الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على محمد بن عبدالله , وعلى آله وصحبه الكرام الأبرار الأطهار , ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين .
أخرج ابن ماجـة في صحيحه _ عن أبي هريرة _ رضي الله عنه ,, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش )) صححه الألباني _ في صحيح الجامع
إن المتأمل في هذا الحديث , يجب الوعيد الشديد لعبدة الدينار والدرهم , ولكن لعل سائل يسأل , وهل الدينار والدرهم , والمال بصورة عامـة يعـبد ؟
فالعبادة ليست مانعرفها من صلاة وركوع وجلعه رب يعبد كمايتصوره بعض الناس , ولكن هو أن يجعل هذا العبد ان المال هو الأهم في هذه الدنيا , فنجد أنه يقدمـه على عبادة الله جل وعلا , من تأخير الصلاة والإعراض عنها وفتح عليه أبواب الحرام والربا , وكأنه قد خلق للسعي خلف المال والجاه .
ولهذا لانعجب من حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال (( مالفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط لكم الدنيا، كما بسطت لمن كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم .. )).
فمن نظر إلى أهل المال ومن فتحت عليه أبواب الدنيا كلها فتجـد أنه ذليلا عبدا لهذا المال , فتحصل المنافسـه فتفتح لهم أبواب الكسب المحرم للكسب الأكثر فيهلكون كما هلك من كان قبلهم .
ولكن للأسف ظن الكثير أن هذا المال وكثرته لها قربى عنـد الله وكأنه نسي قول الجبار سبحانه وتعالى (( وما أموالكم ولا أولادكم باللتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون )) .
فالذي كان همه جمع مال والقرب منه وبعد عن الدين والعبادة فيجيبه سبحانه الباري فيقول (( ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب )) .
فهذه الشيوعية , ومقابلها الرأس ماليه , والهندويه , وغيرها مممن كان همهم الأول جمع المال باختلاف مستويات الدخل ومستوى التعليمي للكاسب , فلانراها إلا قد سقطت وهلكت واندثر بعض منها ولم يتمسك بها إلا القله القليله .
رجوعـا إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنـه :: فيقول الشيخ ابن عثيمين
(( واشمل لقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة الدينار هو النقد من الذهب والدرهم هو النقد من الفضة والخميصة هو الثياب الجميلة والخميلة هي الفرش الجميلة كيف يكون الإنسان عبداً للدينار والدرهم والخميصة والخميلة فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله إن أعطي رضي وإن لم يعطي سخط ثم دعى عليه وقال تعس وأنتكس وإذا شيك فلا أنتقش فدعى عليه بالانتكاسة وعدم تيسر الأمور له حتى في إخراج الشوكة من جسمه إذا شيك فلا انتقش نعم هو جدير بذلك جدير بمن عبد الدرهم والدينار والخميصة والخميلة أن لا تيسر له الأمور لأنه مخالف لتقوي الله عز وجل )) انتهى كلامه رحمه الله .
نسأل الله السلامه في الدنيا والآخرة