الوحش في الأخبار
"أنا متهمة من قبل صديقاتي، صاحبات النظرة المتمركزة حول الأنثى ممن نطلق عليهن عامة النسويات، بممارسة الروحانية مع الرجل في ما أكتب. لكن أنا أراهما ثنائية إنسانية مشتركة، ولا أميل لعزلهما، لصالح أحدهما عن الآخر.
وحسب ظني أن أسوأ ما قد يقال دفاعا عن وجود المرأة هو التغلغل في إنكار الرجل. لا أميل لأن أصور الرجل سيئا إلا من خلال عمل سيء قام به، وليس سيئا فقط لكونه رجلا، فتأتي معه صفات مجانية، كالقسوة والجلافة والعنف والاستبداد. فبعض الرجال أحن وألطف من النساء في تعاملهم، كما جاء في روايتي (تاء النسوة)، والعمل لم يمجد أحدهما (المرأة – الرجل) على حساب الآخر، حتى وإن كانت رواية غارقة في تفاصيل الأنثى.
تهمني فكرة أن تعي المرأة ذاتها وبالتالي حقوقها مع ما يتلاءم مع رؤاها هي عن حياتها. لا أن آتي أنا من بيتي وأفرض عليها رؤيتي لحياتها، إذ كيف أروج لحرية الفكر والاختيار ثم أفرض عليها رؤيتي، وأعود وأقول أمرا قلته من قبل، أنا لا أرى المرأة مقموعة مقهورة، بينما الرجل يجلس في تلة عالية يقشر ثمار الحرية وينعم بها، ثمّ يرمي المرأة ببقايا البذور. هو لا يختلف عنها إلا في الدرجة، وما يمسها من نقص في حقوقها، يمسه تماما، وإن لم يلحظ ما ينقصه من حرية، فذلك لا يعني أنه حرّ.
سنوات التغييب انتهت، فلم تعد العقول خاملة، فالطفل لا يخيفه وحش تحت السرير بينما الوحش يظهر على رأس الساعة في الأخبار، وبات يعرفه جيدا. لذا من تمكن في ما مضى لن يتمكن مرة أخرى، لأننا رأينا أثر مخرجاته علينا وعلى العالم أجمع، اليوم المرأة متواجدة وحتى الكتب المحظورة بإمكانك تحميلها في غضون دقائق".
فاطمة عبدالحميد
الروائية السعودية
نقلا عن حوار في صحيفة (العرب) اللندنية