحة البال المحتشد بحراك عناكب الماضي وسط أشجار المسكيت العالية والتي تسد أفق البلد: عنكوليب فداسي حلو ومتواسي البضوق حلاتو يبيع نعلاتو وانا أقول كده الولد نجضان ومحرق!: قصب البطانه الحلو وحبانه وين تان ينلقى زيو ان فتر غييو الحب سليل البدايات والنهايات المترفة، وهو في معية الانتظار كهضبة تعلو كلما شقت أديم الأنفاس زفرات تصبغ لونها بتوابل التملك الحارقة.. لا بذرة حب تنمو في غياب ضوء شمس الغيرة ولا أغصانه تزهو دون أن يبللها طيب الإحراق وقطرات الاحتراق.. فالأغصان تصعد على مهل الراحة وجوى أنفاس تتلاقى على وقع قوس قزح. وفاطمة تقلب في رسائل العشق الممدودة على رقاع لا يخدشها شيء سوى يباس ظنها الحارق.. وتمضي من حرف لآخر، وفي كل رحلة كلمة صورة تعطر أرداف الوقت المهبول والمندفع في صقع ناءٍ.. ومع ذلك تهتبل في سيرها الحثيث، وفي القلب أماني اللحاق والظفر بلقاء الحبيب، وفي اليد رسالة إعتذار وافية وشافية. وبين ثنايا أوراق الطروس تجد عبارة قديمة ترقد على نطع حياءٍ وخفر تنظر موتها بشرف على يد سياف مأجور بحفنة مريق وقبضة من ريش أخضر يسد جوع زريبة الليل.. ماذا يقصد كندسة بـ(الحب.. جمرة لا أقوى على حملها لوحدي)! وسرها يضج بالأنين واللوعة والتقلب كطعام الأمعاء المبتذل حتى تجد نفسها في مواجهته مخطوفاً على عرض شارع الترلات بين فك ترلة قصب محروق ممتلئة تقترب منهما وغبار يملأ الأفق، وهو في كامل هندامه يمتطي (النعنانة) دراجته ذات اللون الأزرق في نهار يوم أخضر غامِق متماهي مع لونه الجميل الجذَّاب بسُمرته الغامقَة. وقلبها يخفق بصرير النداء! وكندسة في الداخل يحدق في فلوات قلقه وشجنه، وهو يدندن بكلمات شاحبة تضيع في زحام الشارع، وأصوات تنخر قلبه المسكون بعشق فاطمة.. وكلاهما على حافة أخرى ومضادة في الاتجاه من نفس الشارع يزرعان الأرض المتحولة بحبوب الحب ويرويانها بدم مجبول على سر مقدس، ويقرران في نفس اللحظة أن يلتقيا على طرف السوق جوار فرن الإزيرق. هو قرر أن يترك لها رسالة شفهية عند صديقتها بدور الأمين، وهي تصارع في فضول الشوارع حتى تظفر به، والآن تحوز على فرصتها الوحيدة لطالما لوحدها غزالة الحى نافرة هذا اليوم. وما أن لمحته في البعيد يقترب منها غطت وجهها بخمارها الأبيض وغرزته في الأرض الفرناغة، وماج القلب ينبض بنداءٍ خفيٍ يجوب الضلوع كسحب كبرياء عاتية تستعصم بالأعالي في طريقها إلى جبال السبعات لتروي ظمأ الأرض الجدباء. وكندسة يحلق في سماء النداء هارباً بذاته من كل شيء عدا صورتها التي تأتي نضرة وزاهية كلون حقول القصب في الصباحات العطرة برائحة الماء المعسولة والندى والعرق، وهو واقفاً عليها يؤدي فرض عمله على ثقة الأجر، ويومية الأجرالإضافي. ومن أقاصي الجنوب الجغرافي تمضي على صراط الوجل دون سربها بعد عناء يوم طويل في الدرس، وهي في طريق عودتها إلى البيت من كل يوم، وهو من أقاصي الشمال الجغرافي كما كل أسبوع يسرع الخطى للحاق بمعسكر فريق كرة القدم المتأهب لمباراة في دوري المنطقة بنادي العمال. والشارع يزدحم بسحب الغبار العالقة في أسوأ موسم لإنتاج السكر يمر على المصنع.. والموسم على وشك الانتهاء من صيف يونيو 1985م.. ولا شيء يشغل عمال المدينة إلا حزمة الحوافز المنتظرة، كما شغيلة الكتكو المولعون ببيع دراجاتهم الهوائية الدبل في سوق المصنع الصغير استعداداً للرحيل مبكراً لقضاريف سعد. كندسة واحد منهم، ولكنه مهاجرا بالعشق صوب ليلاه ينتظر على حرقة لعبور طقس الكبار حتى يغدو رجلاً له حصة في دفتر الجمعية التعاونية ضمن شغيلة ما فتئت منغمسة في تفاصيل اليومي وأسئلة واجبات العمل وثراثرات المدينة التي لا تنتهي إلا على رحى ضحك نبيل يعكر مزاجه غياب الأجرالإضافي. وشهر تبقى لفاصل الإشهار الشرعي المحدد إيذاناً بهطول المطر مطلع شهر يوليو. وفاطمة تراوغ وتغامر في ذات الوقت وتجد نفسها مضطرة لتمسك حيل الشارع اللاهث، وفجاة تصرخ بأعلى صوتها المشروخ والمهدود بعد أن غابت في جوف الغبار.. وفي نفس اللحظة انفصلت الترلة الأخيرة المقطورة مع أخرتين وانحرفت عن مسار الطريق على الجهة الشمالية، ودهست جسد كندسة النحيل، وقضت على روحه الطاهرة كما طاحت بكل آمال العاشقة. وفي لحظة فارقة من الزمن كعادة قديمة ومتكررة من كل عام قدم المصنع قربانه ذاك العام، وخطف أنفاس الشاب والعريس عاطف عبد اللطيف المشهور بـ(عاطف كندسة) لاعب فريق السكر ضمن أندية الدرجة الأولى بمدينة حلفا الجديدة والمراقب بالقسم الزراعي بسكر حلفا الجديدة.. وعاشت البلد يومٌ غامٌّ بين موجات الأسى والحزن المتصاعدة.. وأضحت قلوب الناس مرقدا لألطف نسمة عبرت على صدر المدينة وصعدت إلى كبد السماء بشهيد مضمخ بالمسك والعنبر والسكر والعسل بعد أن زفاه شارع الترلات في موسم نحره السنوي من كل عام.
حين اتخلص من قميصي (21) | |
|
| |
عبد الرحمن موسي ادريس المدير العام
عدد المساهمات : 1830 نقطة : 12423 تاريخ التسجيل : 19/09/2011 العمر : 67 الموقع : مصنع سكر حلفا الجديدة المزاج : مسلم/سنى
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 11 سبتمبر 2015, 10:46 am | |
| ياحبيب هذا خيال ممعن فى الواقع..أم واقع مذدان بخيالك الرحيب..ظللت مشدوداً أجتر حبل الزكريات ..وأتمعن الشخوص المكان والزمان علنى أشبع علة تطفلى ماأوشك أن يخرجنى من جماليات النص..فعدت للنص مسقطاً معرفتى بالمكان كما أقرأ عبدالعزيز بركة فى معظم رواياته التى تدور حول ..خشم القربة...
شكراً على هذا العزيف الذى يخرجنى من كآبة لحظتى ويهوم بى فى عوالم من الأحلام والتماهى مع حروفك الأنيقة..شكراً ياحبيب على اللحظة بالخيال الخصيب.. | |
|
| |
ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الجمعة 11 سبتمبر 2015, 7:46 pm | |
| شكرا الحبيب عبد الرحمن وانت تطوف بفضاء المكان وتحلق لتملأ الفراغات التي فشلنا في سد ثغراتها دوما.. هي نفس الحالة التي تعتريني دوما حيث اجد نفسي مشدودا لإنسان المصنع لشخوص كثيرة خبرت دروبها وبعضها كنا نراها على البعيد في أفق أحلامها تمضي وتسطر المدهش من تاريخ المصنع الجميل... ومثلما قلت في البداية اني أجد نفسي مضطرا لتسطير قليل من الحقائق وكثير من الخيال ولكن اجد نفسي متورطا في فض بكارة شخصية خيالية ما اثقلت علي مثلا فاطمة هنا شخصية عامة عندما جادت قريحتي بتفاصيلها ومع ذلك فشلت الآن في البحث عن تفاصيل ما حدث لها ما بين موتها وحياتها القصيرة ولعل تذكرني بشخص الاستاذ كمال عبد الرحمن الذي رحل باكرا في عز شبابه تارك لنا الأسف والألم... ومضى ريحانة المصنع بلا عودة ولكن عزانا روحه نستلهم منها المسير .. شكرا ابو موسى | |
|
| |
عبد الرحمن موسي ادريس المدير العام
عدد المساهمات : 1830 نقطة : 12423 تاريخ التسجيل : 19/09/2011 العمر : 67 الموقع : مصنع سكر حلفا الجديدة المزاج : مسلم/سنى
| موضوع: رد: حين اتخلص من قميصي! الإثنين 14 سبتمبر 2015, 1:11 pm | |
| لك كل الود وأنت تتماهى مع المصنع وشخوصه التى تمثل السودان البلد الواحد.. هذه البقعة التى تصنع السكر والوحدة الوطنية..وخير مثال عودة كثير من الأخوة الجنوبيين بعد رحيلهم إلى السودان الجنوبى..أمثال الأخ الأستاذ حسين والذى عاد وإستقر فى كشك بشير الحلاق الذى غادر إلى أهله تحت إلحاح أبنائه ..وبهذه المناسبة ننعى لكم الأخ صديق الحلاق الذى إنتقل إلى جوار ربه فى قريته البشاقرة الشرقية..رحمه الله رحمة واسعة..كان من أعلام المصنع.. | |
|
| |
| حين اتخلص من قميصي! | |
|