ناصر البهدير مدير عام سابق
عدد المساهمات : 3674 نقطة : 16598 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 55 الموقع : البحرين
| موضوع: عثمان عيسى.. درة ملاعب المصنع الخميس 29 نوفمبر 2018, 9:28 pm | |
| عثمان عيسى.. درة ملاعب المصنعناصر البهدير بواكير تلك الحياة التي عشناها في حدائق وبساتين مصنع سكر حلفا الجديدة حفلت بالكثير من المباهج وراحة البال ودعة الحياة والمعيشة نفسها دعك من صفاء روح المجتمع الذي اتسم بنقاء لا مثيل ليه في دنيا الناس هذه مهما قارناها بالمجتمعات الأخرى. مجتمع طفح بالبِشر ورزانة أهله والمشاعل التي حملها لإنارة الطريق بكل حب وشفافية وسط حقول تضطرم بالإخضرار الباين وفي كل ركن من هذه المعمورة المتناسقة.احسب أنني كنت على علاقة وثيقة الصلة بالرياضة ذات يوم ما من أيام دنيا السكر التي انسربت سريعًا تحت ضغط وحركة الحياة المتصلة. أيًا كانت نوعية العلاقة، على الأقل لعبت وشجعت ودربت وأدرت لفترات محدودة.بقدر ما يستطيع أن يتذكر أي شخص عاش في مدينة المصنع، بدأ قطاع الرياضة نشاطه مبكرًا أي متزامنًا مع بدء عملية تشييد مباني المصنع وتحضيرات الحقول لزراعة قصب السكر ولاحقًا إنتاج السكر، حيث أكرمتنا أرض البطانة ببقعة طيبة ومباركة لا تزال تجزل العطاء الوفير. وقد لا يعرف البعض بأن أعظم لاعب كرة قدم مر على ملاعب المصنع مولود فيه لحسن الحظ. وهذا كرم الطبيعة. ولد قمر أحمد محمد إسماعيل في الحلة القديمة جدا من العام 1965م، والذي يعتبر من المهاجمين البارعين الذين مروا على ملاعب المصنع وحلفا الجديدة. عند كل شوط يلعبه يسجل هدفًا بطريقة مختلفة عن سابقتها حتى خلد نفسه كأسطورة لا يمكن للناس نسيانه مهما كان.كان النشاط وقتها محصورًا في تجمعات العمال العزاب السكنية وأطراف الحلة القديمة أي الحلة التي نشأت عن طريق عمل المقاولين الأوائل المنوط بهم تشييد المباني، مثل، المقاول أبو زيد. ومن الذي يعرف ورشته التي ولد قريبا منها اللاعب الفلتة قمر. سرعان ما انتقلت التجمعات العمالية إلى الأحياء الجديدة وغدت اكثر انتظامًا وحراكًا حتى تكون فريق الأمل ممثل المصنع كأول فريق يبدو ظهر على ميادين المصنع. وقبل ذلك شهد ميدان حي الألمان لكرة القدم فيما يبدو نشاطًا كثيفًا بحكم وجوده ضمن أولى ثكنات الموظفين والمهندسين الأجانب علاوة على الوطنيين. وتوسع الأمر وانتشرت الأندية الرياضية بالمصنع بتوسع العمران الذي اضطرد وتتالى بعد ذلك عبر السنوات ولا يزال التغيير يكتنف أحياء المصنع.في مطلع عقد ثمانينيات القرن العشرين، وما قبله بسنوات قليلة، شهدنا أندية كبيرة ذات رونق ووزن مثل الشباب والزهرة والربيع والوفاق (الرابطة) والعامل (التضامن) والصداقة والتاكا ومن ثم الهلال والنصر والشعلة والرفاق والعاصفة والموردة والوحدة وغيرها.ازدحمت وقتذاك الشوارع بالشغيلة والميادين بالجماهير. الميادين أصبحت تنمو برعاية أبوية خالصة من أهل الأحياء. واختلط عويل رياح الشتاء والخريف بأصوات الجماهير المتعطشة لكرة القدم والمساندة لفرقها. وعلت أصوات حناجر الجماهير وتردد صداها في أرجاء الحقول المزدهرة. تنظر من خلال أية طريق أو فسحة يمكنك رؤية لاعبو كرة القدم.ما أروع المساءات المشرئبة إلى عنان السماء وحقول قصب السكر والتي يغشاها ويداعبها أريج نسائم المصنع، وهي تغسل كل شيء علق بالروح والجسد بكل أريحية.. وما ألطف المساءات التي تعبر فيها كل دروب المصنع من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه متنسمًا هواءها العليل، وبلا شك متوهطًا شارع الردمية (سيد شوارع المصنع)، الذي أضحى أنشودة تتغنى به (بنوت الحلة) بشغف وشغب مبالغ فيه، وكان أغنية عذبة في شفاههن ذات يوم من أيام المصنع المخضرة بالمودة والمزدانة برزانة أصواتهن العتيقة. خرج الغناء سهلًا ونديًا له رزيم لذلك الجميل الذي رحل في عنفوان شبابه.وما أجمل أن يلتقيك غائب لم تره العين منذ سنوات عديدة ومديدة ويبدو لأكثر من ثلاثة عقود من عمر الزمان الحالم.. تلك الأزمنة التي تعلمنا فيها الكثير بنواحٍ المصنع الجميل! ولا تزال ذاكرتنا حبلي بسيرة نجوم ملاعب كرة القدم بالمصنع وعباقرة الزمن الجميل.هذا المساء أشعر برضا وسعادة غامرة وسيرة فتى المصنع الصغير والمهاجم الألمعي وفلتة زمانه في مجال كرة القدم ودرة ملاعب المصنع تحل بين ضلوعي. هذا زمن معتق برائحة المكان وتلك الميادين التي كانت تعرفه.. كان نجمًا لا يشق له غبار، وفنانًا يعرف كيف يداعب المستديرة، ويفعل بها ما يشاء بأقدامه الساحرة ومهارته الفذة.. صال وجال في ميدان السوق الكبير (السكر) وقدم السهل الممتنع، ومتع جماهير المصنع بفنه الراقي وأسلوبه الساحر وركلاته المباغتة وتمريراته الرائعة.إنه الفتي الخلوق والمهذب عثمان عيسى اللاعب المبدع والجسور والرشيق ونجم زمانه وسيد شباب فريق الزهرة (فريق بدوي عبد الرحمن) والسكر.ما زال في البال منذ أن كان نجماً لامعاً بفريق الزهرة ذات يوم.. ولا يزال كعهده وفيًا للبلد الطيب؛ مصنع سكر حلفا الجديدة.وسطر ابن المصنع الأصيل عثمان عيسى (مامون) بحضوره الوسيم اسمه في ذاكرة الأسرة الرياضية بالمصنع بمهارته الفذة وقدرته على تطويع المستديرة واخضاعها لمزاجه وابداعه الثر.ومثل مامون لن يغب عن ذاكرتنا وإن طالت السنوات واندحرت، مثل الرذاذ يستقر على الأرض بهيًا وبهيجًا. كالبرق يلمع يغطي سماء المصنع بأدبه الجم. وعندما تفلت منه الكرة وتستقر في شباك الخصم، تخرج كالوابل ولا تتراجع قيد أنملة.كان غيث ملاعب المصنع ونجم جماهيرها الوفية التواقة لمشاهدة الكابتن مامون عيسى ممسكًا بزمام القيادة والنصر. يُحيي الأرض بعد موتها مثل جارّ الضبع! كما قال ابن دريد، محمد بن الحسن الأزدي، في كتاب (جمهرة اللغة)، إن أشدّ "ما يوصف به المطر" هو في القول: "أصابنا مطرٌ جارّ الضبع".فالميدان كله مامونٌ عند جماهير المصنع. والكرة عندهم مامون متى ما جال وصال وأمتع وأدهش وأحرز النصر. بأهدافه تلمع الزهرة في سماء البلد، وشارع الردمية، وتزين كل شيء بضوءها الباهر.عند غيابه، يوم أرمل وساعات جاحدة تمر على ملعب السكر الكبير. وتفتقد الجماهير اللمسات الرفيعة وأرقى المهارات وأروع الأهداف.مثل مامون لا يسكن ولا يركن للهدوء في الملعب. نشيط كالنحلة بين حقول الزهور، يمتص شغب الجماهير ويحوله إلى أناشيد عذبة وأنغام شجية.جُل ما جادت به قريحة العبقري مامون انهمر من غيوم موهبته الشخصي. تفتحت عيونه على حب الكرة وعشقها بجنون. وبادلته الحب حتى تربع على عرش مملكتها وكان أحد اعلام المصنع الميامين.فمامون يعرف أسرار حضوره وتاريخ ولعه بالمستديرة على ملاعب المصنع الخضراء. دفق الاتبراوي الرشيق الذي غمر الميادين بموهبته الفذة، محمولًا على أمواج سره المدفون فيه. شلالات طلاقة في التعامل مع الكرة وحيوية تسكنه وتفيض وتروي الجماهير العطشي بمتابعة إبداعه الوافر. حبه للكرة مزروع في داخله منذ اليافعة؛ فلازمه طيلة مشواره الرياضي. يعرف كيف يُسعد الجماهير ويطوع أنشودتها على امتداد أركان الملعب المستطيل، ويهيج أفئدة وأكف أعمدة التشجيع: المرحوم عبد القادر مساعد (قدورة) رحمة الله عليه، وفاروق جبران، والجميل لادو، والمرحوم الشيخ رجل الشرطة، وغيرهم من وهب نفسه لخدمة قطاع الرياضة بالمصنع.حقق وحطم في عقد الثمانينيات من القرن الفائت الأرقام القياسية في تسجيل الأهداف والمساهمة في صناعتها. مثل الضوء رقيقًا يشرق ويصعد من العتمة بشكل لم يسبق له مثيل، حتى ملأ الجماهير بالبهجة والسعادة والأخلاق والقيم. بفضل تعاونه وتآزره الفريد ارتقى كوكب الزهرة إلى مصاف الأندية الكبرى منافسًا لفرق عريقة في دوري المصنع. لم يكن شاهدًا على الخط يتعبه الانتظار فيبدأ بالتداعي والخمول والهروب، بل كان حمشًا ومصادمًا وشجاعًا في الذود عن شعار فريقه الذي عرف به أينما حل درة ملاعب المصنع.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
| |
|