مقدمة: كتبت هذه القصيدة عام1967رغم مرور44 عام الحال ياهو نفس الحال كأنها كتبت الأمس.
أخجلُ ياأكتوبر أن ألقاك
أخجلُ حتى أدفنَ رأسى تحتَ الرملِ
فتفضحنى عيناكْ
فأغوصُ أصبُ البحرَ الآسنَ
فوق البحرَ الآسنِ
دونَ حِراكْ
وأفرُ ألوذُ
بجوفِ الشهرِ التاسعِ
علَ الزمنَ الراكدَ
فى إغماءتِهِ ينساكْ
لكنّك تأتى... يا أكتوبرْ تأتى
والثورة’ جسدٌ هرئٌ
ممزوقُ الأطرافْ
تأتى والثورة’ ماعادتْ للطفلِ اللبنَ
ولاعادت للشيخ الشيبَ
ولا عادت ملحَ الآلاف
الثورة’ ماعادتْ تسوى
-بالسعرِ المُعلَّنِ-
غيرَ هُتافْ
نردِّدُه حتى تنفرطَ عقودُ الترديدْ
ونمضغُهُ ليِّفاً من خلفِ السادةِ
يومَ العيدْ
أخجلُ ياأكتوبرَ حتى يخجلَ خجلىْ
من خجلىْ
أخجلُ ياأبتى من عجزِ يدىْ
ومن شللى
فأهيمُ على الأرصفةِ
أحدقُ فى وجوهِ الرفقةِ والأهلِ
من أنتمْ....لاأعرفُكم
لاأعرفُ حتى مَنْ نفسى
والكُلُ هُنا -فى البيتِ-
غريبْ!
معزرةٌ أكتوبرُ
إن كنتُ قسوتُ قليلاً فى
الترحيبْ
فالعارُ يُلطِّخُ وجهىْ
يرقدُ مثلَ الغُصةِ
فى الحلقومْ
والقرشىُ شخصٌ ماتْ
بمستشفى الخرطومْ
القرشىُ !
من أطفأ جمرَ الحُلمِ الرائعِ فى عينيهِ
الرصاصْ!
القرشىُ ماتَ كباقى الأشخاصْ!
وأما ...
نحنُ هُنا قُمنا بالواجِبِ
ما قصَّرنا
حين خببنا خلفَ جِنازتهِ
-فى الصُبحِ-
كما كلُ الأمواتْ
ورجعنا,إسترخينا ,زمناً
فى مأتمِهِ
وتطاعمنا,
وتساقينا,
صلّينا الظهرَ,
العصرَ,
المغربَ,
دون وضوءٍ
صلينا.. تناجينا...
فى كرة القدمِ , خبايا الجنسِ,
مذاقِ القهوةِ , قفشاتِ الظرفاءِ,
وآخرِ أسرارِ الوزراءِ,المدراءِ,
الأغواتْ,
ثرثرنا .. تجشّأنا.. تنطَّعنا,
ما شاء اللهُ لنا,
ثم هجَعْنا..تساعَلْنا..وتثاءَبْنا,
برئاتِ السأم القاتلِ,
ضاجعْنا كقطيعِ سلاحِفَ ,
فوقَ فراشِ الموتِ الزوجاتْ!!
عفوكَ أُكتوبرُ عَفوكَ...
مااحتضنتكَ على الأعتابِ
بشاشاتُ الوجهِ المسرورْ
فالوجهُ تشوَّهَ ..
طفحت من قيعانِ العارِ عليهِ بثورْ
لم يشعِلْ دربَكَ -ليلَ الزفةِ-
نخلٌ فى الأيدى وزهورْ
فالحولُ الثالثُ مرَ
ونحنُ نُجَادِلُ فى الدستورْ
نتحزمُ للفارغةِ,
نقومُ و نقعدُ,
نحْلِبُ تيسَ السادةِ
خلفَ السوقِ
نملأُ القرعَةَ
-كالشحاذينَ العُميانَ-
على باب الحاوى المأجور
وتظلُ القرعةُ فى الأيدى..
تمتد..
لاتُملأ.. غير البرقِ الخُلبِ يمطِرُ..
فجر الغد...
............
............
آهٍ..
لو يمطر هذا البرقُ الخُلَّبِ...
فجر الغدْ....
لكن..لا..
ياأبتى اللعنةُ,
هيا إقبل ..
مرحب.. وحبابك ألفين
إن لم يحملُكَ الرأسُ
أشيلُكَ فوق الكتِفينْ
فلأنتَ سوادُ العينِ,وماءُ العينِ
وضوءُ العينْ!!!
عزيف الريح
خلف بوابة صدئة
كمال الجزولى