أذكر و أنا تلميذ في المرحلة اﻹبتدائة بمدرسة القضارف اﻷميرية (ب) وكنت حينها في الصف الثالث . كنت أذهب مع والدي ( رحمة الله عليه) إلي سوق الخضار . وفي الحقيقة لم يكن اﻷمر برغبة مني ولكن والدي كان يحرص أن أذهب معه حتي أعود أنا ب قفة الخضار للبيت والذي كان يبعد عن السوق مسافة تقارب المسافة بين زاوية البرهانية ومسرح مدينة المصنع بحي البركس. ﻷن الوالد كان يعمل في مدرسة أخري في الطرف اﻵخر من مدينة القضارف..
هكذا كان فهمي لسبب ذهابي معه . وكنت أتذمر من هذا المشوار الصباحي اليومي خاصة وبعد عودتي من مشوار السوق أستعد للذهاب للمدرسة والتي أيضآ لم تكن بعيدة..
في السوق و أثناء شراء الخضار بكل تفاصيله . خضار وسلطة بكل مكوناتها . ﻻحظت أن الوالد كان يشركني في إختيار اﻷشياء التي ينوي شراؤها . وكان يقوم بإبداء المﻻحظات فيما قمت بإختياره. كأن يقول لي ما تشيل البامية الكبيرة عشان دي تنفع للمفروكة ونحن دايرنها طبيخ أو الباذنجان البتلقاه مقدد ما تشيلو بكون خربان. العجور إختار اﻷخضر ورفيع . وهكذا.
حتي طريقة إختيار اللحمة من الجزارة كان يبدي مﻻحظاته الدقيقة.
إستمرت العملية طويﻵ . وشعرت بأني بقيت زول حريف وقلت المﻻحظات التي كانت توقف إختياراتي مما يدل علي إستيعابي للدروس وفهمي ﻷسرار التسوق. حتي أن والدي تم نقله خارج مدينة القضارف وﻻ يأتي إلبنا إﻻ بعد إسبوعين . فقمت أنا بعملية الشراء طيلة فترة غيابه .
وسألني بعد أول عوده له عن السوق وقفة الخضار فردت الوالدة أطال الله عمرها نيابة عني بأنني زول شاطر جدآ في التسوق. إبتسم يرحمه الله وقال لي عرفت ليه أنا كنت حريص أن تمشي معي السوق؟ أنا كنت دايرك تتعلم..
وحينها فقط علمت ذلك.. اﻵن إبني صديق في نفس عمري يرافقني للسوبرماركت للتسوق وأنا أفعل معه ما علمني له جده وفاء لهذا اﻹرث في النهج التعليمي..
نسيت أن أقول لكم أن صديق إبني يتزمر عندما أطلب منه مرافقتي . وﻻيقبل حتي يشترط علي قائمة من من متطلباته الخاصة. والتي أوافق عليها رغم أنني لم ينوبني من مشاوري سوي ما تبقي من فكة أخبئها بين طيات ثيابي..