سـلــسـلـة نـصـوص " حــوار الـدخــان "
صديقي الرائع جدا
مـعـتــــصـم شــريـف
هـكـذا تـرتـّدُ الـظـلال
حـيـنـمـا تـسـتـفـيـق الـعـصـافـيـر
لـعـلّ إرتـخـاء الـضـوء
فـي كـوّة الأمـكـنـة
مـحـض خـريـر
يــسـتـمـيـت سـلاسـة
حـدّ الـتـشـفّـي
عـبـر أجـفـان الـنـشـاز
فـلـتـنـامـو الآن .. لا شـئ هـنـاك
غـيـر أحـزان الـحـراز
.....
وكـأنـي أرتـادك حـزنـاً
عـلـى طـاولـة مـقـهـىً نـائـي
يـقـبـع
فـي " عـجـز " الـمـديـنـة
أفـرِش أيـامـي أمـامـي
أحـتـسـيـهـا .. لـسـعـة فـلـسـعـة
خـيـبـات
مـنـذ قـديـم الـصـحـيـان
ذاكـرة مـثـقـوبـة
عـرّافـات
بـقـايـا وصـايـا مـهـتـرئـة
وجـِلـْدُ صـبـيـة
مـيـثـيـولـوجـيـا ظـنـون
ومـسـامٌ مـهووس بـالـنـتـح
ألـفـُظـُنـي وأجـرى
أُهـروِل
صـوب فـنـاء الـذات
......
سـأذهـب بـك بـعـيـداً
فـي زمـان
الـخـيـبـات والـهـزيـمـة
حـيـث لا أنـا سـوى " أنـا "
قـديـمـاً
كـانـت الـشـوارع
هـي الـتـي لا تـخـون
قـديـمـاً
أفـرغـتـُنـي وإمـتـلأتُ بــــك
فـيـا بـــلادي
ظـلّ الله
يـمـدد رجـلـه الـيـسـرى
فـوق أجـسـادنـا
لـيـسـتـفـيـق " مـجـنـبـا "
يـتـحـرّى الـنـوم
فـي مـلـكوت فـكـرتــنـا
قـديـمـاً جـداً أنـا
مـثـلـك تـمـامـاً
حـيـنـمـا ثـمـلـنـا صـحـونـا
وإفـتـرقـنـا
كـلـنـا بـمـا لـديـه
يـنـضـح
عـذراً هـكـذا هـي الـريـاح
فـهـل تـزر وازرة
وزر أخــــــرى !!؟
....
إذاً قـد حـان الـرحـيـل
والـسـفـر
فـي رحـم الـظـنون
الـمـحـمـومـة
بـعـمر رحـيـق الـورد
وعـنـفـوان الـبـارحــة
فـالأرض
تـنـبـت مـن جـديـد
طـفـلٌ لـقـيـط
يـرتـدي عـطن الـدمـن
يـتـمـرّق
فـي عـشـقٍ مـحـرم
يـهـذي كـالـمـعـاتـيـه
يـُخـرج جـوفـه
حـروف مـوغـلـة فـي الهـمـس
والـخـطـايـا
ألـفـُظـيـنـي مـن رحـم أحـشـاء الـحـروف
الـمـبـتـلـّة بـمـائـك
أغـسـلـيـهـا
سـبـع مـرات بـمـائـي
وأغـرسـيـهـا فـي الـدخـان
ثـم إنـتـحـبـي عـلـيـّا مـرتـيـن
أرضـعـيـنـي قـطـرةً
مـن صـدرك الـمـنـهـك
فـالـفـكـرةُ أنـثـى
والـنـوايـا الـبـيـض
مـلـفـوفـة بـالـسـوء
وبـالـلـيـل .. والـخـمـر ..
لـتـخـدش
صـمـت ذاك الـمـكـان
.....
ومـع إنـدلاق
الـرغـبـة الأولـى
حـمـلـنـا جـرحـنـا الـنـرجـسـيّ
الـذي لا يـلـتـئـم
صـدحـنـا بـالـغـنـاء
إغـتـصـبـنـا الـدفء
مـن جـسـد الـكـحـول
فـعـُريـّنـا الـخـجـول
يـزيـّن
الـمـشـرديـن والـمـطر
فـاجـأنـي الـهـذيـان
و الـوبـاء
رحـفـتُ نـحـو بـسـتـانـك
الـظهـيـرة
مـُخـبـِئـاً بـشـفـاهـي
طـعـم فـتـاة
تـفـُكّ شـفـرة الأشـيـاء
وتـفـتـحـُنـــي
مـدائـنـاً تـروّضُ الـغـربـاء
طـلاسـمـاً
تـُراوغ الـتـسـاؤل
ورائـحـة أشـيـائـي
الـحـزيـنـة
لـتـمـنـحـنــي الـبـكـاء
......
الأنـثـى فـكـرة
وبـعـض طـقـوس الـقـلـب
وعـنـق قـيـامـة
وأنـا مـحـض كـمـان
يـشـرُخ صـمـت
مـشـارف ألـمـي
ويـنـقـش
شـهـوة الـبـحـر ويـلـقـيـنـي
مـن شـجـن
ومـلامـح حـيـرى
تـلـثـم صـفـحـة الـنـيـل
تـداري
مـدارك وجـعـي
حـيـنـمـا أسـتـرق الـصـدى
أو أحـتـرق وحـيـدا مـثـل
جـوادٍ خـاسـر
.....
إلـيـك
مـدائـن حـزَنـي وذاكـرة الـشـمـس
فـوحـدك مـن تـدرك
أن رداء الـنـهـر
صـار أضـيـق
مـن جـسـد الـمـدى
ووحـدي ألـعـق الـذكـرى
وأبـكـي فـجـرنـا
الـرابـض بـيـن عـيـنـيـك
وثـنـايـا جـرحـنـا
قـبـّلـيـنـي
سـنـيـنـاً كـلـمـا
سـارت الـظـنـون نـحـونـا
وعـانـقـت
الـشـمـس الـغـيـاب
أو أتـركـيـنـي
غـريـبـاً يـأكـلـنـي
الـحـنـيـــــــــن
.....
مـازلـتُ أتـوكـأُ
عـصـى وجـودي
أتحـسـس بـهـا
تـجـاعـيـد الـحـيـاة
عـلـّنـي
ألـتـمـس طـريـقـاً يـفـضـي إلـيـكـ
فـالـغـــابـة
تـرتـشـف الـأبـنـوس
كـلـمـا هـم مـرّوا مـن هـنـا
وهـاهـي مـديـنـتـى
تـتـعـرّى
كـلـمـا مدّت الـصـحـراء
يــداً عـابـثـة
فـلـمـاذا لـم تـقـل لـي
أن عــود الـعـشـق أعـوج !
لا يـجـيــد
غـيـر الإحـتـراق !
وكـل الـذي قـد يـفـضـي إلـيـكـ
أزقــّة مـن الـحـزن
تـضـيـق
كـلـمـا مـارست الـمـرايــا
حـرفـتـهـا الـوهـمـيـة !
فـلـسـت أدري لـمـاذا
تـتـبـعـثــر الأشـيـاء
فـجـأة هـكـذا !!!؟
ولـمـاذا
كـلـمـا سـكـن الإلـه حـديـقـة
تـُصـاب بـالـعـطـب
خـاصــــرة الـحــــــيــاة !!
.........
فـكـيـف
يـنـبـت الـحــب إذاً
فـي ســديــم الـغـائـبـيــن
إذا مـا الـصـبـر
تـسـكـّع
بـخـارطـة الـوريـد
والـلــيـل
مـصـلـوب عـلـى جـزع الـغـمــامـة
وخـاصـرة الـمــســـيـح !
وأنـا مـتـدلـٍّ
مـن بـيـن ثـقـوب ذاكـرتـي
لا أقـوى
عـلـى مـنـع مـا تـسـاقـط
مـنـهـا
فـالـغـيـبـة إزمـيـل
يـدمـي
مـفـاصـل الـنـسـيـان !!
.....
خـذيـنـي الآن
شـيـئـاً مـن فـتـات الـذكـريـات
وغـبـار
أتـربـة الـمـنـافـي
وألـفـظـيـنـي
بـوجـه هـذا الـزمـان
فـأنـا
لـم أعـد أشـبـهـكـ !
فـي هـذي الـمـديـنـة
الـلــيـل
لـيـلـيـن وزيـفٌ وخـمـرٌ
رديـئ
الـصـبـح عـصـفـورٌ
بـلا مـنـقـار او جـنـاح
الـعـشـق
أن تـحـيـا حـزيـنـاً
وإنـسـانـاً
إنـزعـيـنـي بـقـسـوة
مـن حـنـايـاكـ
إمـحـي آثـاري
مـن مـلامـح صـدركـ الـمـنـهـكـ
بـالـعـابـريـن
فـالـنـهـرُ
ذاكـرة الـوداع !
وأنـا لـسـتُ - سـيـزيـفـاً –
آخـر
ولا مـتـسـول
بـدهـالـيـز الـحـزن
الـوقـت يـنـكـأ
ثـقـوب الـذاكـرة الـشـتـويـة
حـيـنـمـا
أدنـو أكـثـر مـمـا يـجـب
مـمـا تـبـقـّى
مـن بـقـايـاكـ !
فـقـد نـضـب الـرحـيـق
لـيـتـّسـع الـغـيـاب
مـا بـيـنـنـ
ا لا يـحـركـه الأمـل
فـجـراحـنـا
أعـمـق بـمـا يـكـفـي
لـكـي لا تـنـدمـل !!
......
خـُذ هـذا الـوريـد
ورتـّق
مـا شـئـت مـن الـغـيـاب
فـذاكـ الـحـبـر وهـذا الـدم
سـيـّان
بـفـعـل فـداحـة الـورق
الأبـيـض
فلا زالـت الـشـرايـيـن
حُـبـلـى
بـنـكـهـة حـلـمـكـ الأعـزل
مـنـذ أن كـانـت
تـغـازل
أمـنـيـاتـي فـي الـخـفـاء
.....
لـم أتـخـيـّل
أن لـهـذا الـزمـن الأحـمق
مـعـنـىً
غـيـر الـحـيـرة
وسـطـوة حـزن
فـوق عـيـون تـبـحـث دومـاً
حـتـى
يـصـبـح مـعـنى الـعـيـش
أن تـحـمـل ألـمـكـ
بـيـن الـنـاس بـلا مـأوى
وتـصـيـر رمـاداً
فـوق مـحـارق آلـهـة جــــوعـى
كـنـت يـا دنـيـا
تـُنـاديـنـا سـنـيـنـاً .. إقـتـربـنـا
ومـا وجـدنـا
غـيـر أنـّات
الـمـظـالـيـم الـحـزانـى
فـإحـتـوانـا
كـل مـا كـان بـغـيـضـاً
بـاهــتـا
فـإبـتـعـدنـا
كـلـنـا يـنـسـى خـلـيـلاً
أو صـديـقـاً
أو حـبـيـبـا
لا تـسـلـّنـي عـن خـطـانـا
فـهـي للا شـئ تـخـطـو
ثـم تـخـبـو فـي مـسـاكـن
تـخـلـو مـن زيـفٍ
سـوانـا
الـمـوتـى مـوتـى يـارفـيـقـي
وإن تـزاحـمـوا
فـي الـشـوارع
والـجـوامـع أو صـنـاديـق الـقـمـامـة
.......
دعـنـي وحـدي
أُلـقـي ظـهـري عـلـى فـِراشـي
الـمـهـتـرئ
أتـنـفـّس بـعـض أكـسـجـيـنـاتٍ
تـضـلّ طـريـقـهـا
لـرئـات غـيـري
دعـنـي وحـدي
فـضـاع سـيـري وقـد عـلـقـنـا
يـارفـيـقـي
بـيـن أسـوار الأحـاجـي
وإنـاث الـنـحـل الـحـُبـلـى
بـيـن
غـصـون الـشـجـر الـحـافـي
تـبـحـث عـن غـصـنٍ أخـضـر
حـيـن أوان
وضـوع الـشـهـد
فـهـل خـدعـنـا يـا صـديـقـي
قـول " صـاخـبـات " الـمـديـنـة
أم نـسـيـنـا ..!؟
قـل هـو الـحـزن .. الأول والآخـر
وبـيـنـهـمـا
تـمـتــّد سـيـقـان الـفـجـيـعـة
بـكـامـل عـريـهـا
وفـجـورهـا الإلـهـي
إذاً سـأكـُف الآن عـن الـخـفـقـان
فـقـد كـنـت
" مـصـابـاً " بـالـحـنـيـن
فـي حـيـاة اخـرى
وعـوالـم صـدئـة
تـجـيـد إخـتـزان الـصـدى
ورائـحـة الـمـوات
سـأكـتـفـي
بـحـمـل " الـصـخـرة " فـقـط
......
رأيـتـهـم يــتـمـلـمـلـون
مـلـئ مـواتـهـم
فـارعٌ
جـيـد الإفـادات الـعـاهـرة
وهـي لا تـرى
أو لا تـريـد ان تـرى
فـجـيـعـة
إغـتـصـاب " ذكـر الـلـيـمـون "
فـي مـســاء الـلـسـعـة
الـمـتـوهـّط
مـجـهـدٌ لـونـه الـضـبـابـي
الـفـاقـع
مـهـدّل الـكتـفـيـن أجـعـد
لا تـقـل لـي
أن الـقـرابـيـن حـمـقـى كـالآلـهـة
فـالآلـهـة
فـي عـرف الـقـرابـيـن
لـعـنـة
و هـمـهـمـة الـظـلال
فـي سـاحـة إنـكـسـار الـضـوء
تـفـضـح
صـورة الـضـوء
الـكـسـيـرة
......
كـلـّهـم أحـرار
فـي الـرّق والـمـنـفـى
والـهـجـر
والـكـفـر ، والـفـكـر
والـقـهـقـهـة
فـإغـتـسـل
بـضـوء الـنـهـار
" الـنـهـار "
أو إنـتـحــر
عـلـى صـفـحـة الـنـيـل
فـسـرُّ هـذا الـنـهـر مـدفـون
بـكـفّ الـمـوج
أو هـكـذا
قـد تـتـصـافـح مـوجـتـيـن
( لـيـه يـا نـيـل
مـحـكـوم
بالــمجـر ى وسـاجـن نـفـسـكـ بـيـنـو
وحـاضـن
الأرض الـمـلـّت مـنـكـ !؟ )
قـُم
ويـمـّم مـا تـبـّقـى
مـن هـسـيـس الـروح لـديـك
عـلـى
ريـق الـمـطر
وإحـتـسـب عـنـد الـحـزن
أحـلام
الـمـغـنـيـن الـعـصـافـيـر
فـمـن عـادة
الـعـصـافـيـر الـمـغـنـيـّة لا تـمـوت
تـحـيا فـي كـنـف
الإرتـحـال
لـتـغـرز
حـيـواتـهـا بـأوردة الـمدائـن
والـقــرى
أو هـكـذا دومـاً هـي
لا تـمــــوت
......
قـل لـلـعـابـريـن
بـجـسـر دمـي
أن يـتـمـهـّلـوا فـيـّا
فـهـذا الـرهـق مـضـنـيٍ
فـمَـنْ
غـيـر الـورود يـقـبـّل
شـفـة الـفراش
وهـو يـنـبـض
بـالـرحـيـق !!
- يـتـــــبـع -