شمائل النور
البرلمان ممثل في بعض نوابه يقف ضد خصخصة مصانع السكر...أصحاب الأرض يحذرون من مغبة الخصخصة ويعتبرن ذلك خطاً أحمر...مجلس الاستثمار وقبل يومين يعلن الا اتجاه للبيع...وزير الصناعة أمس يعلن ألا مفر من البيع حيث أن المصانع في طريقها إلى الانهيار...لجنة الطاقة بالبرلمان تقول بالأمس إن خصخصة وبيع مصانع السكر غير واردة الآن.ومعلومات أخرى غير مؤكدة تقول إن عملية البيع في الأصل قد تمت،فقط نحن في مرحلة تمريرها...الضجة والتناقض أعلاه مقصود به تضليل الرأي العام،حتى تمر العملية بسلاسة..ورغم أن البرلمان يقف موقفا واضحاً تجاه البيع إلا أن هناك اتجاه قوى داخل مؤسسات الدولة لخصخصة المزيد من القطاعات..والواقع الآن يقول ذلك،ما يعني أن السكر ربما يكون المرحلة الأولى..في هذه الأثناء وزارة الصناعة تتوقع ارتفاعا في أسعار السكر،وغدا دون شك سوف تنعدم السلعة أو تندر.
التجربة السودانية في الخصخصة نتاجها انهيار شامل لكل القطاعات،فالتطبيق العشوائي وغير المدروس للخصخصة لا يحتاج إلى حشد أمثلة أكثر مما رأيناه في الواقع الاقتصادي،فالخصخصة تتم بهدف التخلص من الفائض،وليس بهدف النهوض والإصلاح،وهاهو وزير الصناعة يقول إن لم تتم الخصحصة فستنهار مصانع السكر،فلماذا يصل القطاع الحيوي هذا مرحلة الانهيار حتى يتم التخلص منه...أتذكرون ذلك الإعلان عام 2011، والقاضي بعودة مؤسسات إلى القطاع العام كانت قد تمت خصخصتها..وعلى رأس هذه المؤسسات،شركة الخطوط الجوية السودانية التي فشلت معها كل أنواع الخصخصة..وكان الرئيس أيضاً قد أصدر قرارا بتصفية كم هائل من الشركات الخاصة التي تعمل لحساب مؤسسات كبيرة لا هي عامة ولا هي خاصة..بالفعل تمت التصفية في الحال...لكن الذي حدث،بعدها بايام معدودة عادت بعض هذه الشركات بأسماء وعناوين جديدة..عقب هذا الإعلان تواردت أخبار عن اتجاه لخصخصة (295) شركة حكومية..ليتم العكس،فبدلا عن عودة المؤسسات للقطاع العام،تبقى القاعدة المتبعة كجزء من سياسات الدولة الاقتصادية هي خصخصة العام والخاص.
الآن الخصخصة تصل العصب الحي،قطاع السكر أكثر من كونه خطاً أحمر،ففي الخطوة حماقة ليس بعدها..قطعاً ستفتح جبهات جديدة أمام الحكومة مثلها مثل قضية المناصير وربما أكثر اشتعالا،كون أراضيهم تباع لمستثمر..سؤال،هل يطال البيع أراضي ومزارع المصنع أم يقتصر على المصنع كآليات وماكينات،وهل من المنطقي أن يأتي مستثمر ليشتري المصنع دون الأراضي والمزارع..؟
واضح ان تفكير الدولة تجاه القطاع العام يسير في خط موازي مع النهوض بالاقتصاد الذي يُمكن أن يسهم في انقاذ الاقتصاد بعد الانفصال،فإن كنا بالأمس نستبعد تماما أن يتم بيع مصانع السكر مهما كان،فاليوم بيع قطاع السكر أصبح واقعا،والواضح أكثر هو أن اتجاه الخصخصة يسير بقوة نحو القطاعات الحيوية، وبذلك علينا أن نرفع سقف التوقعات..في ظل هذا الصمت.
==
الجريدة