رواية تحت التاليف ..
...كان الخطاب محيرا جداً , حتي أنني وقت أن قرأته اصابتني الصدمة , حتي انني وقت ان بدأت بقراءته , كنت اتمني ان ينتهي , وان تكون صفحاته الاخري بيضاء من غير سوء , ثم اتفاجأ بفظاظة العبارات فيه , ثم يصيبني شيئ من التوهان , فكأنني وانا اقرأ اعبر مثل رأئد الفضاء , دون ان امس شيئ الا انني اعبر , فبعض الكلمات وربما الصفحات قرأتها ولكنني لم اعيها , ولم افهمها , من هول الصدمة , فكثير من الناس يتجردون حتي من انسياتهم عندما يفترون , يتجاوزون الانسانية التي هي أعظم من العقيدة , فكثير من الناس المتدينين عندما يتعصبون يتخلون عن الدين بكل سهولة , ولكن الغريب ان بعض الناس يتخلون عن الدين وعن الانسانية , ذاك امر محير لدرجة كبيرة ,
أذكر أن شقيقتي الصغري , قالت لي بعض العبارات , فقلت لها لم اسمع بها من قبل , فقالت باستغراب شديد .. !! ويحك إنها في الرسالة الاولي .. !! صعقني قولها , هرولت نحو سيارتي , فتحت درج السيارة الأمامي , واخرجت الرسالة , قرأتها من جديد , فكلما مررت علي سطر , زاد إندهاشي , فالعبارات هذه كأنني لم اكن قد قرأتها من قبل , يا إلهي .. !!!!
جلست مُميلا كرسي السيارة الي ناحية الخلف قليلا , وبدأت اسرح واهيم , في هذه التركيبة العجيبة لذاك الآدمي , فقد تجرد من كل شئ , كل شئ , يمكن ان يخطر علي بالك , حتي من الرحم , فكيف يصل المخلوق الي هذه الدرجة ؟؟ امر محير لدرجة عظيمة ..
بينما انا علي هذه الحالة , رن هاتفي السيار , تركته يرن لفترة طويلة دونما امد يدي نحوه , ثم عاود الرنين مرة اخري , فأخرجته من جيبي , فإذا هو اخي ( زقندي ) , رفعت السماعة , وسمعت تنهيدته التي تشير الي كلمات كثيرة يود ان يقولها , وكأنه يسألني عن اوان الانعتاق والبوح الشفيف , فقلت له وانا اريد ان اخفف عليه , حيث اننا كنا نحاول ان لا يحس بعضنا بفاجعة الامر , الكل عندما يُحدِّث الثاني كان يردد عبارة ( دا كلام فارغ ما تشغل نفسك بيهو ) بينما الكل مشغول بهذه الوقاحة , اخبرني اخي ان نضع حدا لهذا الامر , يجب ان ننهيه باسرع فرصة , حيث لا يؤثر علي ابي المريض , واخبرني انه بصدد رد الصاع صاعين , فقلت له , انا لا ابالي من اي شيئ , غير انني اراعي لصحة ابي المسكين , فقال لي بعد ان صمت مسافة من الزمن : ان أباك بصحة جيدة , و يجب انهاء الامر باسرع فرصة . واغلق سماعة الهاتف ,
تأوهت قليلا ثم صرخت بآهة محرقة , ونظرت الي الخطاب الملقي علي كرسي السيارة الاخر , نظرت الي اوراقه المتكدسة علي بعضها , يا له من امر صعب ان تري كومة من القذارة في شكل اوراق , ولا تستطيع ان ترميها , لانها تحوي تاريخا اسودا فيه دحض لكل اشكال النزاهة والدين والانسانية التي يتبنونها , فهو وثيقة يدرك الاجيال من خلالها حجم السفالة التي عانيناها في سبيل ان نعيش شرفاء ..
اغلقت محرك السيارة وذهبت ناحية مقهي للانترنت , حيث انا علي موعد من اخي ( زقندي ) بأنه سيرسل لي رسائل الكترونية فيها بعض تفاصيل لما قد يحدث , بالفعل دخلت المقهي وبينما انا كذلك اذا بهاتفي السيار يرن , شخص آخر , يريد ان يعرف الامر , ثم اخر واخر , الكل كان يحوقل , الدهشة في ذاك اليوم تم توزيعها علي كل من سمع بالامر , والحيرة كانت اختاً للدهشة , بينما ظل الناس يتساءلون كيف حدث هذا , ومن شخص يدعي المعرفة بالله , و معاونة المساكين , و فتح فرص الاستثمار من امواله الخاصة لهم , ولكن لا جواب , بينما يهمهم آخرون , باقوال مفادها , ان ذاك الرجل هو هكذا , ولكن عدم تفهمكم له هو ما اوردكم هذا المورد .
لم يكن الوقت كافيا لاتصفح البريد , فخرجت قاصداً البيت , الم شديد احس به , بعض اجزاء من راسي مصابة بالوجع , بينما انا كذلك اسير بسيارتي نحو البيت , ادرت جهاز التسجيل , فكانت المفاجأة , زيدان إبراهيم يدندن برائعته , ( في الليلة ديك ) , اخذت وبكل ما اوتيت من قوة اصرخ معه , وازيد في صراخي عندما يردد (شفت الدموع خلف الرموش مكبوته بى حسرة وضياع
ورعشة الكف الخضيب مقرونة بي نظرة وداع جابو القدر في سِكتِك ) , احسست ببعض الراحة , حتي وصلت البيت .
كانت زوجتي في انتظاري , هي الاخري مليئة بالوجع , بين سندان و مطرقة , لم تقف المطرقة من الضرب عليها , بينما يتحمل السندان ثقلها وثقل معول الضرب , حتي ظهرت معالم البؤس علي وجهها الوضيئ , بينما سُّبْحَةُ وجهها ما تزال بنفس ضيائها , لم تسالني عن اي شئ بينما بوجهي كان كل شئ واضح تماما لا مماراة فيه , ساعدتني قليلا بخلع جواربي , وقامت بتدليك خفيف علي اعلي عاتقي , ثم أعدت لي كوبا من الحليب , وهي تخافت بصوتها المبحوح وتردد لعل الله يحدث بعد ذلك امرا , هنا لم تتمالك شفتاي الوجوم , فابتسمت وعلمت ان الدنيا تحوي بطياتها الغريب والعجيب , هذه التي تقف امامي هي ما زالت بكامل انسايتها و روعتها , بكامل دينها ووقارها , بكامل عفويتها وصفاء سريرتها , رغم انها من ذاك المكان , يا تري بأي ذنب يقتلوا فيها الحب , ويدمروا بوجدانها الاحساس بالامان داخل الوطن الواحد , ما سر ان ينتصر الانسان لنفسه علي حساب اغلي ما يملك , وبتدمير اغلي ما يملكون , بالطبع لا اجابة , سبحان الذي يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل , لا استطيع الا ان اقول سبحانك يارب.
جاءت بجانبي , وهي تحاول ان تنسيني الغم الذي احس به , وترشدني , بينما انا في حالة اخري , انتهرتها و علا صوتي عليها , وانا اردد , اريد ان ارتاح , اريحوني قليلا , اعطوني مساحة اتنفس فيها , الكل لا يرحم في هذه الدنيا ........ , فـ بكت , وانتحبت , و ترفع يديها الصغيرتان الي السماء , ثم ترجعهما , فهي لا تعرف تشكو ممن ... !! , ثم تتنهد , وتمسح ما بوجهها من دموع , وتقول لي : اعرف انه لا ذنب لك , مثل ما أنني لاذنب لي , ولكن الله وحده يعلم كمذا نحمل من ألم , ضممتها علي صدري , و مسحت من علي مآقيها بعض بقايا الدموع , واستاذنتها بالخلود الي النوم , نامت علي ساعدي الايسر , بينما انا لم استطع ان انام