احبتي .. جئت اسوق بعض من همومي .. وبعض من نبيذ الذكري كانت قد قالت لي .. وهي تداعب خصلات شعرها : ستنسي الكثير من ايامنا التي عشناها .. ولكنك لن تنسي يوم واحد .. قلت وما ذلك .. ؟؟ قالت يوم جئت راكضاً تبحث عن مأمن بين يديّ .. حينها كنت لا اعرفك .. ولا اعرف شئ اسمه ( أنت ) ثم قلت لي .. انهم قادمون .. احميني .. بشئ .. فهولاء قوم لا يتهيبون ولا يتورعون .. فلن يستأذنوك بدخول بيتك .. وقلت لك : لا اجد ما احميك به !! .. فأخذت (ثوبي و طرحتي ).. ولففتهما حول راسك .. فكنت مثل خادمتنا التي تعمل
في بيتنا .. فجاء اولئك النفر .. وفي مقدمتهم رجل قصير القامة .. يبدو من وجهه كأنه قاتل ممتهن للقتل .. ومعه مجموعة من الشبان الذين يضعيون اعمارهم وراء حفنة من المال .. رايتهم جميعهم وقد لا تبدو في وجوههم نضرة الحياة .. بقدر ما كانوا ممتلئين شباباً وقوة .. بكيت حينها .. لان كل امكانيات اولاء الشبان تضيع دون ادني لفتة من عقولهم .. فجاءوا جميعهم .. وسألونني .. اجاء احد الي هنا ؟؟ فقلت لهم : وهل بيتي مفتوح له ولكم لتأتوه من حيث اردتم ؟؟ اما كان لكم ان تستأذنوا قبل الدخول .. ؟؟ اوليس من واجبكم حمايتنا وليس انتهاك بيوتنا .. فضحك قائدهم القذم بعد أن تفحص في وجهك .. ظاناً انك خادمة البيت .. ثم ضربك براحة
يده علي مؤخـ ... .. و ضحك اتباعه كأنهم بلهاء ثم خرجوا .. حينها قلت لها ساتذكر الكثير غير هذا .. اذكر حين كنت ارفد بجانب تلكم الازقة .. ابحث عنك في
كل الدروب .. وحينما اجدك اجد كل ما قد يدعني اتوه حباً واتلظي صبابة ..اتلصص
سمعاً واسترق تعابير ممن هم في نظري برجوازيون .. فاحتمل بين جنباتي كل ما يدل علي انني احبك .. واعتصر ابتسامة داكنة لتخرج كانها التعبير الاقوي عن الحب .. واعض اطراف شفتي السفلي مع غمزة من عيني لاقل من كسر في الثانية .. ثم اتركك وشأنك ولا ارجو منك ردة فعل لكل تحركاتي .. لسبب بسيط كنت اعتقده في جميع الاناث .. وهو ان تبوح بالحب عبر الجوارح دون تتكلم به .. ولا ترتجي ردة فعل حينها .. حتي تدع الانثي هي من تتساءل .. ودارت الايام .. وكنت اري اسئلة حائرة حول وجهك تتلوي من طول بقاء .. تريد الخروج ولكنها لا تقوي عليه .. فالمارد متنكر بكبرياء الذكورة . بينما جرم العشق بائن في كل تفاصيله .. وعجلة الايام تدور حتي .. جاء موعدنا الذي فررنا اليه بسرعة كبيرة .. كلانا يبدأ يحكي ويسرد عن انه هو الذي احب الآخر قبل الآخر ... وهكذا تبادلنا اطراف الحديث .. وتناولنا عرابين الوفاء .. ووثقنا لعلاقة بلا حدود .. ولا تحفها الهواجس .. ثم دلفنا سوياً الي شواطئ النيل .. الذي احلم بأن اطوف شارعه المشهور ( شارع النيل ) ومعي بنت احبها وتحبني .. وها قد وجدتها .. هائمة عذبة الكلام .. تتكلم كما لو انها تعزف اغاني العنادل .. تمشي كأنها القمر تحفه السحب وهو دائر مكتمل .. فتنظر اليها ولا تعرف اهي التي تمشي ان ان الكون هو من يمشي حولها .. قطعة جوافة حمراء من الداخل كان فمها .. وجلسنا في طاولة اذكرها .. وطلبنا بعض من مشروبات المقهي .. ولكنني كتبت كل اغاني الرائع مصطفي سيد احمد
علي تلك الطاولة .. وكنت لا تملين من القراءة وانا لا امل من الكتابة .. وكانت
المشروبات تنتهي ثم نطلب اخري .. فامتلأت الطاولة حباً وعصيراً .. واذكر من تلك الكلمات التي كتبت ( كل ما تباعد بينا عوارض .. كل ما هواك يا طيبة مكني / الوردة لو ساب الفراش ما اظن تلومو مع الندي / لمحتك .. لسة بيناتنا المسافة والعيون / غابة الابنوس عيونك .. وكثيرة كانت الكلمات التي احفظها في ذلك الوقت .. ثم خرجنا وكان الوقت ليلاً .. ولا ندري الي اين .. القلب نفسه كان يشكر الله علي هذا اللقاء ... يا لهاتيك القلوب .. هي ذات القلوب التي تذكره خوفاً منه .. وتذكره حين تعصيه .. وابتسامتنا تكاد تكون جزء اصيل من حركات القلب في الشكر لله .. ودلفنا عبر شوارع الخرطوم .. تتبعنا الانوار .. ونظن ايضاً أن الجميع ينظر الينا .. لروعة ما نحن فيه .. وضجيج فرح الكون يأخذنا الي ما بعد الخيال .. فجأة .. ضربني احد الرجال .. علي كتفي الايمن .. وهو يحمل بين جبباته ( مسدساً ) وبيده اليسري يحمل سوطاً .. من العنج .. ضربني حتي ظننت اني اصطدمت بعمود او زاوية من الاسمنت .. وتفحص ذلك الرجل وجهي .. ووجه حبيتي .. حتي سألته عن الذي هو دائر .. فاجابني ... لا شيئ .. ثم ذهب .. ونحن ننظر اليه في عجب .. حتي ركب مع زمرة كانوا ينتظرونه علي سيارة ( بوكس ) ازرق اللون .. عرفنا ان اولئك قومنا الذين قصدوا ان يعرفوننا بأنهم موجودن .. لم نعيرهم اهتماماً فمررنا نحو هدفنا .. وكنا نتمشي .. نتنزهـ .. حتي وصلنا الي حديقة الشهيد القرشي .. الذي ذكرني بعهد حكم العسس .. ذلك القرشي الذي ضاع مثل آلاف البشر .. من دون ذنب .. سوي عنتريات العساكر .. وامن الدولة .. جلسنا .. وكان الهدوء يعم جميع الحديقة .. سوي قهقهات حبييبتي التي تشق صمت الليل .. فتنير دياجر الظلام بذبذبات صوتها العذب الجميل .. كانت ترتدي اروع الملابس ... التي تعتليها اجمل الالوان .. واللون البنفسجي كان ثمة ظاهرة في تفاصيلها .. فسألتها بعد ان دخلنا تحت شجيرة مورّدة ( جهنمية ) سألتها ما الحكمة من حبك للون البنفسجي ؟؟ قالت : لانه لون الحب .. ضحكنا .. طلبنا عصير المانجو فسألتي ما الحكمة من حبك للمانجو ؟؟ فقلت لها لان طعمها كالحب .. وضحكنا ايضاً .. فقامت تحكي لي .. عن رجل السياسة الاول آنذاك (.....) فكان المدهش انها كانت فاحشة القول .. لم تتورع وهي تحكي عن ذاك الرجل .. حتي انني ظننتها قد ثملت بتلك المانجو .. فتذوقت كأسي بسرعة حتي اتأكد .. فلم اجد ( مع سابق علمي ) لم اجد ما قد يدعونني لاشكك في سكرها .. ولكنها كانت افطن مني .... عرفت وقرأت تعابير وجهي .. وقالت ان لا اتورع عندما اتكلم عن هولاء .. ففقد عرفت كيف انهم جاءوا العام السابق ودخلوا الحرم الجامعي واقتادوا صديقنا العزيز ( ..... ) واعادوه الي بيته وهو مشلول تماماً .. ثم اقتطع حديثنا رجل يبدو من نحافته انه صاحب احدي هذه ( البوفيات ) الصغيرة .. فقال لي :لو سمحت !! ممكن لحظة ؟
فقلت له : أنا ؟؟
قال : نعم انت .. لحظة .. لو سمحت ..
فقلت في نفسي لعله يريد ثمن العصير .. فسألت حبيبتي .. هذا صاحب (البوفية ) ؟؟
فأشارت برأسها ان لا .. ليس هو ..
فقمت من مكاني .. وذهبت اليه .. فكنت كلما اقتربت منه زاد من سرعته ... حتي احسست انه يقتادني .. فقلت بأعلي صوتي .. ( يا ابو الشباب لو عندك حاجة قولها .. انا ما ممكن امشي وراك وانت ماشي ؟؟ !!! ) حينها توقف عني المشي .. حتي اقتربت منه .. فاخرج من جيبه بطاقة ( ...... ) وقال لي نريدك لبعض لحظات لو امكن .. كان كلامه في غاية الأدب .. فلم اعترض .. فذهبت معه الي غرفة صغيرة ( كبسولة ) لاري عجائب .. لم اري الا سياطاً .. واسلحة صغيرة كانت مرماة علي طاولة احدهم الذي رايته بعد برهة لظني انه جدار .. وذلك لعملقته وضخامته .. ثم ما هي الا لحظات حتي جاء رجال آخرون .. قاموا بتفتيشي .. حتي انهم كادوا ان يقتلعوا ملابسي جميعاً ... ثم بعدها اخرجوني وانا مغمض العينين .. الي سيارة لا ادري ما كنهها .. ورموني عليها رمياً .. حتي توقفوا بي في مكان ما .. انزلوني ثم اقتادونني .. الي داخل عرشهم .. وعيناي مغمضتين .. لم ار نوراً لاكثر من يومين .. وكانوا حولي يتهامسون .. ويضحكون .. ثم يضربونني حتي اكاد لا اميز بين موتي وحياتي .. تمنيت ان اكون قد مت .. لاري بعد برهة انني مازلت حياً .. فاصرخ لعودتي حياً واري نفسي بين ذئاب بشرية .. يتبادلون فيما بينهم لضربي وتعذيبي .. ثم ينادونني .. وادخل قاعة داخلها قاعة وتحتها قاعة .. وبجانبها قاعة .. فاري كبيرهم القذم .. هو نفسه الذي هرولت منه يوماً ما .. وكلما رايته يمتلئ قلبي خوفاً .. رغم انني لا اهاب احداً ولكن هذا القذم كان يربكني .. ويقتلني الف مرة بعيونه الحمراء تلك .. بمجرد مثولي امامه .. فاذا بشفتيه الغلظيتين تتدليان في بلاهة .. وابتسامته القذرة احس كانها خنجر قد قدني من دبر ..
ولكنني اتماسك .. فاري ما لم اره في حياتي .. طلب مني ... نواصل ..