شهادة في حق مدير عام مصنع سكر حلفا الجديدة السابق الغالي محمد سليمان الغالي (أبو السكر)
دكتور يس النعيم ودكتور الغالي وسودان الروعة ..
بقلم: شوقي بدري
الأحد, 12 أيار/مايو 2013 19:35
قبل عشرة سنوات تواصلت مع الصحفي تاج السر حسين. السبب كان تعدي البعض, بسبب مجادلات كروية. كنت اطالب الاخ التاج ان لايدخل في مهاترات, لانها لا تنتهى. كما كنت اذكره بروعه اهل السودان. واننا سنتلاقي في امدرمان.
قبل ايام تداخل الرائع د يس النعيم في الفيسبوك وتذكرت تفانيه في العمل, وحبه الصادق للسودان نزاهته وتالمه عندما سرق الجبهجيه الشركة.
قبل سنتين كنت في برلين وقابلت الدكتور الغالي وكان قد ترك السودان، والكيزان قد سرقوا جهده كما سرقوا كل السودان. د الغالي انتقل الى جوار ربه. لم يمد يده لما ليس له. وادين له بان علمني ان افكر في مصلحة السودان قبل مصلحتي الشخصية.
هذه مداخله لها عشرة سنوات
_______________________
ود اخوي تاج السر
في امدرمان قالوا المطر الشديد ما بكسر البيوت لكن الشكشاكه والنقناقه هي البتكسر لانو البيت بشرب وبيقع. المهاترات والمناكشات ما كويسه. قديما قلت لمن اراد ان يتعرض لي بالشتم والتجريح، اتفضلوا. وممكن ادي اي زول شهاده بانو ابوي كان بقرطس وامي بتصفي وانا بقطع مفاحض في الترماج ومدور نوامه في المولد.
وانا ملم باغلب عيوبي. واذا كان هنالك من يريد ان يكرمني ويكشف لي عيوب جديده فله الشكر. واغلب الذين دخلت معهم في معارك صاروا اصدقائي، لان المعارك تنتهي اما المهاترات فلا تنتهي ونقاش الكورة اصلا ما بوصل لقناعة.
قبل تمانية او تسعة سنين وانا حايم في البلد والجيب ما فيهو تعريفة. قابلت الاخت نادية جفون ومعها شقيقتها وسيدة اخري زوجة صديق عزيز ونادية وقتها كانت القنصلة في استوكهولم. وكانوا يودون الذهاب الي بلدة اسكانير الساحلية الجميله وهي اخر نقطة في جنوب السويد. وفجاة اشاهد احمد التركي. وكنت قد صفعته قبلها بمدة وعندما تدخل صديقنا المشترك اليوغسلافي نميت اعتذرت له وصرنا اصدقاء. وطلبت من احمد ان يسلفني بعض المال فاعطاني كرته والرقم السري وذهب بدون ان يقول كلمة واحدة. والبارحة قابلت احمد وكلما اراه نسعد بمقابلة بعضنا.
فابعد يا ود اخوي من المهاترات ولا تستجيب للاستفزاز. الرجوع للسودان لازم، والسبب في اننا لا نزال نعيش ونتنفس هو اننا نفكر دواما في البشر الرائعين في السودان. فبجانب الاحباطات هنالك بشر رائعون.
في سنة 1977 كنت امثل شركة دنماركية اسمها كو في اندرسون وذهبت للسودان لشراء البصل المجفف من المؤسسة الغذائية ومكاتبهم جنوب حدائق الحيوان. وعندما عرفت ان المدير العام هو الغالي محمد سليمان الغالي جارنا في امدرمان وصديق اهلي الكبار ويعرفوه تحببا بي ود ام الغالي لان امه في الحي معروفة بي ام الغالي. وكانت اخر مرة نتقابل فيها في يوم السبت 10/9/1970 في شارع تحت ظلال الزيزفون في برلين الشرقية بصحبة ابراهيم مجذوب مالك والدكتور سهل خالد موسي.
طلبت من الغالي ان يبيعنا كل محصول البصل من مصنع اروما، فرفض قائلا انه لا يريد ان يربط نفسه بمشتري واحد او بلد واحد. وهذه مشكلة الصمغ العربي والحبوب الزيتية والقطن قديما. لان المشتري الوحيد يتحكم فيهم. وان نائبه قد وقع عقدا مع الشركه الهولنديه فاندورن وهي جزء من مجموعة البض وكان يبيعهم الستمائه طن وهي انتاج السودان الكامل. ولهذا منع الغالي دخول اي ورقة لنائبه لمدة سنه كاملة. وان الانتاج في تلك السنة كان اربعمائة طن فقط ويمكن ان يبيعني مائة طن اذا اعطيته سعرا جيدا حتي يضطر الهولنديين لرفع اسعارهم.
في العادة يدفعون للمشتري اثنين في المائة من قيمة العقد كتخفيض. فاقترحت عليه ان يبيعني كل الكمية وانا متنازل عن الاثنين في المائة زائدا نصف مارك عن كل كيلو. وعندما رددت الامر عدة مرات سألني الغالي (قصدك شنو؟). وعندما لمحت انه يمكن ان يتصرف فيها كما يشاء. انتصب واقفا بقامته الطويله قائلا (انا مافي راجل ابن راجل بقول لي الكلام ده، انا بفكر في صالح البلد. انت ليه ما تفكر في صالح بلدك يا شوقي. الهولنديين ديل بسرقونا، بشتروا الكيلو بي اتنين ونص مارك. خواجاتك ديل بكون مدينك حد اعلي. انت وريني عشان البلد تستفيد).
وامام رجل يرفض 200 الف مارك لم يكن امامي الا ان اشعر بالخجل ووضحت له ان السعر هو تلاتة مارك وخمسة وسبعين في المائة.
وبعد توقيع العقد قال لي الغالي بان المدير الهولندي لم يصدق الي ان اراه الغالي خطاب الاعتماد وصار يزرع المكتب جيئة وذهابا ويتحث بالالمانية مع الغالي التي كان يرفض التحدث بها في العادة لان الهولنديين يكرهون الالمان عادة.
لم اقابل الغالي منذ السبعينات وهنالك من يظن ان الغالي بليد لان تلك الفلوس كانت وقتها تكفي لشراء عدة منازل فاخرة. ولكن الغالي عاش كرجل شريف وسيموت كرجل اشرف. وبعدها صرت انا افكر في البلد ومصلحة السودان.
في الثمانينات وقع السودان عقد مع شركة الفا لفال السويديه المتخصصه في الالبان والجلكوز والنشاء والماكولات واقاموا مصنع الالبان في كوكو. وكان هناك مصنع الباقير الذي انشاه الدنماركيين والذي كلف ستين مليون دولار ولم ينتج اي شئ. الا ان مصنع كوكو كان يسير بطريقة جيدة ومدير المصنع كان د. يس النعيم ومعه زميل الدراسة في براغ الدكتور الزراعي الاخ حضري. وفي احد اجتماعاتهم اتصل بي دكتور حضري ودكتور حسن البكري الكيلاني. واثناء زيارتهم لمكتبي عرفت انهم يبتاعون كل شئ عن طريق شركة الفا لفال لانهم شركاء في المصنع بنسبة 25%. الا ان اسعار الحليب المجفف والمعدات ومرتبات السويديين عالية جدا.
فوضحت لهم ان الفا لفال لم تدفع مليما للدخول كشريك فلقد اخذوا مبلغ 12.5% من مؤسسة مساعدة التصدير السويدية ورفعوا السعر بعد تقديم رشوه لمؤسسة التنمية السودانية للاخ (ع.ح) الذي يسكن في فريق السوق في امدرمان (من دقنو فتلو). وان بيرسون السويدي الذي يتقاضي مبلغ 5 الف دولار شهريا و4 الف جنيه سوداني تساوي وقتها 800 دولار ليس اكثر من عامل عادي. ويسكن خارج مالمو. وبعد سنتين من العمل اشتري منزل فاخر جدا في ضاحية ستافنس تورب. والمدير كرونبرق اشتري منزلا في افخر منطقة في مالمو. بعد ان تقاسم العمولة مع الوكيل السوداني. وله عمولة في كل ما يشتري للسودان. وكانوا علي وشك شراء شاحنات مارسيدس بفناطيس وعدادات لنقل الحليب.
فاقترحت عليهم شراء فناطيس تثبت علي شاحنات عادية ثم توضع علي الارض بعد حلبة الصباح وتستعمل الشاحنات بقية اليوم في العمل العادي مما يوفر مبالغ طائلة وتعهدت بان اعرفهم بشركات تنتج الحليب المجفف. واقترحت التخلص من بيرسون السويدي الذي لا يتكلم سوي كلمات بسيطه بالانجليزية. وكانت تربطه صداقة بالسويديين الذين عملوا معي في السودان.
عندما رجع يس النعيم بعد سنة للاجتماع السنوي. كان قد وظف مهندسا سودانيا وهو شاب لطيف قابلته عدة مرات بمرتب 1300 جنيه سوداني وبدون اي مخصصات ويعني اقل من 300 دولار بالرغم من احتجاج الاخ (ع.ح) الذي كان يستخدم منزل السويدي لمغامراته العاطفيه والسويدي كان يقطر خمره في المصنع يحبها الاخ (ع.ح).
الاخ يس كان يقول مندهشا (اسعار الحليب دي رخيصة جدا واسعار الفناطيس الدنماركية كانت رخيصة لدرجة عدم التصديق) فوضحت له بانني قد سالت عنه وانه رفض ان يشتري شقيقه الكراتين الفارغة من المصنع بدون غطاء. ولانني قد اخطات من قبل ولقد اقام عثرتي دكتور الغالي لذا فقد ضغطت علي الدينماركيين واتيتهم باحسن الاسعار. ودبرت لهم الحليب الفرنسي بدون عمولات وبدون وسيط.
وانا في وسط المدينة احسست برجل ينظر الي وعندما نظرت اليه كان هو كرونبرق يهز راسه متألما. فغسلته بنظرة باردة وذهب كل منا في طريقه. هنالك كثير من السودانيين الرائعين وسارجع لاقابل صديقي المكنيكي عثمان ود المكه قبل ان يفرقنا الموت.
عندما تأخرت في البناء في المنطقة الصناعية بحري شرق مصنع النسيج الياباني كان السبب ان هناك بير ارتوازية داخل قطعة الارض واعمدة كهرباء وبعد ملاواة شديدة مع ناس الكهرباء والمياه الجوفية حلت المشكلة بتلجين البير، وتحويل العواميد الا ان شقيقي الشنقيطي رحمة الله عليه والذي يعمل في المؤسسة العامة في الاستثمار قام بتغريمي غرامة ضخمة بالرغم من احتجاج زملائه.
وعندما توفي العم خضر رحمة الله الياس (والد الموسيقار عبد اللطيف خضر الحاوي وحسين) في سنة 1984 كان السكر معدوما. فطلبت من الشنقطي ان يوفر بعض السكر فوعد بتوفير جوال. وذهب مع السائق، ورجع بدون سكر وعرفت من السائق انهم ذهبوا لصاحب مصنع طحنية. الذي وضع جوالين من السكر في حقيبة السيارة فقال الشنقيطي انه يريد جوالا واحدا فقط. وعندما رفض صاحب المصنع ان ياخذ ثمن السكر لان الشنقيطي قد وفر لهم عشرين الف جنيه وعمل لهم دراسة جدوي مجانية. كان رد الشنقيطي (يعني عاوز ترشيني! نزل سكرك ده وما تتكلم معاي تاني). وحتي عندما اقترح صاحب المصنع ان يدفع الشنقيطي ثمن السكر رفض الشنقيطي قائلا (ما دام كلامك زي ده، ما حاشيل سكرك).
في بداية الستينات كان عثمان يعمل في النقل المكنيكي في الورشه (ج) مع يوسف عبدالعاطي وقدوم زعلان وجردقه الذي كان حلاقا في بحري كذلك. عثمان كان في الدرجة التانية مرتبه 14 جنيه و45 قرش. يعطي والدته 4 جنيه وبالعشره جنيه ولانه لا يدخن ولا يشرب يبدو دائما انيقا مهندما وله حساب عند ترزي الموردة عبدالمحمود ابوصالح. ولان ابن عمي الرباطابي بدر الدين احمد الحاج والذي كان يسكن معنا لان والده يعمل كمساعد حكيم في بخت الرضا كان يريد ان يقتني بناطلين لاول مرة في حياته فقد اخذه عثمان لعبد المحمود وفصل بنطلونين بمبلغ 9 جنيه وتعهد بدر الدين بدفع جنيه كل شهر. الا انني لاحظت ان بدرالدين لم يظهر اي تقشف بعد شراء البناطلين فسالت صديقي عثمان اذا كان بدر الدين يدفع شهريا. فاكد لي عثمان انه يدفع بانتظام. وبعد زمن عرفت بالصدفة ان بدر الدين لم يكن يدفع. وعندما واجهت عثمان كان رده (طيب مالو ياخ ما اخوي!).
وفي اثناء كتابتنا لهذا الموضوع ياتي ابني عثمان ليريني احد اسنانه التي سقطت.
عشان كده يا ود اخوي ما بننسي السودان. الست انا القائل
في امدر ربينا وما حملنا مهين
في بلد الترك فريقنا ومربط خيولنا الحين
ما بننسي الاهل ولي جودنا مافي حدود
رسل عجم ويهود ما بتلقي باب مسدود
كل البدق الباب بنقابلو بي ترحاب
العندنا بندي حتي اللكان ويكاب
شوقي
Shawgi Badri [shawgibadri@hotmail.com]