ام تساب مشرفة سابقة
عدد المساهمات : 1151 نقطة : 11374 تاريخ التسجيل : 14/05/2011
| موضوع: سناء جعفر السبت 10 سبتمبر 2011, 6:53 pm | |
| سناء جعفر قاصة وروائية سودانية كثيرا ما تعجبنى كتاباتها الجريئة ولغتها الصريحة فى عكس واقع المجتمع السودانى وما يدور فى دهاليزه من خبايا واشياء مسكوت عنها على الرغم من انها من صميم الواقع السودانى سأبدا لكم بواحدة من كتاباتها بعنوان قصاصات سرية (اعترافات نسائية جريئة )الرجال يمتنعون ،،،،،،،،،،،،،
الى اولى القصاصات في داخل كل منا تكمن نزعة غريبة للتلصص على الآخرين واختلاس النظر من وراء شقوق الأبواب المغلقة ... واستراق السمع خلف الفواصل الهشة .. هناك لذة غامضة يستشعرها المتلصص عندما يرى ما لا يراه غيره أو يتعمّد التنصت على حديث لا يرغب أصحابه في نشره خارج نطاق الموجودين . أدرك بان البعض منكم قد مطّ شفتيه استهجاناً وهو يقرا كلماتي الصريحة عن فعل يمارسه معظمنا بطريقة مستترة .. وبعضنا الآخر بكل جرأة ... إذن يا قرائي الأعزاء سأطرح عليكم سؤالاً يحتاج لإجابة صادقة .. قولوها لانفسكم وليس لي .. فأنا قد تخطيت مرحلة الخوف من الاعتراف بعيوبي منذ زمن طويل .. سؤالي لكم ... هل أتتكم فرصة لاستراق النظر أو اختلاس السمع وتهيأت لكم كل الظروف لممارسة هذه العادة المتأصلة داخل النفس البشرية وترفعتم عنها ؟؟ هل أغمضتم أعينكم عن مشهد يستحق المشاهدة ولكن ليس لكم حق مشاهدته ؟؟ هل صممتم آذانكم عن حديث حار وهامس يدور بسرية بين اثنين شاءت الظروف أن تكون أنت ثالثهما الذي لا يعلمان بوجوده؟؟ لو تحرى الجميع الصدق في الإجابة يعتريني الشك أنها قد تكون بنعم .. هل تدرون لماذا ؟؟ لأننا بشر .. والفضول جزء من تركيبتنا التي تدفعنا بصورة لا إرادية للتلصص .. أنا اعترف بفضولي الزائد لمعرفة خبايا الآخرين وقد شاءت الظروف أن تضعني في مكان وزمان استطعت فيهما أن استرق النظر وتبحر حواسي في دفاتر يوميات نساء مختلفات لا يجمع بينهم سوى شغفهن الغريب لتدوين أحداث مرت بهن بكل صدق وتجرد لأنهن كتبنها لانفسهن ولم يحسبن حساب الأعين المتلصصة ... لقد قرأت قصاصات غاية في السرية لعشر نساء لا تجمع بينهن صلة غير نون النسوة ... وبما أني أدرك فضولكم ولهفتكم لمعرفة الأسرار التي تم تدوينها في لحظة فرح أو يأس .. حزن أو أمل .. قررت أن اقتسم معكم إثم التغلغل داخل حرمتها ... هذه القصاصات التي كتب بعضها بالدموع ... وبعضها بالدم . عفواً لقد قمت بتغيير الأسماء والأماكن حفاظاً على خصوصية أصحابها ... وإذا تشابهت الظروف والأحداث مع امرأة تعرفونها .. سيكون الأمر مجرد صدفة بحتة .
وتابعوني ... قصــاصــة مــن دفتـــر يوميـــــات عــانــس
الاثنين الأول من أبريل .. الساعة السابعة صباحاً ...
يا له من تاريخ ارتبط في أذهان الناس بالكذب المشروع ...اكره هذا اليوم ابغضه أتمنى لو كان بإمكاني أن أتحكم بالزمن فاعيد عقارب الساعة إلى الوراء واشطبه من التقويم .. أن امحي ذكراه من الوجود وامحي وجودي ايضاً ... اليوم يصادف ذكرى ميلادي السادس والأربعين .... هل توافق تاريخ ميلادي مع هذا اليوم دلالة على أن حياتي بأكملها كذبة ؟؟ ربما كانت كذلك .. في كل سنة أكرر نفس السؤال .. لماذا ولدت ؟؟ ولأي هدف أعيش ؟؟ ما معنى حياتي ؟؟ كل لحظة تمر هي إعادة للحظات سابقة أو آتية .. بلا أمل ولا رغبة ... ولا يقين . الساعة السابعة والنصف... لابد أن انهض لامارس الروتين اليومي المعتاد قبل ذهابي إلى عملي الممل بالبنك .. ثم العودة منه إلي روتين البيت ... الأكل الذي فقد مذاقه منذ زمن طويل .. النوم الملئ بالكوابيس .. الفراغ العريض الذي يبتلع روحي وهكذا تمر أيامي في طريقي إلى الحمام سمعت أصوات هامسة تخرج من غرفة أمي .. اندهشت لهذا الهمس المبكر .. نظرت من شق باب غرفتها الموارب لارى أمي بوجهها الصبوح الذي حفر عليه الزمن آثاره وهي تتطلع بانزعاج إلى وجه أخي الأصغر مجدي .. كان الحزن يصبغ ملامحها وصوتها " يا مجدي يا ولدي كيفن بس عاوز تعرس وأختك لسة قاعدة ؟؟ كان همس مجدي الذي يصغرني بعشر سنوات يتلاشى بفعل العصبية .. وارتفع صوته بحدة خرجت عن حدود السيطرة " يعني يا أمي عاوزاني اقعد استنى منار لمتين ؟؟ أنا ما صغير عمري ستة وتلاتين سنة .. عاوز أعيش حياتي زي باقي الناس ويكون عندي أسرة وبيت وأطفال ... منار خلاص ما عندها فرصة عرس بعد كدة وهي ذاتها مقتنعة بالشئ دة وما بتفكر في الموضوع خالص .. انتي بس العاملة منو قضية" .. أغرقني صوت أمي في بحر من الألم " منو القال ليك ما بتفكر فيه ؟؟ يعني عشان هي صبورة وساكتة وما بتتشلهت على العرس ؟؟ مالها ؟؟ ما زيها زي باقي البنات ؟؟ ما نفسها تفــرح ويكون عندها راجــل وبيت وعيال ؟؟ كان رد مجدي الساخر كحقل شوك أجبروني على السير فيه حافية " يا أمي الله يخليك راجل شنو وعيال شنو بعد العمر دة ؟؟ إذا كانت مايسة الأصغر منها بخمستاشر سنة بتها قربت تدخل الجامعة .. منار خلاص سنها زاتو ما بقى يسمح بولادة ... وبعدين يا أمي ما أخواتي وأخواني كلهم اصغر منها وعرسوا .. اشمعنى أنا العاوزاني انتظرها ؟؟ ولو في أمل انو يجيها زول ما في مشكلة .. لكن منار خلاص كبرت شديد وبعد كدة ما أظن أي إنسان يفكر فيها .. حاجة تانية أنا البت العاوزها ما بتنتظرني اكتر من كدة .. بقى لي سنتين أماطل في بت الناس لمن حججي كملت لكن هسة هي قالتها لي صريحة لو ما عملت خطوة جادة واتقدمت لاهلها وحددت مواعيد العرس حتخليني وتتزوج واحد تاني .. تغيرت لهجته إلى الاستعطاف " يا أمي أنا بأحب البت دي وهي انسانة كويسة شديد ولو ضاعت مني ما بالقى زيها تاني .. حاولي تفهميني وتقيفي معاي " يبدو أن لهجته ألانت قلب أمي الحنون " خلاص يا مجدي استنى بس لغـاية نهـاية السنة دي ولــو ما في زول اتقــدم لمنار امشــي عرس ما باقول ليك لا .. انفجر مجدي صارخاً بوجه أمي الذي حاكى وجوه الموتى شحوباً " يا أمي خليك معقولة .. إحنا وين ونهاية السنة وين ؟؟ عاوزاني انتظر ثمانية شهور تاني ؟ حرام عليك .. انتي بس همك منار ؟؟ أنا ما ولدك ولا شنو ؟؟؟ وبعدين منار آخر ثلاثة عرسان جوها رفضتهم... نعمل ليها شنو إذا هي عاوزة راجل تفصيل ؟؟ .. مفروض تقتنع إنها خلاص كبرت وفرصها بقت ضيقة وتوافق على أي زول يجيها للحديث بقية آتية بلا شك
| |
|
خالد حسن بخيت مشرف
عدد المساهمات : 1936 نقطة : 13117 تاريخ التسجيل : 10/02/2010 العمر : 48 الموقع : www.3aza.com/vb المزاج : مسلم
| موضوع: رد: سناء جعفر السبت 10 سبتمبر 2011, 9:53 pm | |
| شكراً ام تساب .. لكن انا جني وجن الشحتفة دي .. عليك الله اكتبي بوستيك لمن يدفقك .. ما تحرجمينا سسسااااااااي ...
تسجيل حضور ومتابعة .. | |
|
ام تساب مشرفة سابقة
عدد المساهمات : 1151 نقطة : 11374 تاريخ التسجيل : 14/05/2011
| موضوع: رد: سناء جعفر الأحد 11 سبتمبر 2011, 1:52 pm | |
| شكرا خالد على المرور وعذرا على الشحتفة تتمة انغرزت كلماته كالخنجر في قلبي ... فحملت قدمي وهرولت عائدة إلى غرفتي خوفاً من التهاوي ألما على عتبة باب أمي الموجوعة . بداية سيئة ليوم قبيح ... كان مجدي محقاً .. لقد رفضت ثلاثة عرسان أتوني خلال السنة الماضية .. ولكن لاسباب منطقية ومعقولة ... ليس من اجل الرفض .. وليس لاني ابحث عن رجل تتناسب مقاساته مع خيالي .. سأنتقل إلى صفحات سابقة منعرض علي الزواج شريطة أن اترك عملي .. واتفرغ تماماً لرعاية أولاده الثلاثة ... صبي في السادسة عشرة من زوجته الأولى المتوفاة .. فتاتين في العاشرة والسابعة من زوجته الثانية التي طلقها لأنها لم تحسن معاملة ابنه المراهق فتركت له بناته وتزوجت هي الأخرى ..بالطبع رفضته لأنني مقتنعة بعملي كرئيسة قسم الاعتمادات بالبنك الوطني وليست لي رغبة في استبداله بوظيفة مربية بدوام كامل ... العريس الثالث ... الموظف الجديد تحت إمرتي في القسم .. يصغرني بسبع سنوات لم يتزوج لضيق ذات اليد .. أتاني خاطباً بدعوى الحب كدت اقتنع وأتغاضى عن فارق العمر تحت ضغط أمي وأخواتي .. لولا مكالمة أتتني قبل الموعد المحدد لعقد القرآن بأسبوع من فتاة باكية تخبرني فيها بأنها حبيبة زوجي المنتظر منذ خمس سنوات وانه يعتزم الزواج مني فقط لتحسين وضعه المادي وضمان راتبي الكبير وبيت أسرتي الفسيح وسيارتي الفخمة .. رفضته لأنني اعمل في بنك .. لكني ارفض أن العب دور البنك الساعة التاسعة ... ما زلت مستلقية على سريري فقدت الرغبة في الذهاب إلى العمل اليوم .. من حقي الحصول على يوم عطلة امتلك رصيدا هائلاً من الإجازات .. كلما فكرت في اخذ إجازة ينتابني الفزع من فكرة البقاء وحيدة أو تكرار الزيارة إلى بيوت أخواتي المتزوجات .. لم تعد لي صديقات مقربات منذ فترة طويلة .. مع تقدم العمر وزواج الأغلبية وتغير الاهتمامات المشتركة تباعدن عني واحدة تلو الأخرى .. حاولت جاهدة التمسك بروابطنا وان أظل جزء من حياتهن ولكن في كل مرة يأتيني إحساس كريه بأنهن يتعمدن إقصائي والتباعد عني .. في نهاية الأمر حثتني طبيعتي الواضحة على طرح السؤال الصعب عن سرّ التغير في المعاملة .. فكرت في كل الاحتمالات إلا ما صرحّت به تلك التي كانت أقربهن إلى قلبي ... " منار ما تزعلي مني ولا من الباقيات .. وجودك في حياتنا بقى مشكلة .. إحنا الولادة والشغل بهدلونا وانتي لسة قاعدة سمحة ومهتمة بنفسك شديد .. بصراحة كل ما تجي لواحدة مننا بعد ما تمشي رجالنا بياكلوا لحمنا بيك .. شوفوا صاحبتكم قاعدة كيف جميلة ورشيقة وانتو بقيتوا زي البقر ومنكشات .. شوفوا صاحبتكم وصلت وين في شغلها وانتو محلك سر .. بعد كل زيارة منك بتحصل المقارنات وبصراحة ما بتكون في مصلحتنا وبعدين يا منار انتي عارفة زوغان عين الرجال .. إحنا واثقين فيك لكن ما واثقين في رجالنا بالذات انتي وظيفتك كبيرة ومرتبك عالي ... ودة في حد ذاته إغراء ما بيقدروا يقاوموه .. إحنا قلنا بس نزح البنزين من جنب النار .. لكن والله معزتك في مكانها ولو عاوزانا نجيك في أي وقت انتي تحدديهوا في بيتك كلنا تحت امرك" كانت كلماتها تصيبي بالغثيان والرغبة في تقيؤ كل سنوات الصداقة التيربطت بيننا فقطعت علاقتي بكل من اسميتهن صديقات .. بدات ادفع ضريبة عدم زواجي .. وصدقوني كانت باهظة ومؤلمة ...وعلمت فيما بعد من أخرى قابلتها صدفة بان قرار إبعادي أخذته تلك التي كنت أظنها الأقرب ألي ّ وحدث ذلك بعد أن عبّر لها زوجها عن إعجابه بي كانسانة محترمة وجميلة ومثابرة في عملها .. فما كان منها إلا أن أعلنت الحرب على وجودي و أقنعت البقية بخطري عليهن .
وبرضو للقصاصات تكملة وبقية
.
| |
|
ام تساب مشرفة سابقة
عدد المساهمات : 1151 نقطة : 11374 تاريخ التسجيل : 14/05/2011
| موضوع: رد: سناء جعفر الثلاثاء 20 سبتمبر 2011, 9:22 pm | |
| الساعة الحادية عشرة ... لبست اجمل ثيابي ..تعطرت بأغلى عطوري وخرجت من غرفتي .. كان الصمت يعم المكان بعد خروج مجدي .. مررت بغرفة أمي ونظرت بحزن إلى وجهها النائم وآثار الدموع ما زالت محفورة على خديها المتغضنين .. مررت بالمطبخ وذكرّت الخادمة بمواعيد دواء أمي ووجبتها .. قدت سيارتي وخرجت .. هل تدرون إلى أين ؟؟ خرجت ابحث عن رجل بمسمى زوج كي يمنحني أهلية الدخول إلى بيوت صديقاتي ويرفع عني حظر الاقتراب من أزواجهن .. رجل بمسمى زوج يمنحني حق الانتماء إلى عالم النساء ... رجل يسحق عائق وجودي في طريق مجدي فيتزوج قبل أن تضيع فرصته .. لقد سئمت من نظرات الإشفاق في عيون الجميع .. وكرهت الأسئلة المحبوسة في عيون كل من يراني عن سبب عدم زواجي حتى الآن ... سئمت خوف الزوجات وتغامزهن لحظة وصولي إلى أي مجتمع ... وكلماتهن الممطوطة الجوفاء " والله يا منار الرجال ديل عميانين .. معقولة انتي بحلاوتك دي كلها ما شايفنك ؟؟ "... " والله يا منار انتي في نعيم .. كدة احسن ليك مرتاحة من قرف الرجال والأطفال .. عايشة حياتك زي ما أنتي عاوزة .. لا راجل يتحكم فيك ولا عيال يستنزفوا عمرك " من أعطاهم حق تحديد الأحسن والأسوأ في حياتي ؟؟ من اخبرهم أنى سعيدة بحياتي الخاوية من كل انتماء ؟؟ إذا سألوني رأيي سأقول لهم لا أمانع في الحصول على رجل يملاني قرفاً وحباً .. رجلاً يملاني ضجيجاً وحناناً .. أتوق للحصول على أطفال يحملون ملامحي وطباعي وامنحهم مخزون الحب المحبوس في أعماقي ولا أجد له متنفساً .. أعلنها صريحة ... أريد زوجاً .. اعرض لقب عانس للبيع ... وسأدفع كل ما املك لمن يشتريه ... فهل من مشتر ؟؟... الخميس العاشر من سبتمبر الساعة الرابعة عصراً ...
انه احب الأيام إلى قلبي ... انه يوم الزيارة .. وسوف تأتى شقيقتي لزيارتي ... إنها الوحيدة التي تزورني منذ أن أودعني أبى مستشفى الأمراض العقلية ... برغم أني لا أعاني أي مرض ... أنا لست مجنونة أتمتع بكامل قواي العقلية .. مشكلتي الوحيدة أنى احب طعم الدم .. هل من الجنون أن يحب الإنسان طعم الدم ؟؟ لا اعتقد خصوصاً إذا امتزج بالحليب .. وبرائحة أمي .. هل تذوقتم مزيج الحليب بالدم ورائحة أمي ؟؟ ميقنة بانكم لم تفعلوا .. لان هذا المزيج خاص بي أنا فقط .. لم يتذوقه غيري ... لانه يومها لم يكن هناك أحد غيري في المنزل .. فقط أنا وامي .. كنت في الثانية من عمري .. وما زلت ارضع ثدي أمي برغم احتجاجات أبى المتواصلة على إصراري رفض كل الأطعمة والمشروبات عدا حليب أمي .. يعتقد أنني كبرت على الرضاعة ... ههة انه غيور .. يغار من حب أمي لي لانه لا يمنحه مساحة كافية ترضي أنانيته البغيضة في الاستحواذ عليها .. أمي المسكينة الضئيلة الحجم ... وضئيلة العقل ايضاً .. كانت امرأة خائفة بصفة مستمرة .. فهي تخاف الناس والأصوات العالية .. تخاف الظلام والحشرات .. وتخاف أبي .. إنها تتنفس الخوف وتعيش به ... استشعرت خوفها بحسي الطفولي وحاولت أن أخرجها من عالمها المتحوصل حولنا أنا وأبي .. عندما بدأت أحبو اتجهت قوائمي مباشرة إلى الباب الخارجي في محاولة لاستكشاف ما يخيف أمي وراء جدران بيتنا الصغير .. لكنها لم تنحني الفرصة فقد انتزعتني بذعر هائل من العتبة الخارجية واصبح عالمي محصوراً في مسافة امتداد الحبل الذي يربط قدمي الصغيرة بقائمة السرير الخشبي القديم في غرفة نومها ... لم اهتم بالقيد كثيراً فقد وجدت ما يشغلني .. مجموعة من الحشرات الصغيرة التي اعتادت زيارتي بانتظام .. وملاحقة خطواتي المقيدة عندما أحاول الهروب منها ومن لسعاتها المؤلمة .. وبرغم ذلك نشأت بيننا علاقة سرية قوية .. كنت أدرك خوف أمي منهم .. لكنهم أصدقائي ولن ادعها تتخلص منهم .. من سيؤنس وحدتي إذا فعلت .. فهي مشغولة بامور أخرى خارج نطاق فهمي وتتركني وحدي فترات طويلة .. لذلك اعتدت على إخفائهم تحتي حال سماعي خطوات أمي حتى لا تذهب بهم بعيدا .. لكن اعتقد انهم لا يرغبون في الاختفاء لانه بعد رحيلها يرفض معظمهم معاودة الحركة واللعب معي .. يظلون في سكون تام والقلة القليلة التي تتحرك تهرب مني بحركة مترنحة حالما ارفع جسدي الصغير منها ... كان انطواء أمي يزداد بمرور الأيام .. ورغبتها في التقوقع والعزلة تتنامى .. أصبحت ترفض الخروج أو استقبال الزوار برغم محاولات أبي المستميتة لجعلها تعيش حياة طبيعية .. وفي يوم غائم ومكفهر خرج أبي إلى عمله بعد أن اخبر أمي بأنه سيعود ومعه زوار أتوا من بلدته البعيدة .. أمرها بإعداد طعام لائق وتنظيف المنزل .. والاستحمام .. ههة نسيت إخباركم بان أمي خاصمت النظافة منذ أمد بعيد ... فقد أصبحت تخاف الماء ايض بعد خروج آبي حملتني أمي كالمعتاد وأغلقت الباب من الداخل .. أرضعتني حتى غفوت كان نوماً مليئاً بالأحلام .. ولكن هل يحلم من هم في مثل عمري ؟؟ لا ادري لكنني كنت احلم بألوان جميلة ومساحات واسعة .. وقدم لا يربطها حبل ... صحوت على وقع الصمت الثقيل الغريب .. زحفت خارج فراشي الأرضي الذي صنعته أمه أمانا لي مخافة الوقوع من مكان عال .. وبخطوات متعثرة اتجهت إلى الخارج بحثاً عنها ... ووجدتها .. كانت نائمة على الأرض بوضعية غريبة .. عيناها مغمضتان بسكون ... يداها مضمومتان على صدرها ... ومن حولها انتشرت بقعة لون احمر داكن .. نفس اللون الذي أراه في أحلامي .. كنت جائعة زحفت بهدوء كيلا أوقظها من نومها .. دفعني فضولي لمعرفة ماهية هذا اللون الذي يملا كل مكان في جسد أمي الضئيل .. عندما أعياني البحث وغلبني الجوع أزحت يدها عن صدرها وبحثت عن مصدر غذائي حتى وجدته كان مليئاً بالحليب .. وملطخاً باللون الأحمر الداكن .. لم اهتم فأنا جائعة .. كان الطعم غريباً لكني جوعي كان أقوى فواصلت الرضاعة .. أغراني سكون أمي بارتشاف اكبر كمية ممكنة من المزيج الأبيض والأحمر .. بعد الشبع وكعادة الأطفال عدت إلى النوم في حضن أمي الذي أدهشتني برودته فقد اعتدته دافئاً .. اقترب موعد الزيارة .. لقد وافقت على الاستحمام استعداداً لحضور أختي وطلبت أن يمنحوني ورقة وقلماً حتى اكتب رسالة لأبى تحملها أختي عند مغادرتها .. الممرضة التي اقتنعت بشفائي خلال الفترة التي قضتها معي منذ سنوات .. أحضرت لي ورقة بيضاء وقلم رصاص .. لكن ما هذا ؟؟ سنة القلم مكسورة .. كيف يريدونني أن اكتب بسنة مكسورة ؟؟ ماذا يظنونني ؟؟ مجنونة ؟؟ طلبت من الممرضة بهدؤ أن تسن القلم حتى أستطيع الكتابة بخط جميل سوف اطلب من أبي أن يأتي لزيارتي .. فقد رفض أن يزورني منذ كم من الوقت ؟؟ لا ادري ربما عشر سنوات أو اكثر منذ آخر لقاء لنا .. أتت أختي .. أنها تشبهني كثيراً ... نفس الملامح والطول .. حتى وزني المتهاوي تشابهني فيه .. جلسنا .. تسامرنا سألتها عن آبي أخبرتني بأنه تزوج مرة أخرى وانجب طفلة وحيدة أعطاها اسمي .. كنا نضحك بحبور ... وفجأة .. شعرت بالجوع ... يا الهي احتاج إلى رضعتي .. عفواً اقصد وجبتي ... نظرت إلى أختي اللاهية عني بالنظر حولها .. كان العرق الموجود في عنقها النحيل ينبض بإغراء .. حاولت أن أقاوم بكل ما املك من إرادة .. اعذروني لم استطع .. فهويت بقلمالرصاص المسنون على ذلك النابض المغري ... آهـ .. أخيرا .. طعم دم شبيه بدم أمي ... نفس المذاق .. كم احب هذا المذاق .. كم بحثت عنه منذ طفولتي .. ما هذا الصوت المزعج ؟؟ إنها الممرضة .. لقد أصيبت بالجنون .. لابد انه تأثير مخالطة المرضى .. أنها تصرخ بهستريا .. إنها تحاول أن تخنقني ... إنها تضغط بكلتا يديها على عنقي النحيل ... لا استطيع التنفس ... طعم الدم يملا حلقي ... أمي .. أنا أراك .. أري يدك الممدودة إلى ... أشم رائحتك .. أخيرا سأعود إليك ونبقى سوياً .. ملحوظة : كتب في تقرير الطبيب الشرعي الذي عاين الجثة بان الضحية طعنت نفسها بقلم حاد في الشريان الرئيسي في العنق وكان اندفاع الدم قوياُ حيث فشلت محاولات الممرضة لإنقاذها عن طريق الضغط عليه . كتب في تقرير الطبيب النفسي أن المذكورة أدخلت المصح منذ عشرة أعوام بعد أن قتلت زوجة أبيها وأطفالها .. وكانت هناك شكوك بأنها ربما شربت القليل من دمائهم .. .. هي شخصية ذهانية مصابة باكتئاب حاد وانفصام في الشخصية بصور لها وجود أخت تشبهها وتتكلم معها .. وتعاني من ميول انتحارية قوية وربما تلعب الوراثة دوراً فقد انتحرت والدتها بقطع شرايين يديها عندما كانت المذكورة طفلة في الثانية من عمرها
...
| |
|
ام تساب مشرفة سابقة
عدد المساهمات : 1151 نقطة : 11374 تاريخ التسجيل : 14/05/2011
| موضوع: رد: سناء جعفر الثلاثاء 20 سبتمبر 2011, 9:24 pm | |
| وحتى جديد لقائى بكم فى رائعة اخرى من روائع سناء جعفر اقعدوا بى عافية تحياتى وشكرى كل من قرأ لسناء جعفر | |
|
امين كمال سكوتة عضو ذهبي
عدد المساهمات : 216 نقطة : 10417 تاريخ التسجيل : 24/02/2011 العمر : 40 الموقع : facebook.com/sakouta
| موضوع: رد: سناء جعفر الأربعاء 21 سبتمبر 2011, 10:37 am | |
| حولاااااااااااااااااااا !!!!!! ياخي دة مش خيال واسع ساكت ,,, دة خيال خيالي ,, منتهي الروعة - - كلام مرتب وكل سطر مشوق انيق وجمل سهلة الفهم والتركيب - راوية قصصية ماهرة بكل المعاني .
| |
|