اشواقي
جاء في جرئدة اخبار اليوم السوداينة
اعده ل
[لنشر: عادل البلالي ـ تصوير: رضا حسن
تسارع ايقاع الاحداث في منطقة ابيي وقد حدثت بالفعل المحاذير التي كانت قد نبهت لها سلسلة المنابر الاعلامية الصحفية التي ظلت اخبار اليوم تفردها لقضية ابيي خلال السنوات المتتالية الفائتة والتي كان آخرها ما حدث يوم الخميس قبل الماضي على مشارف ابيي عندما تعرضت قوة مشتركة من الامم المتحدة والجيش السوداني لهجوم غادر اوقع العشرات من القتلى والجرحى وجعل اكثر من مائة آخرين في عداد المفقودين بحسب بيان السيد وزير الدفاع في المجلس الوطني حول ملابسات هذه الاحداث.
ولما كان ملتقى المسيرية بالخرطوم قد افرد مساحة اهتمام كبيرة لملف ابيي باعتبارها قضية المسيرية الاولى وقضية السودان التي لا تتحمل التسويف او المماطلة وخصص لها منبرا اعلاميا باسم محور ابيي فقد نظمت اخبار اليوم منبرا طارئا لهذه
الاحداث ضم ملتقى المسيرية عبر نخبة قيادية ونخبة من دينكا نقوك من الذين عاصروا الاحداث لحظة انفجارها داخل ابيي وتخللت المنبر مشاركة من العاملين بمصفاة الجيلي والذين فجروا مفاجأة سارة اثناء المنبر.
ومن خلال هذا الرصد التفصيلي سيجد القارئ الكريم نفسه في شرح وتحليل دقيق للاحداث وكأنه يعايشها من العمق.
?{? عادل البلالي يفتتح المنبر
مدير الادارة السياسية والتحقيقات يفتتح المنبر الاستثنائي الطارئ : بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله خاتم الانبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
بدء نبدأ بقوله تعالى (أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون) صدق الله العظيم
نسعد باسم الاخ الاستاذ احمد البلال الطيب رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير ومدير هذا المنبر والاخ الاستاذ عاصم البلال مدير اول التحرير والاستاذ محمد مبروك محمد احمد مستشار اول التحرير والزملاء والزميلات والمستشارين ومدراء الادارات والمحررين والمحررات بهيئة تحرير اخبار اليوم ومبلغ سعادتنا هو ان تكون هذه الكوكبة من اهلنا المسيرية والدينكا نقوك معا داخل هذا المنبر.
وبدءاً نترحم على استاذنا احمد اسماعيل العمرابي مستشار التحرير الذي وافته المنية مطلع هذا الاسبوع نسأل الله له الرحمة والمغفرة ولآله ومعارفه الصبر والسلوان وحسن العزاء بدء نقول بان هذا المنبر مخصص لافرازات وتطورات احداث ابيي الاخيرة والترحيب هنا نسوقه لعمنا واستاذنا الامير الحريكة عز الدين حميدة الاب الروحي للمسيرة المعتمد ثم الوالي الاسبق ومستشار النظام الاهلي بديوان الحكم الاتحادي وامير القبيلة وبكل هذه العباءات والخبرات وقبل كل ذلك الضابط الاداري والضابط التنفيذي الذي كانت له صولات وجولات في غمار الحكم القاعدي لسنوات طويلة جدا بعدد من ارجاء السودان الترحيب يمتد باستاذنا احمد محمد تاجر السياسي المفوه والرجل الاعلامي والرجل الدستوري ايضا كوزير وكنائب والي باكثر من ولاية سابقا ونرحب بالاخ القطب الخير الفهيم المكي الناشط الاجتماعي والمعتمد والبرلماني الاسبق بولاية غرب كردفان والمجلس الوطن ونرحب بالاب الروحي لابيي السلطان متعدد العباءات زكريا اتيم المشرف السياسي للمؤتمر الوطني بادارة ابيي والاستاذ ميوم مانيت ميوم رئيس ادارة الخدمات والتنمية الاجتماعية ونائب رئيس المؤتمر الوطني بابيي والاستاذ ماجد باك كور رئيس ادارة الحكم المحلي بابيي ونرحب بالكوكبة الشبابية المشاركة في هذا المنبر من المجلد ونقابة العاملين بمصفاة الجيلي.
بالطبع كل العالم كان قد انشغل خلال الاسبوعين المنصرمين بافرازات انتخابات جنوب كردفان وعقب ذلك كان الخرق الامني الكبير الذي وقع في ابيي حيث قالت قواتنا المسلحة والقوة المشتركة لها مع بعثة الامم في ابيي قد تعرضتا لكمين من الجيش الشعبي اودى بحياة نفر كريم وجرح آخرين وفقدان اكثر من مائة بحسب افادة وزير الدفاع امام البرلمان وقد اعقب ذلك الحدث ردة فعل قومية واقليمية ودولية ، ونحن في اخبار اليوم كنا قد افردنا العديد من المنابر لهذه القضية التي نرى بانها تشكل حديثا مفصليا في اطار تنفيذ مستحقات اتفاقية السلام التي قضت بحق تقرير المصير لاقليم جنوب السودان ، ثم الجدل الدائر حول ترسيم الحدود وفي مستقبل ابيي الذي ينبغي ان يتم تحديده بموجب استفتاء حق تقرير المصير لشعب المنطقة وقد حدث جدل كبير حول هذا الامر بين الشريكين بدءاً بتقرير خبراء ترسيم حدود ابيي ثم مرورا بخارطة الطريق ثم اللجوء الى هيئة تحكيم دولية في لاهاي وذهب ملف ابيي ومعه وفدين كبيرين من الجانبين يمثلان المسيرية والدينكا والحكومة والحركة الشعبية ودار في لاهاي جدل قانوني شرس في مارس 2010م ، وصدر القرار التحكيمي في يونيو 2010م ولكن هذا ايضا لم ينزع فتيل التوتر فتجددت الاحتقانات مرة اخرى ثم كانت الوجهة الاخيرة لاديس ابابا بوفدين شعبيين ورسميين بحضور الوساطة الامريكية في اديس ابابا ولكن لم يتم ايضا التوصل لحلول برغم الاختراق الذي حدث لصالح موقف المسيرية من قبل الوساطة الامريكية بالحجة القوية التي اعتبرت مرحلة جديدة لتجاوز قرارات لاهاي ولو نسبيا، ثم تحول الجدل مرة اخرى الى حوار سوداني سوداني داخلي برعاية الوساطة الافريقية ، ولكن الحصيلة تلك هي التي حدثت خلال الايام الفائتة من خلال المواجهات العسكرية الدامية في منطقة ابيي لحسم الامور فيما يبدو بلغة السلاح وكانت الجولة الاحدث هي تلك المواجهة المثيرة بين قيادات المسيرية ووفد مجلس الامن الدولي الزائر الى الخرطوم متقصيا عبر خلفية الاحداث الاخيرة ومن ضمن اعضائه السيدة سوزان رايس المندوبة الامريكية الدائمة في مجلس الامن الدولي والتي ترفع لواء لاستهداف وتجريم السودان وقادت صولات وجولات ضد السودان من داخل المجلس تصدى لها بحنكة واقتدار مندوب السودان الدائم السابق ثم الحالي.
نحن الآن بصدد الحديث حول هذا الملف في اعقاب بسط القوات المسلحة لسيطرتها على منطقة ابيي ولعل آخر حديث خرجت به الصحف هو ان الرئيس المشير البشير قد اطلق يد القوات المسحة لان تمارس السيادة المطلقة في كل شبر من الحدود المنصوص عليها في 1/1/1956م باعتبارها الحدود التي تمثل خارطة السوداني الشمالي ونحن مع تلويح الاخوة في الحركة الشعبية باستنفار واستدرار عاطفة المجتع الدولي والامريكي وتمسكهم بحق السيادة على ابيي ايضا فهذا الامر ايضا القى بظلال سالبة على الموقف المشتعل في الاساس.
نتيح استهلالا الفرصة للاستاذ احمد محمد التاجر القيادي بملتقى المسيرية في تعريف ومدخل سريع ومن ثم ننتقل لبقية المتحدثين فأرجو ان تتفضل..
احمد محمد اتاجر
بسم الله الرحمن الرحيم وصلاتك وسلامك اللهم على نبيك وصفيك وحبيبك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه .. وبعد
الاخوة الاخيار في هذه القاعة ، قاعة الاحداث وقاعة الطمأنينة وقاعة الوضوح ، اولا نشكر للاخوة الذين جاءوا وانضموا لهذا المنبر ، والشكر كله لهذه الصحيفة التي تعايش وتساير وتقوم بالتوضيحات المختلفة بالنسبة لقضايا الساحة ، صحيفة اخبار اليوم ونشكرها على هذا المنبر متعدد الاغراض وعلى رأس هذا الامر الاخ عادل البلالي وزملائه.
ونحن في هذه اللحظة بالذات لنا ان نوضح بعض الحقائق تفصيلا حتى يعلم المواطن في همه العام واهتمامه لكي نعايش على الاقل هذه القضية التي تطورت في فصول زمنية وايضا في محطات بعضها دولي حينما خرجت من السودان الى لاهاي بهولندا وبعضها محلي حين جلس الناس كما تعلمون في كادوقلي حيث اجتمع الطرفان لمؤتمر هناك وبقدر مساعي الاطراف التي تحافظ على النظام ، الامن والطمأنينة لكي يصل الناس الى نقاط تلاقي هادئة ، الا ان الشريك في الطرف الآخر ظل يثير القضايا ويحاول ان يستفز ، ولكن في طيلة الست سنوات استطاع الطرف الذي يقود الحكمة بان يتغاضى عن الكثير وان يمهد لكي يصل السودان الى بر الطمأنينة والامان ، لكن الاحداث وصلت الى تطورات جديدة خطيرة كما عايشتم في الاسبوع الماضي ، ترتيبات مختلفة وخروقات مختلفة ، وتعرضت حتى في الاحيان لان تصفي وتحرق بعض الانفس البشرية والمكونات وايضا تثير الكثير جدا من العواصف في الجبهة التي كانت هادئة.
وبعد هذه المقدمة اود ان اشير الى ان قضية ابيي كما ظل يتابع الجميع هي قضية مفتعلة ، على غير ما درج عليه اهل السودان من اخاء وحسن تعايش في مختلف اقاليمه دون مساس بما يعكر صفو الامن .. كنت في الولاية الشمالية وزيرا ونائبا للوالي وقد وجدت هناك 18 ألفاً من ابناء جنوب السودان وجبال النوبة ، لا احد يمس حقوقهم بشئ او ينتقص من قدرهم .. في كردفان تجدون كل العرقيات ، في ولاية الجزيرة ايضا ، فهذه هي طبيعة اهل السودان، فنحن عاصرنا وزاملنا الاخ حسن دينق مجوك في ابي زبد الاميرية الوسطى ثم في خور طقت عاصرنا كثيرا من اخوتنا الطلاب ابناء جنوب السودان وكذلك الحال وجدناه في الجامعات ، فلم يكن هناك ما يعكر صفو الناس.
الا ان جهة ما قد سعت لان تدخل هذا الامر الى طاولات المفاوضات واوصلتنا الى هذا المستوى الذي نحن فيه الآن ونرجو ان نخرج منه بصورة او نرجو ان نكون قابضين حتى لا تتدخل دول اخرى لا تعرف طباعنا ، او تتدخل جهات اخرى لانها لا تريد لنا ان نعيش في طمأنينة وسلام ولذلك ها هي الآن الوفود تتلاحق علينا من كل حدب وصوب .. ولكم الشكر الجزيل.
مدير الادارة السياسية
شكرا جزيلا استاذنا احمد التاجر على هذه المقدمة ونحن هنا وقبل ان نستمع للعم زكريا اتيم والاخوين الوزيرين مانيت وماجد وهم الذين قدموا لنا من ارض الحدث من داخل مدينة ابيي لنقف تفصيلا على الوقائع .. ولكننا استهلالا نريد ان نستمع الى عمنا الاب الروحي للمسيرية ، الامير الحريكة عز الدين حميدة بكل عباءاته الاهلية والادارية ليعرض لنا فذلكة تاريخية سريعة لمن لا يدري تفاصيل الامور هناك ، ثم كيف سار ملف ابيي بمراحله المختلفة الى ان وصل لهذه المرحلة؟استاذنا الحريكة مرحب بك وارجو ان تتفضل..
?{? الامير الحريكة عز الدين:
بسم الله الرحمن الرحيم: شكرا للاخ عادل البلالي والشكر موصول لاسرة تحرير هذه الصحيفة لاهتمامها بهذه القضية ، وحقيقة صحيفة اخبار اليوم وبتوليها لهذا الامر اوضحت الكثير من الغموض والصورة القاتمة حول منطقة ابيي (تاريخها الديموغرافي وما يجري فيها من احداث) دلفت دوما الى لمس الوقائع ووضع ابعاد القضية في المتناول من اصولها وليس عبر الكلام المنقول ، ونحن اليوم سعداء جدا في هذا اللقاء الذي يجمعنا مع اخوتنا من ابناء نقوك ونحن كلنا من ابيي والاخ زكريا اتيم ظل رجلا وحدويا وامينا في كل مواقفه التي اثبت من خلالها انه وطني غيور ومتحرر وظل يلعب مهام وادوار صادقة وامينة في العلاقات بين القبائل التي لم تشوبها اية شائبة تمييز ما بين مسيري وما بين دينكاوي .. وانا في واقع الامر من الذين عاصروا المواطن في ابيي بكل مراحل تشكيله ومسيرة التعايش بين المسيرية ونقوك او مع القبائل المجاورة من التوج والنوير والدينكا او القبائل المتداخلة من خارج الجنوب مثل اهلنا الرزيقات مرورا بالاقليات الاخرى التي تعايشت في ابيي واثرت هذا التنوع اثنيا وثقافيا واجتماعيا ولغويا.
?{? عايشت المنطقة وانا ضابط اداري
ويستطرد الامير الحريكة عز الدين في الحديث وهو يستدعي ذاكرة التاريخ .. لقد عايشت تاريخ هذه المنطقة وكنت يومها ضابطا اداريا منذ عهد الناظر الراحل دينق مجوك الرجل الوطني والرجل التاريخ الذي اسس للعلاقة ما بين المسيرية والدينكا نقوك في هذه المنطقة بروح صادقة وامينة.
وحقيقة اذا تحدثنا عن خلفية تاريخ وموقع ابيي من ناحية جغرافية وتاريخية ، فهي في الواقع منطقة شمالية مائة المائة تمتد حدودها جنوب بحر العرب بحوالي 57 ميلا وانا كنت الاداري الذي اشرف عليها حتى منطقة جنوب البحر في منطقة بالتحديد هي كوبري ابو نفيسة واعمل على اصلاح الشارع من ابيي وحتى المجلس المجاور لي جنوبا في بحر الغزال وهو مجلس قوقريال ، وهناك التقي من ضابط المجلس هو قادم من مدينة قوقريال وانا قادم من مدينة ابيي حيث نلتقي في كوبري ابو نفيسة وهي حدودي وحدوده هو ايضا على اساس ان على كل منا مسؤولية تجاه اصلاح الطريق المؤدي الى مدينته.
هذه العلاقة اذا كان هو الوضع الجغرافي في المنطقة فيجب ان يدرك الكل بان منطقة ابيي هي منطقة شمالية وهي فرع من فروع مجلس ريفي دار المسيرية ، ومركز ريفي دار المسيرية الذي انشئ بقانون في عام 1951م.
هذه المنطقة تتبع لدار المسيرية وحتى عندما كان يتم ترديد ان ابيي هي دار المسيرية لم تبدر اية علامات رفض او عدم رضا وقبول من اهلنا الدينكا لهذا المسمى أي ان ابيي ما هي الا فرع اداري من مجلس ريفي دار المسيرية ، هو خزينة فرعية لمجلس ريفي المسيرية وادارتها في الرئاسة تتبع لرئاسة مجلس المسيرية في مدينة الفولة سواء بواسطة مفتش المركز او ضابط المجلس الاول.
ظلت العلاقة بهذا المستوى من ناحية علاقة ادارية اشرافها على الادارة في رئاسة المركز في الفولة ، ومن ناحية قضائية ايضا ادارتها كانت تتبع لرئاسة القضاء في الفولة ، أي ان القاضي المقيم المتواجد في الفولة هو المسؤول قضائيا عن كل العمل القضائي السائد في منطقة ابيي بانواعه وليس هناك مفاصلة او تمييز ما بين قبيلة وقبيلة ولكن كان التعامل ايضا ان كان على المستوى الاداري او القضائي يتم دون تمييز بين اثنيات المواطنين القاطنين داخل ابيي بمستوى واحد بروح واحدة وقانون واحد وعادات وتقاليد متفق عليها ما بين هذه القبائل ، ولهذا نقول بانه لم تكن هناك اية فوارق اجتماعية ما بين هذه القبائل ، ودخلت هذه الروح حتى الى داخل خشوم بيوت المسيرية ، يعني مثلا الدينكا نقوك وهم تسع عموديات ، فكل عمودية منها لها علاقة تحالف مع عمودية مقابلة لها في دار المسيرية ، وهذا حدث بسبب تداخل هذه القبائل ، وهناك حقيقة راسخة هي عدم التفريق او التباعد بين قبيلتهم ، بل حدثت روابط اختلاط حتى على مستوى هذه العموديات والتي لكل واحدة منها علاقة مع العمودية الاخرى في الطرف المقابل ، وهذه العلاقة وصلت لدرجة خلق زيجات ونبعت عنها قوانين واعراف واصبحت هذه القوانين والاعراف هي التي تحكم في أي جدل ومشكلة تحدث بين الناس ، وقد حدث اختلاط كامل واعتراف كامل بالاعراف وحتى المسائل المرتبطة بوجود الانسان في هذه المناطق هو حر في حق الرعي والزراعة والتجارة والتملك بدون اية حساسيات. وكما قلت فقد كنت شاهدا على ذلك.
?{? واليكم هذا المثال:
وارجو ان اضرب لكم مثالا بوالد ابننا مانيت ايوم الذي كان عضوا في محكمة الناظر دينق مجوك ، ومانيت ومن شدة قوة علاقاته مع المسيرية كان بحصانه الشهير ركن اصيل من كافة مظاهر الفرح والاحتفالات التي ينظمها المسيرية كواحد منهم تماما وهم كانوا سعيدين بذلك ويرافقهم حتى في رحلات الصيد ، وهذا يؤكد بان ذلك النموذج من التعايش لم يكن فيه أي نوع من التمييز وحتى الناظر دينق مجوك وبقناعته كان يتعامل بخلفية انه واحد من مجتمع المسيرية ، وانه عزيز جدا بالانتماء الى كردفان في شمال السودان ، واذكر في مؤتمر عام 1966م عقب احداث 1965م بسبب دخول قوات الانانيا الى المنطقة بقصد تخريب العلاقة بين اهل المنطقة ، في مؤتمر ضم الرزيقات وحمر والبديرية والكبابيش ، اعلن الناظر دينق مجوك هذه العبارة:
انا دينق مجوك سوداني ، انا شمالي انا كردفاني انا مسيري وهذا الحديث مدون وموثق في كل المستندات اذا تم الرجوع اليها وعلى هذا الاساس بنى الناظر دينق مجوك الاعراف والوجود والتقاليد في داخل مجتمعه بدون تمييز ، وعندما يجلس الناظر دينق في المحكمة لا يفرق بين الذين امامه ابدا ، وحتى المسيرية كانوا يحبذون جدا ان تعرض قضاياهم على الناظر دينق مجوك لينظر فيها ثم يصدر حكمه من فرط نزاهته وانصافه ومناصرته للحق مهما كان الثمن وكان بالمرصاد لمثيري الفتن فكان يردعهم بلا هوادة ، واذكر ان ابنه احمد دينق مجوك كان هو الاداري المسؤول عن المجلس وكان منحرفا في ميوله تجاه الانانيا كمتمردين وعندما شعر به والده الناظر دينق مجوك قام بطرده ولذلك فان أحس ان أي شخص حتى لو كان من ابنائه سيخلق فتنة فهو يتصدى له ويطرده وهو لا يقبل تشويه العلاقات فكانت لذلك علاقات المسيرية ونقوك هي الاقوى من نوعها ولم يكن هناك تصنيف للناس بقبائلهم البتة ولذلك المسيرية كانوا يعتبرون ان حدودهم في بحر الغزال مع قبيلة التوج ومع النوير ومع الرونيق وعندما تحدث اعتداءات من القبائل الجنوبية الاخرى على نقوك لاي سبب كان المسيرية يشكلون فريقا واحدا مع نقوك للتصدي لهذه الاعتداءات في اقوى حلف من نوعه وكانت تقوم مؤتمرات سنوية ، خلال الفترة من اكتوبر وحتى يناير ، اما ان يتم تنظيمه في بحر الغزال او في ابيمنم في اعالي النيل او ليك ابيض في كردفان او في ابيي.
وكان هذا المؤتمر يناقش المشاكل بين هذه القبائل لانه مؤتمر قبلي والحكومة دورها مجرد شاهد ومسجلة لوقائع المؤتمر ومقررات الاتفاقيات.
وللمؤتمرات تلك قوانين مستمدة من العرف الذي ارتضاه المسيرية وعندما تحدث سابقة يتم التصدي لها بقوة وبواسطة القبائل دون مجاملة.
والى محطة اخرى دون سوداننا الحبيب