موت_الأحياء
هكذا رأيتهم يموتون وهو يقيمون بيننا , هناك اناس كثيرون في حياتك تسمع أنهم ذهبوا الي دار الآخرة , تشيعهم وتبكي عليهم وترثيهم وتبدأ تتذكر طوال تاريخ حياتك كيف كنت تواددهم حينا وتؤانسهم أحيانا وتندم اشد الندم علي اللحظات التي كنتم فيها تختلفون , في الرأي والفكر وفي السياسة وغيرها , وما تملك لحظتها غير أن تنسكب من مقلتك دمعة ساخنة تسقط علي خدك و تخرج معها تنهيدة تزيح عنك حزن باق فيك دوما , ثم يلهجك لسانك بالدعاء لهم , وتمني نفسك أن تلتقيهم في أعالي الجنان في مقعد صدق عند عزيز مقتدر , والمؤسف أن هذا الصنف من الناس لن يبقي معك طوال حياتك , فأمثال هولاء يرحلون مثل رحيل الرياحين في موسم الشتاء , ثم يبقي في دنياك أحياء , آخرون , هولاء لن يموتوا كما اولئك , هم أحياء بيننا يرزقون , ولكن بعض الظروف ومطبات الحياة والمواقف الصعبة والعقبات الكؤود والابتلاءات تقتلهم , نعم تقتلهم وهم أحياء , يتغيرون تجاهك وتجاه كل الذين كانت تجمعهم بهم الظروف , ثم وفي وقت شديد المصائب يموتون , لأن مواقفهم الغير حقيقة و مداهناتهم وغلوهم في مواقفهم يقتلهم ألف مرة , وللأسف سيبقون بحياتك اشباح قائمة كلما رأيتهم تري بوجوههم روائح الموت وشكل الموت , ثم يتكرر هذا الموقف بحياتك حتي بمجرد أن تسمع ذكر إسمهم فإنك تذكر الموت , وذلك لأنهم بنظرك أموات بيننا وهم أحياء , وتظل هذه النوعية من البشر هم اولي الناس بالابتعاد عنهم , وإلا فستكون لقاءتك معهم مجرد زيارة للمقابر , فإما ان تدعوا لهم , او أنك تتذكر قوله تعالي (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين )