تحيه صباحيه يقودها الشوق الذى لاينتهى الى ارض صرختى الاولى وذاك الانسان الذى وهبنى الحياة
فما اجمل مصنع سكر حلفا وما اجمل تقلبات حياتنا فيه
كانت تدهشنا الاشياء ومستجداتها لان العالم لم يكن كما كان
كانت فكرة وصول المخبز الالى الى مصنع سكر حلفا شئ اقرب الى الخيال
فمعظم المخابز كانت هى من النوع البلدى المعروف بمسمياته وصفاته مثل مخبز اولاد الرزم والمدرسه او ابراهيم هارون
او التعاون وهكذا
اما التفكير فى الخبز الالى فهذا يعنى الذهاب الى المدينه لان بلدتنا فى ذلك الحين لم تعرف مثل هذا النوع
ولكن وفى لحظه من لحظات الزمان وجد الناس ما كان مثل حلما واقع تتلمسه الايادى
المخبز الالى الاول بمصنع سكر حلفا بموقعه الحالى وهو شرق مدرسه (أ) للبنين وجوار مسجد البرهانيه
كان الافتتاح صرخه واعلان لبداية مشوار طويل من الحداثه
فى ذلك الحين كانت سياسة التمكين والتدمير تفعل ما تستطيع فى انسان هذه البلاد
فما زلت اذكر تلك المشقه والعناء ونحنا اطفالا فى بدايات الحياة نستيقظ فجرا قبل الاذان لكى نعبر الترعه العفنه
فى مجموعات متجهين نحو هذا المخبز الجديد من اجل الظفر ببعض رغيفات هى العدد المحدد من قبل اللجنه المشرفه على هذا المخبز
واذا كنت تريد الزياده فهذا يعنى زيادة عدد الذاهبين صباحا من البيت الواحد
كانت الفتره الصباحيه بمثابة كرنفال فيه تتجمع جميع مكونات المجتمع المصنعى وكانت الفرحه حاضره برغم العناء
وهذا التعب الذى هو بمثابة انذار لتمكن نظام سياسى هو الاسوء فى تاريخ هذه البلد الحبيبه
فما اجمل المواقف التى كانت تحدث فى رحلة البحث عن الخبز الصباحيه
فبرغم قسوتها الا انها ساهمت فى تبصيرنا وتكوين ذاتنا المتمرده فكيف نطيع من منعنا الخبز والدواء
فهل ما زال هذا المخبز كما كان ام قتلته تلك الاشياء ...