لله درك يا هذا النبيل ..
رويدا رويدا اتزحزح في بوستيك هذا واحبس الدمع واناهيد الشوق تعتريني ..
وكل ما ذكرت شخص تراني اتوقف عنده برهة استعيد فيها بعض الذكريات ..
ارصفة المصنع المليئة بالجمال والروعة والذكري هي سبب عشقنا اللامتناهي له ..
ارصفة المصنع هي المخدر والمسكر والنبيذ الذي تجرعناه حبا وصبابة .. فتحولنا الي مدمنين من الدرجة الاولي ..
ويا ليت هناك قانوني واحد بالعالم ليحاكمنا عدلا ويعيدنا الي المصنع ...
كنت قد اسهبت في ( السرحان ) وانا اتخيل نفسي بالمصنع من جديد .. تحفني روائع ( هٌباد ) القصب .. والترعة العفنة ..
وترعة العسل .. وروائح قصب السكر ... وضجيج العصارات والقشارات والطواحين .. والاحساس بحركة الحياة والروح والجسد ..
رغم ان العيش شظيف ولكنه ذا متعة لا متناهية .. الكل هناك سعيد بعمله .. لان انسان المصنع لا يجوع ولا يعري ..
لانه يعرف ان الجوع سيزول بمجرد ذهابه الي مطعم المغواري .. او رواكيب حاجة الزلال وحاجة شدة .. او مطعم عمك الجزولي ..
او مطعم حسن مالك ... او قهاوي محمد علي ومحمد صالح .. حيث الشاي والزلابية .. الزلابية التي اهينت بعدأن اكلتها بني قريظة .. إلا أن
المصنعجية اعادوا لها هيبتها من لدن قهاوي عمنا ( شيكات ) وقهوة ( ود العاقب ) حيث يهرع العمال والموظفين منذ الفجر نحو هاتيك المقاهي ..
وهم يترنمون بروائع موسيقي اذاعة كسلا عندما تنفصل عن الموجة الطويلة من امدرمان ..
يا الله الكل هناك جميل مسربل بالعشق النقي الصافي ..
لا احد يكره او يسخط او يسب ...
ان ضاقت بك الامكنة فالمصنع هو فئة كل انسان يبحث عن الانسانية وعن دفن نفسه في الجمال تماما ,,
لله درك يا ناصر ..
ما اتعس وجودنا في الغربة ..