منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة ترحب بالزوار من ابناء المنطقة وجميع الاحباب والمريدين داعين لمد جسور التعارف بين الجميع ودوام التواصل
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة ترحب بالزوار من ابناء المنطقة وجميع الاحباب والمريدين داعين لمد جسور التعارف بين الجميع ودوام التواصل
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولمركز تحميل المصنع     مجموعة الفيس بوك

اهلا وسهلا بناس المصنع عزيزى العضو فى منتدى مصنع سكر حلفا الجديدة تفضل بالدخول الي المنتدي واذا ما مسجل معانا تكرم بالتسجيل والتمتع معنا ولقاء الاحبة والاخوان ومن فرّقتك عنهم طرق الحياةولو ما عارف كيف تسجل في المنتدي فقط إضغط زر ( تسجيل ) واتبع الخطوات ,واحدة واحدة,(الادارة بتفعل حسابك )

 

 أحبهم جميعا.. كم من الوقت يكفي!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ناصر البهدير
مدير عام سابق
ناصر البهدير


عدد المساهمات : 3674
نقطة : 16598
تاريخ التسجيل : 30/01/2010
العمر : 55
الموقع : البحرين

أحبهم جميعا.. كم من الوقت يكفي! Empty
مُساهمةموضوع: أحبهم جميعا.. كم من الوقت يكفي!   أحبهم جميعا.. كم من الوقت يكفي! Emptyالإثنين 16 يونيو 2014, 9:22 pm

أحبهم جميعا.. كم من الوقت يكفي!
لا إدري كم من الوقت أجد لأقْلَبَ وانقب في ذاكرتي صور أناس كانوا ولا زالوا وقوداً لمسرجة أيام تمضي.. أشعلوا ذاكرتي بزيت نميرهم الدفاق، وجعلوها تجتر وهج إنسانيتهم كلما أمسكت قلماً لأكتب عن عوالمي وأشجاني وما يخص بلدي العظيم؛ المصنع.
وكم من الوقت يكفي لأسقي أشجار أمي وأبي وحبيبتي ونورة ومحنة وغيرهم من أصحاب رفقتي بزمزم رد الجميل! أعرف أن التوقيت الثنائي لا يكفي حتى لريّ شعيرة ساعة من الزمن.
هَذَا أوَانُ القلق والليل الذي لا يموت على شفير الذكريات المؤرقة، ولكن آونة بعد أخرى يحتشد صوت طفولي يشدنا إلى شجن سابِقٌ لأوانه.. وفيه استريح على مدفئة مشتعلة بزيتون الحنين وأغصان الشوق التي تهتز مع كل ومضة صاعدة ولهب يسكب سيقانه الناضرة مع أنين العتمة.
وفي الآونة الأخيرة نعرف بأن الصوت حبيب إلى النفس وأقرب لِكُلِّ شَيْءِ أوَانُهُ لطالما استظلينا بأوراقه اليانعة ونحن نرتشف صفاء حضوره على أُهْبة بروق الذاكرة حين تتجلى على بصيرة.. ولقد آن الأوانُ لتدوين تلك الحكاوى في كتاب المصنع على عجل الوقت المتسارع الذي أضحى لا يسع حتى أنفاسنا العجلى للصعود.
أمي وأبي، وتلك الشابة التي صادقت على أوراق الوثيقة التي احتفظ بها في دولاب أيامي كشهادة ضد العجز والموت وصهرت لوني الأحمر وطبعت عليه قبلتها الأبدية وخطت على دروبي معاني النضال، كما تلك النحيلة والمكافحة نورة، وصديقي الباهي محنة.
أربعتهم ومحنة شكلوا بنيان معرفتي أوان ذلك الجوع الذي ينهش حتى زمهرير الشتاء حيث سندوا ليلي الطويل البائس بغطاء دافيء وانيق من حرير أرواحهم اليقظة التي باتت محور كل تسكعي بين الدفاتر.
أمي حين كانت تلح علي بالصعود إلى سلم الروضة الشرقية وقلبي منفطر ومنقسم وقتذاك كاره لأوباش العالم الطفولي وربطة العنق المتدلية فويق صدري.. وقفت معي بالمرصاد وبكل ثبات حتى إعتدت على هذه العوالم التي كانت تهابها النفس وترهبها.. وغدت تهدهد حلمها وتدفع به غرسا صغيرا من بين يباس الأيام حتى أزهر كما ترى بعينيها التي ضمت كل خير.. لو لا مثابرتها وجهدها العظيم، لكنت اليوم في أودية أخرى من الشقاء كما أظن.. أرضعتني من حليب معرفتها البسيطة وطهرت دروبي وعلمتني بأن الحياة بدون العلم لا تساوي شيئاً رغم جهلها بالقراءة وقتها.
أمي تلك المرأة الريفية الصلبة التي غادرت أهلها باكرا في صباها من قرية صغيرة ترقد على منحنى النيل تسمى قوز هندي لتحطب في حقول قصب السكر؛ عيدان القصب اليابسة وأقلامها ودفاترها وسنابل علاقتها الإنسانية الوافرة التي تنوء بحملها جبال السكر والسبعات. كافحت في تربيتنا ونحن أسرة متوسطة كحال معظم الأسرة التي تقتات على محدودية الراتب الشهري.. وما ضجرت ولا سئمت رغم أن أباها ميسور الحال وابنة مزارع غني وصاحب أراضي زراعية واسعة في نطاق الشمال الضيق.
تعلمت في محراب فصول محو الأمية قليل ما يعينها على القراءة وكذلك الكثير من الأشغال اليدوية البسيطة.. وتلك حكاية باهية سطرت مجدها أمنا الكبرى محاسن الأمين بدري، وسيأتي ذكرها دوما في حقول معرفتنا؛ أجمل إمرأة نهضت بأطفال وشغيلة سكر حلفا الجديدة وكيف لنا أن ننساها وهي التي غرست البذرة الأولى لقيمة التعليم ورعتها حتى غدت أشجاراً سامقة تعرف بثمارها.
أبي حينما كان يقفز بزانة أمله ويحتفي بي بشكل خاص ويدس في يدي زيادة فوق المصروف المدرسي المعتاد أوان دراستي لإشتري الصحف والمجلات والكتب، وبالطبع لا يمكن أن أنسى كل قبضة ماهلة قدمها لي من رواق قلبه الباذخ.. ولا يزال لا يكف عن تقديم الكثير رغم ظروف مرضه القاهر وهو الوحيد مع رفيق أيامي ياسر الطاهر لا يكفان عن نصحي.. أتذكر جيداً في طفولتي و صِباى وشبابي كيف منحني الكثير ولا يزال على عهده تمطر إنسانيته برفق بينما فشلت في أداء استحقاق بسيط تمناه لإعانتي على صعاب الحياة.. تمني لي بأن أكون طبيبا كما كان أقصى أماني أمي محاسن المرشدة طيب الله ثراها. وهذا ما يؤرقني ويشعرني بِغُصَّةٍ تتعقّدُ وَتَنْمو في حلقِي!
وزهرة إنداحت وفاحت في دروبي.. عشقي وسندي للربيع الذي هز كياني والقلب في (شعفوفة) الصِبا يكابد ظنون الواقع.. توقي للنهايات قادني لقطف ثمارها وعطرها الجذاب.. حصريا كان ذلك اللقاء الاستثنائي وفيه وقعت على ورقي بحبر القهوة الأسود ودونت على مذكرة صغيرة تاريخه ولحظات أنفاسه العطرة حتى خيوط البهاء التي لفته في ليل الشتاء الطويل احتفظت بها في دولابي الخشبي الذي صنعه النجار عبد الفتاح صباح الخير.. والورقة تصنع الورقة وينهض خطاب موشى بعبير الحروف واناقة الخط العربي وقيافة الروح الأبية التي تعتز بسطوة الشغيلة.. وكنا في مرجل واحد متوحدين في مقاومة التيار.. ومنها انطلقنا في قوافل المسير بزاد بسيط وظل ننتظره مع دوار الشمس أينما مالت.. وطعام يأتينا كفافا وبعد معاناة ونقتسمه مع جائع طرق باب حظنا الجميل ولا نسأم بل نصنع مزاج قهوتنا ونهيل عليها من زنجبيل الأصدقاء الذين تقتلهم السلطة في كل لحظة بالجوع وأشياء كثيرة ضد الحياة.. وبذلك كسرنا طوق عزلة الجوع والألم بصبر فتلنا حباله من تماسكنا الأبدي لطالما حجر الرحى صلبا يصنع مريق طحيننا.
ولنورة قصة تأتي في صهد النهارات على جبيني وتمنحي كل شيء بدءاً من الحب ونسمة الغناء الليلية وتلك الجنيهات التي ترفدني بها عند كل يوم تحرق فيه أنوثتها حتى تجد ما يسد رمق البيت.. مع كل قهوة صباح أجد نصيب مصروف صحف الأمس البايتة في مكتبة سالم أحمد سالم على كفي، وهل مع ذلك لا أشكر وأقدر تلك النعمة التي صنعت كل حياتي في مستهل دراستي ومنحتني عمراً أحاول من خلاله أن أدس (تساب) حبات القمح بين سرابات البال وميزاب تلك البيوت الشاهقة صوب قوس قزح.. أعرف إنها ستنبت خصلات أنيقة تزين جيد التراب وفلقة محنته.
جمعت بيننا خضرة الحقول والقصب المحروق وأشياء الدنيا.. تقابلنا صدفة في أزقة حقول الشمس.. وكلانا منهمر ومنشغل ومنهمك في سقاية بيدر مشاريع خلاصه.. قلبي على وطني وقلبها على أسرتها الكبيرة.. وما أعذب بن المقاومة وشاى الرزق الحلال والبون بينهما ليس شاسعا.. (كيف صاموتي) ينتمي لنا ولها بقين الإنسانية وقيمة العمل.
أحس بوجع وتعب حين تعثرت خطاى في أن أقدم لها حصائد معرفتي لتتماسك وتكمل مشوارها.. وذلك خذلان النهايات المرة التي تسقط بين جدائل حريق الظروف التي قتلت نخوة الفراسة.. أرى فيها صورة الأنثى العاملة التي ملأت قلبي بالراحة والحياة وانقذته من هجير التسكع.
ومحنة ما زال عندي بوصلة وعاصفة ومطرا صبيا يضيء من حجر إنسانيته دياجير أنفاقي.. لا أبدله بأحد وإن ضاقت الدنيا على أنفاسي وكتمتها.
الرجل الذي لم يخذلني البتة.. دوما يسقيني من صخرته الماء العذب الزلال ليشحذ عزيمتي وسط معترك أدغال تلك الأيام الصعبة حينما جمعتنا براءة الطفولة وليس إنتهاءا بغرفة جالوص واحدة بلا حوش في عتامير تسمع لها شهيق في الليل وطنين أهوال تصك وتهد ضلوع القلب المسنود بضرع السترة.. سندني بسرديات مهولة عن مشاويره التي حفت حياته الحافلة طوال الليالي التي جمعتنا على هدى علاقة بدأت منذ نعومة الاظافر.. يعرفني وأعرفه بما يكفي لأقول له كل شيء يحتمله في (قسيبة) أسراره وكل شيء يفيض عني يدخل صومعته الماهلة حيث يحتملني كل الوقت ولا يمل أو يكل أو يتأفف، ولا أجد على وجهه الصبوح خدش من كدر وحزن رغم الأهوال التي واجهها.. وسندني حقيقة تحت أجواء المطر وعواصفه، والنثيث يتساقط علينا من كل فج في ذلك الجالوص الوحيد المواجه للريح والأنواء.. باسل حين يتفقدك في صرير الليل والناس نيام وشجاع بالقدر الذي لا يتوانى عن تقديم جسده وروحه اتقاء شر ما إذا لاح شيء من ضواري الحياة التي تهجم علينا في كل لحظة ونحن رهن فقر مقيت وقتذاك ينشب أظافره في جيوب حيلنا المهدود وخيولنا لا تقوى على المسير.
نخرج في الصباحات الباكرة مع ضراوة رياح الشتاء الباردة وغالبا بعد آذان صلاة الفجر والمصلون متجهون للمساجد بينما تغذ خطانا المشى الطويل للوصول إلى المحطة الوحيدة بقرية السلم شمال أم درمان التي ترقد على لسان صحراء بيوضة في تداخلها مع الخرطوم.. محطة تبعد عن البيت لما يقترب من النصف ساعة نلوك فيها حبال الصبر ونفتلها على أمل أن نبيع شيئا ما ذات يوم من عصارة زحيحنا الذي كنا لا نظن أنه سينتهي بتلك السهولة ونحن نقارع تلك (الزقاقات) التي تشبهنا وتشترك معنا في ذات المسغبة التي تجعل وحوش الليل بيننا تبحث عن القوت بينما نحن في سوء الحال لا نقل عنها بشيء إلا بمقدار رفاهيتها المنطوية على شواء دائماً وإن جاء على تباعد في الأيام.
وما أوحش الليل وجوعه الناهش.. ليل سرمدي من الألم النبيل والحزن الجميل لا ينتهي إلا على فاجعة جديدة ومع ذلك نرقص بفرح طفولي نادر متحلقين في كل ليلة حول وجبة أخشى على محنة من سوء نوعها وسماجة تكرارها، وخوف قلبي أكثر أن يغادرني على عجل.. لا شيئاً بيدي أقدمه له في صقيع ذلك الفقر القاتل سوى حبات من العجور والطماطم والجرير الفاقد الطعم؛ طعام بائس ومنتهي الصلاحية وكما أنه مراقد لتزاوج الذباب.
وقد نلتقي في وجه النهار وأطرافه أو يجمع بيننا آنَاءِ الليل الفاحم الذي يضج برِيحٌ صِرٌّ.. تشوي وجوهنا صهد النهارات الحارقة بسموم الخرطوم ولا نجد شيئا سوى مثوى كلانا الموتور على الحال الكالح لا تلُوذ جفونُنا بسُباتِ في حلَك اللّيلُ الغارقة في السواد.
ومع ذلك لم يفكر في مغادرتي.. إحتمل كل ضروب وصنوف المحن بصبر جميل.. وهو نادر في طريقته لمعالجة أوجاعه وندوب الزمن التي تسطر حروفها على محيا وجهه الطلق الصبوح.. ممتن له حين اقتسم معي قلقي وهدأ من روعي وعبأ حواكير عطشى.. ومن مثله، محنة رجل جميل عفرته أَتْرِبَةٌ الحياة وعلائق الناس وخاصته، وصقلت معدنه النبيل ولم تمحق إنسانيته تلك القُروح ولا تلك البَثْرَةُ التي إنطوت على ألم ممعن في الفؤاد ولا نوائب الدهر المهلكة ومع ذلك لم يسفَّ الترابَ.. يكفيه عطرا يفوح ويضوع من جنبيه ويملأ أرجاء المكان وقلبي السعيد بصحبته.
وهذا إصرِى في كل درب مشيته وما تبقى منها بإذن الله.. وكتابي المؤجل في سيرة محنة صنو الروح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أحبهم جميعا.. كم من الوقت يكفي!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اهمية الوقت
» حبيبنا (دبالو)
» منظمة المصنع الخيرية .. (تعالوا كلكم)
» الان اخلد الى نومي مطمئنا
» السلام عليكم جميعا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مصنع سكر حلفا الجديدة  :: المنتديات الادبية :: الحكايات والخواطر-
انتقل الى: