منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة ترحب بالزوار من ابناء المنطقة وجميع الاحباب والمريدين داعين لمد جسور التعارف بين الجميع ودوام التواصل
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة ترحب بالزوار من ابناء المنطقة وجميع الاحباب والمريدين داعين لمد جسور التعارف بين الجميع ودوام التواصل
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولمركز تحميل المصنع     مجموعة الفيس بوك

اهلا وسهلا بناس المصنع عزيزى العضو فى منتدى مصنع سكر حلفا الجديدة تفضل بالدخول الي المنتدي واذا ما مسجل معانا تكرم بالتسجيل والتمتع معنا ولقاء الاحبة والاخوان ومن فرّقتك عنهم طرق الحياةولو ما عارف كيف تسجل في المنتدي فقط إضغط زر ( تسجيل ) واتبع الخطوات ,واحدة واحدة,(الادارة بتفعل حسابك )

 

 حبيبنا عظمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ناصر البهدير
مدير عام سابق
ناصر البهدير


عدد المساهمات : 3674
نقطة : 16598
تاريخ التسجيل : 30/01/2010
العمر : 55
الموقع : البحرين

حبيبنا عظمة Empty
مُساهمةموضوع: حبيبنا عظمة   حبيبنا عظمة Emptyالأحد 02 مارس 2014, 10:08 pm

[rtl][size=18.399999618530273]حبيبنا عظمة.. نثيث حبة الغيث والندى[/size]
كثيرة هي الأغنيات والقصائد والكتابات التي ترثي عظماء الرجال.. ولكن ماذا عمن فقدناه بغتة، وهو يشد حيل المجتمع بقماشة مروءته ومقصده، ونحن في سيرة العجز نمارس سطوة الشجن الأليم والحزن الدفين! هل من الممكن أن نعيد بريق نجمه وضياء قمره إلى الحياة مرة أخرى؟
هناك رجال أقوياء ليسوا محبوسين في قبو النسيان والذاكرة، على كل حالٍ لهم وزن مقدر، لا أحد يعرف مقدارهم، ولن نستطيع أن نرسم ملامح عطائهم الثر مهما اجترحنا الحرف.
مضت أعوام وما زال جرح الفقد أخضراً ومبتلاً بالدمع السَخِين كنثيث المطر وميلاد بذرة الندى.. جٌرحا عميقا لا ترى دمه بما يكفي لتذرف بسببه المحاجر فتائل من الألم الممعن في الوجع لفقيد لن يعود مع قوافل أسراب الرهو كل عام فوق حقول قصب السكر والقمح.
كل عام نعيشه يمضي على غياب، والجرح يتسع غوره، والروح تسافر في مشقة محبته، ذلك الطائر الذي رحل فجأة في فرح العشيرة بغير ميعاد، بغير ما ألف في حياته أن يرتب كل شيء بمقدار النظام الذي عرف به في بيدر العمل مسؤولاً إلى حد الكفاءة والنشاط والمثابرة.
وعرفته حقول المصنع في كل مزارعها؛ مرشدا وموجها ومفتشا ومعالجا لكل أدْوَاءٌ نبات قصب السكر وكل الفواكه والخضروات التي يزرعها قسم الخدمات الزراعية لصالح شغيلة المصنع.
أكثر من خمسة أعوام مرت على الرحيل الفاجع، والدمع زمزم سرف لم يكف عن المسيل واجترار الهدير.. سفر حزن عميق هاطل لا يأنف من التَسيار وراء إرواء مسغبة الروح العطشى للقاءك الكبير.. ولا زلت انتظر قدوم طيفك أخي وصديقي عبد العظيم قسم الله محمد التوم على تبتل وراحة المنتظر على كف الضراعة.. وفيه دوما أنسج نول الحكايات الطويلة التي جرت على تخوم تلك الأيام الوضيئة يوم أن عرفت شخصا مختلفا عنا جميعا في دار عمي يوسف الطيب بانقا في ذلك البيت الذي كان ناديا ذات يوم لجموع الموظفين بمصنع سكر حلفا الجديدة في عقدى الستينات والسبعينات من القرن المنصرم والمكان لا يزال يحتل شرق الروضة الشرقية مباشرة بكل خشوع وجلال ولم يرحل في الأعالي، كما صعدت روحك الطاهرة الطيبة والمضمخة برائحة ثرى الوطن الذي جمعنا على صعيد محبته بالتساوي دون مَنِّ أو أَذَى.
وعظمة سليل أسرة مصنعجية بإمتياز حين توزعت في كل دروب مصنع سكر حلفا الجديدة، وما كان ينبغي له بغير ذلك في محيط متامسك من سعة الإنسانية التي شدت خيط الإلفة الرفيع وجعلت بين الناس مودّةً ورحمةً، ومضت أكثر من ذلك لتجمع شتى قبائل وأعراق الوطن الواحد على صعيد وحدة وطنية خالصة كانت رهينة بخلاص البلد من عذاباتها المزمنة لو لا سطوة فتية الكنيف على صهوة الوطن.
وهكذا أظن على يقين ممشوق كقامتك، عرفتك شاباً نحيلاً ونحيفاً؛ خِلْقَةً لاَ هُزَالاً، مثل ما غادرتنا ذاك المساء المشؤوم.. وكنت قوي العظم والروح رغم ضعفك الباين لا يفتَّ شيءٌ في جسارة عضدك مهما تكالبت عليك خيوله وكواسره وجوارحه.
وفي ذلك البيت تعرفنا عليك عن قرب بمعية صديقي الجميل ورفيق مفازاتي ايهاب يوسف الطيب بانقا.. وكنا في جزالة وميعة الصبا نحتقب زهو الحياة وعنفوانها، وأنت تنظر إلينا بعين الشفقة والرأفة لشغبنا وجنوننا الذي تعدى كل شيء لدرجة توغلنا في نبذك كلما لاح لنا غراب الظرف والملح، ونصيح بأعلى صوتنا: كوارع! ونغيب في الدروب ولا تجد لنا أثراً.. ومع ذلك لا نخافك ولا نهرب من أسئلتك التي إستقوينا بها ضد رياح الحياة الهوجاء ولا قبضة يدك الحديدية الماهرة.. حصنتنا بلقاح المعرفة والعلم بحكمة سمعتها منك مراراً وتكراراً وغيرها حيث هى عندي ترياق لكل المحن التي تمور بها الدنيا.. (يا ضبعة! جاك عشاك في جحرك).
وحفِيّاً بها أن نستذكرها.. أمنا زهرة مدني متعها الله بالصحة والعافية صاحبة الحظ الأكثر في تسمية ألقاب ابناء حى خمسين بيت حيث لم يفلت من عقالها أحد: الدبلو، مَرور (محنة)، الدكترة، كلول، غزالي.. ومع ذلك فلت عبد العظيم من مغزلها، إذ به يقع في لسان أكثر الناس فينا طلاقة وفصاحة وشغبا؛ مصطفى حسن أحمد فضل الله المشهور بـ(مصطفى الحلبي) والذي لم يتوان في إطلاق لقب (كوارع) عليه وتسجيله كعلامة خاصة به حتى غدا موسوما به على كراهة مستحبة.
الوقت كان بهيجاً ومشرقاً في تلك الأزمنة المغسولة بعافية الناس وروحهم الطيبة مما يجعلك أن تتفوه بكل عفوية وأريحية في حضرة أقرانك والأجيال التي تسبقك، وهذا ما رفع الكلفة وقصر المسافات بين الأنداد وأعدمها.. وفي ذلك البهو العتيق التقينا عبد العظيم كوارع على سعة من براح التواصل والإنسانية العامرة بالإخاء والود.
في ما بعد منتصف عقد الثمانينات من القرن العشرين بان الراحل المقيم عبد العظيم على مسرح الحياة الاجتماعية بأحياء الموظفين كواحد من الذين وضعوا بصماتهم على مدى ثلاثة عقود من الزمان حتى لحظة رحيله الفارقة إلى الدار الأخرى.
"عظمة" توافر على نحو خاص بمحبة خالصة وتلقائية صرفة عمدت روحه الطيبة بين الناس بغير تزلف وتصنع، وتدلى كفاكهة تسقط على واد الإلفة صديقاً للكل في المصنع.. حيث كان المجتمع في صباه ويبحث عن ملامح شبابه وفحولته الناضجة، أنه كان في مرحلة التحولات والتغيرات الكبرى غير المتوقعة، وهو ظرف لم يبتكره الراحل عبد العظيم، وإنما دأب عليه أفندية تسنموا صدر الوطن، وكأن الوضع بقدر ما يأخذ سيرورة وصيرورة التطور في الزمان والمكان، يرسم بالمقابل حدودا تتخطى كل ما هو قابل للسكون. وانداحت البلد متضعضعة في موجات إثر موجات تضرب لججها بقوة متواترة حتى عصرنا الراهن ولا مغيث!
ومضى عظمة الحبيب أوفر حظا في سلك مآلات المستقبل، فالعمل في المصنع موسمياً على فترة طالت أم قصرت أمر شائع في عرف الإدارة والناس على حد سواء، لا يستهجنه الجميع بل يصبرون عليه لازمة وقت ضرورة حتى يقع خيار التعيين في وظيفة في الخدمة المستديمة ويدخل صاحب الحظ والوقت في أضابير الخدمة المدنية بالدولة. وهكذا تدرج عبد العظيم بذات النسق حيث تعين موظفا موسميا في بوابة المصنع بوظيفة (Time keeper) وقضى فيها وقتا قصير نسبيا حتى وجد فرصته في القسم الزراعي بشهادته الجامعية وتخصصه في مجال الزراعة مع زميل وسامته في العلم النطاس البارع والزراعي القح صلاح حسن محمد علي متعه الله بالصحة والعافية، ويبدو ذلك قٌبيل سماع مارش ثورة الإنقاذ 1989 بقليل.
عظمة قروي قدِم بسمت البداوة والحضر من عمق بعيد في غور الجزيرة المروية حيث نشأ وترعرع في قرية وادي شعير، رأى الشمس كغيمة مطر تبخرت وغسلت بيوت وحقول الحلة الراقدة على إستحياء كسول وشامخ، غادرها على عجالة بعد أن أكمل تعليمه الجامعي في كلية ابو نعامة جنوب الجزيرة وعلى تخوم النيل الأزرق ليلتقينا عابراً على فسحة من الوقت قضاها في المصنع كقوس قزح متنفسا في كل الأمكنة بألوانه المزركشة، وكحال طائر السنبر حين يحط رحاله بحزام البان بالمصنع أوان الخريف الماطر.. وهل من عودة أخرى أيها الحبيب الباهي!
وكان الفراشة والعطر النفاذ حين يسرى بدمه الخفيف وظرفه اللطيف وسخريته اللاذعة وعبوس وجهه المعروف به وضحكاته المجلجلة التي ميزته ببحة صوت خفيض في ذات الوقت.. وهكذا جبلنا على محياها المألوف دون كدر أو تأفف منه بل اتخمنا بغيم مزاجه كلما غشينا باحته الفسيحة وسط أريج أزاهره الباسقة.
كما كان صاحب مزاج نادر.. إذ لا تمر الأيام وإلا يفاجئك بطرق عنيف على الباب في ما بعد منتصف الليل، وهو على عتبة الباب يحمل بين ثنايا قلبه قولا ربما ثقيلاً عليه ليلتها، ويريد أن يطهر نفسه بركله لك دون سابق إشارة أو انذار، وهكذا يسقط عبء قوله ويمضي في الظلام غير عَابِئٍ بشيءٍ بما القاه عليك في ناشئة الليل ووطأة الدياجير والناس نيام يتقلبون في زحمة أحلامهم.. ويمضي بيقين كامل على جناح ملاك بطهر أبيض ويغيب بذات الدهشة في حلك الليل غير مُبالٍ ومُكترثٍ.. ويا الله لتلك الأيام البهية التي أمضي فيه معه في سرابيل صمته الطويل حينما تغمره موجات جذب لا أعرف كنهها ولا أستطيع أن أصل إلى سدرة منتهاها طالما هو عبد العظيم يقيم يومه على بسطة من أمل وبال ذو رهافة من الحس النبيل.
ياااخي انت فلان دا شايقي! يطلقها مجردة من كل شيء وبدون رتوش ومقدمات ومماحكات، ولا ينتظر ردي ويدوس على دواسة الحركة في سيارته بعنف يخنق عنق اللحظة ويكتم أنفاسي وعمق الليل وهدأة الوقت وسكون المكان، ويمسك بتلاليب شفرة السكون حين يحيلها إلى لغز أكثر تعقيداً لا أعرف مده ولا جذره حتى اليوم.. آه من تلك الأفكار التي كان يزرع بها حقول نسيم الليل ويبعثها على شفقة وصلاً بحضرة نبوية تعانق سماء المصنع مع صوت عمي محمد محمد عثمان يعقوب البرهاني المسكون بأسلاف المؤمنين، وهو في سلافة الفجر يتوكأ صوته العذب كالكنار أو صوت الكروان الأحمدي الراحل العم قنديل النصري الممتليء نضارة وصحو وهو يهدهد منام المسلمين باليقين والرضأ وعذوبة الذكر، وهو يبر حلقات الذكر المحمدي والناس بمواعيد الصلاة.. واحسه في صوت عمي الراحل علي محمد علي حامد (علي كيك) الختمي الهوى والضريح وهو يشق سماء البلد بجلال تواضعه وجهارة حباله المتينة في نداء الصلاة.. وهو بين ذاك وذلك وهنا وهنالك لا أعرف له موضع طريق سوى جادته الواحدة، ولم أساله أو أقع على حيرة من سوء ظن، وقد كفاني فضلا عن ذلك مشقة الأثم بحب عميق طالما نحن مصنعجية الطريق.. وكفى يا رائع حين سندت ليلنا بحسن الظن ولطف الحكاوى والنوادر.
وعظمة على قلق كثيف يثير فيني كثيراً من الريبة الحميدة والشفقة عليه من تعب الدنيا خوفا من أن تحيله إلى ثقب في القلب أو ضيق في الشريان، وإن كان على مبعدة من أمراض الدم... وها هو يرحل على هامة دم ممشوق بقامته الرشيقة وشكيمة قلبه الندي على صراط عبوره المفاجئ.. وما زلت أبكيك كلما رهنت ليلي تحت ذلك السراج الذي يجمعنا كل ليل وكلما أضحيت بقرب تينتي الشوكية بعُقر دارنا وبجوارها يفوح عبقك وشجي صوتك الضنين وهمس أوتارك الباحة لتسر لي بالكثير من العام، وكما حكيت لي قصة وزير شغل الناس ورحل بتلة دمنة فساده الكبير مؤخراً كحال عُصبة المشروع الخاسر، وكنت على الضد منك في الموقف كما أزعم وإن كان جله حقيقة.. حينها كان الوزير المختال في جبته زميلا للراحل عبد العظيم بكلية ابو نعامة الزراعية ذات يوم.. وعندما حكي عظمة هذه القصة كان الوزير يعتلي سدة وكيل وزارة التربية الاتحادية بعد أن صعد اليها من منصب إدارة وكالة النشاط الطلابي.. وفي ذلك الوقت كان الطالب أزهري التيجاني أول رئيس لإتحاد طلاب كلية ابو نعامة.. قال عظمة: "كنا بصدد القيام برحلة علمية وقد خصصت إدارة الكلية نحو 245 قرش كنثرية لليوم.. وقتها بحكم مسؤوليته عن الاتحاد طالب أزهري بزيادة تبلغ نحو 55 قرشاً حتى تكتمل النثرية إلى ثلاثة جنيهات.. وأدى عدم تنفيذ هذا المطلب إلى إغلاق كلية ابو نعامة لمدة ستة أشهر، وذلك في العام 1979م".
وقد لا يعلم البعض بأن الوزير أزهري هو شقيق المعلم عوض السيد التيجاني الاستاذ بمدرسة حلفا الجديدة الأكاديمية في عقد الثمانينات من القرن الماضي في مادة الرياضيات.
وكان منيفاً طَّاووسُ أهل البلد، كقزع السحاب يؤلف الله به بين أهل المصنع في سقاية الأرض، وقطبه الأوحد في الفكاهة وسرعة البديهة، وكان فطن وأريب وعاقل لبيب وصاحب دراية وعقل راجح، ما وجدته يوما يعري نفسه ومنكبا على أوجاعه الخاصه ليصينها من رهق العلاقات الاجتماعية أو مصاعب الحياة، بيد أنه كان يخصنا بالعام وما يليق برجولته وفي حدود التزامه الإخلاقي الرصين، وفي أطار روضته التي أزهرت أفنانها بين أهله ومعارفه وخلصاءه.
وقد أهداني سبل الرشاد نحو طرق عديدة ومسالك مختلفة في شعاب الحياة وبمثابة العتبات السهلة التي نقلتني بسلاسة إلى مستويات متجددة من الوعي والإدراك والسلوك والالتزام بقيم الحق والخير والجمال على إطلاقها في أطار علاقة صداقة جمعتني به لم تتجاوز سفح الصدور حتى غادرنا على عجل حبيب الفناء عدو الحياة.
لم يكن لي مدخلا للتخير بين عظمة وغيره، ربما ساقتنا أقدار الدنيا وقتها وسهولة الحياة في أن نكون على مقربة منه ضمن آخرين من ابناء المصنع على صعيده الطاهر الذي جمعنا بمودة.
ومن هذه السهولة، انسرب في علاقاتي الراحل المقيم عبد العظيم بعقلانيته المائزة، وطلاقته وطلاوته في أن يقول لك ما يشاء وفي الوقت الذي يقرره، وإن كنت أرهقه عن عمد في قيلولة نهاره التي لا يفرط فيها.. وكنا على النقيض في الكثير ومع ذلك لم نفترق البتة.
فالراحل كان معجماً للسخرية الفارقة التي لا تتلون على نوع معين، ودائرة من الهزل لا يغادر شاردة ولا واردة حتى من العناوين الصغيرة للطرفة ينهل ويغزل بمتراره نول الفكاهة، فكان بارعاً في الحكي المشدود إلى ناصية إلهامه الفذ وذكائه الفارط ينظم على تراتبية مهولة تتصاعد أنفاسها متى ما كان مزاجه رائِقٌاً ومتقبلاً للحال الذي فيه.. وجزالة المزحة لا تنفصل عن تماسك روحه في حضور طاغي لا ينفلت عن مساره الذي يريده.. تسيطر عليه عاطفة جياشة وصبابة مخبوءة ونارعصبية وقادة بين ضلوعه قد تفقده توازنه أحيانا وهكذا رأيته بين الناس على اختلاف شتى، وإن إصطفوا وتكالبوا في حبه على صراط واحد.
وبينه والصديق ياسر الطاهر عبد الله، أحد رفقاء مسامراته، مساجلات وقصص يطول بها الليل كما نفس الحال بينه وأصدقاءه وزملاءه وأحبابه معزة وعشرة علاقات لا تنتهي وستبقى أمد الدهر موضوع تذكر وتدبر وبكاء وعويل مر.
ولعل الأخ والصديق عبد العزيز حسن أحمد فضل الله صاحب الخلق الرفيع والسخرية اللاذعة كان الأقرب للحبيب عظمة في رفقة ماجدة ومسيرة ظافرة وبينهما حب كبير مهرته الأيام وعشرة المصنع الرائعة.. وأقول بكل صدق وأمانة لو لا عظمة لما عرفت دروب عبد العزيز السهلة رغم انه ابن الحى والشارع وعلاقات أخرى مديدة وبحق كانا تؤام روح واحدة بابتسامة وسخرية لا تنفصل عن جديتهما وسعيهما للعلا.
ومن منا ينسى خيمته الرمضانية المفتوحة والتي بسببها يستدعي والدته وشقيقاته لمساعدة زوجته.. وفي داره العامرة بالكرم والضيافة في أفطار شهر رمضان المعظم تجد عدد لا يقدر من أهل المصنع بشتى وصفاتهم الوظيفية دون تمايز في مأدبة ملوك وذوق خدم وحشم وحاشية تنوء براحة بال بين جوانح الحبيب عظمة وهو طوع بنان ضيوفه الكرام واقفا على عود صلابته.. وقد غشيتها باكراً في مطلع الألفية الثالثة بمعية عدد لايستهان به وشملنا بوفادة كرمه الفياض.
ويبقى امتناني وتقديري ما حييت للصديق الراحل عبد العظيم قسم الله في علياء غيابه ونحن قيد رقعة المصنع التي علمتنا الكثير بغير حدود ولا نهاية طالما أمسك بأيادينا برفق وصبر وقادنا صوب مَنَاهِلُ  النور، وفتح لنا كوة في جدار الحياة يومئذ ونحن رهط في شرخ الصبا والجنون وعند مداخل رَيْقُ الشباب كما نشعر، نصنع كأس تسكعنا ونحتسيه على مزاج متقلب؛ منغمسين حتى العمق.
وكان حبيبنا عظمة كحبة الغيث ونثيثها المدرار، وصاحب ومضة بارقة وتجلي شفاف وحضور ناصع لا يقارن، وهكذا الناس بالمصنع كما عاشرتهم وعرفتهم عن قرب وصلة رحم في تلك الأزمنة المحقونة بماء عذب ونهر دم وحبل سري لا يزال مضموما بعضه إلى بعض ومشدودا لرحم يعطي أجيال الحياة بوطني الصغير؛ مصنع سكر حلفا الجديدة.
رحل عظمة وغابت المزحة، وانسدلت معه آخر ستارة لمسرح الرجل الواحد الرقيق والطيب وصاحب الإلفة المديدة التي عجزنا عن فهم ما تنطوي عليه من رفعة وإدراك تطويعها بقدر مقامه الجليل وجعلها كلمات حية على دفتر نسترجع فيه عظمة إنسانيته وذواتنا.
قد اندثرت معه حياة عريضة أضحت أكثر من مجرد ذكرى عطرة، ونحن على جمام دموعنا نرثى فيه نفوسنا قبل روحه الطاهرة التي غادرتنا مسرعة إلى بارئها ومولاها.
رحمة الله عليك يا صديق الأيام والحى عبد العظيم قسم الله محمد التوم الذي صعد بأحلامنا وأنت تحيا وترقد على نعش غيابك الأبدي على أرض لا تجهلك؛ قلوب أهل المصنع.. أرقد بسلام ونم مطمئن البال وقرير العين والحال. 


حبيبنا عظمة Ou0aow[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حبيبنا عظمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حبيبنا
» حبيبنا (دبالو)
» حبيبنا معـــــــاوية
» حبيبنا المصطفى
» حبيبنا المصنع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة  :: المنتديات العــــــــــامة :: التوثيق-
انتقل الى: