من فرط اناقته لم يختلط عليه لباسه المدني بزيه الرسمي الذي كان عبارة عن وسام ووشاح يتزين بهامته اكثر مما هو يتزين به. منح زى الشرطة شرف الهيبة والوسامة والاستقامة. فكان الهندام عنده شرف ومسؤولية ملقاة على عاتقه يوم ان شق طريقه الى سلك الشرطة السودانية.
عرف المصنع طه الصول بصرامته وجديته التي فاقت كل توقع، ولقد اعتاد الناس وقتئذ بنوع من البراح بين الشرطة والمجتمع وهى مساحة وفرتها الظروف التي اتاحت للناس بالتداخل ولكن المرحوم طه الصول اعاد لها بوصلة توازنها حتى تستقيم بعض الاشياء من خلال منظوره وفهمه الخاص اذ كانت تتداخل العلاقات الاجتماعية كثيرا في مسار عمل الشرطة وفي ذلك عمل من وسامة الريف وفقره في الوقت ذاته حيث تستند العلاقات على تسامح ينسف حقوق العدالة في بعض الاحيان..
وفي زمن توليه منصب ادارة الشرطة لاول مرة اعرف بان (مكتب البوليس) ليس بمخيف للحد الذي كنا نصدق فيه ان الدخول اليه سيعيدك مرة اخرى لحساب عدد اصابعك من مهابة فقدهن.
ذات مساء جميل مررت على دار الشرطة لمعاودة نزيل في حراسة المصنع وبما انه كان يمثل احدى نجوم كرة القدم بالمدينة وعلاقتي به لا تتعدى حدود مشجع ومعجب بادائه ولقد عرفت بانه نزيل في تلك الغرفة التي لم اراها من قبل الا زائرا ضمن طلاب الفصل الثالث ابتدائي في حصة الجغرافيا ...ومن خلال باب الحراسة المغلظ التقيت اللاعب المشهور وسألته ان كان له حاجة في شيء وتسامرت معه بعض الوقت وخرجت بانطباع مغاير عن ما كان يجري خلف تلك القضبان والدهاليز.