فى صبيحة 26/1/1885 تم دخول قوات الإمام محمد أحمد المهدى للخرطوم عاصمة الحكم الثنائى بعد حصار طويل..وإقتحم الأنصار قصر الحاكم الإنجليزى غردون باشا اللذى أرسل للخرطوم بعد الإنتصارات السريعة لقوات المهدية فى الغرب والوسط .وكان أمل الحكومة البريطانية والخديوى فى مصر أن يضع غردون باشا حداً لهؤلاء الدراويش بما له من خبرة فى قهر الشعوب المستضعفة فى آسيا(الصين) مثالاً.ولكن خاب الأمل وقتل غردون على سلالم القصر وأحضر رأسه للإمام المهدى فى البقعة .. ولم يصدر الإمام أمراً بقتله وماكان يرجو ذلك ولكنها المشيئة والحماس لدى الأنصار الذين إقتحموا القصر ..وكان غردون فى إنتظار مدد أو دعم كان فى الطريق إليه عبر النيل ويقال أنه كان يقف على شرفة القصر وينظر عبر منظاره المُقرب عله يرى حملة الدعم القادمة ..إلا أن الإمام المهدى وبما فتح الله عليه من بعد نظر كان قد أرسل كتيبة تحت راية الأمير (على ودحلو) لتقوم بتعويق حركة السفن القادمة للخرطوم وقد كان وتلك القوة قفلت راجعة صوب مصر بعد إنتشار خبر موت غردون الذى كان بمثابة صدمة قوية لحكومة بريطانيا ويقال أن الملكة خرجت بملابس النوم من قصرها وهى تنعى بطل الإمبراطورية التى لاتغيب عنها الشمس..وكل ماجرى بعد ذلك فى السودان كان بمثابة الإنتقام لموت غردون باشا..
إن تاريخ السودان وخاصة تاريخ المهدية يحتاج لإعادة كتابة نسبة لأنه كتب بواسطة أقلام أجنبية قامت بإخفاء الكثير من الحقائق والوثائق وروجت لوصف المجاهدون بالدراويش ولم يجد الإمام المهدى حقه كقائد عسكرى ومفكر مجدد صاحب رؤية متقدمة لم ترغب القوى الإستعمارية فى بيانها والتركيز عليها حسداً وغيرة.وكذلك العمر القصير الذى قضاه الإمام بعد دخول الخرطوم ..إذ توفاه الله بعد خمسة أشهر (مايو-1885) ولم يتمكن من وضع أسس الدولة ونظام الحكم وقد سار خليفته (عبدالله التعايشى) على هديه وذلك أكبر دليل على أن المهدية نظام قائم على الشورى وليس التوريث كما يدعى أصحاب الغرض اليوم..