عاطف حسن عثمان احمد عضو نشيط
عدد المساهمات : 43 نقطة : 8931 تاريخ التسجيل : 29/09/2012 الموقع : المملكة العربية السعودية-الرياض
| موضوع: مفارقات إدارة الاقتصاد السوداني الإثنين 17 ديسمبر 2012, 6:09 pm | |
| ان التحدي الرئيس الذي يواجه السودان اليوم هو تحدي القضاء على الفقر الذي تقول الاحصائيات الرسمية انه وصل الي 6 4% من عدد السكان وهذا رقم متواضع لا يعكس الحقيقة على الاطلاق. ولكن الشيء المخيف هو اتساع دائرة الفقر وزيادة عمقه بسبب ارتفاع الاسعار الذي وصل الي 46% خلال السنة من ديسمبر 2011م الي نهاية نوفمبر 2012م. وبسبب انخفاض معدل نمو الناتج القومي الاجمالي الي 1.36% فقط خلال العام 2012م وهو معدل ادني من معدل الزيادة السنوية في عدد السكان ( 2.8%) الامر الذي يعني انخفاض نصيب الفرد في الناتج القومي الاجمالي بنسبة .4) 1(% اضافة الي البطالة التي وصلت الي 20%. فقد ادى ارتفاع الاسعار الي تآكل الدخول وانخفاض قيمتها الشرائية. وصارت اغلبية الاسر تعاني معاناه لا يعلم مداها الا الله لمقابلة متطلبات الاكل والشراب ومصاريف التعليم والعلاج. وقد قلت ان كلاً من ارتفاع الاسعار المتصاعد وارتفاع نسبة البطالة وخاصة وسط الشباب في المدن، كلا منهما قنبلة زمنية قد تنفجر في ايه لحظة وتحدث دماراً اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا كبيراً. وقلت ان مواجهة كل من ارتفاع الاسعار والبطالة يتطلب اولاً الايقاف الكامل لطباعة العملة لتمويل مصروفات الحكومة التي يجب ان تمول من موارد حقيقية مثل االضرائب والرسوم وايرادات النفط والاستدانة من الجمهور عند الضرورة . ويتطلب ثانياً توجيه الموارد المالية والبشرية للإنتاج وخاصة الإنتاج الزراعي لزيادة المعروض من السلع والخدمات وخلق فرص العمل. وهذا ما سوف ارمز عليه في هذا المقال ان شاء الله. الامن والبنيات التحتية القوية متطلبات اساسية للنهوض بالقطاع الزراعي تقول الاحصائيات الرسمية ان 70% من السكان يعيشون في الريف ويعملون في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني حيث تعمل 57% من القوى العاملة . وكما يعرف القارئ الكريم فان القطاع الزراعي هو المصدر الرئيس لطعام السودانيين من ذرة ودخن ولحوم وخضر كما انه المصدر الرئيس للصادرات غير النفطية والمعدنية من قطن وصمغ وسمسم وماشية الخ .وهو السوق الرئيس للمنتجات الصناعية المحلية ومصدر الايدي العاملة للقطاعات الاخرى. ولذلك فان القطاع الزراعي هو مفتاح التنمية في السودان . ولكن ما المطلوب للنهوض بالقطاع الزراعي؟.أمن الاموال والارواح والاعراض هو المطلب الاول للنهوض بالقطاع الزراعي في جنوب السودان الجديد وغربه وذلك لان الاحتراب وافرازاته قد ادت الي طرد الزراع والرعاه من النشاط الزراعي خوفاً على ارواحهم واعراضهم واموالهم. وقد افرزت الحرب والغياب الكامل للادارة الاهلية الفاعلة فوضى وانفلات وظهور عصابات من الشباب الذين امتهنوا واحترفوا اغتصاب اموال الناس من مواشي ومنتجات زراعية بقوة السلاح. والشئ المؤسف هو ان هؤلاء يعيشون بين الناس وهم منهم وفيهم ولا يجرؤ شيخ او عمدة على التصدي لهم لانه كما يقولون سوف ( يشوف في رقبته). ويتطلب تحقيق الامن وضع نهاية للاحتراب في جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور كما يتطلب اعادة تنظيم الادارة الاهلية لتكون غير حزبية وان يكون هناك شيخ واحد واكرر شيخ واحد على الرقعة الجغرافية المحددة سواء كانت قرية او مجموعة قرى متجاورة او فريق. وان يمنح كل من الشيوخ والعمد سلطات كافية لاصدار الاوامر للقيام بتصرفات معينة او بالامتناع عن القيام بتصرفات معينة وسلطات كافية لالقاء القبض على المخالفين و المشتبه فيهم وتقديمهم للمحاكمة . ولا يتوقع على الطلاق ان يوضع حد للفوضى والانفلات الامني في ارياف كردفان ودارفور بدون شيوخ اصحاب اختصاصات وسلطات غير متنازع عليها كما هو الحال اليوم حيث يوجد اكثر من شيخ في القرية الصغيرة. وان يراعى في اختيار الشيوخ الصفات المطلوبة للقيام بمهامهم وفي مقدمتها النزاهة والعدل والشجاعة واكرر الشجاعة لان عصابات الشباب تستولى اليوم على اموال الناس ( على عينك ياتاجر) .أما متطلبات البنيات التحتية للنهوض بالقطاع الزراعي فقد تحدثت عنها اتحادات المزارعين والرعاة حتى بحت حلوقهم وهي كما يقولون الطرق المسفلتة والكباري ومواعين تخزين المياه وخاصة السدود والحفائر. وحسب افادة وكيل وزارة الطرق والجسور والنقل في جريدة الصحافة عدد الرابع من ابريل 2011م فأن الطرق المسفلته المطلوب تشييدها في السودان تصل الي ( 50000) كيلو متر ( خمسين الف) وحسب آخر الاحصائيات التي حصلت عليها من بعض الجهات الرسمية يكلف تشييد الكيلومتر الواحد وبالمواصفات العادية للطرق وهي عرض سبعة امتار وطبقة اسفلت سمكها خمسة سنتمتر فقط يكلف الكيلو متر الواحد 800000 دولار امريكي ( ثمانمائة الف) واذا ما ضوعفت الطبقة الاسفلتية لتكون عشرة سنتمترات ترتفع تكلفة تشييد الكيلو متر الواحد الي مليون دولار امريكي اي حوالي ( 6) مليون جنيه سوداني على اساس سعر الدولار ستة جنيهات.ولكن لا يتناسب الاهتمام الذي نوليه للطرق مع اهميتها على الطلاق .فقد كانت الحكومة القومية تستهدف تشيد ( 5197) كيلو متر من الطرق المسفلتة خلال الخمس سنوات من 2007م الي 2011م ولكن انجز منها ( 1761) كيلو متر فقط اي نسبة ( 34%). وهذا انجاز بائس. والمفارقة المحزنة هي ان الحكومة قد قامت بدعم استهلاك البنزين والجازولين بمبلغ ( 1895) مليون جنيه في عام 2011م ومبلغ ( 2697) مليون جنيه في عام 2012م أي بمبلغ اجمالي مقداره ( 4592) مليون جنيه سوداني تكفي لتشييد ( 765) كيلو متر من الطرق المسفلتة أي حوالي 78% من طريق الانقاذ الغربي الذي يبلغ طوله حوالى ( 984) كيلو متر.وتتضمن ميزانية العام 2013م مبلغ ( 5) مليار جنيه سوداني لدعم استهلاك ما تسمى بالسلع الاستراتيجية ولو ان هذا المبلغ وجه الي قطاع الطرق فانه يكفي لتشييد ( 833) كيلو متر من الطرق المسفلتة. ولكن نسبة لاننا امة راضية بموقعها في ذيل الامم ولا نريد النهوض فأننا ندعم استهلاك الأقلية ولا ندعم الانتاج الزراعي الذي تقوم به الأكثرية التي تعيش في الأرياف. ولله في خلقه شؤون. حصر دور الحكومة في النشاط الاقتصادي تمدد دور الحكومة السودانية في انتاج وتوزيع السلع والخدمات حتى شمل المطاعم في بداية عهد حكم مايو 1969م .وكان يتوقع ان تنجلي غشاوة القطاع العام بعد انهيار المعسكر الاشتراكي في نهاية القرن العشرين ونعود الي رشدنا في السودان ونحصر دور القطاع العام في انتاج السلع والخدمات التي لا يقوم القطاع الخاص بإنتاجها وتوزيعها وهي تلك السلع التي تسمى في علم الاقتصاد بالسلع العامة او غير الخاصة public or nonprivate ويقصد بها بالتحديد السلع والخدمات التي يصعب تقسيمها وبيعها بالقطاعي ومنعها عن من لا يدفع للحصول عليها. وخير مثال عليها الدفاع عن الوطن والطرق البرية التي يصعب التحكم في استخدامها مثل الطرق البرية في السودان. او بمعنى آخر ان يترك للقطاع الخاص انتاج وتوزيع كل السلع والخدمات الخاصة private . وذلك لان القطاع الخاص اكثر فاعلية وكفاءة من القطاع العام في انتاج وتوزيع كل السلع والخدمات لان صاحب المال لديه دوافع قوية للمحافظة على ماله وتنميته عن طريق تحقيق الارباح واعاده استثمارها عكس الموظف العام الذي يدير مرفقاً عاماً مثل السكة حديد او الهيئة القومية للكهرباء او البريد والبرق او غيرها ولم يعد فشل القطاع العام في انتاج السلع والخدمات محل مغالطة. وثانياً لا تتوفر للحكومة الاموال الكافية التي تمكنها من الاستثمار في انتاج وتوزيع كل السلع والخدمات ولذلك يفضل ان تحصر الحكومة دورها في انتاج وتوزيع السلع والخدمات غير الخاصة وتترك ما عداها للقطاع الخاص وخاصة السلع والخدمات الخاصة التي تحتاج الي اموال كبيرة مثل انتاج ونقل وتوزيع الكهرباء والنقل بالسكك الحديدية ( خطوط وقطارات وعربات). ولكن نسبة لان المال العام مال سايب ( هامل) فان كل من يضع يده على هيئة او مؤسسة عامة يقع في حب القطاع العام ويصير اشتراكياً اكثر من كارل ماركس نفسه. وهذا هو ما حدث لرموز هذا النظام الذين اكتشفوا حلاوة القطاع العام ويصرون اليوم على عدم خصخصة الهيئات والشركات الحكومية وخاصة قطاع الكهرباء والنقل بالسكك الحديدية والنقل الجوي وغيرها. وبوسع الحكومة ان تقوم ببيع كل تلك الشركات والهيئات عن طريق المزاد او عن طريق تحويلها الي شركات مساهمة عامة وادراجها في سوق الخرطوم للاوراق المالية وبيعها للقطاع الخاص وتوجيه الأموال المتحصلة من ذلك البيع الي الاستثمار في تشييد الطرق والكباري والسدود والحفاير وبمثل تلك الاجراءات يتخلص الشعب السوداني من عبء هيئات وشركات تذهب منافعها الي افراد واسرهم واصدقائهم. وتتحصل الحكومة على اموال تستطيع استثمارها في المجالات التي سوف يكون لها اكبر تأثير في اطلاق طاقات القطاع الزراعي وبقية القطاعات وهي بالتحديد الطرق المسفلته والكباري ومواعين تخزين المياه مثل السدود والحفائر.منقول. | |
|