اليس من حقنا ان نستقل ولا نستغل ..اليس من حقنا الحلم بذات وجه طليق طلق يجوب ليالي المدينة الحزينة ويبذر في ارضنا الخصباء ذرات الرجولة والانوثة .. حتي تصالحنا الارض والنيل والهواء .. اما آن للدموع الجامدة علي الاجفان من هطول ..اوليس من حق الشرفاء في الارض ان تنبسط لهم ولو لمدة أو برهة صغيرة الأرض .. أليس من حقنا ان نلعق العسل و السكر من علي اصابع الحلم والامل .. وليس من حقنا ان ناكل تلك الاصابع .. اليس من حقنا عندما نبكي ان تعلو اصواتنا بدون ازعاج للمستمع لنحيبنا .. ومن حق غيرنا ان نسمع لنحيبه ونفسره بحسب زبزباته ونبرته .. ومن حقه الا يمنعنا من التنصت والاستماع .. من حقنا ان نجمل حياتنا ببعض رحيق الماضي .. بعد ترك الزهرة الماضي متفتحة جميلة دون ان نمارس ضدها الزبول والانحناء .. ومن حق الزهرة علينا ان لا نقطفها بسبب جمالها وعبقها الفياض .. بل من حقها ان نمر عبرها حتي دون ان ننال شهقة قوية من عبقها .. فالشارع حولنا يحتاج الي تلك الاعباق .. دعوا الصراخ والسؤال يجوبان سماء هذا الزمن المسموم.. ودعونا نخلط الحياة لندعها عصير مشكل من الأفعال والأسماء والضمائر ..
عصير من سَلَطات الجمال والقباحة والفعل وردة الفعل .. الماء والهواء .. التراب والنار .. المصحف والشرف .. الموت والحياة .. والامل المنشود والذي تحقق .. دعونا نساوي الفعل الماضي.. بوجه طفلة بريئة طاهرة .. مازالت بغشاء عفيف .. ونرفض ان نتعفن بمساوئ الماضي لان حكمه الفتح لا تعني سوي فتح قادم بشرط وجوبه .. وحتي امنيات المقصور المنقوص تظهر في آخر الكلمة مقدّرة دون الظهور بالعيب .. ولم تكن من ضمن أشيائه الخاصة .. ودعونا ان لا نُدفَن في هامش دفتر مذكراتنا الشخصية .. او ان نقتلعها غصباً او نغتصبها علي البغاء ..دعونا ان لا نمارس الخيانة سراً او جهراً فليس فينا انتهازية تحتوينا ولا حالة مغرقة من البكاء او الضحك .. ومن العار ان نزني إماء الله ونتمادي في خدش الاغشية ثم ننادي بحقوق المرأة .. ومن المضحك ان نبكي علي فراغ من الجهر وننادي بملء افواهنا للحق .. ومن المبكي حتي الضحك ان نكون جماعات ثم نصبح اشتاتاً تزرنا الريح كهشيم علاقتنا وصداقتنا ونبلنا المدعي .. وردة الفعل الراقية هي ان نصرخ في وجه من نحبهم بهمس .. وان نضمد جراحهم بابتسامة وان نزيل عيوبهم بكلمة طيبة .. فالوجع اصيل في الاصيل ومسروق مهزوم في الضعيف .. بل هو ابرز شرط العنفوان والنخوة .. دعونا ان لا نموت قبل ان نولد .. وأن لا ندخل هذه الدنيا بصرخة الميلاد ونخرج منها بصرخة الموت وما بين الصرختين قوسين يحملان كل بغض وانتهاك ونفاق بين بعضنا .. دعونا ان نرفض حفظ الجمال في صناديق الاقتراع الوهمي ..و التبرج للجروح .. ليس هو نوع من الفجور .. دعونا ان نعلن بكاءً سرمدياً ونحيب ازلي عن عبارات اللاممكن ..فلنا حقنا .. و لنا حضورنا .. و لنا فوارق حتي لو جمعتنا أبجدياتنا .. من حقنا أن نعاني من مخاض توحدنا من أول اللقاء حتى آخر الابد .. ونترك كلمات مثل أبعد .. أعمق .. أروع ... .. كان .. كنا .. اصبحنا .. مازلنا .. وكل الاخوات البزيئات .. بل من حقنا ورب السماء ان نفعل ما نريد .. وليس ما يريد غيرنا .. وان كوننا من طين لازب لا يعني ان غيرنا ملائكة من السماء او جنون وغشاوة مساء .. حقنا أن نكون الإنسان... فيننتج في افقنا إنسان آخر يبذر في الارض بذور الذكريات .. والبذرة الصغيرة تصبح في اوان الزمان شجرة ضخمة اصلها ثابت ويعانق ثمرها عنان الفضاء .
فــ يااااا احبتي ..
أعيدوا شارات الساعة إلى مكانها الصحيح .. و لنترك الافواه النتنه ونأخذ منها الكلام الجميل .. حتي لا نلاقي مصير الزبد الذي يذهب جفاءً ... فقد اتينا لنفرح .. لنمرح .. لنصرخ .. لنحيا ... فالجروح لا تحتمل الصبر والصبر لا يحتمل الجروح .. والفهم العميق لا ينتحر ولا يفني .. فهو كبناء مسلح في ارض بغير اجاج الملح .. ما همنا أن نقنع الملح بأن البناء لا يحتملك فيظهر في الليل .. .. ويستخبئ فينا ملح يهد ما بنيناه .. ورغم ذلك لا نكتفي بدون ملح ولكنا نحمل همه .. بشرط أن يخدم الإنسانية والحياة .. لان الوجع المسموم والفهم الراقي يعطينا فهم الانسان .. ولا يُنسينا أن الإنسانية لا يمكن غشها و تزويرها ..ولا تشققها.. ونحن كغيرنا نعشق انسان ونكره انسان .. ونحس بالجرح الراقي ونستمتع بألمه ان كانت الآلة التي قدت جسمنا شريفة نبيلة .. فهي بلا شك طعنة حتمية للوعي الراقي والفكرة النبيلة .. نحن عنق يتمني من الذابحين ان يرتقوا إلى أعلى الحناجر .. فإن كانوا قد وصلوها فالذبح اهون لنا من العيش العيش بارض ذباحيها هاماتهم اعلي من هاماتنا واياديهم اطول من قاماتنا .. وماكانت حنجرة اسماعيل اعلي من هامة ابيه إبراهيم .. فلذلك قال له : ستجدني ان شاء الله من الصابرين .. وللأسف ما أصغر الذابحون .. و ما أعلى الاعناق التي تحمل الحناجر .. من حقكم ان تتحسسوا في قلوبنا عتمه الظلم .. وفوضوية الاقلام وصريرها .. تمارس في داخلنا تفاعلات الحس والروح .. نحن نصرخ لأن الجهر انفع من السكوت .. لأن الدواخل قد وصلت حد الانصهار .. نبكي عندما تجتاح الأرض الحبلي اعاصير الظن .. ورغم ان الظن لا يغني عن الحق شيئاً .. ذلك الظن الذي يشبه نهر القاش بموسميته الرعناء .. فمن شوقه يجتاح سكينة المدينة ويدمرها .. كرجل ادمن قلبه حب إمرأة ردحاً من الزمان .. فالتقاها دون شرعية للقاء وبمحض الصدفة فانهال عليها تقبيلاً وانتهاكاً فحولها الي ( ...... ) بعد ان كانت عذراء ثم حمّلها ذنب ( اللاعذرية ) .. و تغييب العقل قد يدنس الطهارة ان لم يجتثها .. وخراب الذاكرة .. قد يقود للخداع والمخادعة .. وانتصار الانسان لنفسه قد يجبره علي المخادعة ..فيكون الضحية هو .. المكان .. والاسم .. والزمان .. والوجه .. فيغيب الحاضر وبذور الاخاء بدون أسباب .. من حقنا العويل .. من هول الحمم البركانية .. و شرره الحارق الذي يجندل الفارس الذي جاء من اجل الغنيمة وليس انتصاراً للحقيقة ..دعونا نتوجع .. نتألم .. نبكي .. نضحك .. نصرخ .. نتفوه
نتوجع .. لاننا نحس بالطعنة من الخلف ..
نتألم .. لأن اعيننا تفيض بالدمع فنري الآلة التي طُعنا بها قد صنعتها أيدينا ..
نبكي .. لاننا لا نملك لاعيننا بلسم غير الدموع .. فهي الوحيدة القادرة علي قتل جراثيم السراب .. والخديعة ..
نضحك .. لأننا عندما تجف احداق العيون من الدمع فلا مجال إلا للضحك .. بل ولأننا قد غششنا الزمان ذات مرة ..
نصرخ .. لان الصراخ هو آلة العاجز عن ضمد الجراح ..
نتفوه .. لكوننا لا نملك غير الحق قتلاً السكوت ...