في مثل هذه الأيام قبل أربعة أعوام، كانت قضية بنطلون لبنى تملأ الدنيا وتشغل الناس في مشارق الأرض ومغاربها، ما اجتمع إثنان إلا وكان ذاك البنطلون ثالثهما، وما إلتأم جمع إلا وكان جماع حديثهم عن البنطلون، الفضائيات، الاذاعات، الصحف رصينة وصفراء، الأسافير، الجمعيات، المنظمات، العرب والأعاجم، السكسون والانجلو سكسون والفرانكوفون والشعوب الصفراء وشعب الاسكيمو والهنود الحمر وبلاد تركب الافيال، الكل في أركان الدنيا الاربعة علم بحكاية هذا البنطلون وادلى بدلوه في حكايته، فقد طغى حديث البنطلون على كل حدث وأصبح حديث الساعة، وصار اسم لبنى يتردد على كل لسان وصورتها على كل الشاشات والمطبوعات، في البي بي سي والسي إن إن والام بي سي والفرنسية الاولى والفرنسية (24) والعربية والجزيرة وسكاى نيوز والقنوات الروسية والالمانية وغيرها مما نعلم ولا نعلم من قنوات وفضائيات وكذلك الصحف والمجلات والتي لو حاولنا حصرها لضاقت عنها هذه الصفحة بأكملها.
وباختصار تدوّلت القضية وتعولمت وخرجت تماماً من نطاقها المحلي الضيق وصارت قضية أممية بحجم سعة الكون، وكل ذلك بسبب أن كل هؤلاء العالمين في فجاج الارضين، قد إندهشوا وفغروا أفواههم وضيقوا ما بين حاجبيهم تعجباً من ما يجري مع هذه الصحافية السودانية التي ستحاكم بالجلد والغرامة أو إحداهما أو العقوبتين معاً، لا لشيء سوى أنها إرتدت البنطال، ثم لم يكتفوا بالدهشة والتعجب بل إصطفوا الى جانبها يدعمونها ويؤازرونها بعد أن حوكمت بالغرامة التي دفعها من وراء ظهرها اتحاد الصحافيين، وكان بعدها ما كان بعد أن تسللت لبنى الى خارج البلاد وأصدرت كتابها (أربعون جلدة لإرتداء البنطلون) وخلفت وراءها ندوباً سوداء على وجه الحكومة ماتزال تعاني آثارها...
في هذه الأيام التي تصادف الذكرى الرابعة لجدل البنطلون العالمي، كأني ببعض الجهات أبت نفسها إلا أن تعيد هذه الذكرى وتحييها، ولكن هذه المرة عبر لباس آخر هو غطاء الرأس المعروف باسم (الطرحة)، الآن وعلى نطاق واسع تتداول المواقع الاسفيرية السودانية خبر القاء القبض على فتاة سودانية وإيداعها الحراسة قبل أن يطلق سراحها بالضمان، بتهمة سقوط (الطرحة) عن رأسها ودخولها في جدل مع من طالبها بلهجة آمرة برفعها وتغطية رأسها، وقد أشارت لذلك أيضاً بعض صحف الخرطوم الورقية وأفادت بأنها متهمة تحت المدة (152) وهى المادة ذاتها التي حوكمت تحتها الصحافية لبنى أحمد حسين ، فهل يا ترى ستأخذ هذه القضية المسار نفسه الذي سبق أن سلكته قضية البنطلون، أم تُرى أن الحكومة قد استفادت من درس لبنى السابق، فيسعى الراشدون والعاقلون للملمتها قبل أن يتسع خرقها وتضيف الى سجلها نقطة أخرى تؤخذ عليها، وربما نسمع طرفة أخرى تقولها إحدى السيدات ( اريتا طرحتي) على غرار الطرفة السابقة التي انتجتها إحدى السيدات بعد أن تابعت تطورات قضية لبنى وما آل اليه حالها بعد ان هاجرت فقالت (أريتو بنطلوني).