عباس الدرويش ولدته أمه وحيدآ كأول مولود لها .. وودعت الحياة بعد سماعها صرخته الأولي تكفلت جدته بتربيته بمساعدة الجيران .. خرج عباس للدنيا يتيم الأم .. كبر عباس وفي عمر الخامسة هجر والده القرية وطال غيابه ولم يسمع عنه أحد أي أخبار .. أصبح عباس يتيم الأب و الأم .. تحملت الجدة عبء تربية حفيدها . وكان الصغير يرافقها إلي مدرسة القرية حيث كان للجدة مكان خارج سور المدرسة تبيع فيه الزلابية والطاعمية للتلاميذ
لاحظت الجدة وأهل القرية إختلاف عباس عن أنداده من الأطفال الذين كان يلعب معهم وهم في سن الخامسة .. كان واضحآ أن عباس مازال يتصرف بعمر طفل في الثالثة من عمره بجانب أنه يعاني من مشكلة في الكلام .. رغم ذلك كان يلعب مع الأطفال ويساعد الجدة في حمل أغراضها من وإلي المنزل .. و قضاء بعض حوايجها الأخري
بلغ أنداد عباس سن السابعة وذهبوا للمدرسة .. ذهب عباس معهم ولكنه لم يدخل معهم الفصل ولا حتي تخطي سور المدرسة .. لم يكن يرغب في ذلك رغم إغراءات الجدة له
إكتفي عباس باللعب مع الأطفال الذين أقل سنآ منه ..
كان عباس محبوبآ من أهل القرية رجالها ونساؤها وأكيد الأطفال .. أطلقوا عليه أهل القرية إسم عباس الدرويش لما لاحظوه فيه من ملامح النظرة البلهاء وا لإبتسامة الساخرة والتخلف العقلي بالمقارنة بسنه .. وكانوا يستعينوا به أحيانآ بتكليفه بغضاء بعض إحتياجاتهم ثم يجازونه بقطع من الحلوي أو التمر وفي أحيانآ كثيرة وجبة غداء .
كان الدرويش يعتبر كل بيوت القرية بيته فتجده يتناول وجباته في أي بيت من بيوت القرية ..
لا يذهب إلي منزل جدته إلا لينام .. وهي لم تكن تقيده بمواعيد للعودة إلي المنزل .. فهي تعلم بأن كل أهل القرية أهله وتعلم كذلك الحب الذي يكنه له أهل القرية ..
كبر الدرويش وشب عن الطوق وأصبح شابآ مكتمل الرجولة .. ولكن كان عقله مازال ذلك العقل الذي توقف في سن الخامسة .. لم يتغير برنامج الدرويش كثيرآ سوي أنه أصبح أكثر مساعدة لأهل القرية وزاد حبهم له ..
في صباح يوم حزين ودعت القرية الجدة إلي مثواها الأخير .. بكتها القرية بحرقة فهي كانت إمرأة طيبة المعشر .. لم يلاحظ الدرويش غياب الجدة ولم يحزن عليها .. كان يرجع لمنزله ليلآ لينام ويخرج صباحآ ويذهب إلي طاحونة القرية ليمارس عمله في مساعدة نساء القرية في حمل الدقيق إلي بيوتهن والعودة وجيوبه ممتلئة بقطع الحلوي والتمر والفول ..
في مساء مقمر من ليالي القرية كان هناك حفل عرس .. و جميع أهل القرية رجال ونساء مجتمعين في ذلك الحفل .. خرجت علوية من منزلها مسرعة الخطي صوب الحفلة .. هي إمرأة في عقدها الثالث متزوجة وليس لها أطفال .. زوجها مسافر للعمل وهو كثير الغياب يعود للقرية بعد شهور من الغياب ..
إقتربت علوية من منزل العرس .. توقفت عن السير .. وجدت الدرويش عائدآ في طريقه لمنزله .. توقف الدرويش .. قالت له : أرح آالدرويش وصلني بيت العرس .. لم يتجاوب الدرويش .. واصل سيره .. لحقت به .. أمسكت يده .. وقف ينظر لها نظرته البلهاء تلك
شعرت علوية بثورة من الرغبة تثور في دواخلها .. تحسست بيدها الدرويش في كل جسمة وهي ترتجف .. تحسست وجهه .. صدره .. رجولته .. أمسكت يده وضمته إلي صدرها و قبلته .. إنتفض الدرويش وحرر يده منها .. وأسرع الخطي نحو منزله تبعته بلا وعي ..
دخلت فوجدته مستلقي علي عنقريب وسط الحوش تحت ضؤ القمر .. جلست بقربه تحسسته ثانية .. قبلته .. خلعت عنه جلبابه ولباسه .. وخلعت ثوبها ..رمت بجسمها عليه و إغتصبته ..
قامت ولبست ثوبها وإنسلت خارجة .. لم تذهب للحفلة عادت أدراجها لمنزلها وهي مازالت ترتجف ..
تكررت زيارات علوية للدرويش خلسة وفي الخفاء .. كانت تذهب إليه بذلك الإحساس الذي أحسته في لقائها الأول به .. وترجع وقد أطفئت نيران صدرها .. وأستمر الحال هكذا دون أن يكتشف أحدآ تسللها لمنزل الدرويش .. والدرويش لم يتغير فيه شيء خاصة في حياته مع أهل القرية ..
في يوم من الأيام عاد الزوج من السفر .. فرح أهل القرية .. وتجمعوا في منزله للإحتفاء به
شرب الناس الشربات وأكلوا الحلوي التي قدمتها لهم علوية ..
بعد خروج آخر ضيف من المنزل .. دخل الزوج غرفة علوية .. بداءت علوية الهجوم علي الزوج معنفة له ولائمة له علي الغياب طوال هذه الفترة عنها .. حاول الزوج تطييب خاطرها وحاول مسكها من يدها ولكنها كانت تدفعه عنها وهي تبكي .. ويعاود الزوج الكرة مرة أخري ولكن كانت هي مصرة علي موقفها .. أمسك الزوج بها بقوة وهو يحدثها بأن الظروف هي التي حرمته عن التواجد بجنبها وأنه هذه المرة سوف يعوضها عن كل مافاتها ..
خارج المنزل ومن خلال شباك الغرفة كانت هناك عيون تتابع هذا المشهد .. وصل الأمر بالزوج أن حمل زوجته وطرحها علي السرير رغم مقاومتها ..
فتح باب الغرفة فجأة ودخل الدرويش وأنهال بالضرب بعكازة ضخمة علي رأس الزوج الذي خر أرضآ مع إستمرار الدرويش في ضربه .. لم يتوقف الدرويش رغم صيحات علوية .. ومحاولة إمساك يده .. سال الدم تحت رأس الزوج .. وسكنت حركته .. تجمع الجيران علي صيحات علوية .. دخلوا فوجدوا الزوج فاقد الحياة ملطخ بدمائه والدرويش مازال يحمل عكازته وهو ينظر إليهم بنظرته البلهاء .. ويبتسم لعلوية ..
قادت الشرطة صباحآ الدرويش .. نصب صيوان العزاء للزوج ..
مازال أهل القرية في حيرة من أمر عباس الدرويش .. لماذا أصبح بين ليلة مجرم قاتل وهو الإنسان الوديع الهادي الدرويش ..
______________مسقط سلطنة عمان